الصحافة الحرة غائبة في الإكوادور

على خطى تركيز السلطة.. 5 قنوات تلفزيونية و4 محطات إذاعية حكومية

TT

يبدو أن جذوة السلطة الجماهيرية التي اجتاحت أميركا اللاتينية منذ سنوات قليلة أوشكت على الخفوت، حيث تابع كل من الناخبين والسياسيين على حد سواء الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية العميقة في فنزويلا وحلفائها، وخلصوا بوضوح – في بيرو مؤخرا - إلى أنهم لا يرغبون في أي من ذلك. لكن في فنزويلا ذاتها والدول التي يمسك فيها أعوان هوغو شافيز بمقاليد السلطة تشهد أوضاع حقوق الإنسان ترديا واضحا إلى جانب انتهاك صارخ للسلطة.

أحدث دليل على ذلك الأسبوع الماضي جاء من الإكوادور، دولة إنديزية صغيرة قام فيها رافائيل كوريا بمحاكاة شافيز تركيز السلطة والقضاء على المعارضة. وكما حدث في فنزويلا، سيطرت حكومة كوريا على العديد من وسائل الإعلام، حيث ذكر تقرير الصندوق الوطني للديمقراطية الذي صدر مؤخرا أن الحكومة كانت تمتلك محطة إذاعية واحدة عندما تولي كوريا الرئاسة عام 2007، لكنها تدير الآن خمس قنوات تلفزيونية وأربع محطات إذاعية وصحيفتين وأربع مجلات. ويسعى كوريا إلى تدمير أو قمع وسائل الإعلام المستقلة المتبقية، التي تروج لأخبار تثير استياءه مثل منح عقود حكومية بمئات الملايين من الدولارات لأخيه. وقام الرئيس برفع دعوى قضائية ضد مؤلفي كتاب يتحدث عن شقيقه ودعوة أخرى ضد محرر صفحة الرأي وثلاثة من مديري صحيفة «إل يونيفيرسو» إحدى الصحف واسعة الانتشار في الإكوادور.

وقد اعتمدت الدعوى التي رفعها كوريا على قانون قديم يجرم الحط من قدر شخص مسؤول أو تشويه سمعته أو الاستهانة به، كما طالب بإنزال عقوبة السجن بهم وتغريمهم مبلغ 80 مليون دولار تعويضا له، وذلك نظرا للمقال الذي أشار فيه المحرر إميليو بالاكيو إلى الرئيس بأنه ديكتاتور، وقام بانتقاد سلوكه خلال الموقف المثير للجدل الذي اشتبك فيه الجنود مع ضباط الشرطة العام الماضي. وقد حضر الرئيس المحاكمة بنفسه الأسبوع الماضي، بينما قام مؤيدون له بإلقاء البيض والزجاجات على المتهمين خارج المحكمة. وكما هو متوقع، قام القاضي المؤقت الذي استمع للقضية بالحكم لصالح الرئيس، حيث حكم على بالاكيو والمديرين الثلاثة بالسجن لمدة ثلاثة أعوام وتغريمهم مبلغ 40 مليون دولار، وهو مبلغ يتعدى القيمة المالية للصحيفة. وقد قام المتهمون باستئناف الدعوى أمام المحكمة العليا، لكن وكما أشار مقررو وسائل الإعلام التابعون للجنة الأميركية لحقوق الإنسان اعتبر الحكم «تحذيرا شديد اللهجة لأي مواطن أو وسيلة إعلام لديها آراء أو معلومات تسيء لمسؤولين عموميين، وبهذا فهو يعوق العمليات الطبيعية والضرورية في أي دولة ديمقراطية».

ولا يتوقع أن يردع مثل هذا الانتقاد كوريا، الذي حصل مؤخرا على موافقة على تعديل دستوري يمنحه سلطة وضع لجنة مراقبة لوسائل الإعلام يمكنه استخدامها لمراقبة وتغريم الصحافيين دون الذهاب إلى المحكمة. كان الاستنتاج الذي عرضه غونزالوا ماروكين، رئيس جمعية الصحافة الأميركية، قاسيا لكنه مناسب، حيث قال إن هذه «حملة معادية ومنظمة للقضاء على الصحافة المستقلة والهيمنة من خلال القانون أو المحاكم على الحقيقة التي ينبغي أن يطلع عليها جميع أبناء الشعب الإكوادوري.