وسيط مالي يحرج هيئة الإذاعة البريطانية ويعترف على الهواء: «أحلم بالركود الاقتصادي لتحقيق الأرباح»

تقارير تؤكد أنه يمارس الوساطة المالية كـ«هواية» وليس تجارة

TT

قالت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن الوسيط المالي الذي ظهر على الشاشة متحدثا حول أسواق المال كان بالفعل «وسيطا ماليا» وليس منتحلا هذه الصفة كما تردد.

ورد ماثيو هول المنسق الإعلامي في المحطة لـ«الشرق الأوسط» حول ما أُثير عن هذا الوسيط المالي بأنه «هاو» لأخبار الأسواق المالية وليس ممارسا لها: «نحن مقتنعون بأن اليسو راستاني متداول مستقل في السوق». يأتي التصريح بعد زوبعة إعلاميه أثيرت حول هذا الضيف التلفزيوني الذي ظهر عبر مداخلة إخبارية بطلّة بهية متحدثا بلغة اقتصادية رفيعة يتقنها المتخصصون في القطاع المالي متناولا موضوع الانهيار الاقتصادي الراهن، ومطلقا تعليقات أثارت جدلا واسعا.

وقد كان مشاهدو الأخبار الاقتصادية عبر تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ينتظرون آخر مستجدات أزمة اليورو المالية، حين ذكر اليسو راستاني، الذي قدمته القناة التلفزيونية على أنه وسيط مالي مستقل، بأنه كسائر الوسطاء الماليين يحلم منذ ثلاث سنوات باللحظة التي يواجه فيها الاقتصاد حالة غير مستقرة لتحقيق أرباح من ورائها. وقال على الهواء: «لدي اعتراف، في كل مرة أذهب إلى الفراش ليلا، كنت أحلم بركود آخر».

وتابع تعليقاته المثيرة قائلا: «نحن الوسطاء الماليين لا نهتم بماذا كانت الحكومة ستقوم بإصلاح الاقتصاد. عملنا هو كسب المال من وراء ذلك». مما شكل صدمة للمشاهدين بدت آثارها واضحة على ملامح المذيعة التي أجابته قائلة: «نحن نقدر صراحتك. ومع ذلك، فإن حديثك لا يساعد بقية منا، أليس كذلك؟»، لكنه أصر على موقفه موضحا أن «أي شخص» يمكن أن يستفيد من الكوارث الاقتصادية، مشبها الأزمة الحالية بأزمة الكساد التي طالت بريطانيا عام 1930.

الجدير ذكره، وبعد ساعات من بث اللقاء التلفزيوني، عجت مواقع التواصل الاجتماعي بالنقاشات الحادة والانتقادات حول تصريحات راستاني. خصوصا أن الكثير من البريطانيين ينظرون إلى المصرفيين والتجار على أنهم جزء من المشاكل الاقتصادية، لا سيما أزمة الائتمان التي حدثت خلال عامي 2008 - 2009. حيث لم يعد الأفراد يثقون بهم.

هذا وفيما عبر كثيرون عن أن ذكره الوسيط المالي يعكس حقيقة يدركها الجميع زاعمين أن الاقتصاد في البلاد يقود نموه الربح، ذهب آخرون للتشكيك في هوية راستاني وعما إذا كان بالفعل مخولا للحديث عن الاقتصاد العالمي، خصوصا أن العاملين في القطاعات الاقتصادية يلتزمون الصمت وتحاشي التعليق حول الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة. الأمر الذي كشفته صحيفة «التلغراف» البريطانية التي تحدثت مع راستاني ناقلة أنه لا يعمل في التجارة كما أنه يعيش بشكل متواضع فلا يملك منزلا بل يعيش مع صديقته. ونقلت الصحيفة قوله إنه يحب الظهور والحصول على الاهتمام، وهذا هو السبب الرئيسي الذي دفعه للحديث لهيئة الإذاعة البريطانية.

هذا ومن السهل معرفة إذا كان متداولا رسميا من خلال الاطلاع على بيانات المعلومات في «Finicial Statistic Agency» وهي الوكالة الرسمية التي توثق كل ما يتعلق بالتداول ويتم من خلالها تسجيل الوسطاء الماليين في المملكة المتحدة التي خلت من اسم راستاني.

ومع كل ذلك تمسكت هيئه الإذاعة البريطانية بنفي الشائعات حول ما إذا كان الشخص الذي تمت استضافته على الهواء «مُدّعيا». و ذكرت أن المحطة أجرت تحقيقات مفصلة ولم يتم العثور على أي دلائل تشير إلى أن راستاني كاذب.

وقال أحد الوسطاء الماليين في أحد البنوك الكبرى في لندن لـ«الشرق الأوسط»: «هذه تعليقات خرقاء.. الظروف الاقتصادية السيئة حتما ليست شرطا أساسيا للتجارة الناجحة وتحقيق الربح، على الرغم من أن ظروف السوق بأوجهها الجيدة والسيئة تحمل فرصا مختلفة للآخرين».

وأضاف: «التداول والوساطة المالية يعملان وفق شكل صارم تحدده قوانين لا تأتي على حساب ازدهار المجتمع».

وللعلم فقد تعرضت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) لموقف مماثل بعدما تم إجراء مقابلة مع شخص تم التعريف به كمتحدث باسم شركة «داو كيميكال» ليتحدث عن مأساة الغاز في بوبال التي حدثت عام 1984 ولم يكن سوى محتال.

هذا وسجل المقطع التلفزيوني الذي ظهر فيه راستاني عددا كبيرا من مشاهدي مواقع الفيديو «يوتيوب» إلى أكثر من مليون مشاهد، فيما تجاوز عدد متابعيه عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إلى أكثر من أحد عشر ألف شخص.\