المنافسة بين باكستان والهند تنتقل إلى عالم «تلفزيون الواقع»

يتبارى فيها الطهاة والموسيقيون بعضهم ضد بعض

جانب من برنامج الطهي الذي يتنافس فيه متسابقون هنود وباكستانيون
TT

شاركت العدوتان اللدودتان، باكستان والهند، على مدى عقود في سباق خطير للتسلح النووي، وهما تتنافسان الآن أيضا، ولكن في محفل أكثر تفاؤلا. وسوف تكون نتيجة هذا التنافس، الكاري الفاتح للشهية، والأغاني الشعبية الصوفية المهدئة، وليس الصراع العنيف.

وتتنافس الجارتان المختلفتان وجها لوجه في زوج من برامج «تلفزيون الواقع» التي يتبارى فيها الطهاة والموسيقيون ضد بعضهم البعض. ويأمل منتجو تلك البرامج في أن تتمكن المسابقات من المساعدة على سد الهوة بين الأمتين، اللتان ولدتا من نفس الرحم، ولكنهما أمسكتا برقبتي بعضهما منذ ذلك الحين.

ولكن حتى الآن فإن الأمور لم تنجح بشكل كامل، حيث انسحب كبير الطهاة الباكستانيين مبكرا من مسابقة الطهاة، التي تحمل اسم «فوودستان»، متهما الحكام بالتحيز لصالح الهند، ومهددا بمقاضاة المسابقة. وقد نفى المنتجون هذه المزاعم.

وقد تم تأسيس باكستان والهند في عام 1947 بعد انهيار الإمبراطورية البريطانية، حيث خاضت الدولتان 3 حروب كبرى، اثنتان منها بسبب إقليم كشمير المتنازع عليه.

ولا يحاول البرنامجان التلفزيونيان إخفاء أو تحسين مظهر هذا التاريخ المؤلم، بل يتعاملان معه باستخفاف.

وقالت ايرا دوبي، المضيفة المشاركة، خلال واحدة من الحلقات الأولى لمسابقة، «فوودستان»، التي بثت لأول مرة في الهند في 23 يناير (كانون الثاني)، وسيتم بثها في باكستان ابتداء من منتصف فبراير (شباط): «ستصبح المنافسة الآن، في هذه المسابقة التي تعد أعظم مسابقة على مستوى العالم، أكثر حدة».

وقال نظيرها، علي خان، إن هدف الفريقين سيكون «هزيمة الفريق الآخر هزيمة منكرة، لكي يتمكن الفريق الأول من الفوز بالمسابقة والتربع على عرش الطهي».

وكان من المقرر أن يتنافس 8 من الطهاة من كل دولة بشكل فردي وجماعي على مدى 26 حلقة، مدة كل حلقة منها ساعة واحدة، حيث سيقوم الفائز بتأليف أول كتب مسابقة «فوودستان» للطهي، بالإضافة إلى حصوله على رحلة إلى 3 مدن من اختياره في أي مكان في العالم.

وهناك تداخل كبير في مأكولات كلا البلدين، فضلا عن التداخل في الموسيقى، واللغة، والثقافة. فالباكستانيون والهنود على حد سواء يحبون الكاري والكباب والبرياني؛ طبق الأرز المتبل. ولكنهما غالبا ما يستخدمان مكونات مختلفة، كما يمكن أن تختلف الأطباق أيضا من منطقة إلى أخرى داخل البلد نفسه.

وغالبا ما تتضمن الأطباق الباكستانية لحوم الأبقار، التي لا يتناولها العديد من الناس في الأغلبية الهندوسية الهندية لأسباب دينية. وتعد الأطباق الهندية أكثر نباتية، ويتم طهيها في كثير من الأحيان بمكونات غذائية مختلفة، مثل حليب ثمرة جوز الهند، التي نادرا ما توجد في باكستان.

وقد غاب عن كثير من الباكستانيين والهنود الاستمتاع بمذاقات أطباق البلد الآخر، لأن العداء المتبادل جعل من السفر عبر الحدود عملية صعبة.

وقالت ميرزا فهد، مساعدة إنتاج في قناة «تلفزيون نيودلهي» المحدودة الهندية، التي قامت بإنتاج برنامج «فوودستان»: «لا يعرف الهنود الشكل الذي يبدو عليه الطعام الباكستاني، والعكس بالعكس، على الرغم من كون الاثنين جيران، حيث كان يتوجب عليهما معرفة ذلك منذ وقت طويل».

وقد أعطى الحكام، خلال أول عملية طبخ يجري تصويرها في البرنامج، الذي تم تصويره في نيودلهي، 4 من الطهاة من كل جانب ساعتين لإعداد مجموعة من الأطباق، شملت البرياني، والكاري، والكباب، والحلوى. وقد أعطى كل حكم من الحكام الـ3 درجة من أصل 10 درجات لوجبة كل فريق.

وقد أحب الحكام كثيرا طبق البرياني الذي يقوم الباكستانيون بطهيه (اسمه مشتق من الكلمة الفارسية «بران» التي تعني «المقلية» أو «المشوية») وطبق كباب الدجاج الخاص بهم، المحشو بالتين والزيتون والخبز وصلصة المانجو، وطبق حلوى «شاهي تكدا»، المكون من الخبز المقلي الغارق في الحليب الساخن والمغطى بالبهارات. وقد حصل الفريق على 21 نقطة من أصل 30 نقطة، حيث كان السبب وراء فقدان الفريق لهذه النقاط، هو كون طبق الدجاج بكاري الشاليمار، الذي قاموا بطهيه، مطاطيا بعض الشيء.

وقد انتهى الأمر بفوز الهنود بالمسابقة الأولى بفارق نقطة واحدة، حيث تضمنت قائمة الطعام الخاصة بهم دجاج تكا بكريمة الكمأة، وكفتة الجبن الغارقة في الطماطم والكاري السائل بلون الكستناء، وبرياني لحم الغنم، والفيرني؛ وهو نوع من حلوى الأرز المغطاة بغرانيتا الفراولة.

وقد ادعى قائد الفريق الباكستاني، محمد نعيم، وهو رئيس الطهاة في فندق «بارك بلازا» في مدينة لاهور، أن الحكام لم يكن لديهم ما يكفي من المعرفة بالأطعمة الباكستانية، وأنهم كانوا ينوون من البداية اختيار أحد الهنود ليعلنوا فوزه.

وقد كان الحكام مكونين من طاه بريطاني، وناقد للطعام الهندي، وممثلة من ممثلات بوليوود ذات أصول باكستانيه وفرنسية.

وقال عضو آخر في الفريق، يدعى أختار رحمن، وهو كبير الطهاة في فندق «ماريوت» في مدينة إسلام آباد، إنه على الرغم من أن المخاوف من الحكام كانت واسعة الانتشار إلى حد كبير بين أعضاء الفريق الباكستاني، فإن نعيم كان هو الوحيد الذي انسحب من المسابقة.

ولم يظهر بعد ما إذا كانت المسابقة الموسيقية - التي تحمل اسم «سور كشيترا»، أو «ساحة القتال الموسيقية» - ستحمل هي أيضا اتهامات بسوء النية.

وقال محمد زيشان خان، المدير العام لـ«تلفزيون جيو» الباكستاني، الذي يقوم بإنتاج برنامج «سور كشيترا»، الذي يجري تصويره في دبي، إنه من المقرر أن يتم إذاعة البرنامج في باكستان والهند ابتداء من منتصف فبراير.

وقال خان: «تستطيع الموسيقى أن توحد بين الناس عبر الحدود وأن تقرب بينهم».

وسوف تشمل المسابقة فرقا مكونة من 6 من الموسيقيين من كل بلد، تتراوح أعمارهم بين 18 و27 عاما. وسيتم إرشادهم من قبل مطربين وممثلين معروفين ويحظيان بشعبية كبيرة، وهما الباكستاني عاطف أسلم، والهندي هيميش ريشاميا.

وقال خان إن هذه الفرق سوف تتنافس عبر مجموعة من الأنواع الموسيقية المختلفة، بما في ذلك موسيقى الجاز والبوب والروك والقوالي (نوع من الأغاني الشعبية الصوفية الإسلامية التي تحظى بشعبية في كلا البلدين).

وعلى الرغم من أن الجائزة الكبرى لم يتم تحديدها بعد، فإن خان قال إن الفائز يمكن أن يدعي أنه «رمز الموسيقى الجديد في شبه القارة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»