التقاعد المفاجئ لجانيت روبنسون رئيسة «نيويورك تايمز»

نجحت في ابتكار منتجات رقمية جديدة وبناء نموذج للاشتراك عبر الإنترنت

جانيت روبنسون الرئيسة التنفيذية لشركة «نيويورك تايمز» (نيويورك تايمز)
TT

أعلنت شركة «نيويورك تايمز»، يوم الخميس الماضي، أن جانيت روبنسون، التي شغلت منصب الرئيسة التنفيذية للشركة خلال فترة من التغير السريع وعدم اليقين في صناعة الصحف، ستتنحى عن منصبها في نهاية هذا الشهر.

وقد كتبت روبنسون، التي شغلت المنصب منذ عام 2004، في رسالة أرسلتها إلى الموظفين عبر البريد الإلكتروني قائلة: «أكتب إليكم بمزيج من المشاعر المختلطة، لإبلاغكم أنني سوف أتقاعد من منصبي في شركة (نيويورك تايمز)».

وقد فاجأ هذا الإعلان الكثيرين من داخل وخارج الشركة، حيث مرت شركة «نيويورك تايمز»، مثل غيرها من شركات الصحف الأخرى، بفترات صعبة خلال السنوات الماضية بسبب الركود، وبسبب الهجرة المستمرة من قبل المعلنين والمستهلكين إلى شبكة الإنترنت.

وقد نشطت صحيفة «نيويورك تايمز»، في الوقت الذي كانت الشركة تعاني فيه ماليا، في خلق منتجات رقمية جديدة تحت قيادة روبنسون، حيث قامت الصحيفة مؤخرا ببناء نموذج للاشتراك عبر الإنترنت حقق نتائج أفضل بكثير مما كان متوقعا، كما يعود الفضل إلى روبنسون إلى حد كبير في تحول سابق حدث في الشركة خلال فترة التسعينات، وتمثل في إعادة تقديم صحيفة «نيويورك تايمز» في صورة صحيفة قومية.

وقال كريغ هوبر، وهو باحث ومحلل في مجال الأسهم بشركة «أكسس 342»، وهي شركة بحوث مستقلة يقع مقرها في مدينه نيوكانان بولاية كونيتيكت: «أنا مندهش للغاية، وخاصة لتقاعدها في هذا التوقيت بعد النجاح الذي حققته فكرة دفع الاشتراكات عبر الإنترنت».

وقالت الشركة إنها ستبدأ عملية بحث داخلية وخارجية لإيجاد رئيس تنفيذي جديد. وقد كتب آرثر سولزبيرغر جونيور، رئيس مجلس إدارة شركة «نيويورك تايمز» التي تقوم بنشر الصحيفة، الذي سيقوم بمهام الرئيس التنفيذي بشكل مؤقت، في رسالة إلى الموظفين، عبر البريد الإلكتروني، يخبرهم فيها أن روبنسون ستعمل مستشارة للشركة لمدة سنة واحدة، وسوف تحصل مقابل ذلك على 4.5 مليون دولار، وفقا للأوراق التي تقدمت بها الشركة للجنة الأوراق المالية والبورصات.

ونظرا لزيادة اعتماد الشركة، التي تقوم بنشر الكثير من المطبوعات المهمة، مثل صحيفة «نيويورك تايمز»، وصحيفة «بوسطن غلوب»، وصحيفة «هيرالد تريبيون» الدولية، على العائدات الرقمية، سواء من خلال المستهلكين أو الإعلانات على شبكة الإنترنت، فإن الشركة قد تحاول العثور على بديل مشهود له بالكفاءة في مجال الصحافة الرقمية، وذلك وفقا لما يقوله المحللون.

وقال ألكسيا كوادراني، وهو محلل إعلامي في مؤسسة «جي بي مورغان تشايس»: «أعتقد أن المسؤولون في الشركة، نظرا لأهمية التكنولوجيا الرقمية وحجم الإيرادات الكبير الذي يحصلون عليه من منتجاتهم الرقمية، سيحاولون البحث عن بديل لجانيت من بين العاملين في مجال التكنولوجيا الرقمية».

وقد عقد سولزبيرغر يوم الجمعة الماضي اجتماعا مع روبنسون في الطابق الـ15 من مقر الشركة في مانهاتن، حيث أثار مسألة تعيين نوع مختلف من القادة في الشركة، وذلك وفقا لما ذكره أشخاص مطلعون على ما دار في هذا الاجتماع، الذين رفضوا الكشف عن هويتهم، حتى لا يتهموا بإفشاء أسرار الشركة. وقد امتنع كل من روبنسون وسولزبيرغر عن الإدلاء بتعليق.

وانتقد الكثير من المحللين توقيت رحيل روبنسون، خاصة مع عدم وجود بديل محدد لها يخلفها في منصبها، حيث قال ألان موتر، وهو محاضر في مجال الصحافة في جامعة كاليفورنيا بمدينة بيركلي، ورئيس تحرير سابق لإحدى الصحف: «يجب أن نتهمهم بالإهمال لعدم قيامهم بوضع خطة مسبقة لإيجاد من يخلفها».

وكان مارتن نيسانهولتز، وهو أحد كبار نواب الرئيس، الذي ساعد في وضع الاستراتيجية الخاصة بموقع صحيفة «نيويورك تايمز» على شبكة الإنترنت منذ بدياتها، قد قال في الشهر الماضي إنه سيتقاعد في نهاية العام.

وقد عملت روبنسون (61 عاما)، وهي مدرسة سابقة في إحدى المدارس الابتدائية، لمدة 28 عاما في شركة «نيويورك تايمز»، ويعزي صعودها إلى القمة في جزء منه إلى علاقاتها الوطيدة بالمسؤولين في الشركة، حيث يصفها زملاؤها بأنها ذات طبيعة حذرة ومباشرة.

وقد ساعدت روبنسون من خلال عملها في البداية كرئيسة تنفيذية للعمليات، وقبل ذلك ككبيرة نواب الرئيس لعمليات الصحف، على تحسين عائدات الإعلانات، كما حثت الشركة على توسيع نطاق توزيع صحيفة «نيويورك تايمز» بحيث يمتد ليشمل الأسواق الأخرى الواقعة خارج المدينة.

وقد كتب سولزبيرغر في رسالة البريد الإلكتروني التي أرسلها قائلا: «لقد تمكنا، من خلال رؤية جانيت ومجهوداتها، من إقناع إدارة الشركة آنذاك لضخ الاستثمارات اللازمة لإعادة تقديم صحيفة (نيويورك تايمز) باعتبارها صحيفة قوميه حقيقية، بحيث أصبح 58 في المائة من المشتركين في الإصدار اليومي للصحيفة، و62 في المائة من المشتركين في إصدار يوم الأحد الأسبوعي، من خارج مدينة نيويورك».

وقد واجهت الشركة مشكلات مالية ناجمة عن أزمة عام 2008 الاقتصادية، والطرق المتغيرة التي يسعى العملاء من خلالها لمعرفة الأخبار، حيث انخفض سعر السهم، خلال فترة ولاية روبنسون، إلى أقل من 8 دولارات، بعد أن كان قد وصل إلى نحو 30 دولارا، حيث وصل سعر الإغلاق يوم الخميس إلى 7.35 دولار.

وقد بلغ راتب روبنسون في عام 2009، وهو واحد من الأعوام الصعبة في تاريخ الصناعة 4.9 مليون دولار، بزيادة 26 في المائة عن العام السابق، وارتفع إلى 5.3 مليون دولار في عام 2010، بينما كان راتب سولزبيرغر في تلك السنوات 4.8 مليون دولار و6 ملايين دولار على التوالي، حيث قال المتحدث باسم شركة «نيويورك تايمز»، روبرت كريستي، إن تلك الزيادات تعود إلى حد كبير بسبب موافقة كلا المديرين التنفيذيين على تقليص رواتبهم خلال الأعوام السابقة.

* شارك ديفيد كار في كتابة هذا التقرير

** خدمة «نيويورك تايمز»