الهند أكبر مركز لإصدار المجلات في العالم

على عكس التراجع العالمي الكبير في الصحافة الورقية

الهند أكبر مركز لإصدار المجلات في العالم
TT

أصبحت الهند واحدة من أكبر مراكز المجلات في العالم، حيث يصدر بها نحو 77 ألف إصدار من ضمنها مجلات مكتوبة بعدة لغات مما يشير إلى ما يشهده قطاع المجلات من ازدهار، خاصة في المجلات الأجنبية. ومن المتوقع أن يستمر هذا التوجه. على عكس التراجع العالمي الكبير في الصحافة الورقية، منحت وزارة الإعلام تصريحًا بالعمل لـ260 مجلة متخصصة أجنبية. وتنظر وزارة الإعلام في الطلبات المقدمة من 12 مجلة أخرى تسعى للعمل في الهند. فضلا عن ذلك، غزت 128 مجلة هندية الهند في أقل من عشر سنوات من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر. وقال أحد المسؤولين في وزارة الإعلام إن عدد المجلات الأجنبية أو مجلات الاستثمار الأجنبي المباشر سوف يتجاوز الأربعمائة في غضون ثمانية أعوام فقط. واستضافت الهند لأول مرة مؤخرًا مؤتمر المجلات الدولي الذي يعرض خلاله 700 وفد من 48 دولة آراءهم وتوقعاتهم من سوق المجلات الهندية.

صرحت أمبيكا سوني، وزيرة الإعلام والإذاعة، بأن حجم الإعلانات في المجلات الهندية سوف يزداد بمعدل سنوي قدره 13 في المائة على مدى الخمس سنوات المقبلة. وأضافت أن مراجعة الحكومة لسياسات الصحافة المطبوعة لعام 1955 في عامي 2002 و2005 مهدت الطريق لازدهار قطاع المجلات. وقد قررت الهند السماح بنشر الطبعات الهندية من المجلات الدورية الأجنبية عبر الاستثمار الأجنبي المباشر الذي نسبته 26 في المائة منذ ما يقرب من عقد مضى مما يمهد الطريق لانتشار الإصدارات الأجنبية. تدخل أكثر من 35 مجلة أجنبية السوق الهندية سنويا على مدى العشر سنوات الماضية بحسب التقديرات.

نيكولاس كولريدج، هو رئيس «كوندي ناست» البريطانية ونائب رئيس «كوندي ناست إنترناشيونال» الذي حضر مؤتمر المجلات الدولي في دلهي. ومن المجلات التابعة لـ«كوندي ناست» في الهند «فوغ» و«جي كيو» و«كوندي ناست ترافيلر».

وقال كولريدج في مقابلة إعلامية: «سوق المجلات في الهند مربحة للغاية. وتعد (فوغ) من المجلات الرائدة في مجال الأزياء، ما من شك في ذلك. في فبراير (شباط) من العام المقبل، سوف نطلق (أركيتكتشر دايجيست) وننظر أيضا في إصدار مجلة تقنية بعنوان (وايرد) والتي أعتقد أنها من الممكن أن تحقق نجاحا كبيرا هنا. لم نحدد الموعد بعد، لكن من المأمول أن يكون خلال العام المقبل».

وأضاف أنه خلال العشر سنوات الماضية أصبح قرّاء «كوندي ناست» من الأثرياء وبالتالي أصبحوا كثيري الأسفار. ازداد عدد الذين يرتبطون بـ«فوغ» و«جي كيو»، لذا تعد الهند من الأسواق الأساسية بالنسبة للشركة. «آتي إلى هنا مرة كل ثمانية أسابيع. بوجه عام نحن نرى أن وضع الاقتصاد في الهند مشجع للغاية».

ويوضح كولريدج أنه ربما يشهد مجال النشر تراجعًا في الغرب، لكن ليس هذا هو الحال في الهند. ويمكنك النظر إلى نسبة التوزيع المذهلة للصحف والمجلات هنا، فقد زادت بثلاثة أمثال. يمكن القول إن سوق المجلات الورقية المطبوعة في الهند تسير عكس النهج العالمي الذي يتسم باتجاه القراء نحو النسخ الرقمية وتشهد مبيعات الإصدارات الورقية فيه تراجعًا كبيرًا. على الجانب الآخر، في الوقت الذي يعد فيه أساس هذه الصناعة الإصدارات المكتوبة بالهندوسية أو اللهجات المحلية، غزت الإصدارات المتخصصة والتي تتعلق بموضوعات نمط الحياة السوق خلال السنوات القليلة الماضية.

وصرحت شركة «كيه بي إم جي» التي تعمل في مجال استشارات أبحاث السوق في تقرير أخير لها أن «سبب الاهتمام بالمجلات المتخصصة هو التغير الاجتماعي والاقتصادي والديموغرافي الذي تشهده الهند، حيث ازدادت القطاعات التي تمتلك القدرة الشرائية».

وتتوقع الشركة أن تزداد عائدات صناعة المجلات في الهند بنسبة 9 في المائة خلال الخمس سنوات المقبلة التي تنتهي في 2014، بحيث تصل إلى 20 مليار روبية (430 مليون دولار).

والجدير بالذكر أن عدد السكان الأثرياء في الهند ممن يمتلكون أصولا تزيد على مليار دولار ازداد بنسبة 50.9 في المائة العام الماضي مما يجعلها في الترتيب الذي يلي هونغ كونغ بحسب التقرير العالمي للثروة لعام 2010 الصادر عن «كيبجيمني أند ميريل لينش ويلث مانجمنت».

ويأتي هذا في وقت يبزغ فيه نجم الهند في مجال الإعلام والترفيه وبهذا تلي الصين التي يبلغ عدد القراء بها 350 مليون. وتحقق المجلات بدءا من «فوغ» و«جي كيو» التابعة لـ«كوندي كاست» ووصولا إلى مجلات أخرى مثل «إلي» و«ماري» و«كوزموبوليتان» و«فوربس» و«فورتشيون» و«لونلي بلانت» و«هوم ديكور» نجاحًا كبيرًا في الهند.

وتزداد المجلات العالمية، خاصة المتخصصة، في الهند يومًا بعد يوم. ودشنت مؤسسة «وورلد وايد ميديا» مجلة «لونلي بلانت» و«بي بي سي نوليدج» و«هوم تريندز»، بينما أطلقت مؤسسة «نيتورك» و«فوربس لايف» وأخيرًا «كوندي ناست ترافيلر». وتتراوح أسعار كل هذه المجلات من 100 إلى 250 روبية.

أثبتت المجلات المتخصصة وجودها في الهند ومن المتوقع أن يستمر ازدهارها. في الوقت الذي تتمتع فيه مجالات مثل السفر ونمط الحياة والسيارات والتعليم بالاستقرار، من المتوقع أن تظهر مجالات أخرى. وقد سجلت مجلات مثل «أوتو كار» و«إنديا توداي ترافيل بلاس» و«أوت لوك ترافيلر» عام 2001 نموًا كبيرًا. ويوضح آخر مسح عن القراء للربع الثاني من عام 2011 ازدياد عدد قرّاء المجلات الخاصة بمجال الأعمال والمجلات المتخصصة مقارنة بالمجلات غير المتخصصة. من المجلات الخاصة بمجال الأعمال الطبعة الهندية من «فوربس» و«فورتشيون». وتستهدف هاتان المجلتان قراء المجلات الإنجليزية.

يقول ماهيشوار بيري، ناشر «أوت لوك إنديا»: «نحن ننظر للأعداد وعائدات الإعلانات والتوزيع وهناك نمو واضح حتى في الوقت الذي تعاني فيه مجلات أخرى من التراجع». وقد شهد عام 2010 زيادة في عدد قرّاء مجلات الاقتصاد والأعمال مقارنة بعام 2009، حيث يزداد قراء كل من «بيزنس توداي» و«أوت لوك بيزنس» و«بيزنس وورلد» و«أوت لوم ماني»، في حين تحافظ مجلة «بيزنس إنديا» على مستواها.

يقول أشيش باغا، الرئيس التنفيذي لمجلة «إنديا توداي»: «رغم انشغال المساحة في مجال الأعمال بشكل كبير، تتمتع مجلات الأعمال بمكانة لائقة. وتتباين أسعار المجلات الدولية الجديدة كل بحسب مكانته، وبهذا لا يمكن أن تحتل مطلقًا مجلات الأعمال الهندية التي تقدم محتوى جيدا رغم سعرها». ليست أكثر المجلات الغربية الجديدة التي تُنشر في الهند غربية بما في الكلمة من معنى، فهي تُكتب وتُحرر وتُصمم ويُنشر بها صور في الهند. وتُنشر الكثير من تلك المجلات بموجب اتفاقيات مع الشركة الإعلامية التي تمتلك الاسم. ورغم أنها تُنشر باللغة الإنجليزية، ربما يختلف محتواها تمامًا عن المجلات الأميركية أو البريطانية.

قد يبدو اسمها مألوفًا بالنسبة للقارئ الأميركي، إلا أنها بنكهة هندية خالصة. على سبيل المثال، بدلا من عمود هيلويز الموجه للقطاع المنزلي، هناك عمود بعنوان «اسأل السيدة سينغ» في «غود هاوس كيبينغ». وتتناول السيدة سينغ الشهر الحالي كيفية الحفاظ على حيوية المنزل خلال الرياح الموسمية التي تهب على الهند خلال فصل الصيف.

وأوضحت ديفيا تاني داسواني، رئيسة تحرير الطبعة الهندية من مجلة «ترافيلر»، أن الأبحاث التي أجرتها المجلة على السوق أشارت إلى أن القراء المحليين يتمتعون بأذواق مختلفة عن القرّاء في الغرب. وكثيرًا ما تعرض الطبعة الأوروبية من المجلة صور السماء الزرقاء والمنتجعات التي تقع على الشواطئ على غلافها، لكن الهنود نشأوا في مناخ مشمس دافئ ولا يهتمون بالضرورة بهذا النوع من الأماكن، بل يفضلون التسوق وتناول الطعام خلال الإجازات والسياحة الثقافية والليلية. كذلك يحبون التعرف على بلادهم بشكل أفضل.

ويقول أحد محرري «كوندي ناست»: «نحن نحب المحتوى الهندي الكامل والموجه إلى القارئ الهندي»، مع أن هذا يعني اختيار المجلة لجزء من إصدار آخر لـ«كوندي ناست». وتتضمن أكثر المجلات الموجهة للمرأة ومنها «فوغ» صفحات إعلانية عن مستحضرات التجميل الآسيوية وكريمات تفتيح البشرة. أكثر الشركات المعلنة عالمية مثل «استي لودر» و«لوريال». على عكس الطبعة الهندية من مجلة «فوغ»، لا تعين الطبعة الهندية من «بيبول» أي شخص من «تايم إنكوربوريشين» أو «تايم وارنر» ولا تمتلك المؤسسة العملاقة في مجال الإعلام أي حصة في الطبعة الهندية من المجلة.