الفضائح تتوالى في إمبراطورية مردوخ

في إطار تحقيقات إسكوتلانديارد حول الرشى التي تقدمها الصحف لضباط الشرطة

خصصت شركة «نيوز إنترناشيونال» بالفعل أكثر من 30 مليون دولار لدفعها لضحايا التنصت على الهواتف
TT

ألقي القبض على صحافي في صحيفة «ذا صن» يوم الجمعة؛ للاشتباه في قيامه بدفع رشى لضباط الشرطة، وهو ما يعد علامة على أن فضيحة صحيفة «ذا نيوز أوف ذي وورلد» قد امتدت إلى أماكن أخرى في إمبراطورية روبرت مردوخ الإعلامية البريطانية.

ويعد المشتبه فيه، وهو رجل يبلغ من العمر 48 عاما، الشخص السادس الذي ألقي القبض عليه في إطار التحقيق الذي تجريه أسكوتلانديارد حول الرشى التي تقدمها الصحف لضباط الشرطة، وذلك في أعقاب فضيحة التنصت على الهواتف الخاصة بصحيفة «ذا نيوز أوف ذي وورلد»، وقد تم إلقاء القبض على المشتبه فيه أثناء وجودة خارج لندن بتهمة «الفساد»، وفقا لما ذكرته الشرطة، وتم اقتياده إلى مركز للشرطة في جنوب غربي لندن لاستجوابه.

وعلى الرغم من أن الشرطة لم تفصح عن اسم الرجل، فإن شركة «نيوز إنترناشيونال»، التي تعد الذراع الصحافية البريطانية لإمبراطورية مردوخ الإعلامية، ذكرت في بيان لها أنه أحد موظفي الشركة، وأن العاملين بالشركة يعرفونه باسم جيمي بيات، وهو صحافي بارز في صحيفة «ذا صن» التي يمتلكها مردوخ، والتي تعد الصحيفة اليومية الأكثر شعبية في بريطانيا.

وتشير عملية الاعتقال إلى أن فضيحة تقديم الرشى لرجال الشرطة الخاصة بصحيفة «ذا نيوز أوف ذي وورلد»، التي كان مردوخ قد أغلقها في يوليو (تموز) الماضي، في محاولة لاحتواء الفضيحة، قد تمتد إلى أجزاء أخرى من إمبراطورية مردوخ الصحافية. ويعد بيات أول صحافي لم يكن موظفا في صحيفة «ذا نيوز أوف ذي وورلد» تلقي الشرطة القبض عليه في قضية فساد، حيث كان يعمل في صحيفة «ذا صن» لأكثر من 20 عاما، ولم يعمل قط في صحيفة «ذا نيوز أوف ذي وورلد».

وقد فاز بيات في عام 2006، وهو الصحافي الذي كان مسؤولا عن أخبار المقاطعة في الصحيفة، بجائزة السبق الصحافي لذلك العام في حفل توزيع جوائز الصحافة البريطانية، عن تقريره حول حضور الأمير هاري، الابن الأصغر لولي العهد الأمير تشارلز، لحفل تنكري مرتديا الزي النازي.

وهناك أدلة متزايدة على أن صحيفة «ذا صن» يمكن أيضا أن تكون ضالعة في جريمة التنصت على الهواتف، وهي تقنية تستخدم بشكل غير قانوني للتنصت على رسائل البريد الصوتي، حيث كشفت الوثائق في قضية غاي بيللي، الصديق المقرب للأمير ويليام والأمير هاري، الذي رفع دعوى ضد شركة «نيوز إنترناشيونال» هذا العام، عندما اتضح أن هاتفه من الممكن أن يكون قد تم التنصت عليه، عن أنه كان يتم إرسال المعلومات التي حصلت عليها شركة «نيوز إنترناشيونال» بطريقة غير مشروعة لصحيفة «ذا صن» من آن لآخر.

وقد فتحت شرطة أسكوتلانديارد باب التحقيق في هذا الصيف في الرشى المقدمة لرجال الشرطة من قبل الصحافيين، وأطلقت عليه اسم «عملية إلفدين»، وذلك عقب تسليم شركة «نيوز إنترناشيونال» رسائل بريد إلكتروني إلى الشرطة توضح أن صحافييها من الممكن أن يكونوا قد دفعوا أكثر من 200.000 دولار لضباط الشرطة، مقابل الحصول على أخبار تضمنت معلومات حول تحركات أفراد الأسرة المالكة.

وكان من بين الأشخاص الذين تم إلقاء القبض عليهم حتى الآن في قضية «إلفدين» آندي كولسون، رئيس التحرير السابق صحيفة «ذا نيوز أوف ذي وورلد» والمتحدث الرئيسي السابق باسم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، وريبيكا بروكس، الرئيسة التنفيذية السابقة لشركة «نيوز إنترناشيونال» التي عملت أيضا كرئيسة تحرير لصحيفة «ذا نيوز أوف ذي وورلد».

ويسير التحقيق في «عملية إلفدين» جنبا إلى جنب مع التحقيق الذي يتم إجراؤه في قضية التنصت على المكالمات الهاتفية، والمعروف باسم «عملية ويتنغ»، الذي كان من نتائجه إلقاء القبض على 16 شخصا حتى الآن.

ولم يتم توجيه التهم حتى الآن في أي من التحقيقات، حيث إن ما يحدث في العادة هو استجواب المشتبه فيهم، ثم إطلاق سراحهم وإبلاغهم بضرورة تقديم أنفسهم إلى الشرطة في وقت لاحق؛ لاحتمال توجيه اتهامات جنائية لهم.

وفي الوقت نفسه، أعلنت شركة «نيوز إنترناشيونال» يوم الجمعة أنها وضعت برنامجا ليكون «بديلا سريعا وفعالا من حيث التكلفة عن إجراءات التقاضي المعتادة»، من شأنه أن يسمح لضحايا التنصت على الهواتف بعقد تسويات سريعة مع الشركة بعيدا عن المحاكم، من خلال موقع للشركة على الإنترنت.

والغرض من هذا البرنامج، الذي أطلق علية اسم «نظام التعويض عن التنصت على البريد الصوتي»، هو «منح تعويض سريع للمطالبات التي يسهل التأكد من صحتها، لتجنب الدخول في منازعات قانونية معقدة تتطلب الكشف عن وثائق»، وفقا لما ذكرته الشركة على موقعها الإلكتروني. ويتوجب على الناس الذين يدعون أنهم ضحايا ويريدون الحصول على تعويض، ملء استمارات إلكترونية توضح تفاصيل مطالباتهم وتقديمها للشركة.

وقد خصصت شركة «نيوز إنترناشيونال» بالفعل أكثر من 30 مليون دولار لدفعها لضحايا التنصت على الهواتف، وهو إجراء يهدف لاحتواء التكاليف القانونية، حيث إن عدد المطالبات في تزايد مستمر.

وقد أقرت الشرطة في وقت سابق من هذا الأسبوع بأن نحو 5795 شخصا ربما يكونون قد وقعوا ضحايا لعملية التنصت على الهواتف من قبل صحيفة «ذا نيوز أوف ذي وورلد»، إلا أنهم قالوا في هذا الصيف إن العدد الحقيقي للضحايا ربما يكون 3870 شخصا.

من جهة أخرى، تم عقد لقاء العام الماضي بين أبناء إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ وطبيب العائلة لمناقشة مسألة من سيخلف مردوخ في رئاسة مؤسسة «نيوز كوربريشن» الإعلامية، وفقا للتقرير الذي سيتم نشره في العدد المقبل من مجلة «فانيتي فير».

وسوف يكشف التقرير، الذي كتبته الصحافية السابقة في صحيفة «وول ستريت جورنال» سارا إليسون، النقاب عن أن روبرت مردوخ كان يدرس التخلي عن منصبه كرئيس تنفيذي لمؤسسة «نيوز كوربريشن» في العام الماضي على أن يشغل نجله جيمس مردوخ هذا المنصب المرموق.

وكتبت إليسون: «لقد اجتمع أبناء مردوخ مع طبيب العائلة لدراسة مسألة الخلافة» قبل شهر فبراير (شباط) الماضي. وقد ضم الاجتماع كلا من جيمس مردوخ، ولاكلان، الابن الأكبر لروبرت مردوخ، وإليزابيث مردوخ، التي استحوذت مؤسسة «نيوز كوربريشن» على شركتها «شاين» في الآونة الأخيرة.

ويلقي التقرير الضوء على التوترات التي حدثت في إمبراطورية مردوخ الإعلامية نتيجة فضيحة التنصت على الهواتف في شركة «نيوز أوف ذي وورلد»، حيث كتب التقرير يقول: «لقد ألقت إليزابيث على شقيقها باللوم لسماحه لفضيحة التنصت على الهواتف بالخروج عن السيطرة. لقد اقتربت من والدها وحثته على السيطرة على الموقف».

ووفقا للتقرير، أخبرت إليزابيث والدها بأن جيمس ينبغي أن يحصل على إجازة من الشركة، في حين ينبغي إقالة ريبيكا بروكس، التي كانت تشغل منصب المديرة التنفيذية لصحيفة «نيوز إنترناشيونال» وليس هينتون، الذي كان يدير شركة «نيوز إنترناشيونال» في وقت سابق.

وقد أكد التقرير أن روبرت مردوخ قد درس هذه الفكرة بالفعل واتصل بجيمس قائلا له: «قد يتعين عليك أن تترك الشركة أنت الآخر»، ولكنه غير رأيه بعد ذلك بليلة واحدة لم يستطع النوم خلالها.

*شارك رافي سميا في كتابة هذا التقرير

*خدمة «نيويورك تايمز»