المراقب الصحفي: قرداحي وفرزات وجبريل

TT

لفتت نظري الأسبوع الماضي ثلاثة مواضيع صحافية رئيسية، لسبب رئيسي وهي أنها جاءت في التوقيت المناسب. هذه المواضيع الثلاثة لا تتشابه من حيث الأهمية، لكنها وضعت النقاط على الحروف لأنها استضافت الشخصيات المعنية بالحدث.

فبعد أن أصدرت قناة «إم بي سي» الفضائية قرارها بإيقاف النجم الإعلامي جورج قرداحي بعد إبدائه تعاطفه مع ما يفعله النظام السوري في شعبه، سارعت «الشرق الأوسط» إلى استضافته في لقاء موسع شرح فيه وجهة نظره للقراء، فشعر قارئ الصحيفة الورقية بأن صحيفته ليس بمنأى عن خبر كهذا، بل جلبت له ردودا من المصدر نفسه، وهنا ينتهي دور الصحيفة لأنها ليست جهة قضائية.

والموضوع الثاني كان اللقاء الذي أجرته الصحيفة مع الرسام الكاريكاتيري العالمي علي فرزات، الذي تحدثت تقارير إعلامية عن أن فلول النظام السوري هي التي خطفته وعذبته وهشمت أصابعه التي يرسم بها.. وجاء هذا الحدث عنوانا رئيسيا في نشرات إخبارية عربية وأجنبية لنظرا لبشاعة الجريمة ولشهرة الفنان الكبيرة في المنطقة.

وكان الموضوع الثالث اللقاء الموسع الذي أجرته الصحيفة مع أبرز شخصية حاليا في ليبيا، وهو د.محمود جبريل، رئيس المكتب التنفيذي التابع للمجلس الوطني الانتقالي (حكومة الثوار). تكمن أهمية هذا اللقاء الذي قال فيه «إننا سنقدم القذافي لمحاكمة عادلة لنسأله لماذا كان يعذبنا على مدى 42 عاما»، في أن هذا الشخص هو الذي وقف ممثلو الدول في الجامعة العربية يحيونه بحرارة وهو يدخل إلى القاعة في يوم تاريخي رفع فيه علم ليبيا الجديد واستعادت فيه عضويتها في الجامعة.

إنه لشعور جميل للقارئ، ولي تحديدا، وأنا أقلب الفضائيات بحثا عن تقارير مفيدة ثم أفاجأ في اليوم التالي بصحيفة «الشرق الأوسط» تلتقي صناع الحدث أنفسهم. هذا ما كنا نقوله باستمرار من أن الصحافة الورقية لا تموت إن هي ظلت في قلب الحدث وقدمت موادها الخاصة بكثرة أكثر من أي وقت مضى لتبقى في دائرة المنافسة الإعلامية.

أما انتقادي فهو أن «الشرق الأوسط»، وغيرها من الصحف العربية، ما زالت تحتاج أن تدخل إلى داخل العمق الليبي لتأتي بقصص إنسانية خاصة، وإنه ليحز في نفسي أن أرى قناة «سي إن إن» الإخبارية تبدأ تغطياتها الإنسانية بلقاء أجرته مع خادمة ابن الرئيس الليبي التي قيد يديها خلف ظهرها وصب على جسدها الماء الحار فتشوهت، وحكت بمرارة فظاعة هذه الجريمة النكراء. نحن صحافيون عرب، ونجاور ليبيا، ونفهم معاناتها، فمن باب أولى أن نظهر بشاعة ما يمارسه النظام الليبي على إخوتنا هناك ممن عاشوا أربعة عقود مريرة.