السعودية: «الصحافيون التجار».. يديرون صفقاتهم من تحت طاولة إداراتهم التحريرية

اعتبرهم البعض «تجار شنطة».. ويصفهم آخرون بـ«العضو المريض» في جسد الصحافة

تشهد العديد من المؤتمرات والمناسبات الرسمية أو الخاصة حضور شخصيات ليست صحافية بهدف الاستفادة منها بشكل خاص (تصوير: غازي مهدي)
TT

لن يستغرب أي إعلامي بعد ذلك إذا ما وجد نفسه «مبيعا» في إحدى الفعاليات أو المؤتمرات الصحافية، حيث قد يتلقى دعوة للحضور كي يفاجأ فيما بعد بأن من دعاه من الإعلاميين حصل على مبلغ مادي مقابل إحضاره، في ظل ظهور أفراد باتوا يتاجرون في السلطة الرابعة بشكل يتنافى تماما مع أخلاقيات المهنة التي سبق وأكد كثيرون على أنها الوجه الغائب في الصحافة السعودية.

سلوكيات تلك الفئة التي باتت معروفة بمسمى «الصحافيين التجار» لا تقتصر على المتاجرة برؤوس زملائهم في المناسبات الإعلامية فقط، وإنما تتعدى إلى المتاجرة بما ينشرونه أيضا في الصحف التي يعملون فيها، وذلك من خلال الدخول في صفقات مربحة مع مسؤولي العلاقات العامة في بعض المنشآت مقابل اهتمامهم بتغطية فعالياتها ليتقاضوا مبالغ مادية من تحت طاولة إداراتهم التحريرية.

الدكتور فهد العقران رئيس تحرير صحيفة «المدينة» السعودية يرى أن عدد الصحافيين التجار في الإعلام السعودي يعد قليلا، غير أنهم متواجدون في بعض الصحف السعودية، مؤكدا في الوقت نفسه على صعوبة اكتشاف رؤساء التحرير لمثل هؤلاء الصحافيين في منشآتهم الصحافية. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «مما لا شك فيه أن الصحافة هي رسالة وأمانة وثقة تبنى بين القارئ ومسؤول التحرير، الأمر الذي يجعل مثل هذه التصرفات أسوأ ما تكون عند صدورها من صحافي»، مشيرا إلى أنه لم يتلق مطلقا أي شكوى حول تصرف أحد الصحافيين لديه بمثل هذه السلوكيات.

ولفت إلى أن أقل عقوبة من الممكن تطبيقها في حق هؤلاء الأفراد هي إبعادهم تماما عن المهنة، خصوصا أنهم لا يستحقون البقاء في الصحافة، خصوصا أن الصحافي مؤتمن على منبر إعلامي، مما يجعل استخدام هذا المنبر مع أو ضد جهة معينة أمرا مرفوضا. وحول ما إذا كانت الأجور المتدنية لبعض الصحافيين سببا في لجوئهم لمثل تلك السلوكيات، أبان رئيس تحرير صحيفة «المدينة» السعودية أن رواتب المتفرغين في الصحافة السعودية تعتبر جيدة، إلا أنه إذا ما مارس أحدهم التجارة في مهنته بشكل مبتذل فإن ذلك يدل على وجود خلل في مبادئه.

في حين يرى جميل الذيابي رئيس التحرير المساعد لصحيفة «الحياة» في السعودية، أن الإشكالية الحقيقية في مجال الإعلام السعودي هم من سماهم بـ«إعلاميي الشنطة»، والذين يعملون في أكثر من جهة بأسلوب اعتبره أقرب إلى كيفية بيع الـ«كلام» والمتاجرة فيه.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نجد بعض الصحافيين يعملون في قطاعات حكومية أو خاصة بشكل رسمي ومتعاونين بإحدى الصحف ومعدين لبرامج تلفزيونية وكتّاب بيانات في مؤسسات وهيئات معينة، الأمر الذي يجعل منهم مجرد تجّار (شنطة) لا أكثر ولا أقل».

وأشار إلى أن الصحافة السعودية تعيش حاليا مرحلة ما يسمى بـ«الطفرة» المتمثلة في البحث عن وجود صحافيين مؤهلين تقوم المنشأة الصحافية بتدريبهم والانتقال بهم إلى مرحلة الإعلام المستقل، غير أنه ثمة فوضوية داخل بعض الصحافيين أو من ينتمون إلى الصحافة بشكل أو بآخر.

وبيّن أنه من غير الممكن اعتبار مثل هذه الفئة صحافيين، ولا سيما أن مسؤوليتهم تقع على الماديات والمنافع الذاتية فقط، إضافة إلى أنهم لا يملكون رسالة سوى الكسب المادي، ولكنه استدرك قائلا: «قد يريد بعضهم تحسين دخله الشهري، إلا أنه من الضروري اللجوء إلى الطرق الصحيحة».

واستشهد على ذلك بقوله: «قد يكون هناك صحافي متعاون في صحيفة معينة، ومعد لبرنامج أسبوعي في إحدى القنوات، فإنه ليس في ذلك أي إشكالية، خصوصا أن كلتا المهنتين تضيف له علاقات ومصادر إعلامية مختلفة».

وذكر أنه في بعض الأحيان قد تسمح المنشأة الصحافية لأحد منسوبيها بالعمل كمستشار لأحد البرامج التلفزيونية، غير أن ذلك يتم بالاتفاق مع مجلس الإدارة والاستئذان من كافة الأطراف المعنية، مشددا على ضرورة تحلّي الإعلامي بالصدق مع المنشأة التي يعمل فيها.

وفيما يتعلق بكيفية التعامل مع مثل هذه النوعيات من الفئة التي اعتبرها الكثيرون دخيلة على المجال الإعلامي، أفاد جميل الذيابي بأنه يخيّرهم بين البقاء في الصحيفة أو الرحيل غير مأسوف عليهم إلى الأمكنة المتعددة التي يعملون فيها.

وزاد: «هناك من يفكر في كيفية بيع البيان الصحافي ونشره في الصحيفة التي يعمل فيها للتكسب من خلفه، عدا عن وجود مؤسسات وجهات معينة تدفع لبعض الصحافيين مبالغ مالية بطرق غير مشروعة من أجل تلميع صورتها من الناحية الإعلامية»، مؤكدا أنه بين المؤسسة الصحافية والصحافي المتفرغ براتب أو مكافأة ثابتة عقد عمل يعد شريعة المتعاقدين، والذي يلزم بدوره كافة الأطراف بما هو مطلوب منهم.

وطالب رئيس التحرير المساعد لصحيفة «الحياة» في السعودية المؤسسات الإعلامية والجهات المعنية بضرورة العمل معا في سبيل تنزيه الصحافة وتنقيتها ممن لا يعمل وفق مهنة الإعلام ورسالتها بالشكل الصحيح.

عبد العزيز أنديجاني، مساعد مدير وكالة الأنباء السعودية (واس) في منطقة مكة المكرمة، والذي يعمل مستشارا إعلاميا غير متفرغ مع أكثر من جهة، يؤكد على وجود فرق بين ما يقوم به وبين من يتقاضون مبالغ مادية مقابل نشر خبر لأي جهة حكومية كانت أم خاصة.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ما أقوم به هو وضع خطط إعلامية للجهة بصرف النظر عن نشر أخبارها، بحيث أمنحها خطة إعلامية أبرز من خلالها ما تريد الجهة نشره»، موضحا أن عمله لا يقتصر على الجهات فقط، وإنما يمتد حتى للأفراد من أطباء أو مسؤولين في الشركات وغيرهم.

وعلى الرغم من وجود إدارات متخصصة للعلاقات العامة في كافة الجهات الحكومية والخاصة، فإنه يصف هذه الإدارات بـ«الفاشلة»، خصوصا أن من يعمل فيها يتقاضى راتبا نهاية كل شهر، مما يجعله لا يهتم بجودة العمل الذي يقدمه للإعلام، مشيرا إلى أنه يقوم بوضع خطط إعلامية لتلك الجهات كونه مستشارا إعلاميا غير متفرغ - بحسب قوله -.

واستطرد في القول: «لا يمكن تمرير أي خبر لصحيفة معينة إلا إذا كان يحوي مادة موضوعية بعيدة عن الترويج الإعلاني حتى وإن كان الخبر مرتبطا بقطاع خاص، وهو ما أقوم به بحيث أعتمد على منفذ آخر أمرر من خلاله الخبر لوسائل الإعلام، والمتمثل في إبراز بعض الإبداعات للأفراد العاملين لدى الشركة المراد نشر أخبارها، وذلك ضمن مادة صحافية غنية».

وذكر أن بعض الصحافيين يتعاملون مع الأفراد أنفسهم، بحيث يقومون بتنظيم مؤتمرات مقابل مبالغ مادية يحصلون عليها، في ظل أن ثلاثة أرباع أخبار العلاقات العامة في المنشآت الحكومية تكون عن طريق شركات علاقات عامة توقع معها عقودا كبيرة جدا لترويج أخبارها إلى وسائل الإعلامية.

واستشهد على ذلك بإحدى الجامعات السعودية التي فشلت في خططها الإعلامية لتتعاقد فيما بعد مع شركة متخصصة في العلاقات العامة بقيمة 5 ملايين ريال بهدف تمرير أخبارها إلى الصحف، مضيفا: «باعتبار أن الصحافيين لا يمكنهم الاعتماد على شركة خاصة في نشر معلومات حول منشأة حكومية فإن الشركة باتت ترسل الخبر إلى إدارة الجامعة والتي تقوم بتوزيعه على الصحف».

وحول ما إذا كانت مثل هذه السلوكيات الصادرة من بعض الصحافيين تسيء إلى مهنة الصحافة والإعلام بشكل عام، أجاب مساعد مدير وكالة الأنباء السعودية (واس) في منطقة مكة المكرمة بالقول: «أعطِ الصحافي ما يكفيه من دخل مادي في الصحيفة التي يعمل فيها، ولن يلجأ إلى الطرق المنافية لأخلاقيات المهنة، ولا سيما أن هناك صحافيين يتقاضون رواتب متدنية جدا لا تصل حتى إلى حد رواتب عمّال النظافة في المنشأة الصحافية» - بحسب قوله -.

في حين أكد محمد التونسي رئيس تحرير صحيفة «عكاظ» السعودية، على أن ظاهرة المتاجرة باسم الصحافة تتعارض تماما مع أخلاقيات المهنة، وتنافي الفقرة السادسة من المادة الـ80 في نظام العمل السعودي التي تنص على مسألة الشرف والأمانة.

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «إن ذلك أمر مرفوض ولا يمكن أن يبقى هؤلاء الصحافيون في مهنتهم بحسب ما ينص عليه النظام، إلا أنه في الوقت نفسه من الضروري إيجاد دعم للوائح المؤسسات الصحافية من الداخل بحيث يتم وضع محددات إجرائية واضحة لمثل هذه الحالات»، مشددا على أهمية عدم التساهل في ذلك الأمر.

وأبان بوجود خلل في تطبيق الأنظمة، ولا سيما أن ظاهرة الصحافيين التجار تعتبر عضوا غريبا ومريضا في جسد الجهاز التحريري، مشيرا إلى أنها تصنف كخيانة للأمانة والمهنة باعتبارها مسألة أخلاقية من الدرجة الأولى، والتي تصيب الشخص الذي لا يتمتع بالحد الأدنى من أخلاقيات مهنة الصحافة، الأمر الذي يجعله لا يستحق البقاء فيها.

ورغم أن ذريعة الكثير ممن ينتمون إلى تلك الفئة تتمثل في انخفاض أجورهم كصحافيين متعاونين كانوا أم متفرغين، فإن رئيس تحرير صحيفة «عكاظ» يرفض تلك الأعذار جملة وتفصيلا، قائلا: «ليس أمام من يقدم على مثل هذه التصرفات أي مبرر، وبمجرد التفكير في القيام بها يسحب منه الحق لأن يكون صحافيا»، لافتا إلى أن الإجراء المتبع مع مثل هؤلاء الصحافيين هو الفصل نهائيا من وظائفهم. ولعل أكثر الذين يتعاملون مع الصحافيين التجار هم مسؤولو العلاقات العامة في القطاعات الحكومية والخاصة على حد سواء، حيث أفاد مسؤول قسم الإعلام في إحدى الجهات الحكومية السعودية بأنه يواجه الكثير منهم بين الحين والآخر. وقال المسؤول الذي فضّل عدم ذكر اسمه خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «عرض علي أحد الصحافيين تغطية كافة أخبار وفعاليات المنشأة التي أعمل فيها لمدة عام كامل مقابل مبلغ مادي يتراوح ما بين 20 و25 ألف ريال، غير أنني رفضت تماما التعامل معه».

وبيّن أنه في بعض الأحيان قد يساعد هؤلاء الصحافيين في الاستفادة من الخدمات التي تقدمها منشأته الحكومية، إلا أنه في الوقت نفسه يرفض تماما إعطاءهم مبالغ مادية بطرق غير مشروعة، مؤكدا على أن الإعلام بشكل عام يعتبر رسالة سامية توجب على كافة شرائح المجتمع احترامها.

وأضاف: «يجب على الصحافي تأدية عمله بكل إخلاص، حيث إنه حينما يجعل مهنته تصب في إطار مصلحته الشخصية فإنه بذلك يسيء كثيرا إلى الصحافة»، مستدركا بالقول: «عادة ما أفترض حسن النيّة تجاه كافة الصحافيين، ولا سيما أن مثل هذه الأخطاء تعد فردية ولا تمثل الصحف بالكامل».

وذكر أن منشأته لا تتلهف لنشر أخبارها في الصحف كونها حكومية وليست قطاعا خاصا، غير أنها قد تهتم بطريقة نشر المادة الصحافية المتعلقة بها إذا ما كانت في أمر من شأنه أن يسبب لها أي حرج مع جهات أخرى، مشددا في ذات الوقت على ضرورة اهتمام الصحافي بعكس صورة حسنة للجهة الإعلامية المنتسب إليها.

بينما يرى أحمد الحسني مدير العلاقات العامة في إحدى شركات القطاع الخاص أن ربط مهنة الصحافة بالتجارة فيه تقليل من قيمتها كسلطة رابعة، إلا أنه في الوقت نفسه فإن الإعلام مثله مثل أي مجال عمل كونه واسعا وكبيرا، عدا عن التوسع والتنوع الذي بات يشهده هذا المجال.

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «كنا نواجه صعوبة في التعامل مع الجيل الأول من الصحافيين، خصوصا أنهم كانوا يبتعدون تماما عن الأخبار الإعلانية ويدققون فيها حول ما إذا كانت الجهة صاحبة الخبر معلنة في الصحف التي يعملون فيها أم لا». وأبان بأن توسع العملية الفضائية أسهم في إخراج جيل جديد من الصحافيين، والذين يملكون رؤية تمكّنهم من الكتابة بموضوعية حتى وإن كانت المادة الصحافية تجارية، إلا أنهم يستطيعون التطرق إليها بطريقة ترضي مبادئهم ولا تقلل من قيمة المنشأة الصحافية التابعين لها.

وزاد: «من الطبيعي أن يضم المجال الإعلامي النزيهين والاستغلاليين، إلا أنه من الصعب الحكم مجملا على الصحافيين، غير أنني شخصيا لم أواجه من يساومني على نشر الأخبار ولكنني سمعت بوجود مثل هؤلاء».

وأشار إلى أن معظم مسؤولي العلاقات العامة يبحثون عن الصحافي الكفء الذي يساعدهم في خدمة عملائهم عن طريق نشر مواد صحافية تتناسب مع سياسة الصحيفة التي يعمل فيها، وهو ما يجعلهم يرتاحون من تقديم مبالغ مادية مقابل تمرير أخبار عملائهم لوسائل الإعلام.

وشدد أحمد الحسني على ضرورة التعامل مع الصحافيين وكافة العاملين في المجال الإعلامي بذكاء اجتماعي، والابتعاد عن المعاملة التقليدية التي لا تعتمد على توسيع المدارك ومعرفة طبيعة المنشآت الصحافية وسياستها الداخلية.

من جهته، حمّل بشار خربط مدير فرع «شركة أصداء للعلاقات العامة» في جدة، أقسام العلاقات العامة في القطاعين الخاص والحكومي، والمؤسسات الإعلامية مسؤولية ظهور من يسمّون بـ«الصحافيين التجّار».

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «إن بعض المؤسسات الصحافية هي من تتيح الفرصة للمتسلقين بانتهاز مسمى (إعلامي) واستخدامه لغايات أخرى بعيدة عن العمل الصحافي الحر، إضافة إلى أن دوائر العلاقات العامة في القطاعات الخاصة والحكومية أصبحت تعمل على توظيف أي شخص، مما ينتج عن ذلك أشخاصا غير مؤهلين وبالتالي يجهلون معرفة القناة المناسبة للتواصل بها مع قطاع الإعلام».

وأكد أنه يرفض تماما التعامل مع أي صحافي ينتهج أسلوب الحصول على مقابل لنشر ما تمرره الشركة من أخبار ومواد صحافية، لافتا إلى أنه واجه الكثير من هذه العروض والتي عادة ما تصدر من أفراد في أقسام التسويق أو الإخراج والإعداد ويدّعون بأنهم إعلاميون.

وأضاف: «هناك إعلاميون بالمفهوم الأكاديمي وآخرون ممن ينتهجون النهج العملي، والذين يؤدون عملهم بحسب توصيات إداراتهم التحريرية، عدا عن إعلاميي المناسبات الذين ينصب نشاطهم على المناسبات الصحافية، غير أن هناك من يستقطب الإعلانات للصحف ويقدّم نفسه لقطاع الإعمال بصورة إعلامي».

وأوضح أن المهم في ذلك كله هو كيفية القدرة على التعامل في هذا المجال مع كل نوع من هذه الأنواع، وإذا ما كان الشخص إعلاميا حقيقيا أم مدعيا، الأمر الذي يحدد ملامح الشخصية ومن ثم تحديد طريقة التعامل معها، مشددا على ضرورة عمل العلاقات العامة وفق الإطار المؤسساتي وليس الشخصي.

وزاد: «ينبغي بناء علاقة شركات العلاقات العامة مع الإعلام من منظور مؤسساتي بشكل يسّهل المهمات الأخرى، وذلك وفق إطار الاحترام بين الشركة وكافة العاملين في أي صحيفة، عدا عن أن ذلك سيدع أمام مسؤولي العلاقات العامة فرصة التخاطب مع إدارة المنشأة الصحافية في حال صدور أي تصرف غير لائق من أحد الصحافيين التابعين لها».

وبيّن مدير فرع «شركة أصداء للعلاقات العامة» في جدة وجود مشكلة تواجهها بعض إدارات العلاقات العامة في الجهات الحكومية والخاصة والمتضمنة «شخصنة» العلاقة بينها وبين المنشآت الصحافية وليس «مأسستها»، مكررا رفضه التام التعامل مع من وصفهم بـ«المرتزقة» والذين يعملون تحت شعار «الغاية تبرر الوسيلة»، وهو ما يدفع بهم إلى طلب مبالغ مادية أو أي مقابل أمام نشره لمادة صحافية تتعلق بجهة معينة.

ولكنه استدرك بالقول: «إن الحدث الإعلامي في أي جهة هو من يفرض نفسه بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى، فحينما تكون هناك فعالية حقيقية متكاملة العناصر، فإنه من المؤكد أن جميع الصحف ستحرص على تغطيتها، إلا أن الكثير من رؤساء تحرير الصحف يعملون على إبعاد الصحافي عن التعامل مع شركات العلاقات العامة».

وجرت العادة في معظم الفعاليات والمناسبات الإعلامية التي تنظمها شركات العلاقات العامة أن يتم توزيع مجموعة من الهدايا على الإعلاميين الحضور، وهو ما يراه البعض محاولة لإرضائهم مقابل نشرهم لأخبار تلك الفعاليات في الصحف التي يعملون فيها.

الكثير من مسؤولي العلاقات العامة أرجعوا سبب توزيع الهدايا إلى تقديرهم لحضور الإعلاميين وعملهم وليس مبررا لنشر الخبر أو عدمه، في حين يرى آخرون بأن هناك من ينظر إليها بحرج، غير أنها ليست عنصرا أساسيا في عملية بناء العلاقة بين شركات العلاقات العامة ووسائل الإعلام.

وهنا، علّق محمد التونسي قائلا: «من يقبل هذه الهدايا فإنه لا تتوافر فيه شروط المهنة، خصوصا أن العمل الصحافي يعد مجالا معلوماتيا خطيرا، وهو ما يجعل المسألة الأخلاقية في مقدمة مبادئه». وطالب رئيس تحرير صحيفة «عكاظ» السعودية بضرورة ضغط المؤسسات الصحافية على منسوبيها في سبيل بث القيم الإيجابية والأخلاقية من القيادة وحتى أصغر محرر فيها، بحيث تكون مسألة مرفوضة وواضحة المعالم من حيث تطبيق الأنظمة، إلى جانب دعم لوائح المؤسسات الصحافية فيما يتعلق بأخلاقيات المهنة.