حروب إعلامية لا تتوقف بين النظام والمعارضة في ثورات «الربيع العربي»

أوباما يعترف بدور الإعلام العربي في تشجيع المظاهرات العربية

TT

«فيس بوك».. «يوتيوب».. و«تويتر».. أسماء اعتادت آذان هواة الإنترنت على سماعها وصارت نارا على علم لرواد الشبكة العنكبوتية، ولكنها اليوم وفي نظر بعض المحللين السياسيين، نار زاد لهيبها وما زال يزيد من تأجيج الحراك الشعبي الذي تعرفه بعض البلدان العربية منذ أشهر، فبعد أن كانت شبكات التواصل الاجتماعي هذه، ذات غايات ترفيهية واجتماعية، صارت اليوم تلعب دورا إعلاميا وسياسيا مهما، لا سيما بعد تأثيرها الملموس على أحداث «الربيع العربي» الأخيرة. وفي هذا السياق كان موقع «فيس بوك» رائدا في الميدان، حيث ارتفع عدد مشتركي الموقع بشكل ملحوظ وحقق شهرة كبيرة بعد أن أصبحت صفحاته نوافذ إعلامية هبت عبرها رياح الثورة على بلدان عربية كثيرة بل وحتى غربية.

تعددت الصفحات واختلفت عناوينها، لكن الهدف كان واحدا. كسر الحصار السياسي والإعلامي الذي طالما كان حاجزا كبيرا أمام الحركات المطالبة بالديمقراطية والساعية لتحقيق التغيير. فمنذ بداية الحراك الشعبي في العالم العربي، ظهرت الآلاف من الصفحات على «فيس بوك» الداعية إلى تنظيم مسيرات احتجاجية مناهضة للأنظمة كان أغلبها أيام الجمعة وتعددت المليونيات التي صارت بالنسبة للشارع العربي يوم غضب وتحد وإصرار».

لكن اللافت في الآونة الأخيرة هو ظهور بعض الصفحات التي تتعاطى بالشأن السوري و«تتبنى» على حد قولها «الدفاع» عن سوريا. وتقوم هذه الأخيرة بشن هجمات افتراضية على المواقع الإعلامية التي تسلط الضوء على تطورات الأحداث في سوريا ولربما أن أهم هذه الصفحات تلك التي تطلق على نفسها اسم «الجيش السوري الإلكتروني» والتي تعرف عن نفسها كجهات خاصة لا دخل لها لا من بعيد ولا من قريب بالجهات الحكومية والرسمية السورية، فقد قامت هذه الصفحة «الغريبة النشاط» بشن هجمات إلكترونية كثيفة على مواقع وصفحات القنوات الفضائية، بل إن هذه الهجمات طالت كذلك وسائل الإعلام الغربية التي تعرضت صفحاتها على «فيس بوك» لوابل من التعليقات المساندة للرئيس بشار الأسد وأخرى تتهم القنوات الفضائية والصحف العالمية بنشر «الفتنة» في سوريا والتواطؤ «والتآمر» لإسقاط النظام.

ويفاخر الجيش الإلكتروني السوري في موقعه الخاص بإعادة فتح صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» للمرة السبعين جراء تكرار إغلاقها، ويستعرض بعضا من أهم «مهماته» وعلى رأسها تنظيم «مظاهرة» في صفحتي الرئيسين الأميركي باراك أوباما والفرنسي نيكولا ساركوزي، فيما تستمر هجماته المتكررة على مواقع وسائل الإعلام العربية والأجنبية عبر سيل من التعليقات المنظمة.

وإلى ما سبق ساهمت وسائل الإعلام العربية لا سيما قناتي «الجزيرة» و«العربية» عبر نقل مباشر مكثف في تحريك الشارع العربي ورفع معنويات فئات الشعب الثائرة وإفشال محاولات قطع الاتصالات وغيرها من الوسائل التي لجأ إليها النظام. وهكذا يكون «الربيع العربي» قد أعاد الاعتبار إلى الشباب كونهم محركي النهوض الجماهيري، وهم بغالبيتهم مهمشون سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بفعل النظم السائدة والثقافة العربية والبنية المجتمعية التقليدية. وقد أظهر الشباب العربي تمكنه من تكنولوجيا العصر للاتصالات والتواصل، وكسر احتكار الأنظمة العربية للسياسة والإعلام، وأظهر شجاعة فائقة وقدم تضحيات جسيمة لم نكن نتوقعها. فقام هذا الشباب بما عجزت عنه التنظيمات السياسية والنقابية المعارضة على رغم إسهاماتها وتضحياتها التي لا تنكر.

ومع أخبار تتردد في الإنترنت، عن دور وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في مساعدة الثورات العربية، وعن مكاتب لها في عواصم شرق أوسطية تخطط فيها، وتقابل فيها قادة هذه الثورات، نقلت مصادر إعلامية أميركية أن الدور الأميركي لم يكن بهذه الصورة، ولم يكن سريا، وكان، في أغلب الأحيان، ردود فعل علنية على المظاهرات التي اجتاحت هذه الدول العربية.

وقال مراقبون في واشنطن إن التعليقات الأولية لكبار المسؤولين الأميركيين عن مظاهرات مصر، عندما بدأت، كانت تأييدا قويا للرئيس السابق حسني مبارك. وإن هؤلاء المسؤولين لم يؤيدوا المظاهرات في تونس إلا بعد أن نجحت الثورة هناك. وإنهم تخوفوا من أن مظاهرات بنغازي، عند بداية ثورة ليبيا، كانت تقودها عناصر إسلامية متطرفة.

ونقلت مصادر أميركية ما قالت إنها وقائع لقاء بين الرئيس باراك أوباما، والأمير حمد بن خليفة آل ثاني، أمير قطر، جاء فيه اعتراف أوباما بدور الإعلام العربي في تشجيع المظاهرات العربية. وإشارة أوباما إلى قناة «الجزيرة» القطرية، وقال إنه يشاهد إرسالها باللغة الإنجليزية من وقت لآخر.

وفي الوقائع، قول أوباما عن دعم قطر لثورة ليبيا إن «قطر ليست فقط تدعم دبلوماسيا، ولكن أيضا عسكريا. إننا نقدر جدا هذا العمل الرائع. لقد وقف القطريون جنبا إلى جنب مع سائر أعضاء التحالف الدولي». وأضاف: «توجد علاقات قوية بين بلدينا. إنها علاقة اقتصادية. إنها علاقة عسكرية. إنها علاقة ثقافية».

وأشار أوباما إلى دور قطر في قضايا الأمن الغذائي، وفي ليبيا، في شمال أفريقيا، وفي رعاية المحادثات عن الوضع في دارفور.

ونقل تلفزيون «سي بي إس» ما قال إنه تسجيل لحديث خاص لأوباما مع عدد من مؤيدي الحزب الديمقراطي، كان يتحدث خلاله عن «ربيع العرب». وأن أوباما أشاد أيضا بدور «الجزيرة». لكنه انتقد أمير قطر قائلا «هو نفسه لا يجري إصلاحات مهمة. لا توجد حركة كبيرة نحو الديمقراطية في قطر». وأضاف أوباما، حسب تلفزيون «سي بي إس»: «من أسباب ذلك أن دخل الفرد في قطر 150 ألف دولار في السنة (12 ألف دولار تقريبا في الشهر)» وكانت مواقع في الإنترنت، منها موقع تلفزيون تركي، عرضت برنامجا اسمه «الربيع العربي والشتاء السوري» ذكرت فيه أن مدير «سي آي إيه» كان عقد اجتماعات في تركيا مع قيادات سورية معارضة، قبل بدء المظاهرات في سوريا، «للاتفاق على طريقة إسقاط النظام السوري ضمن سيناريو مكتوب ومخطط له يتم تمويله من قبل عدة أطراف منها الولايات المتحدة والسعودية والأردن». وأضاف الموقع أن «الثورات في سوريا وليبيا واليمن وحتى مصر تم التخطيط لها بمعرفة الاستخبارات الأميركية، وتم تمويلها». وإنها تدار عبر ما سمته المحطة التلفزيونية «الغرف السرية» في أوروبا، وهو، ما التقطته المواقع الحكومية السورية والأخرى الموالية لها، وأخذت تردده عبر الإنترنت.