قانون حرية المعلومات: الكشف عن الوثائق في 20 عاما بدلا من 20 يوما

تم سن القانون بهدف تزويد المواطنين والصحافيين بالمعلومات اللازمة عن عمل وأداء الحكومة

تشديد قضائي على ضرورة الكشف عن الوثائق المطلوبة من قبل العامة («نيويورك تايمز»)
TT

ينص قانون حرية المعلومات الأميركي (FOIA) على أنه يتعين على الوكالات الفيدرالية أن تقوم فورا بالكشف عن الوثائق المطلوبة من قبل العامة، ولكن في حقيقة الأمر نادرا ما يتم الكشف عن الوثائق المطلوبة بموجب هذا القانون بالسرعة المطلوبة، حيث تلقت صحيفة «نيويورك تايمز» في الرابع من شهر يناير (كانون الثاني) الماضي ردا نهائيا من وزارة الدفاع على طلب كانت قد تقدمت به بموجب قانون حرية المعلومات في الأول من شهر يونيو (حزيران) عام 1997.

وهناك حكم قضائي يلزم الهيئات الحكومية بالرد على الطلبات المرسلة بموجب قانون حرية المعلومات في غضون 20 يوما. ومع ذلك، استغرق الطلب المرسل من «نيويورك تايمز» وقتا طويلا ربما يكون قد حقق الرقم القياسي في أطول مدة انتظار للرد، وفي الواقع هناك بعض الطلبات التي يتم الرد عليها بعد 20 عاما.

وقد تم سن قانون حرية المعلومات في الأساس بهدف تزويد المواطنين والصحافيين بالمعلومات اللازمة عن عمل وأداء الحكومة، ولكن يبدو أن القانون لم يعد يطبق بالشكل المطلوب في كثير من الأحيان، فعلى سبيل المثال، تقول إدارة المحفوظات والوثائق الوطنية إن أقدم طلب لها يعود إلى شهر سبتمبر (أيلول) عام 1992، بهدف الحصول على معلومات من مكتب البيت الأبيض للعلوم والتكنولوجيا حول ضمانات واختبارات الأسلحة النووية ومفاوضات نزع السلاح. وتعود المستندات المطلوبة إلى عام 1961. وثمة طلب آخر يعود لعام 1992 للحصول على وثائق من وزارة الخارجية تتعلق بحوادث الأسلحة النووية خلال الفترة بين عامي 1958 و1960، وطلب ثالث في عام 1993 للكشف عن وثائق يرجع تاريخها إلى الاحتلال الأميركي لإيطاليا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وتحديدا في ما يتعلق بالمافيا الصقلية.

والغريب في الأمر أنه لم يتم نفي أو إقرار تلك الطلبات، ولكنها معطلة في انتظار تدخل شخص آخر في وكالة أخرى لديه السلطة والصلاحيات التي تمكنه من تقرير ما إذا كان يمكن رفع السرية عن تلك الوثائق أم لا. ولا تملك إدارة المحفوظات والوثائق الوطنية السلطة التي تمكنها من ذلك.

وفي تعليقها على تأخير الرد على الطلبات لفترات طويلة، قالت مريم نيسبيت، وهي مديرة مكتب خدمات المعلومات الحكومية في إدارة المحفوظات والوثائق الوطنية والمسؤولة عن التحقيق في الشكاوى التي تقدم في إطار قانون حرية المعلومات: «لا أستطيع أن أدافع عن ذلك، ولا يمكن لأي شخص أن يقول إن التأخير لفترات طويلة شيء جيد».

وقد اعترف غاري ستيرن، وهو المسؤول عن ملفات الطلبات المقدمة بموجب قانون حرية المعلومات في إدارة المحفوظات، بوجود تأخير في الرد على الطلبات، قائلا: «تسير الأمور بشكل أبطأ مما يريده أي منا»، وأضاف أن بعض الطلبات كانت من بعض مؤلفي الكتب، وقد تم نشر هذه الكتب بالفعل، ولذا، فإن «التأخر يعد بمثابة رفض لتلك الطلبات». وقد تم رفع طلبات أخرى من قبل صحافيين، ولكنهم فقدوا اهتمامهم بالموضوع على مر السنين، وقد تتأخر بعض الحالات لفترات طويلة للغاية لدرجة أن «هناك بعض الطلبات من أناس قد رحلوا عن عالمنا بالفعل».

وأضاف ستيرن أنه على الرغم من أن بعض الطلبات لا تزال قيد الدراسة من الناحية الفنية، فإن جزءا منها قد يكون قد تم الرد عليه والكشف عن المعلومات المطلوبة منه في وقت سابق، كما أن المواد المتأخرة للغاية بالنسبة لمقال أو كتاب يمكن أن يتم إتاحتها لآخرين في وقت لاحق.

وعند سؤالها عما إذا كان التأخير لمدة 10 سنوات أو أكثر يعد شكلا من أشكال الرفض، قالت ميلاني بوستاي، وهي مديرة مكتب سياسة المعلومات في وزارة العدل: «الهدف النهائي هو الحد من الطلبات المتراكمة كلما كان ذلك ممكنا، مما يعني تقليل أعداد الطلبات ووقت الرد عليها».

وبموجب قانون عام 2007، يجب على الهيئات الحكومية إرسال تقرير سنوي إلى وزارة العدل يتضمن أقدم 10 حالات، وهو ما يحث هذه الهيئات على النظر في الحالات القديمة، على حد تعبير بوستاي. وكان مجلس الشيوخ قد أقر بالإجماع مشروع قانون مقدما من العضوين اللذين سبق لهما تقديم مشروع القانون الذي تم تمريره في عام 2007؛ باتريك ليهي وهو نائب ديمقراطي من ولاية فيرمونت، وجون كورنين وهو نائب جمهوري من ولاية تكساس، الذي من شأنه أن يعمل على تسريع هذه العملية.

وكان الرئيس أوباما قد أعلن فور توليه السلطة أنه يتعين على الحكومة الاتحادية العمل في ظل افتراض بأنه يجب الكشف عن الوثائق المطلوبة، ما لم يكن هناك سبب لعدم القيام بذلك. وكانت إدارة بوش قد شددت إجراءات الكشف عن الوثائق في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). وعلى الرغم من ذلك، فإنه لا يزال هناك تأخير في الرد على الطلبات.

في هذا العام، حصلت وكالة أنباء «أسوشييتد برس» على رسائل بريد إلكتروني تشير إلى أن أحد أسباب تأجيل البت في الطلبات هو أن المعينين السياسيين بإدارة أوباما كانوا يفحصون الطلبات. (وحصلت «أسوشييتد برس» على أجزاء من رسائل البريد الإلكتروني من خلال طلبات مقدمة بموجب قانون حرية المعلومات، غير أن بعض المواد تم حذفها بموجب بند في القانون يسمح للحكومة بالإبقاء على سرية مشاوراتها الداخلية؛ وذكرت أنها حصلت لاحقا على النصوص كاملة، لكنها لم تذكر كيف تمكنت من الحصول عليها.) وقال كورنين إنه كان هناك بعض التقدم في تزويد المواطنين بـ«حقهم الأساسي في الاطلاع على ما تقوم به حكوماتهم». غير أنه، على حد قوله، «ثمة حاجة لمزيد من الإجراءات من أجل تحسين الاستجابة وتقليل الدعاوى القضائية وتنحية السياسة جانبا عن العملية».

ربما يجدي نفعا البند الذي يتضمنه القانون الصادر عام 2007 والذي يلزم الوكالات بإرسال أقدم 10 طلبات حصول على المعلومات. وصرحت وزارة الدفاع في رسالة إخبارية داخلية مؤخرا أنها قد بتت في عام 2011 في أقدم عشر طلبات لديها.

وفي إطار عملية توثيق الطلبات المؤجلة، أعدت وزارة الدفاع تقريرا لفترة الاثني عشر شهرا التي انتهت في 30 سبتمبر (أيلول) 2010، موضحة فيه أن 12 طلبا من الطلبات التي كانت لا تزال معلقة تعود إلى القرن الماضي، وتشير وكالات فيدرالية أخرى عديدة إلى أن الطلبات التي لم يبت فيها تعود إلى 10 سنوات مضت على الأقل.

وأعلن «أرشيف الأمن القومي»، وهو عبارة عن منظمة غير ربحية كائنة في واشنطن وتعتبر من أكثر مستخدمي قانون حرية المعلومات، يوم 4 يوليو (تموز) الماضي، في الذكرى الخامسة والأربعين لتوقيع الرئيس ليندون جونسون على القانون، عن بعض الطلبات الأقدم التي لم يبت فيها حتى الآن. وتضمنت طلبا قدم في عام 1995 للحصول على معلومات عن صواريخ أرض - جو باكستانية، وطلبا مقدما في عام 1998 للمكتبة الرئاسية لجورج بوش عن مستندات تتعلق بتفجير طائرة أميركية تابعة لشركة «بان آم» رحلة رقم 103 فوق سماء لوكيربي بأسكوتلندا. يذكر أن حادثة التفجير وقعت في عام 1988.

وقدم طلب جريدة «نيويورك تايمز» الذي لقي ردا نهائيا في 4 يناير (كانون الثاني) من قبل صحافي يدعى فيليب شينون، الذي ترك الجريدة قبل ثلاث سنوات ونصف. وكان الطلب متعلقا بالاتصالات بين الحكومة الأميركية والخمير الحمر، الذين حكموا كولومبيا في الفترة من 1975 إلى 1979. وفي وقت تقديم طلب الحصول على المعلومات، كانت مجموعة الخمير ما زالت تملك جيش عصابات في غابات كمبوديا.

وقال موظف حكومي شارك في النظر في الطلب الذي قدمته صحيفة «نيويورك تايمز» في عام 1997 في مراحله الأخيرة: «يبدو أنه دخل ضمن ملف طلبات مؤجلة خاص بموظف ما». وطلب الموظف عدم الكشف عن هويته بسبب خوفه من فقدان وظيفته.

وفي بيان لها، قالت قيادة النقل الأميركية، الهيئة التابعة لوزارة الدفاع التي أرسلت الطلب من خلال رسالة بريد أثناء الليل: «عملية التنسيق مع جميع الهيئات التي ربما تكون معنية بالإمداد بالمعلومات المتاحة للنشر التي يحق للعامة الاطلاع عليها، عملية مضنية».

في واقع الأمر، كان شينون يبحث عن المعلومات من هيئات حكومية عديدة وتلقى جزءا من المعلومات التي سمح بنشرها في أعوام سابقة.

وأشار البيان إلى أنه قد تعين على الهيئة تجنب إفشاء معلومات مصنفة أو سرية وملاحظة بعض الاستثناءات الأخرى لقانون حرية المعلومات، من بينها متطلبات تتعلق بـ«تعزيز فاعلية هيئات إنفاذ القوانين وحماية المعلومات التجارية الحساسة والحفاظ على الخصوصية». ولم يوضح كيف يمكن تحقيق المتطلبات الثلاثة الأخيرة في هذه الحالة.

ويخول القانون الهيئات أيضا الاحتفاظ بالمعلومات التي تنتهك خصوصية أطراف ثالثة.

وفي حين كان الرد على شينون ردا على تساؤل لم يعد ملحا بدرجة كبيرة، يبدو أن الحكومة قد كرست جهدا كبيرا من أجل تقديمه. وتألف من 12 صفحة، مع 10 فقرات فقط تمت إعادة صياغتها.

وقالت نيسبيت، من إدارة المحفوظات والوثائق الوطنية، إن ثمة تحسينات ربما يتم إدخالها لاحقا. وتملك وكالة حماية البيئة نظام كومبيوتر تستخدمه في إرسال مسودات قواعد وقبول تعليقات عامة؛ وهي تعمل على مواءمة ذلك للتعامل مع الطلبات المقدمة بموجب قانون حرية المعلومات. ويمكن للنظام أن يسمح للناس بتعقب حالة طلباتهم، مثلما يمكنهم تعقب حزمة طلبات مرسلة من قبل خدمة الطرود الموحدة. وسوف توضح أيضا من طلب الحصول على أي معلومات، وهو نظام من شأنه أن ينشر المعلومات بشكل أكثر سلاسة، لكنه يصعب الأمر على الصحافيين الباحثين عن سبق صحافي.

* خدمة «نيويورك تايمز»