النجمة التلفزيونية المغربية سميرة البلوي.. من شاشة الكومبيوتر إلى شاشة التلفزيون

قدمت برامج ناجحة استقطبت جمهورا واسعا.. وكلمة السر «القراءة»

سميرة البلوي أبرز مقدمة برامج على القناة الثانية المغربية («الشرق الأوسط»)
TT

تعتبر سميرة البلوي النجمة الصاعدة في القناة المغربية الثانية «دوزيم»، مع النجاح الكبير الذي يشهده برنامجها اليومي «صباحيات» الموجه للسيدات، وذلك بعد النجاحات التي حققتها في برامج «عالم دوزيم»، و«رباعيات»، و«طوب طرب»، و«استوديو دوزيم».

لكن لا أحد كان يمكن أن يتوقع أن تصبح سميرة نجمة تلفزيونية عندما التحقت بالعمل في القناة الثانية قبل عشر سنوات، ذلك أن المهنة التي جاءت من أجلها إلى التلفزيون لا علاقة لها بالتنشيط أو بتقديم البرامج، بل بمعالجة الصور الرقمية في «الغرافيزم». كيف استطاعت سميرة أن تخرج من موقعها خلف جهاز الكومبيوتر، حيث كانت تتعامل مع الصورة كموضوع، إلى أمام الكاميرات وبلاتوهات التصوير لتصبح «موضوعا للصورة»، كما يحلو لها أن تقول؟ عن مسارها المهني وأسرار نجاحها تتحدث سميرة البلوي في الحوار التالي الذي جرى معها في الدار البيضاء.

* كيف جئت إلى التلفزيون.. بعبارة أخرى كيف تم اللقاء؟

- أول لقاء لي مع التلفزيون كان بالصدفة من خلال زيارة في عام 1998 لاستوديوهات القناة الثانية (دوزيم)، حضرت خلاله تصوير إحدى حلقات البرنامج الذي تقمه نسيمة الحر. كنت في ذلك الوقت طالبة في المعهد العالي للفنون الجميلة، لكن تلك الزيارة غيرت مساري.. كانت لحظة انبهار. سنة بعد ذلك، ثم رشحني المعهد للتدريب لمدة أسبوعين في قسم معالجة الصور الرقمية في القناة الثانية، غير أن التدريب استمر شهرا ونصف، وكان بمثابة التحول.. أصبح كل أملي وطموحي أن أعمل في «دوزيم»؛ بل أصبحت شبه مقتنعة بأن مكاني الطبيعي موجود هناك، وأنهيت تقرير التدريب بعبارة «إلى اللقاء». وفي العام التالي ما إن أنهيت دراستي بالمعهد، حتى تقدمت بطلب عمل لإدارة القناة، وكان سعادتي كبيرة عندما قبلوا طلبي.. والتحقت بالقناة كفنية في قسم معالجة الصور الرقمية.

* لكن كيف حدث التحول؛ من فنية صور إلى مقدمة برامج؟

- في الواقع، ليس تحولا كبيرا، لأني بقيت في مجال الفن، وفي مجال الصورة؛ لكني انتقلت من علاقتي بالصورة كموضوع للاشتغال من خلال الكومبيوتر، إلى علاقة أصبحت أنا فيها موضوعا للصورة من خلال الكاميرا.

* إذن كيف حدثت هذه القفزة؟

- على الرغم من أنني كنت أشتغل في قسم معالجة الصور، فإنني كنت أتوق إلى العمل كمقدمة برامج. ولا أنكر أنني عندما كنت صغيرة كنت معجبة بفيروز الكرواني وفاطمة النوالي، وبالكيفية التي كانتا تقدمان بها البرامج في التلفزيون المغربي، وتمنيت أن تتاح لي فرصة عمل شيء مماثل، لكن هذا الإعجاب تراجع مع الوقت، ليستيقظ ثانية عندما التحقت بالقناة الثانية. القفزة التي تتحدث عنها وقعت عندما انتبهت لي ليلى أوعشي، مديرة برامج الأطفال في القناة الثانية.. قالت لي إن ضحكتي تعجبها، وإن وجهي الصغير يصلح لتقديم برامج أطفال، وطلبت مني أن أخضع لـ«كاستينغ» إن كنت مهتمة بالأمر.. وفرحت كثيرا عندما سمعت كلاما مشجعا من جميع أعضاء اللجنة التي كانت تضم أسماء كبيرة في «دوزيم».

* هكذا إذن كانت البداية، مع برامج الأطفال؟

- نعم، بدأت بتقديم برنامج «عالم دوزيم» الموجه للأطفال بتعاون مع الزميلة سناء القدميري. وفي الوقت نفسه بقيت في العمل فنية صور في قسم الغرافيزم، ثم بدأت أفكر في تطوير مشروع برنامج خاص بي، واقترحت على إدارة القناة مشروع برنامج تحت اسم «ضيف الله»، يهتم بفن الديكور والهندسة الداخلية للبيوت المغربية العريقة، غير أنهم ارتأوا أن أصقل موهبتي وأن أتمرن أكثر قبل التقدم بأي برنامج خاص.

* لماذا هذا الاسم «ضيف الله»؟

- لأن الفكرة تقتضي أن يطرق البرنامج في كل حلقة من حلقاته باب بيت من البيوت العريقة كضيف على أهله.

* ألم تتأثري برفض الإدارة لفكرتك؟

- بالعكس، الإدارة تلقت الرسالة، وهي رغبتي في التطور في هذا الاتجاه، وعلى هذا الأساس منحتني عدة فرص.. مباشرة بعد ذلك اقترحوا علي مواصلة تقديم برنامج «رباعيات»، ثم «طوب طرب»، وبعده «استوديو دوزيم»، كما قمت بتنشيط عدد من السهرات والمهرجانات. وبالطبع بقيت مستمرة في عملي فنية معالجة الصور بقسم الغرافيزم مع استغلالي للفرص التي أتيحت لي خلال تلك الفترة.. لكن كل تلك البرامج لم تكن برامجي.. دائما كانت إدارة القناة تسند إلى مهمة مواصلة برنامج قائم، وكان الأمر صعبا جدا لأنني أجد نفسي أمام جمهور ألف وجوها أخرى لها مكانتها. وكنت دائما عرضة للمقارنة مع صاحب البرنامج الأصلي، ولم يكن هذا في صالحي؛ إذ كان من الصعب أن أفرض وجودي وأقوم بما أريد بالطريقة التي أريد. لكن كل هذا تحقق لي مع «صباحيات» باعتباره أول برنامج أطلقه ومنذ البداية.

* خلال كل تلك الفترة، ما البرنامج أو الحدث الذي أثر فيك، أو طبعك بشكل كبير؟

- الحدث الذي أثر في كثيرا وشرفني تقديمه ووضعت فيه كل حبي ومشاعري خلال هذه الفترة، هو تقديمي حفلة «12 قرنا من تاريخ المغرب»، التي رافقني فيها حمادي عمور والطيب لعلج. كانت لحظة مليئة بالحماسة والفخر، وقدمت خلالها طابقا فنيا جميلا جدا، وتحدثت خلالها عن بلادي بحب واعتزاز كبيرين. خلال هذه الفترة، قدمت العديد من المهرجانات، منها «موازين»، و«قفطان»، وسهرات رأس السنة، كما اشتغلت خلال هذه الفترة مقدمة برامج إذاعية أيضا، في إذاعة «دوزيم»، وهي التجربة التي أكسبتني مهارات أساسية وتعلمت فيها فن الحديث بطلاقة وسلاسة.

* كل ذلك وصولا إلى «صباحيات»، فكيف تبلورت فكرة هذا البرنامج؟

- راودتني الفكرة قبل ثلاث سنوات.. كنت قد دخلت تجربة الزواج، وخلال فترة الحمل بالخصوص والأسابيع الأولى للولادة، كانت لدي الكثير من الأسئلة والمشاغل، وللأسف لم أجد في القنوات المغربية أي برنامج يجيب عن تلك الأسئلة، ووجدت نفسي أتنقل بين القنوات الأجنبية والعربية بحثا عن برامج مفيدة بالنسبة لي كربة بيت.. هكذا ولدت الفكرة، من الحاجة إلى برنامج نسائي مغربي يهتم بشؤون المرأة والأسرة والطفل والصحة والجمال. اقترحت الفكرة على مدير البرامج آنذاك في القناة الثانية محمد مماد.. استحسن الفكرة وبدأنا نشتغل عليها، لكن حدثت تغييرات، وذهب مماد ومعه مشروع البرنامج، وكنت قد نسيته تقريبا عندما استدعاني مدير البرمجة الجديد زهير الزريوي ليسألني عن رأيي في تقديم برنامج نسائي.. قلت له إنه سبق لي أن طرحت تصورا لبرنامج نسائي تحت اسم «أحلى صباح» وإنه بقي حبيس أدراج الإدارة.. فعدنا للعمل على المشروع من جديد وتطويره وفق احتياجات القناة ومواردها ومتطلبات الجمهور. وخرج في شكل «صباحيات دوزيم».

* هل أنت راضية عن المستوى الحالي للبرنامج؟

- الرضا كلمة صعبة، فكوني أطلقت برنامجي الخاص، الذي أنا مقتنعة بجدواه وأهميته، وبالشكل الذي أريده، يمكن أن أقول إنني راضية.. وكذلك راضية لكوني محاطة بفريق مهني ولطيف وتتوفر فيه كل الشروط لإنجاح وتطوير البرنامج. لكن عن مستوى البرنامج، فأنا أطمح دائما للأفضل، والجمهور يستحق دائما ما هو أحسن، لذلك لا أستطيع أن أقول إنني راضية تماما، لهذا دائما أحاول أن أجدد وأن أتجدد. أنا في سعي دائم لأكتسب ثقافة أكبر ومعارف أكثر، لذلك أنا دائمة القراءة والاطلاع بحثا عن أفكار ومعلومات وفوائد لمتتبعي البرنامج، وأحاول في كل مرة أن أضع نفسي مكان السيدة التي تتابع البرنامج من بيتها، وأن أطرح أسئلتها على الخبراء والأطباء الذين يستضيفهم البرنامج، وأن أقدم لها معلومات تجيب عن تساؤلاتها وتفيدها.

* ما أبرز العراقيل التي اعترضت مسارك المهني؟

- وجود عراقيل مسألة طبيعية.. الحياة لا يمكن تصورها دون عراقيل وتحديات، والحمد لله، أنا مكافحة. لأنني عشت في بيت بين خمسة إخوان ذكور، لكن أنا دائما أعول على نفسي وأناضل وأواجه التحديات.. ومهما كانت العراقيل، أسعى دائما للتقدم والتغلب عليها. في هذه المهنة، لا يمكن أن يحبك الجميع، كما لا يمكن أن ترضي كل الأذواق. أنا مقتنعة بذلك وعلى كل منشط برامج أن يقتنع به، وإلا فإنه سيصدم كثيرا.

* ما نصيحتك إذن للشابات الراغبات في دخول هذا الميدان؟

- أنصحهن بالقراءة والقراءة ثم القراءة.. في مساري الدراسي، انتقلت من دراسة الأدب الإنجليزي إلى الفنون الجميلة، وكنت أتساءل دائما: هل السنوات التي قضيتها أدرس الأدب الإنجليزي ضاعت وذهبت سدى؟ الآن أقول بكل تأكيد: لا. كل ما يتعلمه المرء يجده أمامه. لذلك نصيحتي هي القراءة والقراءة.

* أنت إذن مولعة بالقراءة؟

- نعم، وكل يوم أقرأ، خاصة قبل أن أنام. أرغب في أن أنهي كل يوم بتعلم شيء جديد. أقرأ يوميا، بالإضافة إلى ممارسة هواياتي الأخرى كالرسم.

* ما آخر قراءاتك؟ وما قراءتك الحالية؟

- آخر ما قرأته كتاب حول الملكة البربرية الكاهنة الذي كتبه رءوف أوفقير، ابن الجنرال الشهير الذي قاد الانقلاب ضد الملك الراحل الحسن الثاني. وحاليا أقرأ كتاب «تاريخ المغرب» لميشال أبيطبول.