المراقب الصحافي: صور وأخبار

TT

الصورة والخبر وجهان لعملة واحدة. وقد نجحت «الشرق الأوسط» في الآونة الأخيرة في نشر باقة جميلة من الصور، غير أن هناك بعض الزوايا التي بدأت بداية إيجابية لافتة لكنها سرعان ما أصبحت مجرد زوايا تقليدية؛ منها «أخبار في صور»، الزاوية العمودية. والمتابع لهذا الركن في الشهرين الماضيين يجده محصورا في معظمه في صور استقبالات رسمية تقليدية. فليس في هذه الزاوية لمسات أو اختيارات إبداعية. وعلى الرغم من أنها تحتل مساحة رُبع الصفحة، فإنها لم تعد جاذبة، كما كانت في السابق. صحيح أن الاختيار اليومي للصور مرهق جدا للصحافيين، لكن حري بالصحيفة أن توقف هذه الزاوية إن لم تستطع المواصلة أو أن تعود إلى سابق عهدها في حسن انتقائها لصورها. وإن كنت أفضل، بوصفي مراقبا صحافيا وقارئا، أن تبقى زاوية «أخبار في صور» على أن تتحسن، وذلك لسبب بسيط؛ وهو أن الصورة ما زالت أبلغ من ألف كلمة، إن أحسنا اختيارها.

كما نلاحظ أيضا أن هناك إكثارا في الصفحات الداخلية والأولى من الصور التي تحمل لافتات يسير بها الناس في المظاهرات. هذه الصور، وإن كانت جزءا لا يتجزأ من الحدث، فإن كثرة استخدامها يجعلها غير عفوية وكأنها تتعمد توجيه القارئ، وهو أمر، وإن كان بعض المحررين لم ينتبهوا إليه، من واجبنا أن ننوه به، حتى يكون الاختيار مقصورا على لقطات مثيرة فعلا للانتباه وليست عبارات تقليدية متوقعة. في بعض الأحيان نجد صورتين كبيرتين في الصفحة نفسها تحملان لافتات لمتظاهرين في دول عربية وهو أمر لا نراه يخدم الخبر، فلا بد من التنويع.

أمر آخر نود الإشارة إليه وهو حسن اختيار المحررين للصور المرتبطة بالقصة الرئيسية في أسفل الصفحة الأخيرة. فهذه الزاوية أو تقرير الـ«Feature» الخاص كما يسمى في الصحافة ما زال يحسن انتقاء الأخبار مع صور لافتة.

أعتقد أن مراجعة الصور في «الشرق الأوسط»، بين حين وآخر، هو مسألة مهمة مثلها مثل مراجعة الأخبار المنشورة وتقييمها في اجتماعات التحرير المعتادة. لأن أي عمل إنساني لا بد أن تفتر وتيرته تارة وترتفع تارة أخرى، وهذه سنة الحياة والعمل الصحافي، ومن هذا المنطلق تأتي أهمية التفكير بطرق إبداعية أكثر للإكثار من الصور، لا سيما أن بعض طبعات «الشرق الأوسط» تمتاز بأنها ملونة من «الجلدة إلى الجلدة» كما يقال، وهذه حالة نادرة في عالم الصحافة، بل تحاول الصحف التقليل من الألوان بحجة التكاليف.