تحقيق مع وحدة تسويق تابعة لـ«نيوز كورب»

أوراق قانونية تزعم أن المجموعة انتهكت قواعد الكسب غير المشروع

اتهامات لوحدة تسويق تابعة لـ«نيوز كورب» بانتهاك قواعد الكسب غير المشروع («نيويورك تايمز»)
TT

جاءت وحدة تابعة لـ«نيوز كورب»، استخدمت دروسا تعلمتها من أفلام العصابات لتحفيز موظفين والقضاء على منافسين، كآخر ذراع تتبع إمبراطورية مردوخ الإعلامية يشملها تحقيق حول مزاعم بالقيام بقرصنة وتقديم رشاوى.

ووفق ما أفاد به شخص على اطلاع بالأمر فقد طلب محققون فيدراليون من «نيوز كورب» وثائق تتعلق بمجموعة التسويق التابعة لها «نيوز أميركا»، التي تضع إعلانات داخل محلات سوبر ماركت ومحلات تجارة التجزئة بمختلف أنحاء العالم، علما بأن «نيوز كورب» محل تحقيقات داخل الولايات المتحدة وبريطانيا لها علاقة بتقديم صحف بريطانية تابعة لها مدفوعات لعناصر من الشرطة والاطلاع بصورة غير قانونية على رسائل بريد صوتي، بحسب «بلومبرغ نيوز».

وقد طلبت الحكومة الشهر الماضي من محام في «وليامز آند كونلي» وثائق من محاكمة تعود لعام 2009 بين «نيوز أميركا» وشركة الإعلانات «فلورغرافيكس إنك»، بنيوجرسي، وذلك بحسب ما ذكره المصدر الذي رفض ذكر اسمه لأن الطلب سري.

وقامت «نيوز كورب»، التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، في يوليو (تموز) بتعيين برندان سوليفان، وهو محام متخصص في الدفاع الجنائي بشركة القانون الكائنة في واشنطن، وسط مزاعم تتعلق بقرصنة غير قانونية في صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» التي وقف إصدارها.

وإلى جانب طلب الحصول على ملفات معينة، طلب مدعون هذا الشهر مقابلة محامين لروبرت إيمل، وهو موظف سابق في «نيوز أميركا» زعم في أوراق قانونية أن هذه المجموعة انتهكت قواعد الكسب غير المشروع.

وقد تطرق التحقيق الموسع من جانب محققين فيدراليين حول تصرفات خاطئة محتملة داخل «نيوز أوف ذي وورلد»، التي تمثل 1 في المائة فقط من العائد السنوي لـ«نيوز كورب»، إلى كيان تابع آخر يدر أربعة أضعاف هذا المبلغ، ونحو 12 في المائة من أرباح الشركة الأم للسنة المالية 2011.

وزعم منافسون في أوراق المحكمة أن هذه الوحدة توسعت من خلال مخالفة قوانين مكافحة الاحتكار، وفي إحدى الحالات، قامت بقرصنة كومبيوترية. وأظهرت أدلة مقدمة في إحدى المحاكمات أن الرئيس التنفيذي بـ«نيوز أميركا»، وهو أيضا ناشر لـ«نيويورك بوست»، استخدم أفلاما مثل «برونكس تيل» و«المنبوذين» لتعليم الموظفين كيفية زرع الخوف في العملاء المحتملين. ويقول ميلاني سلوان، المدير التنفيذي لـ«مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاق» في واشنطن، وهي مجموعة رقابية حكومية «يوجد نمط لسلوك مناهض للمنافسة من جانب نيوز كورب». ويضيف «لقد رأينا ذلك في بريطانيا، ورأينا ذلك في أميركا». ورفضت سوزان هالبين، وهي متحدثة باسم «نيوز أميركا» التعليق على الطلب الأميركي للحصول على معلومات. وتضع «نيوز أميركا» إعلانات داخل المتاجر ودعاية على الأرفف لشركات تسويق بضائع مثل «آتش جاي هينز كوب» و«ذي كوكر أوتس كوب» في 55.000 محل تجزئة وتوزع إعلانا في 16000 صحيفة تصدر يوم الأحد. وتحت إدارة المسؤول التنفيذي الأول بول كارلوتشي، الذي عينه رئيس «نيوز كورب» مردوخ مسؤولا عن «نيوز أميركا» في عام 1997، ازدهر عمل هذه الوحدة. وبحلول 2004، كانت «نيوز أميركا» تمثل 390 مليون دولار من 450 مليون دولار أنفقت على حملات دعائية داخل المتاجر في الولايات المتحدة، وفقا لما جاء في مزاعم بإحدى القضايا. وحققت «نيوز أميركا» قرابة 1.2 مليار دولار، أو نحو 3.7 في المائة، من عوائد الشركة الأم التي تصل إلى 32.8 مليار دولار في العام المالي 2010، وهو آخر الأعوام الذي تتوافر البيانات الخاصة به. وفي شهادة تعود لعام 2008، قال كارلوتشي إن هامش أرباح شعبته بلغ نحو 33 في المائة. ويرجع منافسون نجاح «نيوز أميركا» إلى ما يزعمون داخل أوراق قانونية أنه سلوك غير قانوني.

وقد رفع ستة منافسين دعاوى قضائية ضد الوحدة، التي تتخذ من مدينة ويلتون بولاية كونيتيكت مقرا لها، منذ عام 1997 في دعاوى انتهت بحكمي هيئة محلفين متناقضين ومدفوعات تسوية تبلغ 650 مليون دولار. وقد هددت الشركة منافسين وكذبت على عملاء لها وقدمت مدفوعات بصورة غير سليمة إلى سلسلة متاجر للحفاظ على النشاط، بحسب ما جاء في الدعاوى القضائية. وقد وجهت اتهامات متكررة لـ«نيوز أميركا» بتكوين «صلات» غير قانونية أو الضغط على معلنين يريدون فقط برامج إعلانية داخل المتاجر من أجل استعمالها في الكوبونات الإعلانية داخل الصحف، وفقا لما جاء في سجلات المحكمة. ويقول جوليان سولوتوروفسكي، وهو محام لدى شركة التسويق «إنسيغنيا سيستمز إنك» داخل مينابوليس التي وضعت ملصقات دعائية على أرفف المتاجر، لهيئة محلفين في بداية محكمة خلال فبراير (شباط) «نيوز في طريقها لأن تكون الشركة الأكبر - إنها تريد أن تكون الشركة الوحيدة التي يمكنها وضع ملصقات دعائية داخل المتاجر». وتقول هالبين، المتحدثة باسم «نيوز أميركا» إن الدعاوى القضائية تعكس «خلافات في العمل» وحسب. وقد تراجع سعر أسهم «نيوز كورب» بنحو قرابة 10 في المائة منذ انتشار خبر في الرابع من يوليو (تموز) عن أن موظفي «نيوز أوف ذي وورلد»، التي أغلقت حاليا، قاموا بالقرصنة على البريد الصوتي لمواطنين وقدموا مدفوعات إلى رجال شرطة من أجل نصائح خاصة ببعض القصص واستخدموا القدرة على الاطلاع على معلومات شخصية من أجل ترويع السياسيين.

وإلى جانب ثلاثة تحقيقات أجرتها الشرطة البريطانية وتحقيق قام به البرلمان، بدأ مدعون فيدراليون هذا الصيف التحقيق بشأن ما إذا كان موظفون في الوحدة الصحافية البريطانية قاموا بالقرصنة على البريد الصوتي لضحايا الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر (أيلول) 2011. ولم يكشف المدعون حتى الآن عن أي أدلة تدعم هذا الزعم، بحسب ما أفاد به شخص على اطلاع بالأمر.

كما يقوم محققون فيدراليون بدراسة ما إذا كان موظفون بـ«نيوز أوف ذي وورلد» دفعوا رشاوى إلى مسؤولين بريطانيين بما يمثل انتهاكا لقانون مكافحة الفساد الفيدرالي، بحسب ما ذكره مصدر على اطلاع بخطاب أرسله محققون إلى الشركة.

وذكر مصدر على اطلاع بطلب الوثائق الأخيرة أن قضية «فلورغرافيكس» التي أثارت اهتمام محققين فيدراليين بدأت في عام 2004 عندما قامت الشركة بمقاضاة «نيوز أميركا»، قائلة إن منافستها كانت تسعى إلى إخراجها من سوق العمل. وفي محاكمة 2009، قال جورج ريبه، المؤسس المشارك لـ« فلورغرافيكس» التي تضع إعلانات على أرضيات المحلات التجارية، إن كارلوتشي هدده في عام 1999 بعد أن رفض بيع شركته إلى «نيوز أميركا». وقد أنكر كارلوتشي هذا الزعم. وتزعم «فلورغرافيكس» أنه منذ ذلك الحين قدمت «نيوز أميركا» مدفوعات غير مناسبة من أجل الحصول على عمل خاص بتجار تجزئة ونشرت معلومات خاطئة عن نجاح «فلورغرافيكس» في وضع إعلانات وشوهت بعضا من إعلاناتها على الأرض، بحسب ما جاء في الشهادة خلال المحاكمة. وبحلول 2009، كان عدد الموظفين في «فلورغرافيكس»، التي تتخذ حاليا مقرا لها في هاميلتون بولاية نيوجرسي، تراجع من 85 موظفا إلى أقل من 25 موظفا. ويقول هالبين «لم تقم (نيوز أميركا) يوما بـ(تشويه) منتجات (فلورغرافيكس)». ووصفت هذه المزاعم بأنها «كاذبة».

واعترف محام في «نيوز أميركا» أمام المحلفين في هذه القضية أن «شخصا ما» استخدم جهاز كومبيوتر خاصا بالشركة ليقوم بالقرصنة على مواقع عملاء لـ«فلورغرافيكس» محمية بكلمات سر. وقدم محامون من «فلورغرافيكس» أدلة على أن شخصا أو أكثر يستخدمون نظام الكومبيوتر بـ«نيوز أميركا» قاموا بالقرصنة على الموقع الإليكتروني للشركة المنافسة 11 مرة مختلفة على مدار فترة أربعة أشهر.

وتم تسوية القضية بعد مرور ستة أيام على المحاكمة عندما وافقت «نيوز أميركا» على شراء أصول «فلورغرافيكس» مقابل 29.5 مليون دولار. وفي ذلك العام أيضا عانت «نيوز أميركا» من أكبر هزيمة قانونية لها في محاكمة ضد «فالاسيس للاتصالات»، وهي شركة تسويق مقرها ليفونيا بولاية ميتشغان، كانت تنافس من أجل بيع كوبونات إعلانية في صحف الأحد. وبعد أن أمرت هيئة محلفين داخل ديترويت «نيوز أميركا» بدفع 300 مليون دولار، قامت الشركتان بتسوية ذلك وهناك قضيتان أخريان مقابل إجمالي 500 مليون دولار.

وفي محاكمة «فالاسيس» قال شهود إن «نيوز أميركا» استفادت من شبه احتكارها للحملات الترويجية داخل المحلات لتبعد منافستها عن الإعلانات المرفقة داخل الصحف.

وباستراتيجية يطلق عليها «مشروع استباقي» أعطت وحدة «نيوز كورب» لأصحاب الإعلانات أسعارا مخفضة لحملات تجارية تضمنت إعلانات على الأرفف داخل المتاجر وكوبونات إعلانية في الصحف. وقد كانت الأسعار أعلى كثيرا بالنسبة لشركات الإعلانات التي ترغب فقط في إعلانات على الأرفف داخل المتاجر.

وقالت دبرا لوسيدي، موظفة المشتريات السابقة بـ«سارا لي كورب»، لمحلفين إن شركتها «داونرز غروف»، التي تتخذ من ألينوي مقرا، أرادت أن تفصل الدعاية بالكوبونات الإعلانية، وأن تكون الكوبونات الإعلانية مع «فالاسيس» مع الإعلانات داخل المتاجر مع «نيوز أميركا».

وقال إنه في البداية رفضت «نيوز أميركا» تقسيم عرضها. وعندما أعطتها الشركة في النهاية سعرا مقابل الحملة الترويجية داخل المتاجر وحدها، قالت لوسيدي إنها صدمت من ارتفاع الأسعار. وقالت إن «نيوز أميركا» بدت «تجبر» شركتها في محاولة لدفعها إلى عدم الدخول في أي عمل مع «فالاسيس».

وقالت هالبين إن «المشروع الاستباقي» نجح في توفير تكاليف للعملاء. وتنافس «بلومبرغ إل بي»، وهي الشركة الأم لـ«بلومبرغ نيوز» مع وحدات «نيوز كورب» في تقديم معلومات وأخبار مالية.

وفي فبراير (شباط) مر يوم من محاكمة داخل مينابوليس قبل أن توافق «نيوز أميركا» على دفع 125 مليون دولار لتسوية صراعها مع «إنسيغنيا». وزعمت «إنسيغنيا» أن «نيوز كورب» كذبت على مصنعين بشأن نشاطها ودفعت إلى تجار تجزئة لمقاطعة الشركة وأزالت علامات «إنسيغينا» من متاجر وجمعت بين حملات كوبونات إعلانية وحملات ترويج داخل المتاجر لإجبار «إنسيغينا» على الخروج من السوق. وتقول هالبين إن هيئة المحلفين لم تجد أي مسؤولية على الشركة.