رئيس التحرير.. في السينما والمسرح

شرس في ما يتعلق بجمع والتقاط الأخبار

رئيس التحرير في المسرحية الغنائية «سبايدرمان تيرن أوف ذا دارك» التي تعرض على مسرح «برودواي» («نيويورك تايمز»)
TT

إذا كنت رئيس تحرير صحيفة في أحد الأفلام السينمائية أو الأعمال المسرحية، فأنت شخص سريع الغضب دائم الحديث بصوت مرتفع. وتشعر بالضيق من أي شيء صغر أم كبر. فتغضب بسبب المواعيد النهائية لإتمام الأعمال؛ والسبق الصحافي عندما يفوتك؛ والفوضى التي يتصرف بها فريق العمل؛ والصحافي الذي تعوزه الخبرة ويصر على أن يصفك بالرئيس.

ولكن، ربما لم يظهر رئيس تحرير ثائر بصورة مستمرة مثل جونا جيمسون، رئيس تحرير «ديلي بوغل» التي يوجد مقرها في نيويورك، وذلك في المسرحية الغنائية «سبايدرمان تيرن أوف ذا دارك» التي تعرض على مسرح «برودواي». لقد تنوعت الأشياء التي تثيره بدءا من الأخطاء المطبعية وصولا إلى عناوين رئيسية غير جيدة، هذا إلى جانب ضغوط الوقت والتقنية.

«نحارب المدونين، ونحارب الإنترنت، ونحارب (فيس بوك).. نحن صحيفة يومية في عالم يعمل على مدار اليوم وفي كافة أيام الأسبوع»، بهذا تحدث صارخا إلى فريق عمله. واستطرد قائلا: «نحن مثل ديناصور».

وفي الواقع، فإنه أصبح من النادر حاليا أن تجد رئيس تحرير على الصورة الخيالية لرئيس التحرير العملي العنيف، وفي بعض الأحيان يكثر من الصراخ من دون أن ينزل أي عقوبة، وفي أحيان أخرى كمتآمر يصعب الحد منه. وإذا أرت أن تعرف إلى أي معسكر ينتمي جيمسون، فعليك إلقاء نظرة قريبة في الفصل الثاني عندما يقوم الممثل الذي يجسده، مايكل مولهيرن، يسرق أموالا من إناء تجميع أموال للفقراء.

وقال مولهيرن إن المديرة الأصلية للمسرحية الغنائية، جولي تايمور، تنظر إلى الشخصية على أنها ليست غريبة الأطوار بقدر ما هي شرسة. ويقول مولهيرن: «إنه شرس في ما يتعلق بالأخبار».

أليس جميعهم كذلك، بالعودة إلى ولتر برنز وتلاعبه النذل بالمحرر الممتاز «هيدلي جونسون» في فيلم «ذي فرنت بيدج»، وهو بالأساس مسرحية تعود لعام 1928 تناولت قطاع الأخبار كتبها بن هاتشت وتشارلز ماك آثر، وأعيد عرضها لآخر مرة على مسرح «برودواي» عام 1986.

وعلى الشاشة عرضت هيلين ميرن أنه قد تكون رئيسات التحرير متعطشات إلى الأخبار الحصرية مثلما دفعت بروسل كرو في فيلم «ستيت أوف بلاي» (2009). وفي 4 أفلام لسوبرمان، من 1978 حتى 1987، نقل بيري وايت في فيلم جاكي كوبر الشراهة للحصول على سبق صحافي، مثلما فعل جاسون روباردز من خلال أداء دور بن برادلي في «كل رجال الرئيس» عام 1976.

ويسأل روباردز بوب وودورد (روبرت رد فورد) وكارل برنستين (دوستين هوفمان)، بينما كانوا يتتبعون ريتشارد نيكسون: «ربما تشعران بالتعب يا شباب، أليس كذلك». وأضاف: «حسنا، يفترض أنكما كذلك. اذهبا إلى المنزل، واستحما، واستريحا لـ15 دقيقة. وبعد ذلك تناولا الطعام. توجد عليكما ضغوط كثيرة، وأنتما من جعلتمانا في هذا الوضع. لا شيء أقوى من ذلك باستثناء ربما التعديل الأول من الدستور وحرية الصحافة ومستقبل البلاد».

ويرى جيمسون أنه لا يوجد شيء في سمو الحقيقة. وعلى الرغم من أن المسرحية تركز على التفاصيل في المشاهد، والطيران الأكروباتي، يريد جيمسون دوما صورا للرجل العنكبوت، الكثير منها، ويفضل أن تكون الصورة له أثناء مواجهة مع «غريب غوبلين».

وفي إحدى المرات يصرخ في بيتر باركر، المصور الذي له قدرة كبيرة على التقاط صور للبطل أثناء حركته: «لا تعد ويدك فارغة، وإلا ستكون مفصولا».

وفي الحياة الحقيقية حاليا تعد صالات التحرير أكثر هدوءا هذه الأيام، حتى في الصحف «التابلويد». ويأكل الصحافيون سلطات ولا يدخنون. ولا يوجد من يصرخ: «أعد كتابة ذلك».

ولكن يأتي جيمسون من عصر كان يعلو فيه صخب مَن يكتبون على الآلة الكاتبة، وكان رجال الأخبار يحتفظون بزجاجات على طاولاتهم.

وفي المسرحية الغنائية، يبدو ذلك كأنه حقبة تغلب عليها الإنترنت، وهي مفارقة يفترض مولهيرن أنها ليست مقلقة بصورة مبالغ فيها بالنسبة إلى جمهور اختار بالفعل مسرحية غنائية «يرتدي فيه رجل سترة تجمع بين اللونين الأحمر والأزرق ويتحول إلى عنكبوت».

ومؤكد أنه كانت هناك معالجات أكثر جدية للعلاقة بين رئيس التحرير والصحافي على المسرح. وتناولت مسرحية تراسي سكوت ويلسون «ذي ستوري»، التي تعود لعام 2003، كيف أن قضايا العرق تؤثر على هذه الديناميكية في سرد خيالي يحمل شبها بحادثة جانيت كوك التي تعود لعام 1980، الذي وجد فيها صحافي بـ«واشنطن بوست» قد اختلق قصة حصلت على جائزة.

وخلال الأشهر المقبلة، من المقرر بدء عرض مسرحيتين حول الصحف في نيويورك. تتناول «ذي وود» لدان كلورز، قصة حياة مايك ماكالاري، كاتب العمود الحائز على جائزة «بوليتزر» الذي يبدو وكأنه قادم من «ذي فرنت بيدج».

وقال كلورز إن مسرحيته، التي يبدأ عرضها في الثامن من سبتمبر (أيلول) على مسرح «رالتستيك بلايرايت»، تلقي نظرة جديدة على أشياء كثيرة منها علاقة ماكلاري مع رؤساء تحريره جيم ويلس، الذي كان يرأسه في «ذي ديلي نيوز»، وجون كوتر، الذي كان يرأسه في «نيوزداي» و«ذي نيويورك بوست». ويقول كلورز: «إنها علاقة تعتمد على الحماس المتبادل وحب الفوز والاحترام والثقة».

وفي يناير (كانون الثاني)، سيبدأ العرض الأول لمسرحية «سي كيو/ سي إكس»، وهي مسرحية لغابي ماكينلي، وتعد تذكرة بفضيحة المراسل الصحافي جيسون بلير في صحيفة «نيويورك تايمز»، في شركة «أتلانتيك ثييتر كومباني». وقال ماكينلي إن المحررين الذين يصورهم في المسرحية ذوو شخصيات مركبة، ولكن بعض حركاتهم اللاإرادية ستحاكي تلك الخاصة بأفراد طاقم العمل الذين أداروا غرفة الأخبار في «نيويورك تايمز» في السنوات التي سبقت استقالة بلير في عام 2003.

«هناك تأكيد فعلي من جانب المحررين على أهمية فتح أغلفة الصحف والمجلات والحصول على الأخبار»، قال ماكينلي الذي عمل سابقا مساعد أخبار في صحيفة «نيويورك تايمز».

لكن، في الأغلب، لا يعمل رؤساء تحرير الأخبار في الأفلام والمسرحيات مطلقا لحساب صحيفة «نيويورك تايمز».

«يمكنك أن تعمل أيضا في بنك»، هذا ما كشفه صحافي من شيكاغو في «ذي فرنت بيدج».

في واقع الأمر، هناك ما هو أكثر من مجرد بضعة أشخاص همجيين في هذه الغرفة الإخبارية ممن تتعالى صيحاتهم مثل محملي المراكب عند حلول الموعد النهائي المحدد لتسليم الأعمال.

لكن الصورة الثابتة للمحرر في صحيفة «نيويورك تايمز» هي صورة سبالدينغ غراي في «ذي بيبر» (1994)، الشخص الاجتماعي الذي يشتهر بارتدائه رابطة عنق فراشية الشكل وحمالة بنطلون، والذي يحرر صحيفة «نيويورك سينتينل» (نادرا ما نجد أحدا يرتدي رابطات العنق فراشية الشكل هذه الأيام).

وبدوره كجيمسون، يرتدي مولهيرن (54 عاما) بذلة مخططة أنيقة ولديه شارب كثيف، ولا يختلف مظهره كثيرا عن مظهر الممثل الأميركي جيه كيه سيمونز الذي لعب دور «جيه جيه» بشارب كامل مماثل في الكثير من أفلام «سبايدرمان»، (ولن تظهر شخصية جيمسون في فيلم «سبايدرمان» القادم، المنتظر عرضه في يوليو (تموز) المقبل من «سوني بيكتشرز».

ويعتبر مولهيرن، الذي رشحه دوره كعضو في عصابة في فيلم «كيس مي كيت» (2000) للحصول على جائزة «توني» المسرحية لأفضل ممثل في فيلم غنائي، عنصرا كوميديا محوريا في فيلم «سبايدرمان»، وهي المسؤولية التي يتشاركها مع باتريك بيدج الذي يجسد شخصية «غرين غوبلين». وقال مولهيرن إنه لم يعكف على الدراسة من أجل القيام بدور جيمسون، بحد ذاته، نظرا لأنه لم يتعين عليه ذلك. كانت الصحف جزءا من تنشئته في نيو جيرسي، حيث اعتاد أن يمر بمقار صحيفة «نيويورك تايمز»، و«وول ستريت جورنال»، و«أسبري بارك برس»، و«ريد بنك ريجستر»، و«هيرالد تريبيون».. تجدر الإشارة إلى أن الأخيرتين توقف إصدارهما الآن.

كما قرأ أيضا «فيت تو برينت»، كتاب صدر عام 1988 عن صحيفة «نيويورك تايمز»، وأمضى بعض الوقت بمبنى «نيويورك بوست» القديم في ساوث ستريت، مرة لتصوير حلقات «لو آند أوردر»، ومرة لمقابلة ماكالاري.

كتب ماكالاري، الذي توفي في عام 1998، الكثير من الأعمدة التي تناول فيها الظلم في محاكمة أخو مولهيرن، ويدعى جون، المتداول في «وول ستريت» صاحب الشخصية الساحرة الذي تم نقض دعوى تزوير الأوراق المالية التي أقيمت ضده في عام 1990 ورفضها بموجب الدفاع في الاستئناف. «كتب أنه لم يكن هناك أساس للاتهام»، قال مولهيرن عن ماكالاري. وأضاف: «لقد كان متداولا ممتازا».

بصرف النظر عما فعله ماكالاري من أجل أخيه، فإن بقية أفراد طاقم العمل من الصحافيين لم يقابلوا أداء مولهيرن بشكل ودود. وقد تأثر عدد محدود من الأفلام والمسرحيات الغنائية بالنقد اللاذع الذي قوبل به فيلم «سبايدرمان» ولم يتأثر شباك التذاكر على الرغم من ذلك، كما لم يتأثر مولهيرن بالمثل، الذي كان أسلوبه في التعامل مع النقد مماثلا تماما لأسلوب جيه جيه جيمسون، في ما يتعلق بالاستمرار في التطلع إلى الفوز بالجائزة.

قال: «إنهم كما هم. فقط عليك أن تواصل المسيرة».

* خدمة «نيويورك تايمز»ذ diana@ asharqalawsat.com