الإذاعة الجامعية بعيدا عن موجات «إف إم»

بثها عبر الإنترنت.. وجمهورها من لوس أنجليس إلى جمهورية التشيك

الحفلات الموسيقية دائما تبث عبر الإذعات الجامعية (نيويورك تايمز)
TT

داخل كابينة في محطة إذاعة جامعة فريدونيا بنيويورك، كان جود هيسلر يقدم برنامجا كوميديا مدته ساعة بعنوان «مورنينغ إنفيرنو» (جحيم الصباح). وقال بصوت منطلق بسرعة كبيرة، إنه سينشر بعض مقتطفات من برنامجه على صفحة البرنامج على موقع الـ«فيس بوك»، ومنها صورة لحيوان ألموظ اكتشفها على شبكة الإنترنت، ومقطع مصور من موقع «يوتيوب» استخدمه في «يوغا مينيت» (دقيقة يوغا)، الذي يتنفس فيه مع زميله بسرعة بمصاحبة بعض كلمات معلم يوغا بارز، ومقطع مصور آخر للممثل الكوميدي دونالد غلوفر، الذي كان من المقرر أن يقدم عرضه في الحرم الجامعي في تلك الليلة.

أخذ هيسلر يصيح محدثا مستمعيه وهو يرى من الذي وضع رسالة على حائط صفحة البرنامج على الـ«فيس بوك»، قائلا: «اتصلوا أو أرسلوا رسائل نصية، أو اكتبوا على صفحتنا على الـ(فيس بوك)، اتصلوا بأي طريقة كانت». وفي هذه الأثناء كان يحتسي عصير التفاح ويعبث بمفاتيح لوحة الصوت، ويرتب ليوم يعج بأنشطة هامة، منها تصوير اكتشاف في الحرم الجامعي. من الذي سيصور هذا؟ بالتأكيد شخص يعرف كيفية تشغيل كاميرا المحطة.

إنها محطة تمثل النموذج الكلاسيكي لإذاعة الجامعة، ويضم حرم جامعة فريدونيا نحو 5700 طالب، وتقع على بعد ساعة من جنوب غربي بافالو، ولديها محطتان إذاعيتان. وتعد إذاعة «دبليو دي في إل» هي الأكثر شعبية بين الاثنين، وأبعد ما تكون عن التقليدية، حتى إنك لا تجدها على موجة الـ«إف إم»، بل على الإنترنت، مما يشجع المستمعين على متابعة الإعلانات والمقاطع المصورة على موقع «يوتيوب»، والصور وأخبار الجامعة من خلال الموقع الإلكتروني للمحطة.

هيسلر هو طالب في السنة النهائية، وتخصصه هو الإنتاج الإذاعي، ويتولى إدارة المحطتين، ويقول: «يمكن القول إن تأثير (دبليو دي في إل) يتجاوز نطاق الحرم الجامعي»، حيث يبلغ عدد مستمعي المحطة يوميا على الإنترنت نحو 350، 40 في المائة منهم يعيشون على بعد 300 ميل من مدينة نيويورك، و4 في المائة فقط هم من يقيمون بالقرب من الحرم الجامعي، وأضاف: «ويستمع إليها الناس من لوس أنجليس وجمهورية التشيك ومن كل مكان».

تتسم محطة فريدونيا الإذاعية بملصقاتها الباهتة، ومكاتبها المتهالكة، ومقاعدها الدوارة، وجهاز الأسطوانات البائس، أو فتحات الميكروفون بالبذخ والترف، طبقا لمعايير الجامعة، ونجد أريكة ذات لون أصفر تعود إلى الستينات في قاعة الاستقبال، ولافتة كبيرة الحجم تحمل اسم المحطة باللونين الأحمر والأسود، وهناك خزانة كبيرة تحتوي على آلاف الأسطوانات المدمجة التي يكسوها الغبار.

تشارك 700 كلية في نظام البث الجماعي للكليات على الإنترنت. ليس المهم هو تحرر شبكة الإنترنت من لوائح وقواعد لجنة الاتصالات الفيدرالية، ففي محطات مثل تلك المحطات يكون الهدف هو تحويلها إلى منابر يعتقدون أن الطلبة الذين لا يقبلون على عالم التقنية يتوقون إليها، وتغيير النظام الأخلاقي ومحتوى المحطات الإذاعية الجامعية.

يقول سين أوزارك، أحد حديثي التخرج من جامعة ييل الذي ساعد في إنشاء محطة «دبليو واي بي سي إكس»، المحطة الإذاعية الوحيدة التابعة للجامعة، والذي كان مديرا لها خلال سنوات دراسته: «لا يجلب أحد جهاز راديو معه إلى غرفته في سكن الطلبة».

عوضا عن ذلك يأتي الطلبة إلى الحرم الجامعي وهم يحملون الهواتف الذكية وأجهزة الـ«آي بود» والأجهزة اللوحية، التي يمكن أن يستمعوا من خلالها إلى الموسيقى عبر محطات إذاعية مثل «باندورا»، التي تستخدم اللوغاريتمات في تحديد الأغاني التي تقدمها. ومع ازدهار تطبيقات الـ«فيس بوك» مثل «سبوتيفاي»، يمكن للمستخدمين تقاسم ملفات الموسيقى على الموقع، وتقدم «آي تونز» الخدمة لـ255 محطة إذاعية جامعية، في ظل هذا الصخب، الحفاظ على البقاء منوط بجذب المستمعين وإمتاعهم.

مع الأسف عدد كبير من الإداريين في الجامعات غير متأكدين من مدى الحاجة إلى محطات إذاعية، ويبيعون مساحتهم التي تعد محلا للحسد على موجتي «إيه إم» و«إف إم»، ففي خلال العامين الماضيين، تم بيع جزء من 14 محطة إذاعية، بينما لم تتم عمليات بيع باقي المحطات بعد بحسب مؤسسة «كوليدج برودكاسترز إنكوربوريشن».

وباعت جامعة فاندربيلت في يونيو (حزيران) رخصة بث محطة «دبليو آر في يو» التابعة لها، على الرغم من الاحتجاج الكبير، مقابل 3.35 مليون دولار، وخسرت محطة «بي إس آر» التابعة لجامعة براون موقعها على موجة «إف إم» خلال الصيف الحالي. وبعد محاولات كثيرة لعرقلة إتمام الصفقة، باعت جامعة رايس رخصة المحطة الإذاعية التابعة لها «كيه تي آر يو» التي تقدم كل أنواع الموسيقى، بدءا من أغاني فيليب غلاس، إلى الشو جاز، وهو نوع من موسيقى الروك البريطانية. وتُبث المحطات الثلاث حاليا على الإنترنت.

من أجل رفع الروح المعنوية نظم روب كويك، أستاذ الإعلام والمدير العام للمحطة التابعة لجامعة ويليام باترسون في وين بولاية نيوجيرسي، يوما للإذاعة الجامعية في 11 أكتوبر (تشرين الأول). لقد كانت دعوة إلى الوحدة عرضت خلالها 365 محطة إذاعية أعمالها، ويتقابل مديرو المحطات لتنسيق عملهم، ويقول ديفيد دايتانغ، محلل سياسات ومدير عام محطة «دبليو في بي آر» لموسيقى الروك التابعة لجامعة كورنيل: «من أهم الأمور التي نقوم بها شهريا هي إجراء المكالمات الجماعية مع مجلس الإدارة لرسم مستقبل محطتنا».

*خدمة «نيويورك تايمز»