«نيويورك تايمز» وأبرز التغطيات الإخبارية في 2012

تواجه الصحيفة تحديا كبيرا للحفاظ على موقعها الريادي في الصحافة الأميركية

TT

بصفتي «محرر الجمهور» أبدأ العام بتقدير كبير للتحدي الذي تواجهه صحيفة «نيويورك تايمز» للحفاظ على موقعها الريادي في الصحافة الأميركية. وأود مناقشة خمس قضايا هنا تتطلب جميعها تفكيرا عاقلا من قبل الصحيفة.

أولها الحملة الانتخابية. بالنسبة إلى صحافيي «نيويورك تايمز» وأقرانهم في الصحف الأخرى، هذا الحدث الذي يتم كل أربع سنوات يحفز إفراز هرمون الأدرينالين ويتطلب ملاحظة حكيمة من قبل رؤساء التحرير لضمان أن يكون التوازن والعدل والدقة فوق المنافسة.

كتبت في عمودي في 4 ديسمبر (كانون الأول) عن اتجاه الصحافيين لفرض رواياتهم عن السباق الرئاسي، وهو ما قد يخفي بعضا مما يقوله المرشحون. وكما أوضح المؤتمر الجماهيري الذي أقيم الأسبوع الماضي في آيوا، يبدو أن التنافس على ترشيح الحزب بقوة بعيد كل البعد عن أي التماسك. في بداية الحملة، قررت صحيفة «نيويورك تايمز» ألا تكثف تغطيتها لأخبار رون بول، عضو الكونغرس الليبرالي عن ولاية تكساس، وريك سانتورم، عضو مجلس الشيوخ السابق عن ولاية بنسلفانيا. أكد ظهورهما القوي يوم الثلاثاء بعد سلسلة من الأفعال لعرقلة المرشحين الآخرين مدى صعوبة قراءة هذه المنافسة على الصحيفة.

وسارعت الصحيفة في تغطيتها لنتائج يوم الثلاثاء لتقديم رواية جديدة وهي أن ولاية نيوهامبشاير قد لا تكون مهمة حاليا وهو ما يقلل من فرص ميت رومني الذي يعول على أهميتها، وأنها ستكون حملة طويلة، بينما يأمل رومني أن تنتهي في يناير (كانون الثاني)، وأن ريك سانتورم هو النجم البازغ الجديد (أم أنه سيكون ضحية العشوائية؟). إن افتراضات صحيفة «نيويورك تايمز» يمكن الدفاع عنها، لكن معركة الفوز بترشيح الحزب تعلم الصحافيين درسا في التواضع لأنه لا أحد يمكنه الجزم بما يمكن أن يحدث في المستقبل.

الأمر الثاني هو تغطية الصحيفة للأخبار الخاصة بها. لقد قلت في بداية المقال، إن حفاظ الصحيفة على موقعها الريادي في مجال الصحافة يمثل تحديا كبيرا. وجزء من هذا التحدي يتضمن حجم التغطية الكبير لتغطية صحف مثل «بوليتيكو» للحملة الانتخابية وسرعتها. وهناك مد صاعد للمؤسسات الإخبارية التي تحصل على تمويل كبير وتتنافس على القراء والإعلانات على الموقع الإلكتروني مثل «نيويورك تايمز». من تلك المؤسسات وكالة «رويترز» التي نشرت خبرا في نهاية ديسمبر عن اتفاق تقاعد مربح لجانيت روبنسون، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة «نيويورك تايمز» التي تغادر منصبها. وذكرت وكالة «رويترز» أن جانيت ستحصل فقط على 4.5 مليون دولار مقابل خدمة استشارات، وهو ما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز» من قبل، لكن سيحق لها الحصول على 10.9 مليون دولار كمعاش.

وقد أشارت الصحيفة إلى ذلك قبل الإعلان عن مغادرة جانيت للمنصب، حيث دعا رئيس الصحيفة، أرثر سلزبرغر، إلى عقد اجتماع معها أثار خلاله موضوع اختيار قيادة جديدة للشركة، وهي معلومات تشير إلى إقالتها.

ومع ذلك، يتطلب سيل الأخبار الذي انهمر على الشركة مؤخرا محاولة أكثر عمقا لذكر كيفية تأثير الاقتصاد والمنافسة على صحيفة «نيويورك تايمز»، إضافة إلى المغادرة المفاجئة لرئيس الصحيفة التنفيذي، شهد النصف الثاني من العام تسديد الشركة لديون قدرها 250 مليون دولار إلى كارلوس سليم هيلو، قطب الأعمال المكسيكي وتقاعد كبير مدير قسم العمليات الرقمية في الصحيفة، مارتن نيسينهولتز الذي يبلغ من العمر 56 عاما، وبيع مجموعة الصحيفة الإقليمية مقابل 143 مليون دولار، وزيادة سعر بيع الصحيفة التي تصدر من الاثنين إلى السبت، بالتجزئة بنسبة 25 في المائة. الأمر الذي يستدعي تغطية الصحيفة لأخبارها هو تغطيتها الكبيرة لأخبار الصحف الأخرى. على سبيل المثال، في العدد الصادر بتاريخ 13 ديسمبر، عن مغادرة رئيس تحرير صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، روس سانتون، أعادت الصحيفة صياغة أقوال نسبت إلى مصادر لم تفصح عن اسمها، تشير إلى عدم اهتمام سانتون بالصحافيين، مما أثار غضبه، وأكد لي عدم صحة النقل عن مصادر لم يتم الكشف عن اسمها من أجل الهجوم عليه.

قال بروس هيدلام، رئيس القسم الإعلامي في صحيفة «نيويورك تايمز»، إن الصحيفة عبرت عن المشاعر التي توجد في صالة تحرير صحيفة «لوس أنجليس تايمز». وأوضح قائلا «لقد كان هذا رأي 10 صحافيين حاليين وسابقين على الأقل». وقال مشيرا إلى الصحافية آمي شوزيك: «لقد التزمنا بقواعدنا حول التعليقات السلبية للمصادر التي ترفض كشف اسمها، فنحن لم نستغلهم، لكن هذا لم يمنعنا من اختصار ما كنا نسمع».

أرى أنه ليس من العسير في أكثر صالات التحرير العثور على صحافيين يريدون انتقاد رؤسائهم ويرفضون ذكر أسمائهم. من الضروري عدم تجاوز الحد فيما يتعلق بنشر هذه الانتقادات لمصادر رفضت الإفصاح عن هويتها. من الأمور الأخرى أزمة الديون الأوروبية. لقد أوضحت في شهر أغسطس (آب) الماضي، أنه كان من الأفضل توجيه الاستثمار الضخم للصحيفة في مدونة «ديل بوك» التي تعتمد على «وول ستريت» إلى تغطية التطورات الكارثية في منطقة اليورو. وإحقاقا للحق، عملت الصحيفة على تغطية الأزمة عندما تصاعدت في نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر. وذكرت الصحيفة في عددها الصادر بتاريخ 21 ديسمبر، أن قرار المصرف المركزي الأوروبي بضخ 640 مليار دولار في المصارف قد يمثل «نقطة تحول». وفي مقال آخر، توقع فلويد نوريس أن تكون الخطوة التي اتخذها المصرف المركزي «كفيلة باستمرار أزمة أوروبية لعامين على أقل تقدير والسير في عملية إعادة رسملة المصارف». ويعد لاري إنغراسيا، محرر أخبار المال، بالمزيد من «المقالات التحليلية لمسار الأحداث»، وأنا سعيد بذلك.

وتمثل قضية الغاز الطبيعي قضية أخرى أود الإشارة إليها. لقد كتبت مقالتين نقديتين في يوليو (تموز) عن سلسلة التحقيقات الصحافية عن التنقيب التي نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز»، لكن مع بداية عام 2012 أرى مشكلة في تغطية الصحيفة للغاز الطبيعي الذي بات موضوعا مهما من مواضيع الطاقة والبيئة.

تكتب الصحيفة عن الغاز الطبيعي في صفحة الأعمال وصفحة الأخبار المحلية وصفحة المترو. في بعض المقالات، كان التركيز على الفرص الاقتصادية الكبيرة، بينما كان التركيز في بعض المقالات الأخرى على ما تمثله عملية التنقيب من خطر على البيئة. تبدو التغطية لي مشتتة، وأحيانا متناقضة ومتضاربة. ما هي الصورة الكاملة؟ أخبرني دين باكيت، المدير التنفيذي، أن صحيفة «نيويورك تايمز» كان بمقدورها التنسيق في هذا الموضوع عام 2012، وكان ينبغي أن يكون لديها رئيس تحرير يضمن أن يعرف الجميع بما يفعله الآخرون.

وأخيرا، يأتي موضوع حروب الهجمات الجوية. المجد لصحيفة «نيويورك تايمز». لقد حثت الصحيفة العام الماضي على الضغط على إدارة أوباما للكشف عن المنطق القانوني للهجمات الجوية بطائرات من دون طيار في قضية أنور العولقي، المواطن الأميركي الذي قتل في اليمن. وأقامت الصحيفة في 20 ديسمبر دعوى قضائية لإجبار وزارة العدل على الكشف عن هذا المنطق والسند. لقد كانت خطوة مهمة توضح مركز الصحيفة الريادي ودور الصحافة الحرة التي لا يمكن الاستغناء عنها. ويأتي هذا في وقت تحدث فيه التكنولوجيا تحولا في عالم إدارة الحروب السري، ناهيك عن المشهد الذي على الصحيفة أن تنافس فيه من أجل البقاء.

* خدمة «نيويورك تايمز»