«غوغل» تبحث عن «غوغل جديدة»

بعد منافسة «فيس بوك» و«أمازون»

TT

شركة «غوغل»، التي تقود ماكينات البحث في الإنترنت بصورة مذهلة لم تكن متوقعة حتى قبل سنوات قليلة، تريد أن تنافس شركات الإنترنت التي تقود مجالات أخرى، مثل الاتصالات الاجتماعية والكتب. وأيضا، تريد منافسة شركات الاستثمار في الإنترنت.

في بداية الشهر، أعلنت «غوغل» أنها ستدخل مجال الكتب، ليس فقط بيع الكتب لتنافس شركة «هورايزون» وغيرها، ولكن، أيضا، لكتابتها، أي تريد أن تكون ناشرة كتب إلكترونية. وفعلا أسست شركة «فوك» الفرعية لنشر الكتب في الإنترنت.

وفي الشهر الماضي، أعلنت أن شركتها الفرعية «غوغل بلص»، التي تريد أن تنافس بها «فيس بوك» للاتصالات الاجتماعية، سجلت العضو رقم 10 ملايين. ورغم أن «فيس بوك» سجلت قرابة 600 مليون مشترك، يبدو أن «غوغل» متفائلة بأنها تقدر على أن تفعل ذلك، وأن تزيد عليه، ربما لسبب واحد: الموقع الجديد لم يفتتح رسميا.

وفي الأسبوع الماضي، أعلنت «غوغل» أنها رصدت 200 مليون دولار لإجراء أبحاث عن ما بعد «غوغل» التي نعرفها، عن «غوغل الجديدة». وقال بعض مراقبي شركات الإنترنت إن «غوغل» مصابة بحمى السباق مع غيرها، حتى إذا كان هدفها غير معروف. ولكن قالت «غوغل» إن سلاحها الجديد هو تكنولوجيا لوغريثمات التي تقدر على تحليل الأشياء المستقبلية المتوقعة، وسمتها «خلطة سرية»، وطبعا، رفضت الإفصاح عنها.

وقللت الشركة من أنه، في الحقيقة، لا يوجد سوى القليل جدا من المعلومات عن الهدف المستقبلي، والاستثمار في الهدف ومنافسة الآخرين. وكررت قول استثماريين: «الاستثمار فن أكثر منه علم». وعن هذا قال بيل ماريس، مسؤول في شركة «غوغل للاستثمارات»: «الاستثمار مثل أن يكون الشخص في غرفة مظلمة، ويحاول إيجاد المخرج، إذا كان عنده عود كبريت، أفضل له أن يشعله ليرى الضوء».

وقال ماريس إن «غوغل» لا تحتاج إلى التعاون مع شركات استثمارية، وخاصة التي تستثمر في «فينشر كابيتال» (رأس مال مغامر، يتخصص في الاختراعات الجديدة). وطبعا، السبب هو أن «غوغل» تملك أكثر مما تريد من رأس المال، بكل أنواعه.

لكن، حتى في مجال الاستثمار، مثل في مجال الإنترنت نفسه، تجد «غوغل» نفسها تتنافس مع «فيس بوك». هذه الشركة صغيرة السن والعملاقة في نشاطاتها (قرابة 600 مليون مشترك، حتى الآن)، مثل «غوغل»، تريد أن تخطو الخطوة التالية: «فيس بوك الجديد»، رغم أن هذا، مثل «غوغل الجديدة»، ليس شيئا معروفا ومحددا. لكن، صار واضحا أن التطور في التكنولوجيا أكبر مما يتخيل التكنولوجيون أنفسهم.

وعن هذا قال هنري نايجييان، أستاذ تكنولوجيا الكومبيوتر في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجليس: «عندما وصلنا إلى تكنولوجيا الآلات الحاسبة، لم نكن نعرف أن بعدها ستأتي تكنولوجيا الكومبيوتر. وعندما وصلنا إلى هذه، لم نكن نعرف أن بعدها ستأتي تكنولوجيا الإنترنت. كل شيء صار ممكنا. وكون أن شركات الإنترنت نفسها صارت تستثمر في مستقبل الإنترنت يدل على أنه، حقيقة، كل شيء صار ممكنا».

وانتقدت «غوغل» الذين يقولون إن مغامراتها الاستثمارية صارت مثل «اللوتري»، أو وقعت تحت قدر الحظ. وقالت إن اللوغريثمات الجديدة التي تعتمد عليها تقدر على أن تضمن لها النجاح. وأعلنت «غوغل» خطوة غير عادية، وهي فتح مجال الاستثمار والبحث والمساهمة وسط موظفيها الذين يبلغ عددهم 30 ألف شخص تقريبا. وقالت إنها تريد منهم المشورات الهندسية، والتوظيفية، والتجارية. بل خصصت للشركة المستقبلية الجديدة مكاتب في رئاستها في ماونتين فيو (ولاية كاليفورنيا).

وقال مسؤولون في «غوغل» إن مجال الاستثمار المستقبلي يشمل بيع وشراء شركات أخرى مماثلة. وأشاروا إلى شركات مثل «نجموكو» اليابانية، و«هوم واي» الأميركية. وتستثمر «غوغل» في مختلف المجالات: الإنترنت، والتكنولوجيا الحيوية، والتكنولوجيا الفيزيائية، وغيرها. وفي كل هذا، تعتمد على لوغريثمات متطورة لمراقبة ودراسة الاستثمارات الأخرى، والبحوث الأكاديمية.

وفي نظراتها نحو المستقبل، تعتمد «غوغل» على أفكار موظفيها، وتدفع لكل واحد 10000 دولار إذا قدم فكرة جديدة، ولا تنسى «غوغل» أنه، قبل 15 سنة، بدأ «شباب ربما مصابون بالجنون» مغامرة في جراج منزل، صارت «غوغل» اليوم.

حققت «غوغل» كل هذا وهي لم تصل إلى مرحلة المراهقة. بدأت في سان فرانسيسكو سنة 1998. ولأنها بدأت كماكينة بحث، تعتبر إنجازاتها الأخيرة مرحلة جديدة في حياتها. وربما السبب الرئيسي هو لاري بيج، واحد من الثلاثي الذي أسس الشركة، والرئيس التنفيذي الجديد.

وتملك الشركة الكبرى، حتى الآن، 6 شركات فرعية: «بحث»، و«إعلانات»، و«يوتيوب»، و«كروم» للاطلاع، و«أندرويد» لاتصالات الجوال، و«غوغل بلص».

لهذا، قال روهان جوردان، خبير إنترنت في شركة «ستيفيل نبكولانس»: «تعمل (غوغل) الآن بستة محركات».

وقال مراقبون في واشنطن إنه بينما أثبتت النتائج أن شركة البحث الأساسية «غوغل» صارت أقوى مما كان يعتقد، ليس مضمونا مستقبل الشركات الجديدة التي لا تحقق أرباحا في الوقت الحالي، ومع ذلك تواصل الشركة الإنفاق عليها إنفاقا كثيرا.

وقال كولين جيليس، خبير تكنولوجيا في شركة «بي جي سي» المالية: «هناك فرص لا تحصى، لكن يمر وقت طويل بين الزرع والحصاد. وتحتاج الشركة إلى أن تقرب بين الاثنين، حتى لا يقلق الناس من أن الزرع ربما لن يثمر».