العراق يتصدر قائمة الإفلات من الجرائم التي تطال الصحافيين للسنة الخامسة

مرصد الحريات الصحافية لـ «الشرق الأوسط»: من المعيب أن نتصدر العجز عن الوصول للجناة

لازال العديد من الصحافيين العراقيين يعملون دون ضمانات تخولهم من انجاز أعمالهم بكل حرية («نيويورك تايمز»)
TT

أعلنت لجنة حماية الصحافيين الدولية التي تتخذ من نيويورك مقرا لها أن العراق والصومال والفلبين تصدرت قائمة الدول التي عجزت حكوماتها عن حل ألغاز مقتل العشرات من الصحافيين.

وقالت اللجنة في تقرير قائمة الإفلات من العقاب، والتي أصدرتها مؤخرا، إن العراق صنف للعام الخامس على التوالي كأسوأ دولة من حيث مواجهة قضايا اغتيال الصحافيين، حيث لم تتوصل للجناة في 90 قضية اغتيال للصحافيين.

وأضافت اللجنة أن معدل الإفلات من العقوبة في العراق يتضاءل أمامه معدل الجريمة في أي دولة أخرى.

وجاء في تقرير اللجنة الذي يغطي الفترة 2002 - 2011 «معظم الجرائم وقعت والعراق غارق في الحرب، لكن حتى الآن فشلت السلطات التي تزعم (تحقيق) الاستقرار.. في تحقيق العدالة في قضية واحدة».

وكان التقرير قد شمل 12 دولة في العالم شهدت وقوع 5 جرائم أو أكثر لاغتيال إعلاميين لا تزال دون حل.

وقالت لجنة حماية الصحافيين إن القضاء الجنائي «العاجز والفاسد» في الفلبين لم يتمكن من ملاحقة الجناة في قضايا مقتل 55 صحافيا سقطوا خلال العقد الماضي. وفي سريلانكا قتل 9 صحافيين بسبب تقاريرهم التي انتقدت الحكومة (ماهيندا رجابكسا)، وفشلت هيئة الادعاء في توقيع حكم إدانة واحد بحق الجناة.

كما حذرت اللجنة الحقوقية من أن وتيرة العنف ضد العاملين في قطاع الإعلام في باكستان والمكسيك زادت زيادة «حادة.. ليستمر توجه مظلم يعيش فيه كلا البلدين منذ سنوات».

ونقلت اللجنة عن خافيير جارزا نائب رئيس تحرير صحيفة «إل سيجلو دي توريون» المكسيكية اليومية، قوله: «إن الإفلات من العقوبة هو شريان الحياة بالنسبة للهجمات التي تستهدف الصحافيين والمحرك الذي يعتمد عليه أولئك الذين يسعون لتكميم أفواه الإعلام».

وأضاف جارزا أن مسلحين هاجموا مقر الصحيفة في كواهويلا مرتين على مدار 4 أعوام، غير أن السلطات لم تلق القبض على أحد.

من جهته أكد هادي جلو مرعي مدير مرصد الحريات الصحافية في العراق في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «العراق يتفرد بالفعل من بين دول العالم في أنه لم يفلح في تحديد المسؤولية عن مقتل أي صحافي حيث إنه لم تتم إدانة أحد أو تقديمه للمحاكمة».

وأضاف أن «هذا الأمر يثير الحيرة بل وحتى الارتياب، إذ هل يعقل في دولة تمتلك كل هذه الأجهزة الأمنية إن لم تتمكن وطوال 8 أعوام من عمليات قتل الصحافيين في الكشف عن ملابسات أي حادثة»، مشيرا إلى أن «مثل هذه القضايا تدفع إلى التساؤل فيما إذا كان هناك نوع من القصدية أو تواطؤ في هذا المجال».

ودعا مرعي إلى «مراجعة الاستراتيجية الأمنية حيث يتوجب فتح كل هذه الملفات التي لا تزال عالقة في مقتل نحو 300 صحافي عراقي وذلك من خلال تشكيل لجنة من الدفاع والداخلية والأمن الوطني والعدل والمخابرات لأنه لا يعقل أن يكون الصمت المطبق هو سيد الموقف أو تقييد التهمة ضد الإرهاب فقط».

وأشار مرعي إلى أنه «من المعيب أن نتصدر سنويا قائمة العجز في عدم الكشف عن الجناة ولذلك فإن تشكيل هذه اللجنة وتفعيل عملها إنما هو جزء من تبييض وجه السلطات أمام الصحافيين والنخب الثقافية».

وكان موقع الحريات الصحافية قد كشف في وقت سابق أن الانتهاكات والهجمات والاعتداءات التي تعرض لها الصحافيون والإعلاميون في العراق ما بين 3 مايو (أيار) 2010 إلى 3 مايو 2011 تصاعدت بنسبة 55% عن العام الماضي وبلغت 372 انتهاكا، وتبين الحوادث التي سجلها مرصد الحريات الصحافية أن هناك تخطيطا لمساع حقيقية للسيطرة على وسائل الإعلام وحركة الصحافيين وممارسة الضغط عليهم وترهيبهم بشتى الوسائل لمنعهم من ممارسة عملهم.

وبحسب جداول المؤشرات صنفت الاعتداءات ضد الصحافيين ومؤسساتهم الإعلامية بـ(91) حالة اعتداء بالضرب تعرض لها صحافيون ومصورون ميدانيون من قبل قوات الأمن والجيش العراقيين واعتقل واحتجز (67) صحافيا وإعلاميا تفاوتت مدد اعتقالهم واحتجازهم، وأغلقت السلطات الأمنية (9) مؤسسات إعلامية أعيد للعمل (8) منها وما زالت واحدة مغلقة إلى الآن، وتعرضت (11) مؤسسة إعلامية للمداهمة والعبث بمحتوياتها وتهشيم بعض أجهزتها وسجلت (69) حالة تضييق و(49) حالة منع و(8) هجمات مسلحة تعرض لها صحافيون ومؤسسات إعلامية و(56) حالة لانتهاكات مختلفة، فيما قتل (12) صحافيا بأسلحة كاتمة للصوت وعبوات لاصقة.