«ياهو» تواجه صعوبات للاستفادة من خدماتها رغم الـ680 مليون مستخدم

تسيطر على قطاعات الأخبار والرياضة والأخبار المالية على شبكة الإنترنت

الغموض يكتنف مستقبل شركة «ياهو» بعد الإقالة المربكة لكارول بارتز الرئيسة التنفيذية خلال الشهر الماضي (أ. ب)
TT

شركة تسيطر على قطاعات الأخبار والرياضة والأخبار المالية على شبكة الإنترنت، ويزيد عدد زائري موقعها الإخباري على عدد زائري الموقع التالي في هذه المجموعة «سي إن إن»، كما أن عدد زوار موقعها الرياضي أكثر من زائري «اي اس بي ان»، وعدد زوار قسم الأخبار المالية يتفوق على عدد زوار «داو جونز»، مالكة «وول ستريت جورنال». إن هذا الكيان الإعلامي الإلكتروني الضخم هو موقع «ياهو»، الذي يواجه صعوبات في الوقت الحالي.

وعلى الرغم من الجمهور الضخم الذي يبلغ 686 مليون مستخدم وموارد كبيرة، مثل استوديوهات أفلام عالية التقنية وصالات تحرير ممتلئة بالموهوبين، فإن مستقبل شركة «ياهو» يكتنف الكثير من الشكوك. ويحوم حول الشركة مشترون محتملون على أمل الاستحواذ على بعضها بعد الإقالة المربكة لكارول بارتز، الرئيسة التنفيذية لـ«ياهو»، الشهر الماضي.

ومحفظة «ياهو» من المواقع الإعلامية التي تعد درة تاج الشركة وربما مخلصها، وقد أعلنت الشركة يوم الاثنين أنها دخلت في شراكة مع وحدة «إيه بي سي» التابعة لـ«والت ديزني» لعرض مواد ومقاطع فيديو من «إيه بي سي نيوز» ولإنشاء موقع إلكتروني يحمل علامة مشتركة لبرنامج «صباح الخير يا أميركا».

ولكن تعاني مواقع شركة «ياهو» أيضا من مشكلات تؤثر على باقي أجزاء الشركة، متمثلة في تحول الأولويات وضعف في جانب الابتكار. ولدى «ياهو» مشكلة أخرى أيضا تتمثل في عدم الاحترام. وتساءلت ميكي روزين، نائبة الرئيس الأول التي تشرف على ممتلكات «ياهو» الإعلامية: «إذا سألنا شخصا في الشارع: ما العلامة الإخبارية البارزة؟ هل سيقولون إن موقع (ياهو) الإخباري؟» وردت قائلة: «بصراحة لن تكون هذه الإجابة».

وقد شكلت شركة «ياهو» جمهورها الضخم بدرجة كبيرة من خلال تجميع الأخبار من مصادر أخرى.

وتعد «الأسوشييتد برس» و«يو إس وويكلي» و«بوليتيكو» و«نيويورك تايمز» بعض شركاء الشركة الذين يقدمون لها المحتوى على مدار الساعة. وفي الوقت الحالي يضغط تنفيذيون داخل «ياهو» ليكون لها تغطية خاصة بأن تقوم بتغطية فعاليات مثل «إيميز» وعمل برامج مصورة إلكترونية خاصة بها. وفي الشهر الحالي سيعرض موقع «ياهو» بصورة حصرية حفلة خيرية مباشرة تضم ليدي غاغا وأوشر وبونو. ويقولون إنهم أعطوا أولوية لتعيين صحافيين ومحررين يكتبون ويأتون بأخبار فريدة على الشبكة الإلكترونية.

وتقول روزين، التنفيذية السابقة لدى «فوكس إنتر أكتف ميديا» و«ديزني» الإلكترونية التي انضمت إلى «ياهو» قبل 10 أشهر، إن «ياهو» لم تتمكن من إيجاد «منبر» يجعل الناس ينتبهون إليها. وتقع مهمة إصلاح ذلك بدرجة كبيرة على جاي سينغ، رئيس تحرير «ياهو» الذي انضم مؤخرا إلى الشركة، وقد قام ببناء غرفة تحرير لأريانا هافينغتون كمحررة بارزة في «هافينغتون بوست» كما أنشأ صالة التحرير لموقع الأخبار التقنية «سي نت». ويقول سينغ: «يمر (ياهو) بعملية تحول في كل الجوانب، ولكن لا تتم التحولات في لمحة بصر».

ويجب إظهار محتوى «ياهو» الخاص على صفحتها الأولى، ليكون واضحا للزوار وليجذبهم إليه، بحسب ما قاله سينغ. ويجب أن يكون من المألوف وجود رابط إلى مواد بأقسام أخرى. ولتشجيع التعاون بدأ سينغ اجتماعات أسبوعية للمحررين للحديث عن التغطية المقبلة ومشروعات محددة. وفي السابق كانت الأقسام المختلفة لا يتحاور بعضها مع بعض، وكانت هذه شكوى عامة داخل الشركة.

ولتشجيع المستخدمين على تصفح المزيد من المقالات تحاول «ياهو» بصورة متزايدة إضفاء السمة الشخصية على موقعها حتى تأتي المواضيع منسجمة بدرجة أكبر مع ذوق المستخدمين، ويظهر على الصفحة الرئيسية لـ«ياهو» أكثر من 13 مليون عنصر مختلف يوميا.

كما يقوم موقع «ياهو» باستخدام بعض الأفكار المستمدة من شبكات التواصل الاجتماعي، وقد طرحت خدمة جديدة، وذلك مع إعلان «فيس بوك» عن خصائص جديدة تسمح للمستخدمين رؤية مقالات إخبارية على موقع «ياهو» ومشاركتها.

ويقول لاري كرامر، مؤسس الموقع الإخباري الاقتصادي «ماركت ووتش» والرئيس السابق لـ«سي بي إس ديجيتال»: «يمكن إرجاع نقاط الضعف لدى (ياهو) في الإعلام إلى تردد الإدارة العليا بشأن ما إذا كانت الشركة كيانا إعلاميا أم تقنيا». وقد واجهت هذه المشكلة تيري سيمل، الرئيس التنفيذي السينمائي السابق الذي كان رئيسا تنفيذيا في الفترة من 2001 حتى 2007، كما واجهت بارتز، التي كانت تدير شركات البرمجيات بوادي السيلكون «أوتودسك». وبصورة تقليدية تتنقل شركة «ياهو» بين كلا المجالين، ولا تحقق فيهما كل ما تصبو إليه.

ويقول كرامر إنه على ضوء اعتمادها على تجميع المواد من مصادر أخرى كان من الصعب على «ياهو» صياغة وسائل مبتكرة لعرض هذا المحتوى من خلال أجهزة تليفون ذكية وكومبيوترات لوحية. ولم تحسن الشركة الاستفادة من «ليفستاند»، وهو تطبيق على أجهزة «آي باد» يجمع المواد من إصدارات عدة في مجلة واحدة رقمية مصمم بصورة جيدة. وقد أجرت شركة «ياهو» مراجعة للتطبيق في مؤتمر هذا العام ووعدت أن يقدم بنهاية «ياهو»، ولكن من المتوقع حاليا أن يصدر التطبيق بنهاية فصل الخريف. وقد أصبحت ثمة منافسة في هذا المجال: «زيت» من «سي إن إن»، و«إدشنز» من «إيه أو إل»، وتطبيقات «فليببورد» و«بولس» و«تابتو» و«فلود» و«News.me» و«سكاي غريد».

ويقول كرامر: «قد تكون المؤسسة الإخبارية البارزة في العالم لأن لديهم هذا العدد الكبير من العملاء. ولديهم ما ستطمح إليه كل صحيفة».

كما أن لديها الجمهور، ففي أغسطس (آب) كانت «ياهو» على رأس الفئة الإخبارية العامة بـ81.2 مليون زائر جديد داخل الولايات المتحدة، وفقا لما أفادت به مؤسسة «كومسكور». وجاءت «سي إن إن» في المركز الثاني، حيث سجلت 75.3 مليون زائر جديد خلال نفس الفترة، بينما سجلت «هافينغتون بوست ميديا غروب» 56.8 مليون زائر. وكانت تسعة من مواقع «ياهو» الإعلامية على رأس فئتهم من ناحية عدد الزائرين.

ولكن لم يترجم حجم «ياهو» إلى نمو في العوائد، فقد كانت العوائد من الإعلانات المعروضة، وهي اللوحات الإعلانية الإلكترونية التي تظهر عندما يتم فتح صفحة موقع «ياهو»، ثابتة خلال الأشهر الستة الأولى من العام، حيث استقرت على مليار دولار، بينما شهد قطاع الإعلانات الإلكتروني نموا بمقدار نحو 27 في المائة.

وتتمثل مشكلة «ياهو» في أن مستخدمي الإنترنت يقضون الجزء الأكبر من أوقاتهم على مواقع منافسة لـ«ياهو». وتراجعت نسبة الوقت الذي يقضيه مستخدمون على موقع «ياهو» بمقدار الثلث عن النسبة المرتفعة التي بلغتها قبل ثلاثة أعوام، بينما زادت النسبة التي تقضى على موقع «فيس بوك» بمقدار ستة أضعاف خلال نفس الفترة، وفقا لما ذكرته مؤسسة «كوم سكور».

ولذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يمكن لـ«ياهو» أن تجعل المستخدمين يبقون على مواقعها لفترة أطول؟ تعتقد أن القسم الرياضي «ياهو سبورتس» هو النموذج، فعلى مدار الأعوام القليلة الماضية راهن القسم الرياضي، أكثر من أي موقع إعلامي آخر تابع لـ«ياهو»، على التغطية الخاصة من خلال استعمال صحافيين وكتابة مقالات خاصة. وقد أدى هذا الاستثمار إلى الكثير من أعمال السبق الصحافي الهامة، وكان آخرها تحقيق استغرق عاما نُشر في أغسطس كشف عن مخالفات واسعة من جانب فريق كرة القدم بجامعة ميامي لقواعد رابطة الرياضة الجامعية الوطنية. ووفقا لـ«ياهو» فقد حظي هذا المقال بمتابعة زادت بمقدار 38 مرة عما يحظى به مقال الرياضة المعتاد على الموقع.

وتقول روزين: «لا يوجد شيء مثل الجلوس في إحدى الغرف الفندقية وتشغيل (اي اس بي ان) وقراءة أن القسم الرياضي في (ياهو) حقق سبقا صحافيا». وأضافت أن هذا الذكر من جانب وسائل الإعلام الأخرى يرفع سمعة «ياهو» في القطاع الإخباري. كما يقدم «ياهو سبورتس» عددا من مقاطع الفيديو الإلكترونية، بما في ذلك اللقطات الهامة في المباريات.

وما زال المسؤولون التنفيذيون في «ياهو» يعتقدون أن مقاطع الفيديو المنتجة بحرفية تجذب أصحاب الإعلانات أكثر من المقاطع الشعبية على موقع «يوتيوب». كما يقدم شركاء مثل «إيه بي سي» عروضا، ويبقون التكاليف منخفضة، وفقا لما ذكره روس ليفينسون، نائب الرئيس التنفيذي لـ«ياهو» داخل الأميركتين. ويضيف: «لا نجلس هنا لننفق مئات الملايين من الدولارات لعمل شبكة جديدة».

وفي الواقع تقوم «ياهو» حاليا بتصوير ما يقرب من 26 برنامجا في الشهر، الكثير منها يجذب جمهورا كبيرا، على الأقل وفقا لمعايير الإنترنت. وتقول «ياهو» إن 26 مليون شخص شاهدوا برامجها الخاصة في أغسطس، أي بزيادة عمن شاهدوا موقع «هولو»، موقع الفيديو المدعوم من الكثير من استوديوهات هوليوود.

ويرغبون في إنتاج المزيد، حيث ستعرض سبع مجموعات جديدة لأول مرة هذا الأسبوع، بما في ذلك سلسلة عن العلاقات، واثنتان عن برامج الطبخ، وأخرى فيها نصائح للرجال خاصة بمقترحات لحفلات زفاف. كما حاولت «ياهو» الاستحواذ على «هولو» في وقت سابق من العام الحالي، وفقا لما أفاد به مصدر على اطلاع بالأمر غير مخول للحديث للنشر. ولم يتضح بعد ما إذا كانت خطط «ياهو» الواسعة ستستمر وسط مراجعة استراتيجية لقطاعها واحتمالية بيع جميع الشركة أو أجزاء منها.

وتخيم احتمالية البيع أو التقسيم على «ياهو»، على الرغم من أن جميع المسؤولين التنفيذيين الذين أجريت معهم مقابلات قالوا إن العمل يمضي كالمعتاد داخل الشركة. ويقول سكوت كيسلر، وهو محلل لدى «ستاندرد آند بورز كابيتال اي كيو» إن الضبابية شيء معتاد داخل «ياهو» التي شهدت خلال الأعوام الأخيرة سلسلة من التغيرات في القيادة ورحيل مسؤولين تنفيذيين بارزين ومعركة لتجنب استحواذ «مايكروسوفت» عليها.

ويقول كيسلر: «أولا: هم في حاجة إلى تحقيق استقرار داخل السفينة، وبعد ذلك يحتاجون إلى توجيهها إلى الطريق الصحيح».

* خدمة «نيويورك تايمز»