المتحدث الإعلامي لطالبان لـ «الشرق الأوسط»: الإعلام أكثر من نصف المعركة

قارئ أحمدي يوسف: مواقع التواصل الاجتماعي صوتنا إلى العالم الخارجي.. وقيمنا الإسلامية جعلتنا ننتصر

TT

إذا أردت معرفة سبب قبول حركة طالبان الأفغانية إجراء محادثات مع الولايات المتحدة، على الرغم من أنها تخوض قتالا ضاريا ضد أقوى جيش في العالم، أو ماذا سيحدث لمدارس الفتيات إذا عادت الحركة إلى السلطة، أو مرتبات عناصر طالبان الشهرية، ومن أين يحصلون على التبرعات، أو كيف يتواصلون مع العالم الخارجي، وكيف يجندون اتباعهم، وكيف يتابعون وسائل الإعلام ، فما عليك إلا أن تدخل إلى شبكة الإنترنت وتطرح سؤالك، وسيجيب قارئ أحمدي يوسف، المتحدث الإعلامي باسم الحركة، الذي توجهت إليه «الشرق الأوسط» عبر بريده الإلكتروني بعدد من الأسئلة. والملاحظ أن قيادي طالبان لديه جهاز إعلامي كفء، يتابع ويحلل ويرفع تقارير إلى المستويات العليا، وعلى الرغم من الانشغال في القتال، فإنه شخصيا يتواصل مع «تويتر» و«فيس بوك»، ويعتبر أن الإعلام هو أكثر من نصف المعركة، ويقول الأهم في المعركة الإعلامية: «كسب عقول وقلوب المتابعين، وذلك لا يأتي إلا من خلال الصدق في القول». وجاء الحوار على النحو التالي:

* هل يمكن للمتحدث باسم طالبان قارئ أحمدي يوسف أن يحدثنا عن نفسه؛ في أي المدارس تعلم؟ كم عمره تقريبا؟ هل حفظ القرآن كاملا في المدارس الدينية.. هل هو متخصص في الفقه والشريعة أو الإعلام؟ وبعد ذلك، هل ذهب إلى المدارس الثانوية؟، - عمري 37 سنة درست العلوم العصرية إلى المرحلة الثانوية، أحفظ القرآن الكريم تجويدا والحمد لله، وأنهيت دراسة العلوم الشرعية في مختلف المدارس الدينية.

أنشد الشعر وأجيد كتابة الخط العربي والفارسي بأنواعها المختلفة. أتحدث البشتو (لغة الأم) والفارسية، كما أنني أفهم لبعض اللغات الأخرى كالعربية والإنجليزية والأردو.

* منذ متى الشيخ منخرط في الجهاد الأفغاني؟

- منذ آخر أيام الجهاد السابق ضد الحكم الشيوعي في أفغانستان.

* هل الشيخ أحمدي متزوج وعنده أولاد.. وإن كان، فكم عمر أكبرهم؟

- نعم متزوج ولدي أولاد محمد أكبرهم سنا وعمره الآن 12 سنة.

* بحكم الجهاد، كيف تتواصلون مع أولادكم والعائلة؟

- في أكثر الأحيان أبقى بعيدا عن الأهل والأسرة، لكنني أكون معهم على اتصال دائم من خلال وسائل الاتصال.

* كبشتوني أصيل ما الآية القرآنية الكريمة التي يرددها الشيخ على لسانه في الصباح أو المساء؟

- كمسلم مجاهد أردد كثيرا الآية «23» من سورة الأحزاب: «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر».

* هل تجيدون أدوات التواصل الاجتماعي وتتعاملون مع الكومبيوتر والإنترنت و«فيس بوك» و«تويتر»؟

- نعم، والحمد لله، أحترف استخدام الكومبيوتر، ولي صفحات على شبكة التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، و«تويتر» و«يوتيوب».

* لماذا منعتم الكومبيوتر والتلفزيون ومدارس البنات والإنترنت إبان حكمكم لأفغانستان من 1996 إلى 2001؟

- كانت ظروف أفغانستان غاية الصعوبة في ذلك الوقت. فإلى جانب القتال الداخلي الذي وقفت خلفه أطراف خارجية كثيرة كان هناك الحصار الظالم والعقوبات المفروضة علينا، إضافة إلى سوء الأوضاع الاقتصادية. كل ذلك لم يمكنا من النهوض بالكثير من أعمال التنمية الأساسية في التعليم والصحة وباقي الخدمات العامة والمرافق. ولا ننسى أن السوفيات تركوا البلد مدمرا ومزروعا بملايين الألغام التي تقتل وتجرح السكان يوميا، كما لم يدفعوا ما يتوجب عليهم من تعويضات حرب ضروس دمرت أفغانستان. لهذا لم يكن المنع الذي تذكره مقصودا من جانبنا بقدر ما كان مفروضا علينا، كما تفرض أميركا علينا الآن الحرب العدوانية منذ أكثر من عشر سنوات. والأشياء التي ذكرتها لم تکن ممنوعة عندنا، بل كنا نستخدم الكومبيوتر في مكاتبنا الإدارية، وكانت هناك دراسة الفتيات في المجال الطبي، وكنا نستخدم ونستفيد عن الشبكة العنكبوتية، وأنها ليست ممنوعة في حد ذاتها بل الممنوع هو إساءة استخدامها.

* هل لديكم خبراء في الكومبيوتر والمعلوماتية؟

- شبابنا يتميز بالذكاء والعزيمة والصبر، وقد تعلموا الكثير جدا في ظروف الحرب القاسية، وسوف يتعلمون أكثر بعد تحقيق التحرير وعودة الحكم الإسلامي. وسوف يندهش العالم من إنجازات الشباب الأفغاني في كل المجالات الحديثة.

* هل التواصل الإعلامي عبر الإنترنت مهم الآن للإمارة الإسلامية في أفغانستان؟

- الإعلام هو جزء أصيل ومهم من الحرب الدائرة بيننا وبين العدو المحتل، وربما هو أكثر من نصف الحرب. وعبر الإعلام نتواصل مع شعبنا في الداخل والخارج ونشرح قضيتنا ونسمع صوتنا للمسلمين كافة وللعالم بوجه عام. بالطبع تنقصنا الإمكانات الفنية والمادية ولكن لا تنقصنا العزيمة والإيمان، وهو ما لا يتوفر لدى عدونا. فالأهم من توافر الإمكانات توافر الصدق في المادة الإعلامية، وذلك ما يجعل إعلامنا متفوقا على إعلام العدو على الرغم من الإمكانات الضخمة التي يمتلكها. فالقيم الإسلامية هي التي جعلتنا ننتصر ونتفوق على العدو في مجالات الإعلام، كما في مجالات الحرب.

* لكم موقع على الإنترنت وهناك كثير من المتابعين له.. هل تتواصلون مع هذا الموقع؟

- الدخول إلى موقع على شبكة الإنترنت، ليس أصعب من دخول جبهات الجهاد والقتال. والأهم من دخول موقع الإنترنت هو الدخول إلى عقول وقلوب جمهور المتابعين، وذلك لا يأتي إلا من خلال الصدق في القول مع الإيمان بعدالة قضية شعبنا وجهاده ضد المعتدين دفاعا عن دينه ووطنه.

* هل يقرأ المتحدث باسم طالبان الجرائد العربية ويتابع مثلا ما يكتب في الصحف الأميركية والغربية أم تعتبرونها صحف الشيطان؟

- متابعة كل ما يمكننا الوصول إليه من مواد علمية وإعلامية هو جزء من مهمتنا، خاصة تلك المواد التي تتعلق بقضيتنا ولو بشكل غير مباشر وبالطبع تلك مهمة جهاز إعلامي يتابع ويحلل ما يقرأ ويقدم تقارير للمستويات الأعلى. وأعمال الشيطان لا تخفى علينا سواء في الصحف أو في غيرها.

* بحكم أن المؤمنين «حلويون»، أي يحبون الحلوى، ما أنواع الأطعمة التي تقبلون عليها؟

- لا أعيب أي نوع من الطعام عملا بالحديث الشريف: «ما عاب رسول الله طعاما قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه» (أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه)، لكنني أحب الثريد، الأكلة الأفغانية المفضلة.

* لماذا قبلت حركة طالبان الأفغانية إجراء محادثات مع الولايات المتحدة، على الرغم من أنها تخوض قتالا ضاريا ضد أقوى جيش في العالم؟ ولماذا أوقفت مفاوضات الدوحة؟ وهل أغلقتم مكتب قطر؟

- الهدف من استمرار الجهاد ضد المحتلين وإجراء المفاوضات معهم شيء واحد، وهو طرد جيوش العدوان وإعادة الحكم الإسلامي إلى البلاد مرة أخرى. واستمرار المفاوضات أو وقفها مرهون بتحقيق ذلك الهدف. ونحن أوقفنا المحادثات ‌لأننا وجدنا العدو يطيل فيها بلا فائدة ويستغلها لمصالحها.

* الشباب الأفغاني كيف يتواصل مع حركة طالبان؟ وكيف ينضم الشباب الجدد إليكم؟

- الإمارة الإسلامية جزء أصيل من الشعب الأفغاني، وهم أبناء ذلك الشعب يعيشون بين صفوفه في كل مكان. ولذلك لا توجد مشكلة في التواصل أو في الانخراط في العمل الجهادي بكل أشكاله. والنشاط الجهادي يستوعب الشباب والشيوخ والأطفال، والبيت الجهادي لا يقوم إلا بتضحيات المرأة المجاهدة التي ترعاه.

* كم مرتب جهادي طالبان؟ وهل يقبض بالدولار؟ وأرجوك ألا تجيب أنه في سبيل الله، لأن عنده عائلة وأطفالا.. تقريبا كم في الشهر؛ 200 دولار؟ ومن أين يأتيكم الدعم المالي؟

- أولا ليس لدينا من يقبض بالدولار، فتلك الآفة موجودة عند غيرنا، ويمكنك أن تسأل عنها في كابل وفي عواصم كثيرة أخرى. ومن المعروف أن العملة الأفغانية التي طبعها الاحتلال مرتبطة بعملة المحتل، وهي الدولار، وذلك موجود في كل الدول التي لأميركا سيطرة عليها. والدعم المالي للحركة يتكفل به الشعب الأفغاني نفسه، ولو كان الأمر غير ذلك لما بدأ ذلك الجهاد أصلا أو لتوقف منذ أمد بعيد. فنفوذ أميركا الدولي معروف ولا يجرؤ على تحديه أحد سوى قلائل نادرون. ولا تقدم الإمارة كفالات سوى لعدد محدود من المتفرغين لمهام معينة، أما العدد الأعظم من المجاهدين فتعولهم أسرهم أو قبائلهم. والحركة تقدم دعما ماليا ولوجيستيا للجبهات المختلفة، ويقدم السكان والقبائل جزءا آخر من ذلك الدعم، كون المجاهدين هم أبناء تلك القبائل.

وحتى أثناء حكم طالبان كانت القبائل ترسل أبناءها ضمن قواتنا وتتكفل بنفقاتهم الخاصة ونفقات عائلاتهم. فالقبيلة لها دور اجتماعي كبير جدا في أفغانستان، وهو دور عظيم الأثر في حالات الجهاد التي تمر بذلك البلد.

* ما ردكم على الذين ينشقون عن طالبان، بحسب قول الحكومة الأفغانية، وفق برنامج المصالحة؟

- سبق أن أوضحت طالبان ذلك الأمر، وأنه جزء من الحرب النفسية ضد المجاهدين، ولتثبيط همة الشعب وصرفه عن الجهاد. فالعناصر المستسلمة ليسوا سوى أعوان للحكومة وأتباع لأمراء الحرب الذين يتلقون أموالا طائلة من الاحتلال في مقابل تلك الادعاءات الفارغة.

وقد شهدنا في أواخر أيام الاحتلال السوفياتي حملة حكومية مشابهة تحت دعوى المصالحة. وكلفت الحملة الكثير جدا من الأموال والأسلحة التي وزعوها كرشاوى لمن سار في ركب تلك الحملة مستفيدا من عوائدها. ولكن المجاهدين أرغموا المحتلين السوفيات على الفرار، وأسقطوا حكومة كابل، وذلك هو نفس برنامج المجاهدين الآن. فليس في برنامجهم إطلاقا التصالح مع الاحتلال أو نظام كابل.

* هناك استفسار كثيرا ما يتردد.. ماذا سيحدث لمدارس الفتيات إذا عادت الحركة إلى السلطة؟

- ذلك السؤال جزء من الحملة النفسية، وحملة مبكرة ضد حكمهم المقبل، ولصرف الأنظار عن المشكلة الأساسية وهي كارثة الاحتلال وجرائمه المستمرة ضد الشعب الأفغاني رجالا ونساء وأطفالا. فليس الاحتلال هو صديق التعليم أو المرأة، بل هو عدو لجميع أفراد الشعب ولجميع المسلمين. وفي ظل حكم الإمارة الإسلامية لن يأخذ أحد مهما بلغت قوته، أكثر مما حددته له الشريعة، ولن يحرم أحد مهما بلغ ضعفه، من حقوقه التي كفلها الشرع له. فالمسألة لا تتعلق أبدا بالأهواء أو الأمزجة أو رغبات المفسدين والدول الباغية مهما كانت قوتها. والمسألة في التعليم هو انضباطه بمعايير الشرع، سواء كان التعليم خاصا بالأولاد أو بالفتيات. والتعليم مأمور به شرعا من المهد إلى اللحد سواء للفتى أو للفتاة. وعلى سبيل المثال فتعليم الأولاد والبنات الآن يستخدمه الاحتلال في محاربة الإسلام في نفوس الأجيال المقبلة، وكذلك كان يفعل السوفيات من قبل في أفغانستان. نحن ضد إساءة استخدام العملية التعليمية في تغيير دين وهوية وثقافة الأمة، ولكننا لسنا ضد التعليم في حد ذاته، سواء للأولاد أو للفتيات.

* الكومبيوتر، هل يمكن القول إنكم عازمون على خوض حرب الاتصالات والمعلومات حتى النهاية؟

- طالما نحن في حالة حرب فسوف نستخدم كل الوسائل الحديثة المتاحة ونكتسب كل الخبرات الممكنة. وبعد التحرير سيكون امتلاك ناصية العلوم والتكنولوجيا الحديثة تحديا أساسيا أمامنا كي نطور بلادنا ونزيدها قوة ومنعة، ونحسن معيشة شعبنا الذي عانى كثيرا من عدوان المعتدين والطامعين.

* هل لديكم مفتٍ شرعي؟ وما اسمه؟ يجيب عن أسئلتكم واستفساراتكم فيما يخص الجهاد والمعارك والحياة اليومية أم تلجأون إلى ما يعرف باسم «مجلس علماء أفغانستان»؟

- لدينا الكثير من العلماء في معظم أنحاء أفغانستان وهم يقدمون مشورتهم ويوضحون أحكام الشريعة في كل مناحي الحياة التي يتصدى لها المجاهدون والمواطنون، كما يعقدون المحاكم لفض النزاعات في المناطق المحررة التي تشمل الآن معظم مساحة البلد. والإمارة تقدم المشورة والأحكام الشرعية في القضايا المهمة التي يرفعها إليها القادة الميدانيون والعلماء من كل المناطق. والإمارة تقدم إلى الإفتاء من تتوافر فيهم المواصفات الضرورية من علم وتقوى وجهاد. وتلك مواصفات لا تتوافر فيمن سخروا علمهم الشرعي لخدمة حكومة عينها الاحتلال ويحميها بقواته.

* نشركم مثلا آيات قرآنية على «فيس بوك» أو «تويتر» أو الإنترنت؛ هل يمكن تسمية ذلك جهادا أو لنشر الإسلام؟

- استخدام وسيلة الاتصال الملائمة متروك لحكمة الداعية وتقديره للموقف، والحكمة تقول: «لكل مقام مقال». وتبليغ كلمة الإسلام واجب على كل مسلم حسب استطاعته.

* المدنيون الذين يُقتلون في المعارك بسببكم أو بسبب قوات الناتو؛ هل يعدون شهداء مخلدين؟

- لعل السؤال هنا مستوحى من بيانات لهيئات تابعة للأمم المتحدة تحمل المجاهدين مسؤولية قتل الكثير من المدنيين، وذلك بهتان غير مستغرب من هذه الهيئة الدولية.

والواقع المعلوم لدى كل أفغاني هو أن قوات أميركا وحلف الناتو تمارس الإبادة المنظمة ضد شعبنا المسلم فتقتله بكل الوسائل وفي كل مكان في القرى وعلى الطرقات وفي البيوت الآمنة، وفي وسائل المواصلات، في الجنائز والأعراس، نهارا وليلا، بالطائرات وبالقوات المحمولة، مجازر يخطط لها جنرالات الحرب في البنتاغون وفي كابل وينفذها مرتزقة وجنود، عقلاء أو أنصاف مجانين. ومن حسن الحظ أن كاميرات الجنود أنفسهم صورت الكثير من تلك المجازر، وما تسرب عن ذلك على الرغم من هوله وبشاعته، لا يمثل إلا جزءا بسيطا من المأساة الدامية لشعبنا. ثم تسألني هل هؤلاء الضحايا شهداء مخلدون؟.. أترك الإجابة عن ذلك السؤال لعلمك الشرعي وضميرك الصحافي.

* كمسؤول إعلامي لطالبان، ما أصعب موقف مر عليكم حتى الآن؟ وما أصعب سؤال وجه إليكم من خلال خبرتكم؟

- لا شك أن أصعب موقف يواجهه أي مسؤول في الإعلام الجهادي هو نبأ استشهاد القادة أو أحد جنود الإعلام في الجبهات.

أما أصعب سؤال سمعته حتى الآن فهو سؤالكم عن «أصعب سؤال».