الربيع العربي والثورة السورية يخيّمان على المنتدى الإعلامي العربي ـ التركي

أنقرة تتصالح مع التاريخ والجغرافيا

جانب من الحضور الإعلامي التركي («الشرق الأوسط»)
TT

تحت عنوان إيجاد لغة جديدة للإعلام، بل لغة مشتركة بين وسائل الإعلام العربية والتركية عبر ساحة مشتركة للتجربة الإعلامية، بحضور 150 إعلاميا وكاتبا صحافيا من 22 دولة عربية وما يعادلهم من صحافيين وإعلاميين أتراك، انعقد المنتدى الإعلامي العربي - التركي في إسطنبول على مدى يومين متتالين (30 نوفمبر «تشرين الثاني»- 1 ديسمبر «كانون الأول»).

ولم ينسَ المنظّمون الأتراك، الذين وضعوا عبر إنشاء هذا المنتدى اللبنة الأولى لمؤسسة تؤطر علاقات التعاون العربية التركية في المجال الإعلامي، دعوة دولة جزر القمر وجيبوتي والصومال ليذكرونا بأن هذه الدول أيضا جزء من العالم العربي الكبير.

وقد حرصت المديرية العامة للصحافة والنشر والإعلام التابعة لرئاسة الوزراء التركية، وهي الجهة المنظمة والراعية الأولى للمنتدى، على اختيار المشاركين من مدارس فكرية وسياسية مختلفة، بعضها ينتمي إلى دول الربيع العربي وأدبياتها الحديثة، وبعضها الآخر ما زال في قلبه حنين لأيام الأنظمة العربية.

وأشار نائب رئيس الوزراء التركي بولند أرينج في المناسبة إلى أن تركيا بدأت منذ عام 2007 بتأسيس منتدى التعاون العربي - التركي، الذي يعنى بتطوير العلاقات الاقتصادية، وكان من الضروري إطلاق تعاون بين أجهزة الإعلام في الجانبين.

وتحدث أرينج عن توجه لافتتاح مكاتب لوكالات الأنباء والقنوات في عدد من الدول العربية، مشددا على وجود بيئة إعلامية ديناميكية في تركيا، يمكنها فعل الكثير من أجل مواكبة تيار الإصلاحات.

واعتبر أرينج أن شرارة الثورة التي انطلقت من تونس فتحت عهدا جديدا في المنطقة العربية. وقال إن الربيع العربي «نقطة تحول تاريخية»، لا يقتصر على الوطن العربي، بل تنعكس نتائجه على العالم قاطبة، مضيفا: «ما حدث ويحدث اليوم في أكثر من بلد عربي لن تقتصر نتائجه على تغيير الأنظمة هنا أو هناك، بل إن مستقبل العالم مرهون بهذه النتائج، وفي كيفية تفعيلها والاستفادة منها، وأخذ العبر من مسبباتها وتداعياتها».

من جهته قال كبير مستشاري رئيس الوزراء التركي إبراهيم كالن إن التطورات المتسارعة عالميا، وعلى صعيد نمو العلاقات التركية العربية، باتت تتطلب لغة سياسية جديدة، تركز على ضرورة أن تكون متناغمة بين العرب والأتراك.

وبدوره قال المدير العام لمديرية الصحافة والنشر التابعة لرئاسة الوزراء مراد كركايا إن المنتدى فرصة جيدة للإعلاميين الأتراك والعرب، لتبادل الخبرات في مجال الإعلام في هذه المرحلة التاريخية التي تمر بها المنطقة.

وعلى مدى يومين متتاليين ناقش المنتدى هموم الإعلام والإعلاميين، ومخاطر الثورة العارمة التي خلقتها وسائل الاتصال الحديثة، لا سيما تلك المتصلة بالجوال ومواقع التواصل الاجتماعي الإلكتروني («تويتر» و«فيس بوك» وغيرهما)، وما نجم عنها من ثقافة سياسية جديدة حولت شهود العيان إلى شركاء فعليين في نقل الحقيقة وتنوير الرأي العام.

وركز المنتدى كذلك على أبرز مشكلات التبادل الإعلامي في الدول العربية، وتركيا، وكيفية التعاون الإعلامي والمسؤولية التي تقع على عاتق الإعلام لإعداد المستقبل.

ربيع الوطن العربي والتحولات الديمقراطية الجارية في أقطاره، ولا سيما منها الثورة السورية، سيطرت منذ اللحظة الأولى لافتتاح أعمال المؤتمر التي كان نجمها بولند أرينج نائب رئيس الوزراء التركي وأحد القادة البارزين في حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي حضر أغلب جلسات المنتدى بما فيها الافتتاح والاختتام.

وحرص أرينج في كلمته الافتتاحية على أن يبلغ الصحافيين العرب تفاصيل العقوبات التي اتخذتها أنقرة ضد النظام السوري، والتي كان سبقه إلى إعلانها من العاصمة التركية وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو، مشددا على أن السلطات التركية تراعي في التدابير المتخذة ضد دمشق أن لا تسبب ضررا للمجتمع والشعب السوريين، وتاليا أن خدمات المياه والكهرباء المقدمة إلى سوريا لا تدخل في نطاق العقوبات.

وقال أرينج إن شرارة الثورة التي انطلقت من تونس فتحت عهدا جديدا في المنطقة العربية، وإن الربيع العربي يمثل نقطة تحول تاريخية، لا يقتصر على الوطن العربي بل تنعكس نتائجه على العالم قاطبة. واعتبر أن الأحداث الجارية في بلاد العرب لن تقتصر على تغيير الأنظمة، مؤكدا أن مستقبل العالم مرهون بنتائج الثورات العربية الراهنة.

وتناول أرينج الأزمة السورية الطاحنة وقرارات الجامعة العربية في شأنها، مشيرا إلى أنه لم يكن من مفر أمام تركيا من اتخاذ بعض التدابير، «لكن الشعب السوري شقيق ولا نريد أن يلحق به أي ضرر، ولذلك سوف نستمر في توفير المياه والكهرباء».

من جهته قال مكرم محمد أحمد، الأمين العام لاتحاد الصحافيين العرب، في الجلسة الافتتاحية: «قد يكون واحدا من أهم المتغيرات في الشرق الأوسط في العقد الأخير زيادة التقارب العربي - التركي، واتساع حجم التفاهم المشترك بين الجانبين، وتجاوز الطرفين لمرحلة تاريخية سابقة، شابها الجفاء والكثير من الشكوك، نتيجة إحساس الأتراك بأن العرب ساهموا في إسقاط الخلافة وتفكيك الإمبراطورية العثمانية. يقابل ذلك إحساس عربي بأن تركيا في سعيها لأن تكون جزءا من أوروبا أهدرت الحق العربي والفلسطيني، ولم يعد يهمها من أمر العالم العربي الكثير، باستثناء موقفها من العراق والتزاما بالحفاظ على وحدته في مواجهة محاولات تقسيمه لأسباب استراتيجية تتعلق بالمصالح التركية، تشكل المشكلة الكردية نواتها الرئيسية».

وأضاف مكرم أن غالبية الرأي العام العربي يبدي اليوم ارتياحا تجاه سياسات تركيا الجديدة المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي ومواقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من الشعب الفلسطيني، ورفضه القاطع لحصار غزة، وشجاعته في مواجهة صلف إسرائيل وعدوانها المستمر على الفلسطينيين، إضافة إلى مواقف تركيا من قضايا التنمية والإصلاح السياسي في العالم العربي في ظل ثورات الربيع العربي ورؤيتها لمستقبل الشرق الأوسط».

وأوضح مكرم أن «العلاقات التركية المصرية تأخذ من منظور مصري أبعادا أكثر عمقا بسبب كثير من أوجه الشبه المشترك، التي تجعل من مصر وتركيا جسرين للتواصل الحضاري بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، وتلزمهما أن يكونا صوت اعتدال وتعقل يعبر عن وسطية الإسلام الصحيح بعيدا عن تيارات التطرف، إضافة إلى كثافة علاقاتهما التاريخية التي حفظت لمصر موقعا متميزا ودورا فاعلا خلال فترة الولاية العثمانية، وفضلا عن تأثيرات الثورة التركية على الحركة السياسية في مصر وعلى فكر الضباط الأحرار في ثورة يوليو 1952».

وأردف مكرم: «قد يدهش الأتراك أن يعرفوا أن تصريحات رئيس الوزراء أردوغان في زيارته الأخيرة لمصر حول ضرورة تشجيع الأقباط على المشاركة السياسية، وأهمية أن تكون الدولة المصرية على مسافة واحدة من جميع المواطنين، بصرف النظر عن ديانتهم، التزاما بحقوق المواطنة المتساوية، لقيت ترحيبا واسعا في الأوساط الليبرالية والقومية المصرية، على حين قوبلت بقدر من التحفظ من بعض تيارات الإسلام السياسي. وما من تفسير لهذه المواقف سوى سيطرة التوجه المحافظ على فكر الإسلام السياسي في مصر، وفهمه الملتبس لمعنى العالمية التي يعتبرها قرين الكفر والإلحاد، وليس أن تكون الدولة على مسافة واحدة من كل الأديان، كما يراها حزب العدالة والتنمية التركي».

من جهته قال الكاتب المصري فهمي هويدي في كلمته إن تركيا اليوم تتصالح مع التاريخ والجغرافيا، مشيرا إلى أن الطرفين العرب والأتراك وقعا في أخطاء، ولكن جاء الوقت للتصحيح والتعلم من الأخطاء، وأشار إلى أن الإعلام التركي يتابع الحالة العربية أكثر من متابعة الإعلام العربي لما يجري في تركيا اليوم، وأوضح أنه رغم وجود التلفزيون العربي - التركي، فإن تأثيره ما زال محدودا على المشاهد العربي. وقال: «كانت علاقات تركيا بسوريا بفعل الجوار والحدود أكثر قوة من بقية البلدان العربية، ولكن كل شيء تغير، وتركيا تنظر اليوم إلى مصر باعتبارها قلب العرب النابض، وكان في السابق العرب يتعاملون مع تركيا بحذر شديد، ولكن الثورات العربية فتحت التعاون العربي - التركي لمجالات أوسع وأرحب، والعالم العربي بات اليوم حليفا استراتيجيا للسياسات التركية».

أما أحمد الشيخ رئيس تحرير «الجزيرة» السابق، فقال إن «الجزيرة» هي الحاضر الحاضر في الربيع العربي، ولو لم تكن «الجزيرة» موجودة منذ 15 عاما لتأخر الربيع العربي، إلا أنه اعترف أن وسائل الإعلام لا تصنع الثورات، لأن في ذلك إهانة للشعوب.

أما عزام التميمي رئيس تحرير قناة «الحوار»، مقرها لندن، فقال في مداخلته: «كنا جسدا واحدا، وكان المواطن يرحل من إسطنبول إلى نواكشوط دون جوازات سفر أو مراكز تفتيش، ولكن عندما هب الربيع العربي علينا فإنه يمكن القول إن الربيع العربي قد أبطل معاهدة سايكس بيكو، والربيع العربي يؤذن بإعادة اللحمة إلى الأمة العربية من جديد، ويمكن القول أيضا إن وسائل الإعلام ساهمت في التسريع بالربيع العربي، ومنذ الآن لن يكون الإعلام حكرا على صاحب المال بفضل أدوات وسائل الإعلام الاجتماعي، ونتمنى اليوم أن تفتح بلداننا اليوم أمام الإعلام المهاجر في أوروبا».

أما الصحافي التركي فهمي كورو فقد أكد في كلمته أنه على الرغم من وجود 25 قناة وطنية، فإنها ليس لديها عدد كافٍ من المكاتب في المنطقة العربية.

وعلق فهمي هويدي على ما يسمى باحتكار الأخبار بالقول: «إن وسائل الاتصال باتت خارج سيطرة الدولة، وما يحدث في سوريا من أسباب عنف بعد ساعة نجدها على (تويتر) و(فيس بوك)، وفي ميدان التحرير في مصر كل الشباب صاروا صحافيين، لحظة بلحظة كانوا يدفعون بالأخبار إلى مواقع التواصل الاجتماعي. إن وسائل الاتصال الحديثة أضعفت هيبة الدولة».

إلى ذلك قال محمد العباسي مدير قناة «العالم» في تركيا في كلمته: «من نافلة القول أن الإعلام يساهم في تشكيل الرأي العام ويؤثر في صناعة القرار السياسي. وما دمنا في إسطنبول عاصمة الخلافة العثمانية يمكن تذكر قول السلطان عبد الحميد الثاني في تعليقه على هجوم الصحافة العثمانية على قراره الخاص بالحرب مع روسيا، وبعد هزيمة الدولة قال إنه اتخذ القرار بناء على رغبة الصحافة. والآن بعد الهزيمة تحمله الصحافة المسؤولية، وهذا يؤشر على أهمية الصحافة في الحياة السياسية والاجتماعية».

وأضاف أن «الربيع العربي ساهم في تغيير صورة العربي النمطية في الإعلام التركي، وإن كان يمكن رصد التغيير الخجول منذ سنوات بفضل الانفتاح الإعلامي التركي على العالم العربي بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم، بالإضافة إلى مساهمات بعض الدارسين الأتراك في الدول العربية، الذين حاولوا أن يكونوا نافذة لتركيا على العالم العربي المجهول لدى الإعلام التركي من خلال عملهم في بعض الصحف والقنوات التركية التي تعتقد بضرورة التواصل مع دول الجوار».

وأضاف العباسي: «لأن مؤسسة التلفزة التركية شهدت تطورا مهمّا من خلال إنشاء قنوات إخبارية وقناة ناطقة بالعربية، فإنها قدمت من خلالها تغطيات شاملة، وكانت منافسة في بعض الأحيان للقنوات الخاصة، وأدت هذه المنافسة إلى تجويد العمل الإعلامي ليكون المواطن التركي هو الرابح في النهاية».

وأوضح العباسي أن «التغطية في الإعلام التركي شابهها بعض الأخطاء، لأنها اعتمدت في الغالب على رؤية قناتي (العربية) و(الجزيرة) للأحداث باعتبارهما الأهم بين القنوات الفضائية، وبالتالي وقعت القنوات التركية في فخ الأجندات السياسية، وكذلك التزامها بمواقف الحكومة السياسية رغم أن الإعلام التركي في مجمله خاص ومستقل، ومن الأخطاء أيضا لجوء المحطات التركية إلى المقيمين العرب في تركيا للتحليل، ولكنهم بالطبع لا يمكنهم تقديم التحليل الصحيح، لأنهم بعيدون عن الحدث في القاهرة وليبيا وتونس، وكان يمكن تجنب ذلك عبر الاستعانة بخبراء ومحللين من بلاد تشهد أحداث الربيع العربي، والاستعانة بمترجمين للحصول على المعلومات والتعرف على الصورة بشكل كامل مثلما تفعل التلفازات العربية، فهي تتعرف على تركيا من خلال مراسليها المقيمين في تركيا».

من جهته قال محجوب محمد صالح رئيس تحرير «الأيام» السودانية في كلمته بجلسة «انعكاسات السياسة الخارجية التركية على البلدان العربية ورؤية العرب لتركيا»: «إن السياسة الخارجية التركية شهدت تحولات عميقة خلال السنوات الأخيرة، وقد بدأ هذا التحول مع انهيار الاتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة، وزاد بعد أحدث هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، ولكنه وصل إلى قمته بوصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم في تركيا، ببرنامج وتوجهات مختلفة، مستنهضة مفهوم العمق الاستراتيجي الذي يركز على أن تركيا بموقعها الجغرافي المميز مؤهلة لأن تصبح مركزا إقليميا منفتحا على كل الاتجاهات بعيدا عن سياسات المحاور أو المواجهات».

وأضاف محجوب: «ما زال مشروع التقارب العربي - التركي في حاجة إلى مزيد من الجهد على عدة جبهات، ففي الجانب الثقافي ما زال العمل بطيئا والعمل المشترك ضعيفا والتواصل يحتاج إلى مزيد من الدعم، وقد نجحت المسلسلات التركية في الحصول على وضع متقدم على الشاشات العربية، ولكن لم يكن هناك إنجاز مماثل في المجالات الإعلامية والثقافية الأخرى، ولعل هذا المؤتمر يسعى لسد هذه الثغرة بالاتفاق على تعاون إعلامي شامل، مع الأخذ في الاعتبار الصورة النمطية السابقة للعربي في الذهنية التركية، وللتركي في الذهنية العربية، وهو أمر يحتاج إلى مجهودات ذات طبيعة شعبية، وإلى مزيد من التواصل عبر الإعلام وعبر النشاط الثقافي وعبر التعاون بين منظمات المجتمع المدني وتشجيع السياحة البينية».

ومن خلال النقاشات التي تخللتها جلسات العمل، في أعمال المنتدى الإعلامي العربي - التركي تركزت جلسات حوار المنتدى على «تعاطي الإعلام العربي والتركي مع القضايا الإقليمية والدولية»، وندوة أخرى تحت عنوان «انعكاسات السياسة الخارجية التركية على البلدان العربية، ورؤية العرب لتركيا»، وجلسة حوار تحت عنوان «موقع المؤسسات الإعلامية التركية والعربية داخل منظومة الإعلام العالمي»، و«الإعلام الاجتماعي في العالمين العربي والتركي»، و«التحولات التي يشهدها العالم العربي والرؤية التركية لهذه التحولات».

ودعا المنتدى في ختام أعماله إلى توثيق التواصل الإعلامي العربي - التركي، وبالتشديد على ضرورة دعم جهود التقارب السياسية والاقتصادية القائمة على الأرض بين تركيا والدول العربية، وعلى رأسها دول الربيع العربي «التي دشنت بثوراتها الشعبية تاريخا سياسيا جديدا»، كما جاء في البيان الختامي.

وشدد المشاركون على أهمية أن يكون للإعلام دور في التنمية الشاملة، ويسخر لخدمة الشعوب وتطور الدول. وأعربوا عن أملهم في أن يكون مشابها في حجم التنمية الاقتصادية والانفتاح السياسي والإعلامي للنموذج التركي، الذي بهر الجميع، كما قالوا.

وكان للمسلسلات التركية التي انتشرت بشكل واسع في العالم العربي نصيب مميز في المنتدى العربي - التركي الأول في إسطنبول، وانعكاس ذلك على العلاقات التركية - العربية. وقد خصصت إحدى الجلسات لهذا الموضوع بالتحديد، رأستها الممثلة التركية الشهيرة جانسيل الجين، التي تعرف إليها الجمهور العربي من خلال المسلسل الشهير «نور ومهند».

وكان لافتا في هذه الجلسة تحديدا التعليقات الكثيرة من قبل المشاركين، وانقسامها بشأن التأثير الذي تتركه المسلسلات التركية في المجتمع العربي. فالبعض رأى إضافة إيجابية من خلال التعريف بثقافة بلد جديد وعاداته وتقاليده التي تعكسها مواضيع المسلسل، وآخرون ذهبوا إلى حد وصف زحف المسلسلات إلى غرف المعيشة، بـ«الغزو الثقافي الاجتماعي».

كذلك حضرت تطورات الأزمة السورية في الجلسة الختامية للمنتدى الإعلامي العربي - التركي التي أعلن فيها نائب رئيس الوزراء التركي أرينج أن احتمال إقدام تركيا على فرض منطقة عازلة لحماية المدنيين والمحتجين السوريين الذين يتعرضون لقمع متصاعد، هو أمر مرتبط بموافقة الجامعة العربية، وبتأمين غطاء من الأمم المتحدة. وأكد مرة أخرى أن العقوبات التركية المتخذة ضد سوريا تستثني خدمات المياه والكهرباء الحيوية التي تتصل بالحياة اليومية للشعب السوري.

وفي ختام المنتدى أصدر المشاركون بيانا جاء فيه: «على الإعلام أن يساهم في التنمية الشاملة، ويسخّر لخدمة الشعوب ورفاهيتها وتطور دول المنطقة». وأكد البيان على المشتركات الإنسانية وحرية الصحافة المعبر عنها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية هلسنكي، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والمواثيق الدولية الأخرى بهذا الشأن، وساند المطالب المشروعة للشعوب في نضالها من أجل تأسيس مبادئ العمل والديمقراطية، وبناء دولة القانون والمؤسسات وتعزيز حقوق الإنسان والحريات العامة الخاصة. واعتبر البيان أن التعاون بين الإعلام التركي والعربي من خلال صياغة خطاب إعلامي مشترك واستثماره لإمكاناته الكبيرة سيساهم في تعزيز التعاون بين الأتراك والعرب إقليميا ودوليا، وأكد على أهمية دور الإعلام التركي والعربي في تعزيز الروابط الحضارية والتاريخية والثقافية بين الشعبين. وساند مشروع تأسيس المنتدى الإعلامي العربي - التركي، كهيئة تنسيقية بين الطرفين.