صحافة الرأي تجتاح التلفزيون والإنترنت والبوابات الرقمية من كل صنف

صوت الـ«تايمز» يرتفع من خلال الرأي

TT

تجلس في مكتبك بصحيفة «نيويورك تايمز» بينما توجد جلبة في الخارج بالشارع، تفتح الباب للاستماع إلى جمع يتحدث على نطاق واسع. إنها صحافة الرأي تجتاح التلفزيون والإنترنت والبوابات الرقمية من كل صنف. ما العمل إذن؟ الإجابة هي الانضمام بالطبع إلى ذلك على طريقة الـ«تايمز».

ربما أكون مبالغا، لكن ظهور صحيفة «صنداي ريفيو»، التي تخلف صحيفة «ويك إن ريفيو» الأسبوع الماضي يمثل توجها حاسما نحو صحافة الرأي. وكانت «ويك إن ريفيو» تقدم تحليلا وملخصا للأخبار ورسوما كاريكاتيرية سياسية يتولى قسم الأخبار جمعها وإخراجها. وتحتل مقالات الرأي التي تتبع قسم رأي منفصل الصفحة الأخيرة.

على الجانب الآخر، يتولى قسم الرأي الذي ينتج «صنداي ريفيو» الأمر حاليا. يساهم قسم الأخبار في تحرير مقالاته ويتعاون بصفته شريكا أكبر. وفي ظل اختلاط أعمال الطرفين للمرة الأولى، لا بد أن يعمل قسما الرأي والأخبار معا كل أسبوع. إنه تغيير كبير في ثقافة عانت كثيرا من أجل فصل الاثنين دون ارتكاب أخطاء. وتباينت ردود الفعل بشأن أول عدد من «صنداي ريفيو»، حيث أخبرني آرثر سولزبرغر، الناشر أنه سمع ردود فعل إيجابية جدا، بينما تلقيت رسائل سلبية بالبريد الإلكتروني. أكثر الرسائل كانت انتقادا للرسوم الكاريكاتيرية السياسية والمواضيع الصحافية المحظور الحديث عنها التي تم إلغاؤها.

ولم ترد شكاوى بشأن زيادة مقالات الرأي. في هذا الصدد تبدو صحيفة الـ«تايمز» قد قدمت ما يريده جمهور القراء، ويبدو الصخب في الخارج حقيقيا.

ويعزي جوشوا بينتون، مدير مؤسسة «نيمان جورناليزم لاب» بجامعة هارفارد، هذا الإقبال على صحافة الرأي إلى حاجة الناس إلى «شخص يتفكر في كل المعلومات التي نطالعها يوميا». وأضاف: «ربما تساهم مجموعة من المواضيع الإخبارية عن موضوع معقد في تقديم معلومات، لكنها قد لا تتفكر في تلك الحقائق. لكن يمكن لمقال رأي أو تحليل جيد أن يقوم بذلك».

يبدو ذلك مشابها لما أخبرني به بيتر غودمان، الذي كان كاتب اقتصاد لصحيفة «تايمز» وانضم مؤخرا لفريق صحيفة «هافينغتون بوست» كمحرر وكاتب رأي. وقال إنه انجذب إلى هذا الغرض الجديد لأن العصر الذي نعيش به حاليا هو «عصر العمود الصحافي» الذي يبحث فيه القراء عن أصوات قوية واستنتاجات قاطعة تقوم على حقائق. كثيرا ما انجذب قراء صحيفة الـ«تايمز» إلى مؤسسات صحافية أخرى بحثا عن القوة في كتاب الرأي الذين يعبرون عن آرائهم من خلالها مثل ديفيد رود، الحائز جائزة «بوليتزر» الذي سيصبح كاتب عمود في «رويترز». لكن لا يعد هذا المد المتنامي لصحافة الرأي بعدا بقدر ما هو قرب من الشكل بحسب ملاحظة نيكولاس ليمان، عميد كلية الصحافة بجامعة «كولومبيا». وقد أوضح عام 1875 في رسالة بالبريد: «يمثل الرأي 75 في المائة من الصحافة الأميركية، بينما تمثل الأخبار 25 في المائة. بحلول عام 1975 أصبحت الأخبار تمثل 75 في المائة منها، بينما يمثل الرأي 25 في المائة، بل ربما تمثل الأخبار 90 في المائة منها مقابل 10 في المائة».

لكنه قال إن ظهور منابر إعلامية مثل قنوات الـ«كابل» التلفزيونية والإنترنت فضلا عن رفع القيود على الإذاعة وعوامل اقتصادية أخرى أدى إلى «العصر الذي تتناقص فيه نسبة الأخبار إلى الرأي في الصحافة الأميركية مرة أخرى. لقد باتت صحافة الرأي متوفرة كما لم تكن من قبل».

وتعد صحيفة الـ«تايمز» بالمزيد، حيث قال أندرو روزنتال، محرر صفحة الرأي، إن الصحيفة تعتزم تقديم المزيد من الرأي على الموقع الإلكتروني للصحيفة خلال فصل الخريف رغم عدم كشفه عن التفاصيل. هناك أمر آخر لم أسمع عنه من قرّاء، وهو القلق من حدوث ثقب في الجدار الفاصل بين الرأي والأخبار ربما بسبب عدم وجود تغيير مؤسسي أكيد.

ولا يرى بيل كيلر، المحرر التنفيذي ورئيس قسم الأخبار، أي مشكلة في هذا التنظيم الجديد ويعد بأن تحافظ تريش هول، المحررة السابقة في القسم التي تعمل حاليا محررة في قسم الرأي وترأس «صنداي ريفيو»، على قيم صحيفة الـ«تايمز».

وقال: «سيقوم محررو صالة التحرير بتحرير المواضيع الإخبارية. لقد قضت تريش الجزء الأكبر من حياتها المهنية في صالة التحرير وتتمتع بحس الفصل بين الدولة والكنيسة. إن تحرر مقالات الرأي من قيد الظهور في الصفحة الأخيرة يتيح لها تصدر الصحيفة بالشكل اللائق. لكن سيتم عرضها بشكل أكثر وضوحا من الشكل الذي كانت تظهر به في (ريفيو) القديمة».

عرض مقالات الرأي والمواضيع الإخبارية بشكل واضح من الأمور التي أشار إليها القراء، حيث قال دون تينروفيتش من إلينغتون بولاية كونيتيكت محذرا: «ينبغي عنونة كل مقال بوضوح حتى لا يحدث سوء تفاهم. ينبغي أن ينتبه المحررون إلى أنه بمرور الوقت ألا يتم تضمين القسم الخاص بالرأي في تحليل الأخبار». وأنا أشاطرهم هذا القلق، فبينما يتم تقديم كاتبي المقالات الإخبارية في ذلك القسم باعتبارهم من القسم الإخباري، يتم تقديم كتاب العمود بكتابة أسمائهم أعلى مقالاتهم كما يحدث في صفحة الرأي باقي أيام الأسبوع.

وقال روزنتال إنه لا يوجد أي داع لكتابة تلك الأعمدة تحت عنوان لأن كتابها معروفون. ولا بد لي من الاعتراض هنا، فجو نوسيرا، الذي كتب مقال رأي لصحيفة «صنداي ريفيو»، يعد كاتب عمود جديدا على الصحيفة إلى حد ما، حيث يعرفه الكثير من أعماله السابقة في قسم الأخبار بصحيفة «بيزنس داي». وكذلك يشق فرانك بروني طريقه ككاتب عمود في قسم الرأي والأخبار، لذا تمثل العناوين أهمية كبيرة.

واعترض قراء آخرون على الشكل التنظيمي للقسم وملخص الأخبار، لكنهم أخذوا يطالبون بعودة الرسوم السياسية الكاريكاتيرية. وكتب تيري سبنسر من فير هيفين بنيو جيرسي: «لا يعيش المرء بالنقاش المعرفي فقط».

وأوجز كارل زيتز من بروكلين الأمر في قوله: «أريد تحليل أخبار من ناس يغطونها ويعلمون معنى أن تكون صحافيا. أريد أيضا قدرا من الفكاهة في أخبار الأسبوع، لا ما يتم تقديمه».

أوضح مسؤولو الـ«تايمز» أن القسم الجديد ما زال وليدا وفي طور النمو. واقترح عليهم الإسراع باتخاذ خطوتين هما دعم الفصل بين الأخبار والرأي بشكل أكثر وضوحا، وإضافة الرسوم الكاريكاتيرية السياسية ذات الإطار الفردي، التي ظهرت في 27 يناير (كانون الثاني) عام 1935، إلى الرسوم الكاريكاتيرية ذات اللون الجديد لبراين ماكفادين. وتقدم هذه الرسوم أكثر الآراء قوة ولذوعة في الصحافة الأميركية. ولا أحتاج لذكر ضرورة إضفاء القليل من التساهل والمرونة للحد من ثقل وجدية الموقف.

* خدمة «نيويورك تايمز»