ضريبة رياضة إجبارية يدفعها مشاهدو تلفزيون الكابل

تعمل التكاليف المتصاعدة على تمزيق الروابط بين مبدعي وموزعي التلفزيون

ضريبة إضافية لمحبي مشاهدة البرامج الرياضية عبر تلفزيون كابل
TT

هل أنت مستعد لمشاهدة بعض مباريات كرة القدم الأميركية؟ حيث إنك ستدفع ثمن مشاهدتها في جميع الأحوال، فعلى الرغم من أن «الرياضة» ليست مدرجة كبند من بنود فاتورة تلفزيون الكابل أو التلفزيون الفضائي، فإن مشتركي تلفزيون الكابل من الأميركيين يدفعون، في المتوسط، نحو 100 دولار في السنة لمشاهدة البرامج الرياضية، بغض النظر عن عدد المباريات التي يشاهدونها في تلك الفترة، حيث تحصل الجهة المسؤولة عن دوري كرة القدم الأميركية، الذي يهيمن على البرامج والمباريات الرياضية في التلفزيون، على جزء كبير من هذا المبلغ، وخاصة بعد قيامها بعقد صفقة غير عادية هذا الأسبوع مع الشبكات التلفزيونية الرئيسية - 27 مليار دولار على مدى تسع سنوات - مما يعني على الأرجح أن متوسط فاتورة تلفزيون الكابل سترتفع مرة أخرى في وقت قريب.

وتعمل تلك التكاليف المتصاعدة على تمزيق الروابط الوثيقة السابقة بين مبدعي وموزعي تلفزيون الكابل، حيث تطالب قنوات تلفزيون الكابل الرياضية، مثل قناة «إي إس بي إن»، شركات مشغلي تلفزيون الكابل والتلفزيون الفضائي بالمزيد من الرسوم، كما تفعل شبكات البث الشيء نفسه الآن، مطالبين برفع قيمة رسوم استخدام إشارات البث الخاصة بهم، من خلال استخدام الرياضة كوسيلة ضغط.

ويثير ارتفاع الرسوم مخاوف عبر أروقة الصناعة من أن تصل قيمة فواتير تلفزيون الكابل إلى الدرجة التي لا يستطيع معها بعض المستهلكين الاستمرار في دفعها.

وقال ماثيوبولكا، رئيس جمعية الكابل الأميركية، التي تمثل شركات تلفزيون الكابل الصغيرة، إن عقود دوري كرة القدم الأميركية التي تم الإعلان عنها هذا الأسبوع «ستثري بالتأكيد ملاك دوري كرة القدم الأميركية واللاعبين بنفس القدر الذي ستفقر به جميع مشتركي التلفزيون المدفوع، وخاصة أولئك الذين لن يشاهدوا مباريات دوري كرة القدم الأميركية».

وتريد جمعية الكابل الأميركية من المسؤولين الحكوميين أن يتدخلوا لمنع أصحاب القنوات التلفزيونية من رفع رسوم النقل وإلغاء القنوات عند حدوث اختلاف مع شركات مشغلي خدمة تلفزيون الكابل.

وقد وصف غريغ مافيي، معبرا عن المشاعر المكبوتة للآخرين، وهو الرئيس التنفيذي لشركة «ليبرتي ميديا»، مؤخرا على التكلفة الشهرية لإمبراطورية قناة «إي إس بي إن» الإعلامية بأنها «ضريبة مفروضة على كل الأسر الأميركية».

ويمثل باتريك فلين وزوجته نموذجا لتحدي المستهلك، حيث إنهما يدفعان لشركة «كومكاست» 170 دولارا شهريا مقابل الحصول على خدمات الإنترنت والتلفزيون وهاتف منزلي في مدينة بيفرتون بولاية أوريغون، وهما مدركان تمام الإدراك أن جزءا من قيمة الفاتورة التي يدفعانها يذهب إلى الجهات المسؤولة عن البطولات الرياضية، التي تطالب القنوات التلفزيونية بمبالغ متزايدة مقابل الحصول على حقوق البث التلفزيوني للمباريات، وهم لا يستحقون ذلك في رأي باتريك، باستثناء قناة رياضية إقليمية واحدة، حيث قال: «بالنسبة للمباراتين أو الثلاث من مباريات الفرق الرياضية التابعة لجامعة واشنطن، والتي تبثها قناة (إي إس بي إن) خلال العام، يمكننا أن نبحث عن جهة أخرى لتستضيفها».

ولكن هناك أيضا الملايين من المشاهدين، مثل راسيل تابيتس، من مدينة دالاس، الذي يقول: «إذا تم حذف القنوات الرياضية من باقات قنوات تلفزيون الكابل، فلن أفكر في امتلاك جهاز تلفزيون».

ويقول المديرون التنفيذيون في كل من القنوات التلفزيونية والبطولات الرياضية إن الغالبية العظمى من المشاهدين لا يريدون مشاهدة القنوات الرياضية فحسب، بل إنهم على استعداد أيضا، مثل تابيتس، لدفع المال لمشاهدة فرقهم المفضلة، حيث شاهد نحو 25 مليون شخص ليلة الأحد المباراة التي أقيمت بين فريق «نيويورك غاينتس»، وفريق «دالاس كابويز» على قناة «إن بي سي»، وهو ما يمثل أعلى نسبة مشاهدة لبرامج القناة في تلك الليلة بزيادة قدرها ثلاثة أضعاف عن نسبة المشاهدة التي تحظى بها برامج القناة في المتوسط، كما وجدت استطلاعات الرأي أن قناة «إي إس بي إن»، التي تبث البرنامج الشهير «كرة القدم ليلة الاثنين»، إلى جانب إغراق المشاهدين بالعديد من البرامج الرياضية الأخرى حول كرة القدم الأميركية طوال بقية أيام الأسبوع، تعد من أهم قنوات تلفزيون الكابل التي يرغب المشتركون في مشاهدتها.

ولكن تكلفة الاشتراك في قناة «إي إس بي إن« تعد مرتفعة، من ناحية أخرى، بالنسبة لغيرها من القنوات، حيث تحصل القناة على نحو 4.69 دولار في الشهر لكل وصلة كابل أو وصلة قمر صناعي منزلي في الولايات المتحدة، وذلك وفقا لما ذكرته شركة «إس إن إل كاجان» للبحوث، ومن المتوقع في العام المقبل أن تتجاوز تكلفة الاشتراك في قناة «إي إس بي إن» 5 دولارات في الشهر للمرة الأولى في تاريخ قنوات الكابل (أعلى قيمة اشتراك يليها هو اشتراك قناة «تي إن تي»، والذي يبلغ 1.16 هذا العام)، وقد أعلنت قناة «إي إس بي إن» يوم الخميس عن اتفاق حقوق البث الأخير الذي عقدته مع الرابطة الوطنية للاعبين الرياضيين بين الكليات، والذي يمتد حتى عام 2024.

وقال أدوين دورسو، نائب الرئيس التنفيذي لقناة «إي إس بي إن»: «تحظى الرياضة بشعبية كبيرة في أميركا، وأعتقد أن التكاليف التي نتكبدها نحن وغيرنا في إنتاج البرامج الرياضية التلفزيونية تعكس ذلك بشكل واضح»، كما أشار دورسو بشكل دقيق إلى أن قناة «إي إس بي إن» لم تقم بتحديد أسعار تجزئة معينه لمحتواها الرياضي، ولكن شبكة قنوات «إي إس بي إن»، التي تحتوي إلى جانب قناة «إي إس بي إن» قنوات شقيقة أخرى، مثل قناة «إي إس بي إن 2» وقناة «إي إس بي إن كلاسيك»، على نحو 6.50 دولار شهريا من كل مشترك، وذلك وفقا لما ذكرته شركة «إس إن إل كاجان»، بينما تحصل غيرها من القنوات الرياضية، مثل قناة «فوكس الرياضية»، وشبكة «إن إف إل» التلفزيونية، وقناة «فيرسوس»، والتي سيعاد تسميتها قريبا بـ«إن بي سي الرياضية»، على نحو 1.50 دولار شهريا.

وقد بدأت بعض شبكات البث التلفزيونية والإذاعية في السنوات القليلة الماضية، مثل «سي بي إس» و«إن بي سي» في مطالبة مزودي خدمة تلفزيون الكابل أو التلفزيون الفضائي بدفع رسوم شهريه، حيث تدخل هذه الرسوم بشكل غير مباشر في تغطية تكاليف البرامج الرياضية.

ويقع العبء في النهاية على المشتركين، حيث يقول ديفيد بانك، وهو محلل وباحث في مجال الأسهم في شركة «آر بي سي كابيتال ماركتس»: «إذا نظرنا إلى السلسلة الغذائية في مجال الإعلام، سنجد أن المستهلك هو آخر فرد في هذه السلسلة».

ولم تستطع صناعة تلفزيون الكابل الوقوف حتى الآن في وجه التكاليف المرتفعة للقنوات والشبكات التلفزيونية الرياضية، فشركة «تايم وارنر كيبل» تقدم باقة صغيرة ورخيصة من القنوات لا تتضمن قناة «إي إس بي إن»، ولكن لم يشترك فيها سوى عدد محدود من المشتركين، كما رفضت كل من شركة «تايم وارنر» وشركة «كيبلفيجن» إدراج شبكة «إن إف إل» ضمن باقات قنواتهما، مشيرتين إلى التكلفة العالية - 81 سنتا في الشهر، وفقا لشركة «إس إن إل كاجان» - ولكنهما تعرضتا لانتقاد شديد من قبل عشاق الرياضة لقيامهما بذلك.

ولكن رغم ذلك، قد يكون هناك بديل سيظهر قريبا على شبكة الإنترنت، وهو البديل الذي كان الكثيرون يعتبرونه من قبيل الهرطقة حتى وقت قريب، حيث يجري بعض الموزعين، مثل شركة «دش نيتورك»، محادثات في الوقت الحالي مع مالكي القنوات التلفزيونية بشأن إنشاء مزودين افتراضيين لخدمات تلفزيون الكابل على شبكة الإنترنت يقومون ببث القنوات عبر شبكة الإنترنت بدلا من الكابلات التقليدية، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعمل على تفكيك باقات القنوات التي كان المشتركون مضطرين لقبولها على مضض خلال السنوات الماضية، مما سيتيح للمشتركين الذين لا يحبون الرياضة إمكانية تجنب دفع ثمن الاشتراك في القنوات الرياضية.

وقال الرئيس التنفيذي لمالك إحدى تلك القنوات، والذي أصر على عدم ذكر اسمه نظرا لسرية المحادثات: «إنهم يبحثون بنشاط عن طرق لتقديم باقات أقل تكلفة لا تتضمن القنوات الرياضية، وقد يكون هناك سوق في أميركا لمثل هذه الباقات الجديدة يتكون من 10 أو20 مليون شخص من الذين سيكونون في غاية السعادة للاشتراك في 50 أو60 قناة ليس من ضمنها قناة (إي إس بي إن)».

وسيتمكن كل من شركات التوزيع القديمة، مثل شركة «دش»، وشركات التوزيع الجديدة، مثل «غوغل»، من خلال بث القنوات التلفزيونية عبر شبكة الإنترنت، من الالتفاف حول الشروط التعاقدية الملزمة وديناميات السوق، والتي تجبرهم بشكل فعال على تضمين القنوات الرياضية ضمن باقاتهم في الوقت الحالي، وقد امتنعت قناة «إي إس بي إن» عن التعليق بشكل مباشر على هذه الاحتمالية، ولكن دورسو قال يوم الخميس: «نحن سعداء لبيع الخدمة لأكبر عدد ممكن من الموزعين».

ولكن حتى لو تم إنشاء مزودين لخدمة تلفزيون الكابل على شبكة الانترنت، فإن الجهات المسؤولة عن البطولات الرياضية والشبكات التلفزيونية الراسخة قد أصبحوا مرتبطين الآن بعقود مربحة على المدى الطويل، فالاتفاقية التي عقدتها شبكة «إن إف إل» التلفزيونية لا تنتهي حتى نهاية موسم 2022، حيث قال بريان رولاب، وهو المسؤول الإعلامي لرئيس العمليات في شبكة «إن إف إل» التلفزيونية: «إن هذا الاتفاق يعتبر بمثابة اعتراف ضمني منا بأن العالم سيتغير، ولكننا لا نعرف ما هو الشكل الذي سيكون عليه هذا التغير».

وتراهن الشبكات التلفزيونية الرياضية على أنه مهما تغير شكل تلفزيون الكابل فإن الرياضة، وخاصة كرة القدم الأميركية، سيكون لها مساحة كبيرة فيه.

* خدمة «نيويورك تايمز»