المراقب الصحفي

TT

* عناوين «الشرق الاوسط»

* لا يختلف اثنان منصفان على أن صحيفة «الشرق الأوسط» تتحلى بمهنية عالية في حسن اختيار عناوينها الرئيسية التي تعكس روح المادة الصحافية المراد عرضها. غير أنني في هذا المقال أود الإشارة إلى مسألة مهمة وهي معدل عدد الكلمات المستخدمة في العناوين الرئيسية، في جميع الصفحات، فضلا عن بعض الملاحظات العامة، التي أرجو أن تؤخذ في الحسبان.

فبحكم متابعتي لهذه الصحيفة، منذ سنوات عديدة، لاحظت أن معدل الكلمات المستخدمة في العناوين (المانشيتات) عموما يعد كبيرا نسبيا. وقد أجريت مقارنة سريعة على العناوين التي نشرت في الأسابيع الماضية، على مساحة 6 أعمدة (عرض الصفحة)، فوجدت أن معدل الكلمات المستخدمة كان 14 كلمة، تقريبا، وهو ما أراه كبيرا. فكثرة الكلمات تضعف قوة مضمون العنوان. ذلك أن العنوان الصحافي المثالي ليس بالطويل الممل ولا بالقصير المخل. لا يختلف اثنان على أن معدل عدد الكلمات المستخدمة في العناوين مسألة خلافية بين المدارس الصحافية، وحتى داخل أتباع المدرسة الواحدة، غير أنني أرى أن عدد 8 إلى 10 كلمات لعنوان رئيسي بمساحة عرض صحيفة «الشرق الأوسط» يعد مناسبا في عصرنا.

تقليل معدل الكلمات صار مهما في وقت أضحى الناس فيه في عجلة من أمرهم أكثر من أي وقت مضى، إذ صاروا بحاجة إلى كلمات مقتضبة وذكية تلفت انتباههم، وسط خضم المعلومات التي تنهال عليهم. ويمكن، على سبيل المثال، تخفيض عدد الكلمات المستخدمة وجعلها لافتة بطرق عديدة منها: تقليل استخدام حروف الجر (تجاوزا) أو استبدالها مثل «مصرع عشرة أشخاص بمدينة كذا» بدلا من «في مدينة كذا». كما يحبذ التخلي أحيانا عن بعض الصفات أو الأحوال التي لا تضيف شيئا يذكر للعنوان. ويعد استخدام المترادفات مسألة مهمة لوقف تكرار الكلمات، فقد رأيت في الأشهر الماضية عناوين عدة تضم الكلمة نفسها في العنوان التقديمي والعنوان الرئيسي وأحيانا في العنوان الواحد.

بصورة عامة، لا نقصد هنا التحدث عن الاعتبارات الإخراجية التي تحتم ضيق أو طول العنوان لملء فراغ غير محبذ في الصفحة، لكننا نقصد الإشارة إلى التطويل غير المناسب. فالعنوان المباشر والذكي يفتح شهية القارئ لقراءة الموضوع، وهذا ينطبق على كل الصحف.

وإذا نجح العرب في وضع أكثر من فكرة في شطر واحد من بيت الشِعر، فمن باب أولى أن تنجح صحفنا العربية في فعل ذلك، فاللغة ليست هي المشكلة بل المشكلة في اختياراتنا.