انتقادات إيرانية بسبب قيود الحكومة على حرية الصحافة

سوريا وإيران وكوريا الشمالية ضمن الدول الأسوأ في مجال الرقابة على الإعلام

TT

اتهم رئيس وكالة أنباء «مهر» الإيرانية الحكومة بخنق الإعلام عن طريق زيادة فرض القيود عليه. وقال رضا مقدسي رئيس «مهر» وهي وكالة أنباء شبه رسمية في البلاد: «تعمل الحكومة يوما بعد يوم على فرض المزيد من القيود على التدفق الحر للمعلومات».

وازدادت القيود على وسائل الإعلام المحلية والأجنبية باطراد منذ الاحتجاجات على التزوير المزعوم في الانتخابات الرئاسية التي جرت في يونيو (حزيران) 2009 والتي أعيد فيها انتخاب محمود أحمدي نجاد.

وأعلنت وزارة الثقافة الشهر الماضي أنه يتعين على كافة وكالات الأنباء تحديد مصادرها ولم يعد يسمح لها باستخدام مسؤولين كمصادر دون أن تذكر أسماؤهم.

وأدى القرار إلى احتجاجات داخل وكالات الأنباء شبه الرسمية أو التابعة للحكومة. وقال مقدسي لوكالة أنباء فارس: «القواعد الأخيرة التي أصدرتها وزارة الثقافة هي مؤشر آخر على القيود التي تفرض على الصحافة». وأضاف: «أحيانا يكون من الضروري والحتمي لوكالات الأنباء عدم تسمية المصادر أو الكشف عنها».

وجرى منع الكثير من الصحافيين المحليين وسجن بعضهم بناء على جرائم مزعومة منذ عام 2009. وتم حجب بعض الصحف والمواقع الإلكترونية المعارضة ويتم الوصول إليها فقط عبر برنامج بروكسي. كما تم منع الصحافيين الأجانب من التغطية المباشرة لاحتجاجات ومن الاتصال برموز المعارضة. ويسمح لهم فقط بتغطية فعاليات معينة توافق عليها الحكومة.

إلى ذلك ذكرت لجنة حماية الصحافيين في تقرير لها صدر أمس أن 10 دول في العالم تخضع لحكم ديكتاتوري فرضت رقابة صارمة على الإعلام من خلال منع دخول وسائل الإعلام الدولية وقمع الصحافيين في الداخل.

وقالت اللجنة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها في أول تقرير لها منذ عام 2006 والذي صدر بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يحل اليوم: «إنه من بين الدول العشر سوريا وإيران وكوريا الشمالية حيث تفرض هذه الدول قيودا هائلة على تدفق المعلومات وهذا يشكل تداعيات شديدة بالنسبة للاستقرار الجيوسياسي والنووي».

وتتصدر إريتريا القائمة تليها من حيث الأهمية كوريا الشمالية وسوريا وإيران وغينيا الاستوائية ثم أوزبكستان وميانمار.

وجاء في التقرير: «إن الدول العشر الأكثر تشديدا على الرقابة تستخدم مجموعة كبيرة من أساليب الرقابة بداية من حجب المواقع الإلكترونية وإرسال القنوات الفضائية إلى أنظمة الرقابة القمعية».

وأشارت اللجنة إلى أن إريتريا تسمح فقط لوسائل الإعلام الحكومية التي تسيطر عليها وزارة الإعلام، كما أن الصحافيين لا يتمتعون بالحرية التحريرية ويتبعون التعليمات عند تناول قصة صحافية. وقالت اللجنة: إن الذين يرسلون تقارير إخبارية للخارج يتم سجنهم واحتجازهم لفترة من الوقت دون لقاء أسرهم أو محاميهم. وأوضحت اللجنة أن الدول التي احتلت المرتبة الثانية في قائمة 2012 كانت أوزبكستان وإثيوبيا والصين والسودان وتركمانستان وفيتنام.

وقد كثفت سوريا وإيران العام الماضي من الرقابة بصورة كبيرة ردا على الثورات الشعبية وتضمنت هذه الإجراءات منع وسائل الإعلام الدولية والهجوم على المنافذ الإعلامية المحلية.

وقالت اللجنة: إن 9 صحافيين على الأقل قتلوا أثناء تأدية عملهم في سوريا منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي كما لقي 6 أشخاص آخرين حتفهم في ظروف «يشتبه أن تكون الحكومة وراءها».

وأضافت اللجنة أن إيران لديها أحد أنظمة مراقبة الإنترنت الأكثر تشددا في العالم حيث تعمل على سجن الصحافيين لقمع المعارضة ووقف التغطية الإخبارية للقضايا الهامة.

وأوضحت اللجنة أن حكومة كوريا الشمالية تتحكم في محتوى الـ12 صحيفة الرئيسية في البلاد و20 مجلة وشبكة، كما أن النخبة الحاكمة تستطيع الاطلاع على محتوى الشبكة العنكبوتية العالمية ولكن المواطنين لا يستطيعون الاطلاع على المعلومات الحكومية إلا بصورة محدودة.

يشار إلى أن بعض الدول التي تضمنتها قائمة 2012 كانت مدرجة بالفعل على قائمة 2006 وهي كوريا الشمالية وميانمار وتركمانستان وغينيا الاستوائية وليبيا وإريتريا وكوبا وأوزبكستان وسوريا وبيلاروس.

من جهة أخرى، كشف مرصد الحريات الصحافية الذي يدافع عن الصحافيين ارتفاعا ملحوظا في معدلات العنف والقيود المفروضة على عمل الصحافيين في العراق.

وحذر تقرير المنظمة التي تتخذ من العراق مقرا لها، من تصعيد مثير للقلق إثر حزمة قوانين لتقييد حرية التعبير واعتقالات تعسفية، وهجمات ضد العاملين في مجال الإعلام بعضها من قبل قوات الأمن. وقالت المنظمة في البيان إن «مؤشر الانتهاكات خلال الفترة الواقعة بين 3 مايو (أيار) 2011 و3 مايو 2012 سجل تصاعدا نوعيا ملحوظا».

وأضافت أن «السلطات تقوم بمساع مثيرة للقلق للسيطرة على التدفق الحر للمعلومات وممارسة الضغط على الصحافيين الميدانيين لمنعهم من ممارسة عملهم». وأشار البيان إلى «إصدار حزمة من القوانين المشددة التي تحد من الحريات الإعلامية وحرية التعبير».

ونبه التقرير إلى أن «حمل الكاميرا أمر معقد للغاية (...) ويتعرض الصحافيون في أغلب الأحيان للمنع من التصوير والتغطية الإعلامية ما لم يحصلوا على موافقات أمنية مسبقة تكون معقدة وكيفية في الغالب، (..) فإن السلطات تتعامل مع كاميرا المراسلين كتعاملها مع الأسلحة غير المرخصة أو أصابع الديناميت والسيارات المفخخة».

وقال المرصد إن 3 صحافيين قتلوا في هجمات خلال السنة الماضية، فيما نجا 7 آخرون من محاولات اغتيال، كما سجلت 31 حالة اعتداء بالضرب تعرض لها صحافيون ومصورون ميدانيون من قبل قوات عسكرية وأمنية ترتدي في بعض الأحيان زيا مدنيا.

وبحسب المرصد فإن حالات منع التصوير أو التغطية بلغت أعلى مستوياتها حيث تم تسجيل 84 حالة، مع استمرار التضييق على حركة الصحافيين التي سجل منها 43 حالة، كما جرى رصد 12 حالة اعتداء تضمنت تحطيم المعدات أو مصادرتها من قبل القوات الأمنية.

كما سجل المرصد تعرض مؤسستين إعلاميتين إلى عملية دهم من قبل القوات العسكرية، فيما أغلقت السلطات المحلية في الديوانية إذاعة محلية. كما حذر المرصد من حالات أخرى من السعي لفرض السيطرة على الإعلام.

وقال في التقرير إن «الحكومة العراقية تحاول السيطرة على التدفق الحر للمعلومات والحد من مستوى المعرفة لدى المواطنين وفرض الرقابة والسيطرة على الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت) في البلاد، وطرحت قوانين أخرى للحد من الحريات الصحافية وحرية التعبير».

وحذر من محاولة الحكومة الضغط على البرلمان لتشريع سلسلة قوانين تهدف بشكل واضح إلى تقييد حرية الصحافة وفتح الطريق أمامها للسيطرة على الإعلام في العراق، وقد مرر البعض منها فيما لا يزال جزء آخر في أجندة مجلس النواب العراقي.

ويحتل العراق بانتظام مرتبة متدنية في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، وحل في المرتبة 152 من أصل 179 بلدا في تقارير منظمة «مراسلون بلا حدود»، بتراجع 22 مرتبة عن العام السابق.