«تويتر» يتعدى نطاق الـ140 كلمة في حملة 2012 للرئاسة الأميركية

يحضر فيه بشكل كبير باراك أوباما وميت رومني ومتابعو السباق الرئاسي

الرئيس الأميركي باراك أوباما نجح في توظيف وسائل التواصل الاجتماعية خلال حملتيه الانتخابية الأولى والثانية («نيويورك تايمز»)
TT

يحضر باراك أوباما على «تويتر» وكذلك ميت رومني، ومعهما الناخبون الذين يتابعون السباق الرئاسي سواء كان ذلك بوعي أو دون وعي.

اندفع المرشحون والمخططون الاستراتيجيون والصحافيون والسياسيون الذين لا شأن لهم نحو موقع التواصل الاجتماعي الشهير «تويتر» الذي يعد ساحة لنشر الأخبار والمعلومات كبيرها وصغيرها من خلال رسائل لا يتجاوز طولها الـ140 كلمة، يطلق عليه اسم «تغريدات» أو «تدوينات».

وفي الوقت الذي لا يوجد فيه الكثير من الناخبين على «تويتر» بحسب دراسة أجراها مركز «بيو» للأبحاث ونشرتها وكالة أسوشييتد برس، أشار إلى أن 13 في المائة فقط من البالغين الأميركيين لديهم حسابات على «تويتر»، إلا أنه أصبح وسيلة رئيسية من وسائل الحملات الانتخابية لمناقشة الموضوعات والقضايا ومشاطرة الأخبار مع مجموعة من الشخصيات النافذة المتمثلة في السياسة والذين ينشرون هذه الرسائل مع عالم أرحب. ويمكن القول ببساطة إن احتمالات حصول الناخب على أي معلومات تتعلق بالمنافسة الرئاسية ستكون للمرة الأولى عبر موقع «تويتر».

وقال هيثر لامار، أستاذ الاتصالات بجامعة منينسوتا، الذي يدرس وسائل التواصل الاجتماعي: «قد يكون عدد الأشخاص الذين يتواصلون على موقع (تويتر) قليلا، لكنهم متابعون للسياسة لهم تأثيرهم على الإنترنت وخارجه. لا تحدث الرسالة المباشرة تأثيرا كبيرا على الناس، بل تفعل ذلك الرسالة غير المباشرة».

ولا يعتقد أحد أن نجاح أو فشل الحملة الانتخابية يمكن أن يعتمد على «تويتر»، فهو ليس سوى جزء صغير من نشاط الحملات الرئاسية على شبكة الإنترنت، لكن نظرا لعدم تجاوز التدوينة على الموقع 140 حرفا يمكن أن يؤثر المرشحون على التغطية ويردون على اتهامات أو يثيرون قضايا.

بطبيعة الحال ليست هذه هي المرة الأولى التي يغير فيها التقدم التكنولوجي طريقة إدارة الحملات، فقد دفعت كل من الإذاعة والتلفزيون والإنترنت الحملات إلى التكيف ومثلت قنوات اتصال مع الناخبين وأتاحت لها المزيد من التحكم في رسالتها. مع ذلك تعد الإذاعة والتلفزيون وسائل يتحكم بها من هم على رأس السلطة، فهي موجهة منهم إلى الجمهور. ولم يكن هناك قبل «تويتر» وسيلة تتيح للملايين التعبير وتمنحهم السلطة وتتيح للمرشحين مراقبة تأثير رسائلهم فور نشرها وبالتالي تعديلها.

ويعني هذا خطابا دائم التغير خلال الحملة الانتخابية لعام 2012. منذ أربعة أعوام كان «تويتر» يافعا، حيث لم يكن هناك سوى 1.8 مليون تدوينة يوم الانتخابات عام 2008، بينما يصل عدد التدوينات إلى هذا العدد كل ثماني دقائق تقريبا. وبلغ عدد التدوينات على خطاب الاتحاد الذي ألقاه أوباما عام 2012 800 ألف تدوينة بحسب موقع «تويتر». وزاد عدد التدوينات عن ريك سانتورم من 10 أو 20 تدوينة في الدقيقة إلى 2500 في الدقيقة بعد إعلان خبر تعليق منافسته على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة.

وتهتم الحملة الانتخابية لكل من أوباما ورومني كثيرا بموقع «تويتر» وتستخدمه في التواصل المباشر مع المؤيدين، بل وتوجيه دفة الأحاديث السياسية لتتجاوز حدود الموقع. في الوقت ذاته يدرك مسؤولو الحملتين مخاطر «تويتر» ويوكلون للعاملين في غرفة إدارة الحرب مهام مراقبة الموقع للتعامل مع المشكلات أو تصيد أخطاء وزلات المنافسين.

وقال المتحدث باسم رومني، ريان ويليامز: «يدرك فريقنا أن أهم القضايا التي تركز عليها هذه الحملة هي الوظائف والاقتصاد، لا جدل اليوم على تويتر، لكننا بحاجة إلى متابعة كل شيء ومراقبة كل جوانب السباق. ويساعدنا موقع «تويتر» على معرفة إيقاع خطة وسائل التواصل الجديدة».

وتجلى مدى تأثير «تويتر» خلال الأسبوع الماضي، فقد حث أوباما طلبة جامعيين، في معرض تحذيره إياهم من احتمال تضاعف أسعار الفائدة على قروض الطلبة إذا لم يتخذ الكونغرس إجراء عاجلا حاسما، على التعبير عن أنفسهم من خلال موقع «تويتر».

وقال أوباما مخاطبا إياهم: «عبروا عن ذلك من خلال التدوينات على موقع (تويتر) وعلموا آباءكم كيفية عمل ذلك».

وأوضح استخدام حملة أوباما لأداة أطلقوا عليها اسم «جوليا» ما سيفعله الحزبان على «تويتر» من أجل حسم المعركة. وكشف فريق أوباما عن برنامج تفاعلي على موقعه يوضح كيف تستفيد شخصية خيالية لسيدة تسمى «جوليا» من سياسات الرئيس خلال حياتها. وكتبت حملة أوباما على «تويتر» مع نشر رابط هذا البرنامج: «تتبعوا حياة جوليا من سن 3 إلى 67»، وذلك لإثارة الصخب وجذب مستخدمي «تويتر» الذين تحولوا إلى مواقع تواصل اجتماعي أخرى والتقارير الصحافية. وسارع الجمهوريون من جانبهم إلى «تويتر» للرد على ذلك وربطوا بين جوليا واستمرار ضعف الاقتصاد. وكتب شون سبايسر، المتحدث باسم اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري على «تويتر»: «هل أخبرت جوليا مقدار ما خلفته من ديون عليها؟».

وقال المتحدث باسم جورج بوش الابن، آري فليشر: «استنادا إلى التقرير السيئ عن البطالة اليوم، يبدو أن جوليا قد يئست من البحث عن عمل»، وجاء ذلك بعد نشر الإحصاءات الخاصة بمعدل البطالة يوم الجمعة، التي أوضحت زيادة طفيفة في فرص العمل. ويمثل الإيقاع السريع لـ«تويتر» فرصة وتحديا في الوقت ذاته بالنسبة إلى الحملات الانتخابية التي تسعى إلى الحفاظ على انضباط الرسالة. وسعت حملة رومني إلى تسجيل نقطة بعد إشارة هيلاري روزن، المخططة الاستراتيجية المنتمية إلى الحزب الديمقراطي، إلى أن زوجة المرشح الرئاسي الجمهوري المحتمل آن، التي لا تعمل ولديها خمسة أبناء، «لم تعمل في حياتها قط». وأوضحت استطلاعات الرأي تراجع شعبية رومني بين الناخبات، وسعى مستشاروه إلى التوصل إلى طريقة للحد من هذه الهوة. وبعد انتشار تعليقات روزن على قناة «سي إن إن» على موقع «تويتر»، نشرت حملة رومني تدوينة على حساب زوجة رومني على «تويتر». كتبت آن في أول تدوينة لها على «تويتر»: «لقد عقدت أمري على البقاء في المنزل وتربية أبنائي الخمسة. لقد كان هذا عملا شاقا». وكتبت في التدوينة الثانية: «من حق كل أم أن تختار طريقها». وسرعان ما حظيت آن رومني بآلاف المتابعين، لكنها تصدرت أيضا عناوين الصحف وساعدت في إظهار الديمقراطيين على أنهم غير متعاطفين مع ربات المنازل اللاتي يقُمن على رعاية أبنائهن، وهو ما أتاح لرومني تسجيل نقطة تجاوزت حدود موقع «تويتر».

على الجانب الآخر سبب موقع «تويتر» إزعاجا كبيرا لكلا المرشحين، واضطر فريق أوباما إلى اتخاذ موقف الدفاع في الجدل المثار حول روزن رغم أنها لم يكن لها علاقة بمحاولات حصول الرئيس على فترة رئاسية ثانية. واستعانت الحملة بميشيل للرد على روزن، وكتبت السيدة الأولى على «تويتر»: «كل أم تعمل بجهد وكل امرأة تستحق الاحترام».

في فبراير (شباط) ألقى رومني خطابا عن الاقتصاد في «فورد فيلد» بديترويت، وكان من الضرورة أن يحرز نصرا من خلاله أمام سكان ميتشيغان في ظل منافسته سانتورم للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري. وقبل ذلك بساعات بدأ الصحافيون ينشرون على موقع «تويتر» صورا لملعب خاوٍ على عروشه ولم يحجز منه سوى جزء صغير لإقامة الفاعلية الخاصة برومني. وفي الوقت الذي كان يلقي فيه حاكم ولاية ماساتشوستس السابق خطابه، أصبحت المساحة التي أساء اختيارها هي الخبر. وساهم موقع «تويتر» بذلك في استقالة المتحدث باسم السياسة الخارجية لرومني الأسبوع الحالي، فمن أسباب استقالة ريتشارد غرينيل من منصبه ما نشره من تدوينات لاذعة على «تويتر» عن مجموعة من الشخصيات العامة ومن بينهم راتشيل مادو ونيوت غينغريتش. وقال توم روزنستيل، مدير مشروع التميز في الصحافة بمركز «بيو» للأبحاث، إن الطابع الساخر الاستهزائي يعد من أكبر مثالب «تويتر». وأوضح قائلا: «غالبا ما تتعرض للإحراج والتجريح على (تويتر) أكثر مما تتلقى المديح. إن أكثر ما ينتشر سريعا على (تويتر) هو النكات والأقوال الساخرة. مع ذلك من مزايا (تويتر) أنه أشبه بنظام الإنذار، وهو ما يضعه في مرتبة تفوق عدد مستخدميه».