الصحافة الروسية تعكس مخاوف الكرملين من «الربيع العربي»

كشفت خلافات بين الرئيس ميدفيديف ورئيس حكومته بوتين تجاه تطورات الأحداث في ليبيا وسوريا

TT

الارتباك الذي ساد الكثير من أروقة الدبلوماسية الروسية تجلى أكثر وضوحا على صفحات الصحف الصادرة في موسكو، التي بدت وكأن لسان حالها يقول «الناس على دين ملوكهم»، مؤكدة سقوطها ضحية لقصور سياسات وتوجهات صانعي القرار. وشأن ما تتداول الألسنة السقوط المريع للدبلوماسية الروسية وخطواتها المترددة تجاه التعامل مع ربيع الثورات العربية، يرصد المراقبون وبسطاء المواطنين تخلف أجهزة الإعلام الروسية لدى التعامل مع أخبار المنطقة وحيرتها تجاه متابعة ما يجري من أحداث.

غير أن الواضح والمؤكد أن الإعلام الروسي بمختلف قنواته بدا أشبه بالمرآة العاكسة لكل ما تتسم به قرارات وخطوات القيادة السياسية من ارتباك وتردد وتناقض، بما في ذلك الخلافات التي نشبت بين الرئيس، ديمتري ميدفيديف، ورئيس حكومته، فلاديمير بوتين، تجاه تطورات الأحداث في ليبيا، ثم التناقض بين تصريحات ومواقف الزعيمين حين تعلق الأمر بالثورة في سوريا، حيث ثمة من يسميها في موسكو بالاضطرابات الشعبية. ولعل ما شهدناه من تغطية إعلامية للساعات الأولى من سقوط طرابلس ومحاولات التشكيك في حقيقة الحدث واستغلال «السقطة» الإعلامية للثوار لدى تعجلهم الإعلان عن اعتقال نجلي القذافي محمد وسيف الإسلام، ساعد في إضفاء المصداقية على أخبار كانت تملى، على ما يبدو، من وراء الأسوار أو على أقل تقدير بوازع مما يستشفه كاتبوها استجابة لرغبات مدفونة أو تلبية لتوجيهات غير مباشرة من جانب دوائر صناعة القرار السياسي. وبهذا الصدد نستشهد، وعلى سبيل المثال لا الحصر، بما أشارت إليه وكالة أنباء «إيتار تاس» في محاولة للتشكيك في مصداقية ما جرى نشره من أنباء وأخبار حول سقوط طرابلس من جانب أجهزة الإعلام العربية والعالمية. قالت الوكالة في تقريرها الصادر بهذا الشأن إن تكنولوجيا الإعلام بلغت مستوى يسمح بالتلاعب بالرأي العام من خلال تقديمها لما يسمى بمعلومات موضوعية على حد قولها انطلاقا من مصالح بعض الجهات.

وأشارت إلى أن «هذا بالذات ما يتابعه العالم في طرابلس، حيث يواجه الثوار على مدى نصف عام قوات حكومة معمر القذافي بدعم من الآلة العسكرية لحلف الناتو. أما في ما يتعلق بقنوات التلفزيون العربية فإن عشرات المشاهد المصورة التي تعرض سقوط العاصمة الليبية بأيدي الثوار ما هي إلا مشاهد ولقطات مزورة تم تصويرها وإخراجها في (أجنحة ليبية) في دولة قطر».

وفي ما يتعلق بالدليل فقد قالت الوكالة إن «لقطات الفيديو التي تبين طرابلس المستولى عليها من قبل الثوار، وقدمتها شبكة الإنترنت، حيث لا وجود لبعض التماثيل وعناصر الديكور المعماري في المباني التاريخية للعاصمة الليبية. كما يستغرب المشاهد من الضوء الساطع المزعج للعيون في شوارع المدينة، التي لم تستيقظ بعد، جراء الغارات الجوية لـ(الناتو)، وما زالت تعاني من انقطاع الكهرباء. ويحير هذا الديكور المسرحي، الذي أخرجه على عجل مخرجون من قطر وعدم مطابقته للواقع، كل من يريد إدراك ما يحدث». هذا ما قالته مراسلة الوكالة، دينا بيانيخ، التي وصفت الكثير من بيانات الثوار بـ«الحملة الدعائية التضليلية» وتصريحاتهم بالافتراءات التي قالت إنها باءت بالفشل. ولم تغفل الوكالة الروسية الرسمية اللعب على أوتار المشاعر الدينية حين زعمت، ضمن ما أشارت إليه، أن «الثوار الذين أحسوا نجاتهم من العقاب، باشروا بارتكاب الجرائم بكافة أنواعها، بما فيها اغتصاب النساء والنهب والسلب بدلا من تطوير نجاح القوات الأجنبية الخاصة، وذلك في شهر رمضان المبارك، الذي يفرض الحظر حتى على الأفكار الشريرة»، على حد تعبيرها.

وننتقل إلى ما نشرته صحيفة «كومسومولسكايا برافدا»، إحدى الصحف اليومية الأكثر انتشارا، التي وإن اعترفت بأن المعارضة نجحت في الاستيلاء على طرابلس إلا أنها أكدت أنها لم تكن لتستطيع ذلك دون دعم مباشر من قوات «الناتو» التي نسبت إليها فضل نجاح العملية حين قالت: «إنه مما لا شك فيه أن ذلك لم يكن ليتحقق لولا الانخراط المباشر لقوات التحالف في هذه الحرب. كما أن تحركات قوات الثوار على الأرض لم تكن لتتم بهذه الوتيرة من دون طائرات (الناتو)، التي أمنت لها الغطاء الجوي، ومهدت لتقدمها عن طريق قصف الأهداف الهامة».

وأضافت أنه «بات من المعلوم أن طائرات حلف (الناتو) قصفت طرابلس، ليل نهار، خلال الأيام الأخيرة. ومن اللافت أن تلك الطائرات لم توجه أي ضربة بالخطأ إلى قوات المعارضة لأن (الناتو) زود المعارضة بمرشدين أرضيين، مهمتهم تصويب نيران القصف الجوي. وبالإضافة إلى ذلك نفذ الثوار إنزالا بحريا للسيطرة على ميناء طرابلس، وتم ذلك طبعا بمساعدة قوات التحالف، التي أمنت للثوار غطاء جويا وبحريا، شاركت فيه قطع بحرية غربية. علما بأن عمليات السيطرة على الموانئ، من النوع المعقد جدا. فهي تحتاج إلى خطط خاصة للتحرك، وإلى خرائط جغرافية للمنطقة، وغالبا ما تستخدم في عمليات من هذا النوع صور جوية أو معلومات استخباراتية فضائية، وذلك ما يفتقر إليه البدو بالتأكيد».

ومضت الصحيفة لتقول إنه وبالإضافة إلى ما تقدم ذكره فإن ثمة أمرا غريبا آخر تمثل في عملية السيطرة على طرابلس التي حملت تسمية رمزية وهي «حورية البحر» أو «صفارة الإنذار». وأضافت أن «غرابة هذا الأمر تكمن في أن المتمردين المسلمين يحبذون تنفيذ عملياتهم تحت تسميات من قبيل (قبضة الله) أو (سيف الانتقام) أو ما شاكل ذلك، وليس من المعقول أن يطلق هؤلاء على عملية بهذه الأهمية اسم مخلوقة أنثى خرافية من الأساطير الغربية الكافرة. ومن الواضح أن هذه التسمية تحمل بصمة فرنسية، أو ربما إيطالية، لا سيما أن الإيطاليين اشتهروا بالعمليات البحرية، أو القبض على زوارق المهاجرين غير الشرعيين القادمين عبر البحر. وأخيرا، ونظرا لأن الكثير من قادة وحدات الجيش الليبي، أمروا وحداتهم بالالتحاق بقوات المتمردين، فإنه من المرجح أن يكون قد سبقت هذه العملية العسكرية، عمليات رشوة واسعة النطاق لكبار القادة في كتائب القذافي. ذلك أن هذه التجربة أثبتت نجاحها بشكل كبير أثناء غزو العراق والإطاحة بنظام صدام حسين حيث تم رشوة عدد من كبار الشخصيات، الذين كانوا يشغلون مواقع مهمة في نظام صدام حسين».

وخلصت الصحيفة إلى أن «المراقبين يطرحون عددا من التساؤلات التي نعتقد بمشروعيتها رغم ما خلفها من (أهداف خبيثة) مثل: كم من الأموال أنفق لإنجاح عملية الإطاحة بمعمر القذافي؟ ومن الذي قام بتقديم الرشوة؟ هل الأوروبيون؟ أم المتمردون، الذين لديهم الحق في الوصول إلى النقود الليبية المجمدة في البنوك الغربية؟». وعلى القارئ هنا ملاحظة استخدام كلمة «المتمردين» بدلا من الثوار أو قوى المعارضة، وإن كانت اللغة الروسية تسمح باستخدامها بديلا لكلمة «الثوار» أو «المنتفضين»، وهو ما لا يُتوقف عنده طويلا.

والآن وبعد أن سقط النظام الليبي، حتى ولو أراد من أراد في موسكو غير ذلك، ننتقل إلى استعراض تناول الإعلام الروسي والمرئي منه للأحداث في سوريا لنشير إلى أن السلطات الرسمية تحرص دائما على مناشدة كل الأطراف الابتعاد عن استخدام القوة، وهو موقف يقترب وإلى حد كبير مما قد يصح وصفه بالموقف اللاأخلاقي الذي يضع علامة التساوي بين الضحية والجلاد. فكيف لنا تسمية من يشاهد قوى الأمن وهي ترغم أحد المتظاهرين على تأليه بشار الأسد على وقع الصفعات والركلات، في الوقت نفسه الذي نجد فيه في موسكو من يطالب كلا من الطرفين التوقف عن استخدام العنف واللجوء إلى الحوار؟! وهي دعوة لا تكف موسكو عن ترديدها ليل نهار دون أن تحرك ساكنا تجاه عبثية الآلة الجهنمية الاستبدادية في مختلف المدن والقرى السورية. وبهذا الصدد نشير إلى ما رأت قناة «روسيا اليوم» تقديمه على موقعها الإلكتروني من ملفات صحافية عن التطورات الأخيرة في سوريا مذيلة بتعليقات كاتبيها تحت عنوان: «لقطات مرعبة تفضح طبيعة المواجهات في سوريا» ننقلها دون أي حذف أو إضافة:

«الملف الأول:

سوريا.. أعمال وحشية (للمتظاهرين المسالمين) فكرت كثيرا في لزوم نشر هذه المادة وترددت كثيرا، ثم قررت أنها تستحق النشر. ولا يمكن إقناع أولئك الذين يصرخون بضرورة قيام الثورة التي يسفر عنها دوما تقويض الاستقرار والحياة الطبيعية في أي بلد كان إلا عن طريق استعراض الواقع المرعب للثورة.

وتروي هذه المواد الصحافية ما يحدث في سوريا الآن. لكن روسيا كانت قد شهدت رعبا كهذا إبان الحرب الأهلية في الأعوام من 1918 إلى 1924. كما شهدته بعد عام 1991 كل من أذربيجان وأوزبكستان وأرمينيا ومولدافيا وأبخازيا. فضلا عن الأحداث الأخيرة في الشيشان. وفي حال ننسى هذه الأحداث يزداد احتمال تكرار هذا الرعب مستقبلا.

.. قطع الرؤوس من أجل الحرية لا يحتاج إلا قليلا من الجهود ملاحظة: يستحسن أن لا تشاهدوا تقارير الفيديو هذه:

1 - قتلى من الجنود السوريين في مدينة جسر الشغور الواقعة على الحدود مع تركيا، (http://www.youtube.com/watch?v=CoFg8vcf1IM).

2 - «متظاهرون مسالمون» قتلوا شرطيا في دير الزور ومثلوا بجثته، (http://www.youtube.com/watch?v=uwIRsGYEP58).

3 - 7 من الشرطة قتلوا على أيدي معارضي النظام تلقى جثثهم في نهر العاصي في حماة، (http://www.youtube.com/watch?v=B1gnILXlh8w).

بعض رجال الشرطة مذبوحون. وقد عرضت قناة التلفزيون الأولى الروسية هذه اللقطات في التقرير الصحافي عن سوريا. لكن أحدا لم يشر إلى هويتهم.

وقد عرض رجال ما يسمى بالمعارضة السلمية هذا الفيديو في صفحاتهم بشبكة (فيس بوك) الاجتماعية قائلين إن الجنود يرمون بجثث المدنيين إلى النهر. وبعد مرور 10 دقائق اختفى هذا التقرير. ويعني ذلك أن المعارضين أدركوا أنهم قد فضحوا أنفسهم.

4 - تقرير الفيديو الذي عرضه التلفزيون السوري يوم 31 يوليو (تموز)، مدينة حماه.

تزعم اللقطات أن ممن يطلق عليهم (الثوار) نصبوا مخافر لدى مدخل المدينة، إنهم مسلحون، وحتى إنهم أعدوا مشنقة.

(http://www.youtube.com/watch?v=gzqboPoxq5A) اتهمت وسائل الإعلام الغربية القوات السورية بقصف مدينة حماه يوم 31 يوليو (تموز) وإدخال الدبابات إلى هناك قبل شهر رمضان المبارك بيوم واحد. وقد أعلنت الحكومة السورية أن الدبابات لم تدخل إلى المدينة ولم يقع أي قصف. لكن (المتظاهرين المسالمين) أحرقوا إطارات السيارات وقاموا بتصوير الدخان عن بعد بكاميرات الفيديو، ثم صوروه في شبكة الإنترنت كأنه ناتج عن القصف المدفعي.

5 - لقطات مرعبة تم تصويرها في مدينة حمص حيث اكتشفت القوات السورية الداخلة إلى المدينة حصيلة للملحمة على شكل أشلاء القتلى الذين قتلهم (المتظاهرون المسالمون).

(http://www.youtube.com/watch?v=E_bn5KXBGsE) أريد اقتباس مقولة ليف تروتسكي من كتابه «ثورتنا الأولى» حيث قال: (ترسم أنهار الدم والرؤوس المهشمة الملتصقة أشلاؤها باللافتات طريقا مر به الرصاص، وهناك أنقاض للمنازل، وفوق أحد تلك المنازل نصبت لوحة دعائية مرعبة تروج للانتفاضة، وهي عبارة عن طبق وضعت فيه قطعة من لحم الإنسان وكتب تحتها [تبرعات للمصابين]).

(http://www.magister.msk.ru/library/trotsky/trotl212.htm) موسكو، ديسمبر (كانون الأول) عام 1905.

المصدر: العالم السياسي نيكولاي ستاريكوف، البريد الإلكتروني (http://nstarikov.ru).

ملف ثان أعده أنصار الثورة السورية هناك بضعة مئات من تقارير الفيديو المطروحة في شبكة الإنترنت. وتروي كلها قصة ضحايا النظام. وقد لقي نحو 2000 شخص و500 طفل ضمنا مصرعهم خلال الأشهر الخمسة اعتبارا من بدء المظاهرات. وقد تم احتجاز 15 ألف شخص ويعد بعضهم ضمن المفقودين.

مقطع فيديو يبين قصف قوات الأمن السوري لمنازل المدنيين في درعا بقذائف الـ(آر بي جي).

دقق في اللحظة 1.17 قدوم قاذف الـ(آر بي جي)، وفي اللحظة 3.53 يطلق قذيفته.

(http://www.youtube.com/watch?v=OJ2PvkvQmtQ) مشاهد مريعة للقمع والإجرام الذي تقوم به قوى المخابرات والأمن التابعة للسلطات السورية بحق المدنيين العزل في جميع مناطق سوريا.

(http://www.youtube.com/watch?v=nsutp4uYlOM) تنبيه:... الفيديو يحمل مشاهد مروعة قد تؤثر على الأشخاص ذوي القلوب الضعيفة.

قوات الأمن السورية تفتح النيران على الأهالي، دامت قرابة ساعة ونصف الساعة، سقط على أثرها ثلاثة شهداء وعشرات الجرحى.

(http://www.youtube.com/watch?v=fmGJssdmpls&skipcontrinter=1) فيديو لمشاهد إطلاق نار عشوائي لقوات الأمن السورية في درعا، وإصابة بعض المتظاهرين بالنيران.

(http://www.youtube.com/watch?v=XBhXqhLZNqk) قوات الأمن السورية تقتل 11 شخصا وتصيب العشرات يوم الأحد 29 مايو (أيار) في مدينتي تلبيسة والرست الواقعتين في محافظة حمص، وذلك ضمن حملة عسكرية هدفت إلى إخماد الاحتجاجات الشعبية المستمرة ضد حكم الرئيس بشار الأسد.

وفي وقت سابق ذكرت وسائل الإعلام أن خمسة مدنيين قتلوا وأصيب العشرات بنيران قوات الأمن في مدينتي الرستن وتلبيسة اللتين يحاصرهما الجيش منذ فجر الأحد 29 مايو (أيار) بالدبابات».

إلى هنا انتهى ما قدمته «روسيا اليوم» ونقلناه دون تعليق تاركين للقارئ الحكم والتقدير مكتفين بالإشارة إلى أنها تبدو كمحاولة بائسة لوضع علامة التساوي بين الضحية والجلاد.

أما عن الموقف الرسمي لموسكو تجاه ربيع الثورات العربية نقول إن موسكو الرسمية سبق وأعلنت أنها أفضل من يعرف معنى الثورات التي كثيرا ما عانت منها منذ ثورة أكتوبر (تشرين الأول) البلشفية عام 1917 وهو تلميح يرقى حد التصريح حول أنها لا تستطيع قبولها نظرا لما اكتوت به من نيرانها. وكان الرئيس ميدفيديف أعرب عن مخاوفه من احتمالات انتقال لهيب الثورات العربية إلى أطراف الثوب الروسي في منطقة شمال القوقاز، بينما تناول هذه المواضيع مع عدد من نظرائه من رؤساء بلدان آسيا الوسطى وبيلاروسيا، وهي البلدان التي يقولون إنها مرشحة قبل غيرها لاستقبال رايات الثورة الشعبية.

غير أن هذا لا يعني أيضا ضرورة التوقف عند محاولات ما قد يسمى بـ« توزيع الأدوار» الذي لمسناه لدى ظهور التناقضات بين موقفي رئيس الدولة ميدفيديف ورئيس حكومته فلاديمير بوتين في ردود الفعل تجاه «الثورة» في كل من ليبيا وسوريا وهو ما قد يفسر الارتباك الذي اتسمت به تغطية الصحف الروسية ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية لدى تناول هذه المواقف. ولعلنا نذكر ما نشب من خلاف بين بوتين وميدفيديف من خلاف في التقديرات حول القرار 1973 الصادر عن مجلس الأمن الذي سمح باستخدام القوة من أجل فرض الحظر الجوي ضد ليبيا وما كان مقدمة لعمليات «الناتو» التي وصفها بوتين بأنها أشبه بالحرب الصليبية وهو التعبير الذي انتقده ميدفيديف وقال بعدم جوازه.

ويذكر المراقبون أيضا الخلافات التي احتدمت حول تقدير الخسائر الاقتصادية التي تتكبدها روسيا بسبب اشتعال الحرب في ليبيا وانحياز فلاديمير تشاموف، سفير روسيا في طرابلس، إلى مواقف بوتين الرافضة للقرار 1973 وانتقاداته لسياسات الكرملين وهو ما دفع ميدفيديف إلى اتخاذ قراره حول إقالة السفير وإعادته إلى موسكو. وحين تطرق الأمر إلى الموضوع السوري وجدنا بوتين يتخذ الموقف المعاكس. ففي الوقت الذي وجدنا فيه ميدفيديف يهدد باستخدام حق الفيتو لدى اتخاذ أي قرار يجيز استخدام القوة ضد النظام السوري انبرى بوتين وكان في باريس ليقول إنه لا توجد أي علاقات خاصة لروسيا مع النظام السوري وإنها لا تمانع في مناقشة الأزمة السورية في الأمم المتحدة من أجل الضغط على الأنظمة التي تشهد اضطرابات دموية.

ونذكر أيضا ما قاله ميخائيل مارغيلوف الممثل الشخصي للرئيس الروسي في أعقاب استقباله لوفد المعارضة السورية في موسكو حول أن «الصديق الوحيد لروسيا في سوريا هو الشعب لأن الأنظمة تروح وتأتي والشعوب هي الباقية»، وتلك حكمة بليغة، ثمة من يعرب اليوم في موسكو وخارجها على حد سواء عن عظيم أمله في أن لا تبتعد كثيرا عن ذاكرة صانعي القرار أينما كانوا.