«إسلام شانيل» أول محطة تلفزيونية تبث بالإنجليزية من قلب أوروبا

مديرها العام لـ «الشرق الأوسط»: نحن صوت من لا صوت له.. ونبث على 8 أقمار صناعية إلى القارات الخمس

مجموعة من العاملات بـ«إسلام شانيل» أمام لوغو المحطة
TT

تعد قناة «إسلام شانيل» أول محطة تلفزيونية إسلامية تبث بالأقمار الصناعية باللغة الإنجليزية من قلب لندن، ويقول القائمون على القناة إن هدفها هو «أن تكون المصباح الهادي للإعلام الإسلامي المستنير»، وقد أشير عام 2008 إلى بحث أجرته الحكومة البريطانية أوضح أن 59 في المائة من مسلمي بريطانيا يشاهدون هذه القناة. وتبث القناة التي تحمل دعوتها مفهوم «المنهج الوسطي» للإسلام في أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا كما يتم بثها مباشرة على شبكة الإنترنت والكابل إلى القارات الخمس. وفي قلب لندن يقع المقر الرئيسي للمحطة في دورين من مبنى حديث الطراز، وفي الداخل تجد شبابا من الجنسين أغلبهم من أصول آسيوية كأنهم ينطلقون من الآية الكريمة: «إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى».

وتقدم برامج المحطة روايات بليغة وعاطفية عن المسلمين وفتوحاتهم وتاريخهم وهي تعد الصوت البارز الحاسم للجاليات المسلمة في جميع أنحاء العالم، وشعارها في كل مكان: «نحن صوت من لا صوت له». يقول محمد علي حراث وهو إسلامي تونسي، المدير العام لمحطة «إسلام شانيل» إن هدفنا نشر الاعتقاد الصحيح عن منهاج الكتاب والسنة المحمدية، وقال «إن نجاحنا في الإعلام هو الذي يضمر القلوب ضدنا». وأضاف في لقائه مع «الشرق الأوسط» أنه بحسب الإحصائيات الحكومية، فإن 60 في المائة من مسلمي بريطانيا يتابعون برامج القناة. وقال: إن وزارات الداخلية والخارجية والشؤون الاجتماعية البريطانية تعتبر القناة من أهم وسائل التأثير على مسلمي بريطانيا. وأوضح أن برامجنا الوثائقية يتابعها المسلمون وغيرهم في أوروبا ومنها برامج عن الانتخابات البرلمانية ومجريات الساعة، ومنذ انطلاقها عام 2004، أصبحت «إسلام شانيل» نموذجا للتلفزيون العملي الذي يكمل التعريف الجيد للبرامج. وأدى النهج الذي تتبناه محطة «إسلام شانيل» والذي يهدف إلى نشر رسالة القرآن الكريم إلى اعتناق الكثير من المشاهدين للإسلام. وتهدف قناة «إسلام شانيل» للوصول إلى المسلمين وغير المسلمين. وقد قامت مؤخرا بتوصيل الإسلام على حقيقته إلى غير المسلمين الذين يتطلعون إلى المعرفة أيضا. وقال: «الإسلام الذي نقدمه هو المنهج الوسطي لجماعة أهل السنة والجماعة، والذي يؤمن به عموم المسلمين في كل مكان».

ونفى الحارث ظهور أصوليين على شاشة القناة، وتحدث عن جماعات ضغط تريد إسكات صوت القناة.

ويعيش في بريطانيا نحو 1.7 مليون مسلم أي ما يوازي 2.7 في المائة من السكان. وقال حراث لـ«الشرق الأوسط»: «الإسلام الذي نقدمه هو المنهج الوسطي لجماعة أهل السنة والجماعة، والذي يؤمن به عموم المسلمين في كل مكان».

وتحدث عن جماعات ضغط تريد إسكات صوت القناة، «منها اللوبي الصهيوني الذي كسبناه في المحاكم القضائية بسبب مزاعمه التي سقطت في أروقة المحاكم وشهد معنا ضده عدد من الساسة البريطانيين الموجودين في الحكم حاليا»، وقال: «من إنجازاتنا مؤتمر سنوي عن الإسلام يعقد في قاعة معارض إكسيل كل عام، وفيه نعرض أجزاء من كسوة الكعبة المشرفة ومجسمات للحرمين، وفي آخر مؤتمر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي زارنا 6 من وزراء الحزب الحاكم». وأوضح حراث: «نحن نكمل ما هو ليس موجودا في المحطات الأخرى، أي أننا نقدم الإعلام البديل للوصول إلى المسلمين وغير المسلمين وفي الذكرى الأولى لتأسيس القناة في سبتمبر (أيلول) 2005، كنا بصدد إقامة حفل للقناة الوليدة، ولكن قدر الله وما شاء فعل، بعد ما حدث من هجمات لندن الإرهابية، 7 يوليو (تموز)، حيث قلبت الموجة ضد المسلمين في بريطانيا، وكادت تأتي على كل ما حققه المسلمون من إنجازات في هذه البلاد، عندما أعلن توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق: (أن قواعد اللعبة قد تغيرت)، وبدا حينا النظر في إغلاق القناة وسحب رخصتها، بضغوط من اللوبي الصهيوني الذي قدم ملفا عن أنشطة القناة، واتهمنا بمزاعم معاداة السامية وزرع الأفكار الوهابية وما إلى ذلك، ولكن بعد 18 شهرا من التحقيقات، جاءت تبرئتنا التامة من قبل (الأوفكوم) المعنية بالإشراف على مجالات السمع البصري والاتصالات، من كافة المزاعم الصهيونية، وأقمنا نهاية 2005، مؤتمر الوحدة والسلام الأول وهو مهرجان خطابي وإنشادي ومعرض وسوق ضخم، جلب إلينا الانتباه من كافة القوى السياسية». وبالنسبة لمشاركة القناة في هموم المسلمين حول العالم. قال حراث: «عندما اندلعت أحداث الكارتون المسيئة إلى النبي الكريم شاركنا في كل الفعاليات والنشاطات من بريطانيا والدنمارك، ولأول مرة كان البث مباشرا من ساحة الطرف الأغر بوسط لندن للخطابات المؤيدة للإسلام والمسلمين، ثم انتقلنا بعد ذلك إلى كوبنهاغن، وأقمنا هناك مؤتمر الإسلاموفوبيا الأول، وكان ردا على الرسوم المسيئة للنبي الكريم، وشارك فيه شخصيات مهمة من العالم الإسلامي، من السعودية عبد الله المصلح ومحمد العريفي، وشارك فيه من العالم الغربي بعض البرلمانين والأكاديميين، وبعض الساسة الأوروبيين، ورئيس وزراء أستراليا الأسبق بوب هوك، وتكرر المؤتمر بصفة سنوية حتى العام الماضي 2010، في قاعات إكسيل لمدة يومين، وفي المؤتمر السنوي كانت فرصة لغير المعتنقين للدين الحنيف لدخول الإسلام، وبعضهم كان قد جاء فقط لمشاهدة الحياة الإسلامية، وفي المؤتمر الأخير العام الماضي شارك نحو مائة ألف شخص ولم تكسر زجاجة واحدة، ونعم المشاركون بالأمن والسلام، ومحاضرات عن الدين الحنيف في الفقه والشريعة واندماج المسلمين في المجتمعات التي يعيشون فيها».

ومحمد علي حراث من عائلة محافظة من تونس العاصمة، تعلم في المدارس الحكومية ثم تتلمذ على يد مشايخ جامع الزيتونة، في منازلهم، لأن التعليم الديني كان قد منع من تونس إبان ذلك، لأن أول قرار أصدره بورقيبة بعد الاستقلال هو إنهاء التعليم الديني بجامع الزيتونة. ويقول حراث «تتلمذت على يد الشيخ محمد الصالح النيفر، أكبر فقهاء المالكية، وتعلمت الفقه والشريعة وحفظت القرآن والمنهج الوسطي للإسلام، في منزل الشيخ النيفر من السبعينات حتى بداية الثمانينات، وسافرت بعد ذلك إلى إيران عام 1985، لتعلم مناهج الإسلام في حوزة علمية تدرس المذاهب الإسلامية، وفصلت منها بعد ذلك، لأنني اكتشف أن القائمين على الحوزة العلمية لديهم جرأة شديدة على الصحابة وأمهات المؤمنين، مما كون لدي صدمة فكرية وحضارية ونفسية شديدة»، وهو الذي تربى في الشمال الأفريقي على احترام وتبجيل الصحابة، رضوان الله عليهم، وعندها قرر القيام بنشاط مع بعض الشباب العربي والإيراني المؤمن بالمذهب السني في طهران وقم، على أثر تحول أحد علماء الشيعة آية الله البرقعي الذي تحول إلى المذهب السني وكتب عدة كتب، «واتصلنا بمؤيديه مما أدى إلى فصلنا من الحوزة العلمية، وإجبارنا إلى العودة إلى تونس، وبعد العودة أسسنا ما يعرف اليوم باسم (الجبهة الإسلامية) في تونس عام 1986، وتحولت اليوم بعد الثورة إلى (جبهة العمل والإسلام) لتتماشى مع قانون الانتخابات الجديد، لكن لم يرخص لها، لتدخل في الانتخابات الجديدة، والقضية الآن أمام المحكمة الإدارية».

وعن «إسلام شانيل» يقول مديرها العام، نبث اليوم على ثمانية أقمار صناعية حول العالم، وشركات الكابل، ومشاهدونا يتابعوننا في كل من أوروبا وآسيا وأفريقيا، والشرق الأوسط، وفي بريطانيا هناك اليوم نحو 800 قناة مرخصة تبث من الجزيرة البريطانية، والخارجية البريطانية كشفت في دراسة معتمدة عن أن «إسلام شانيل» من أكثر القنوات مشاهدة بين مسلمي بريطانيا، ونحن ضمن الـ5 في المائة الأوائل من حيث المشاهدة، أي ضمن الـ4 قنوت الأول، وأجرت الداخلية البريطانية دراسة أيضا عبر وحدة بحث خاصة بها، انتهت إلى أن «إسلام شانيل» هي أهم قناة يقبل عليها مسلمو بريطانيا، وعلى الطرف الآخر نشط اللوبي الصهيوني ضدنا بسبب تقارير الداخلية البريطانية التي جاءت لصالحنا، وزعم اللوبي الصهيوني أننا لدينا ميول وهابية، وأننا نسعى لتغيير العقل المسلم في بريطانيا، وأن المحطة خطرة على مستقبل مسلمي بريطانيا، ولكنها والحمد لله مزاعم فارغة ودعاوى باطلة، وقد فشلت في أروقة المحاكم، ووقف معنا ولصالحنا نيك كليغ زعيم الديمقراطيين الأحرار، الذي يشغل منصب نائب ديفيد كاميرون رئيس الحكومة البريطانية الحالية، هذا الرجل وقف معنا وأصدر بيانا شديد اللهجة ضد اللوبي الصهيوني. ويضيف حراث: «للأسف باعتباري معارضا سابقا للنظام التونسي فإن حكومة الرئيس المخلوع بن علي تعاونت مع اللوبي الصهيوني من أجل تشويه سمعتي، وكل الصحف البريطانية كتبت لصالحنا بما فيها برامج (بي بي سي) مثل برنامج (هارد توك)، واللوبي الصهيوني ينظر إلى الإعلام كناد مغلق، أي من أجل الدخول إليه يجب أن تتخلق بأخلاق هذا النادي، أي غير مسموح تحسين صورة الإسلام والمسلمين، وكانت بداياتنا ببث برامج وثائقية عن تاريخ الإسلام والمسلمين، وكان الهدف إعادة الثقة في نفوس الجاليات المسلمة في أوروبا ضد مساع لإشعار المسلم بالخجل من ماضيه، والذنب من حاضره الذي يعيش فيه، أي محاولة إشعار المسلمين في هذا البلد بأننا مسؤولون عن القتل والإرهاب، وكانت برامجنا عن الحضارة الإسلامية ومساهماتها في رفاهية وسعادة البشرية، وضمن ذلك تعاونا مع مجموعة من المستشرقين المنصفين مثل كارين أرمسترونغ مؤلفة كتاب عن سيرة النبي الكريم، وجون ريس من التحالف المناهض للحرب، والين هارت مراسل حربي لـ(بي بي سي)، ومن الشخصيات التي التقت الملك فيصل، رحمة الله عليه، وكل هذه الشخصيات ساهمت في تسليط الأضواء الإيجابية على تاريخ الإسلام والمسلمين».

وعن تغطية المحطة لمجريات الحياة السياسية البريطانية، يقول حراث «لدينا علاقات قوية طيبة مع الأحزاب البريطانية، وكثيرا ما نلقي محاضرات في المؤتمرات السنوية لتلك الأحزاب، وهذا الأسبوع سأتحدث عن مستقبل الصوت المسلم في مؤتمر حزب المحافظين في مانشستر». ويضيف حراث «نحن اليوم أعضاء في اتحاد إذاعات الكومنولث، كذلك أعضاء في الاتحاد الدولي للإذاعة والتلفزيون». وعن الدعم الذي تتلقاه المحطة، قال حراث: «الدعم والتأييد من الله عز وجل وهناك الجالية المسلمة في بريطانيا وأوروبا، تقف إلى جانبنا ولأننا القناة الوحيدة الناطقة بالإنجليزية تبث من الغرب وإلى الغرب وتتعامل مع مشاكل الغرب اليومية، واليوم هناك أعداد كبيرة من غير المسلمين تتابع شاشاتنا، بالإضافة إلى حركة دخول الإسلام في المعرض السنوي الذي نقيمه وهناك العشرات أسلموا على الهواء مباشرة، وعلى الأقل الكثير من أصحاب اتخاذ القرار في بريطانيا وأوروبا تغيرت نظرتهم إلى الإسلام والمسلمين من خلال برامج التوعية التي نبثها». وعن المشاركة في الحياة السياسية في بريطانيا، يقول حراث «نحاول أن تكون دعوتنا إلى الاندماج في المجتمع وليس إلى العزلة والانعزال، وكذلك المشاركة في مؤتمرات الأحزاب البريطانية، حتى نؤثر في صناعة القرار فيما يتعلق بحياة المسلمين في هذا البلد، بالاتصال المباشر مع صانع القرار أو البرلمانيين وبناء قنوات اتصال مع أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية وكذلك الصحف اليومية». وعن أهم البرامج التي تبثها المحطة على مدار الساعة، يقول حراث لـ«الشرق الأوسط»: «هناك برامج متنوعة عن سيرة الرسول الكريم، وعن شخصيته وسيرته وحديثه، والأثر الصالح للصحابة، رضوان الله عليهم، وهناك قسم كامل للقرآن الكريم، ومسابقات لتحفيظ القرآن وتفسيره وتجويده، ونبث برامج كثيرة عن ختم النبوة بشكل علمي ومعرفي، بسبب نشاط القاديانية في بريطانيا، وللأسف هناك مسلمون وعرب تحولوا إلى القاديانية، وهناك أيضا مجموعة من البرامج لتثقيف النشء حول فضل الصحابة وأمهات المؤمنين ودورهم في نشر الدعوة إلى بقاع الأرض، وكذلك برامج أخرى لمواجهة التيار الشيعي المتطرف تركز على حب أهل البيت، وأن حبهم لا يعني معاداة الصحابة، وأنه لا تضارب بين الأمرين، وهناك برامج للإفتاء يومية مباشرة على الهواء، ولدينا شيوخ يقدمون الفتوى بصفة يومية من خريجي الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وهناك برامج سياسية مثل (في البرلمان )، ويشارك فيه برلمانيون من الأحزاب الرئيسية، ونعتبر أول قناة بريطانية تقدم برامجها على الهواء من داخل البرلمان، وآخر بعنوان (ما وراء السياسة) يتناول بالتحليل الأحداث الساخنة في الجزيرة البريطانية، وبرامج أخرى على الهواء مع المستمعين حول القضايا التي تهمهم، وكذلك برامج (الصحافة تقول)، ونبذل جهدا في الرد على قضايا الصحافة التي تهم الجالية المسلمة بالرد عليها من قبل المختصين الذين نستضيفهم في هذه البرامج، وبرامج أخرى وتحقيقات مرئية تهتم بشؤون الأمة الإسلامية، مثل تغطية الأحداث في البحرين التي وصفتها الصحافة البريطانية وأجهزة الإعلام الغربية بأنها أغلبية شيعية مضطهدة في مواجهة أقلية سنية، والأمر لم يكن كذلك وحاولنا توضيح الأمر بالاتصال بتلك الصحف، لأن تصوير الأمر على هذا النحو يؤجج الكراهية ضد المسلمين من الأطراف الشيعية، وأجرينا أكثر من تحقيق تلفزيوني في هذا الأمر، وأجرينا تحقيقات حول سلطة الإشراف على الجمعيات الخيرية، ولدينا أيضا تعاقد مع تلفزيون الأمم المتحدة، وآخر مع اتحاد إذاعات دول الكومنولث على تبادل البرامج، مثل برامج حول الحج التي ننتجها حيث تقدم إليهم على سبيل الإعارة لبثها في تلفزيونات تلك الدول، ولدينا بصفة دائمة برامج منوعة حول المرأة وأخرى للفتيان وكذلك ما يهم العائلة المسلمة، وأنتجنا وثائقيات حول الثورات العربية، وسافرت أطقم من المحطة إلى الدول التي شهدت الربيع العربي، وكان الهدف تثقيف العقل الغربي حول الربيع العربي، وكيف أن المصريين حموا آثار وطنهم من السلب والنهب، وعندما سقطت طرابلس لم تمس أي وزارة أو مقر حكومي، كانت الفرصة مواتية لتثقيف النخب السياسية في الغرب حول مفاتيح الثورات العربية».