«بي بي إس» تدشن قناة تلفزيونية جديدة في بريطانيا

تبث المحطة من خلال نظام بث تلفزيوني فضائي يبلغ عدد عملائه 10 ملايين شخص

TT

في الوقت الذي تفرض فيه بريطانيا رقابة على وسائل إعلامها الإخبارية، تأمل شركة بث إعلامي أميركية، وهي «بابليك برودكاستينغ سيرفيس» (بي بي إس)، في تحقيق شهرة من خلال تقديم علاج عقلاني لتجاوزات صحف الفضائح التي تسيطر على مشهد الصحافة الإخبارية في الآونة الأخيرة.

وفي هذا الشهر، مع تعمق التحقيقات العامة في أساليب «فليت ستريت» التطفلية في تغطية الأحداث، التي قد صدمت العديد من البريطانيين، أنشأت شبكة «بي بي إس» قناة تلفزيونية جديدة في بريطانيا، وهي أولى قنواتها التلفزيونية الدولية.

هل تحتاج بريطانيا، موطن شبكة «بي بي سي»، إحدى شركات البث الإذاعي والتلفزيوني ذائعة الصيت في العالم، إلى نقل أسس الإعلام التلفزيوني الجاد عن الولايات المتحدة؟ حينما يفكر العديد من البريطانيين في التلفزيون الأميركي، يتخيلون مسلسلات الـ«سيت كوم» المملة أو الأخبار «العادلة والمتوازنة» التي تبثها محطة «فوكس نيوز» - التي تملكها الشركة نفسه، «نيوز كوربوريشن»، التي أتت الصحف التي تصدرها في المرتبة الأولى على خط النار في التحقيق الذي أجري حول واقعة التنصت على الهواتف الجوالة للمشاهير.

«إنها مختلفة تماما عن فكرة الناس عن شكل المحطة التلفزيونية الأميركية»، هذا ما قاله ريتشارد كينغسبري، المدير العام للمحطة التلفزيونية الأميركية التي تحمل اسم «بي بي إس يو كيه».

وتبث المحطة من خلال «بريتيش سكاي برودكاستينغ»، وهو نظام بث تلفزيوني فضائي يبلغ عدد عملائه 10 ملايين عميل، حيث تنضم إلى أكثر من 700 قناة أخرى. ويمكن مشاهدة قناة «بي بي إس»، عبر نظام كابلي يعرف باسم «فيرجين ميديا»، عدد عملائه 4 ملايين عميل.

وقد انتقلت محطة «بي بي إس» إلى بريطانيا بعد أن حققت المحطات التلفزيونية الأميركية الأخرى طفرة كبيرة، وقد اقتحمت سوقا مكتظة. وفي الفئة التي يشير إليها المحللون باسم البرمجة الواقعية، كانت قنوات أميركية مثل «ذي ديسكفري تشانيل» و«ذي هيستوري تشانيل» و«ناشيونال جيوغرافيك» متاحة منذ وقت طويل في بريطانيا، إلى جانب عدد ضخم من العروض الأخرى المقدمة من جهات بث محلية.

«ذلك هو السؤال الذي يتعين عليك الإجابة عنه بالفعل: هل هناك سوق لهذه المحطة أو لمحطات أخرى مثلها؟»، هكذا تحدث تيم وستكوت، محلل رفيع المستوى بشركة «سكرين ديجست» في لندن. وأضاف: «الشيء الذي سيجعل قناة (بي بي إس) متفردة هو أن لها رؤية مختلفة. ربما تكون أكثر تماشيا مع الأذواق الأوروبية عن بعض البرامج الأميركية».

كان أحد الأسباب الرئيسية وراء ظهور محطة «بي بي إس يو كيه» للنور هو ديفيد ليونز، رجل الأعمال الكندي الرائد الذي أسس «كوادرا غروب»، الشركة التي لديها استثمارات في قطاعي الطاقة والإعلام. وبينما نشأ في مدينة كالغاري، إلا أنه شاهد محطة «بي بي إس» لأن التغذية الإخبارية القادمة من إحدى المحطات التي تضمها الشبكة كانت تبث عبر نظام كابلي محلي.

«دائما ما يندهش الجميع منها. أعتقد أنها أكثر السجلات الأرشيفية الأميركية غرابة، بوصفها تفصيليا جوانب حياة الدولة والقارة بأكملها». وقال ليونز إنه بعد انتقاله إلى بريطانيا منذ 16 عاما، افتقد القناة.

وقال: «كجزء من الحضارة الأوسع نطاقا التي تضم الشعوب المتحدثة بالإنجليزية، كان من المهم أن نفهم بعضنا بعضا بشكل أفضل». وأضاف: «كانت هناك كثير من أوجه سوء الفهم».

وقبل بضعة أعوام، بدأ يتحدث إلى مسؤولين في محطة «بي بي إس»، التي تتخذ من واشنطن مقرا له، حول إنشاء قناة في بريطانيا. وفي النهاية، اتفقوا على إبرام اتفاقية شراكة بين «كوادرا» و«بي بي إس ديستريبيوشن»، التي تراقب عمليات البيع الدولية لبرامج شبكة «بي بي إس» لشركات بث أخرى.

وقالت جان ماكنامارا، المتحدثة باسم محطة «بي بي إس» في واشنطن: «لم نكن نملك الموارد المالية لتنفيذ مثل هذا المشروع، لذلك، نحن محظوظون بأن يكون ديفيد ليونز شريكنا».

وتعتبر المحطة الجديدة بالأساس نسخة معدلة من محطة «بي بي إس» التي يشاهدها الأميركيون، كما تقدم برامج عن العلوم والتاريخ وغيرها من المجالات الأخرى. وعلى الرغم من ذلك، فإنها تختلف عنها في جانب مهم. فمحطة «بي بي إس يو كيه» تعتبر محطة تجارية، وهي تخطط لتضمين إعلانات بحلول العام الجديد.

لا توجد فواصل إعلانية في القناة التي تبث في الولايات المتحدة وتمولها الحكومة الأميركية والرعاة من الشركات وتبرعات المشاهدين.

وتلجأ جهات البث الشهيرة الأخرى إلى ترتيبات مماثلة لمحاولة توليد عائد على المستوى الدولي. وتروج شبكة «بي بي سي»، التي تمول بالأساس من خلال رسوم تراخيص على الأسر البريطانية التي تملك أجهزة تلفزيون، إعلانات على محطاتها التلفزيونية خارج بريطانيا، على سبيل المثال، على الرغم من أن منافذها المحلية لا تقدم إعلانات.

وقال غاريث هوتشينز، مدير «مايند شير»، وهي وكالة إعلامية كائنة في لندن، إن محطة «بي بي إس يو كيه»: «سوف تعد برامجها خصيصا» من أجل جذب الإعلانات، التي يتم بيعها لها من خلال جهة بث بريطانية، وهي «تشانيل 4». لكنه أضاف: «بالطبع هناك مساحة في السوق لقناة معدة خصيصا لمخاطبة جمهور مثقف رفيع المستوى».

ومع أن القناة ظهرت قبل بضعة أسابيع فقط، فإن ليونز بدأ بالفعل يفكر في إدخال تطويرات عليها. وذكر أن أحد الخيارات ربما يتمثل في إنشاء نسخة بريطانية من محطة «بي بي إس نيوز أور»، يكون لها استوديو في لندن ويعمل بها فريق من الصحافيين.

ولدى البريطانيين بالفعل عدد من الخيارات للأخبار التلفزيونية، من بينها قنوات إخبارية تبث أخبارها على مدار الساعة من شبكة «بي بي سي» والقمر الصناعي «برودكاستر سكاي»، إلى جانب النشرات الإخبارية الليلية التي تبث من محطة «بي بي سي» ومحطات تجارية. غير أنه لا يوجد نظام كابلي تلفزيوني مجاني أميركي؛ وعلى عكس صحف «فليت ستريت»، تعمل البرامج الإخبارية التلفزيونية البريطانية وفقا لقواعد العدالة والإنصاف.

«أعتقد أن إنجلترا، على الرغم من أنها تملك كل هذه المنافذ الإعلامية، تفضل هذا النوع من الصحافة، الذي يمتاز بالصراحة والموضوعية التامة»، هذا ما قاله ليونز. وقال ليونز إنه يفكر أيضا في بث قناة «بي بي إس» بمناطق أخرى تعتبر اللغة الإنجليزية هي اللغة السائدة فيها، مثل أفريقيا والهند والدول الإسكندنافية.

* خدمة «نيويورك تايمز»