برنامج «60 دقيقة» ينجح في التغلب على الشيخوخة

تمكنت المجلة الإخبارية الأميركية التي تذاع منذ 44 عاما من تفادي معدلات المشاهدة الضعيفة

خطة متكاملة لإعادة الحيوية والشباب لبرنامج «60 دقيقة» على شبكة «سي بي إس» الأميركية («نيويورك تايمز»)
TT

قد يكون برنامج «60 دقيقة» أقدم مجلة إخبارية على شاشة التلفزيون قد توصل إلى طريقة تمكنه من التغلب على الشيخوخة.

حاول برنامج شبكة «سي بي إس» الإخباري، الأكثر شعبية بين نظرائه، تجديد دمائه في السنوات الأخيرة، بانضمام عدد من المذيعين الجدد مثل لارا لوغان وأندرسون كوبر إلى جانب مقدمي البرنامج القدامى ستيف كروفت وليزلي ستاهل، وقد امتد البرنامج إلى شبكة الإنترنت إلى درجة لن يتمكن معها متابعوه الأقدم من مجاراتها، حيث يبيع تطبيقا لـ«آي باد» على «آي تيونز»، ويروج برنامجا أسبوعيا على الإنترنت بعنوان «أوفر تايم». وبعد عرض البرنامج على مدى ساعة كاملة خصصت للحديث عن مايك والاس، المراسل المؤسس للبرنامج، الذي توفي الشهر الماضي، أشارت شبكة «سي بي إس» في بيان صحافي إلى أن مايك والاس كان مادة إخبارية عالمية في برنامج «تويتر صنداي نايت».

ربما لذلك أو ربما من قبيل الصدفة، تمكنت المجلة الإخبارية التي تذاع منذ 44 عاما من تفادي معدلات المشاهدة الضعيفة التي سقطت فيها برامج القناة الأخرى، ففي الموسم الذي بدأ في سبتمبر (أيلول) زادت نسبة المشاهدين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و54 عاما، هذا التنوع السكاني الذي تأمل شبكة «سي بي إس» في الوصول إليه، نحو 6 في المائة لتقفز من 3.3 إلى 3.5 في المائة بحسب تصنيف نيلسن. تأتي هذه الزيادة في الوقت الذي لا يزال فيه العدد الإجمالي لمشاهدي برنامج «60 دقيقة» ثابتا.

ونظرا لأن الموسم الحالي موسم الذكريات لأساطير برنامج «60 دقيقة» الذي خصص لآندي روني الشتاء الماضي، ثم والاس هذا الربيع، كانت النتائج مشجعة بشكل كبير للعاملين في البرنامج.

فيقول جيف فاغر، المنتج المنفذ للبرنامج: «يشكل النمو من عام إلى آخر صعوبة كبيرة في البرامج التلفزيونية». فقد انخفضت معدلات مشاهدة برامج بصورة أقل في عامي 2009 و2010. ويضيف: «لكننا اعتدنا على ذلك طوال الموسم السابقة. لكن الاهتمام بالمشاهدين الأصغر سنا هذا الموسم شكل متعة خاصة».

فاغر نفسه دليل على تنوع الأجيال (تولى في سن التاسعة والأربعين مهمة مؤلف «60 دقيقة» دون هيوت، الذي كان قد بلغ من العمر 81 عاما)، فكان يقدم الفرص بشكل تدريجي إلى جيل جديد من المراسلين، بمن في ذلك الآنسة لوجان التي ستصبح أول مراسلة بدوام كامل لبرنامج «60 دقيقة» الموسم القادم، الإضافة الأولى للبرنامج منذ 7 سنوات.

تصغر لوجان (41 عاما)، أصغر مراسل بدوام كامل في البرنامج، سكوت بيلي، بنحو 13 عاما، الذي اختاره فاغر في عام 2005. وعلى مدى السنوات العشر الماضية كانت لوجان تقسم وقتها بين المجلة الإخبارية وبرامج قسم الأخبار الأخرى. وتشير إلى أن المراسلين الأصغر سنا يحلون بدلا من في البرنامج، في بيئة منافسة حادة حتى وفق المعايير التنافسية لغرف الأخبار.

وقال فاغر، الشخصية الثانية في البرنامج، «الناس لا تقيم احتفالات ترحيب بالقادمين الجدد إلى البرنامج. فإذا ما تمكنت من القيام بالعمل فسوف تنال الموافقة».

هذه الجدية هي إرث هويت ووالاس اللذين لا يزال اسماهما وأقوالهما موضع استشهاد من قبل العاملين.. «جانب من السبب في أن هذا المكان يؤدي بشكل جيد هو أن المشاهدين يتوقعون أن تكون التقارير والأخبار على أعلى مستوى، وأن الإخفاق في الوفاء بهذه المعايير سيكون أشبه بإحباط والدك».

لا يزال فريق البرنامج مستقرا في مبناه في مانهاتن في وست ستريت من باقي «سي بي إس نيوز». لكن الموظفين ينتقلون إلى العمل في البرامج الأخرى من القناة على الجانب الآخر من الشارع بشكل أكبر منذ العام الماضي، حين تولى فاغر، رئيس قناة «سي بي إس نيوز»، في محاولة لإضفاء أجواء برنامج «60 دقيقة» على البرامج الأخرى للقناة. ولفاغر مكتبان في كلا الجانبين من الشارع.

وكذلك كان بيلي، الذي ظل مراسلا بدوام كامل في الوقت الذي عمل فيه مذيعا في برنامج «سي بي إس إفننغ نيوز» على مدى الـ11 شهرا الماضية. والمراسلون الآخرون الذين يعملون بدوام كامل هم كروفت (66 عاما)، وستاهل (70 عاما)، وبوب سيمون (70 عاما). ولم يبد منهم إشارة على رغبته في الاستقالة في وقت لاحق (مورلي سافر، 80 عاما، هو من الناحية التقنية مراسل بدوام غير كامل، على الرغم من تقديمه 11 حلقة هذا الموسم، بحسب قناة «سي بي إس نيوز»).

ويعد عدد الأخبار والمواضيع أحد الأسباب الرئيسية لنجاح برنامج «60 دقيقة» الذي يتم إذاعة 100 حلقة منه كل موسم. وقد اعتاد بعض المراسلين الذين يعملون بدوام كامل على تقديم أكثر من 20 خبرا كل موسم، وقد انخفض هذا المعدل ليصل لنحو 15 خبرا حاليا، ويعود السبب في ذلك بصورة جزئية إلى وجود عدد أكبر من البرامج المعادة كل موسم، علاوة على منح بعض المراسلين الشباب فرصة للإسهام في البرنامج.

وقام بايرون بيتس (51 عاما)، الذي يقوم أيضا بإعداد أخبار لبرنامج «سي بي إس إفننغ نيوز»، بإعداد 4 أخبار أيضا خلال الموسم الحالي، في حين قام أندرسون كوبر (44 عاما)، وهو مذيع بشبكة «سي إن إن»، بإعداد 3 أخبار، وأسهم سانجاي غوبتا (42 عاما)، وهو مراسل صحفي بارز بشبكة «سي إن إن»، بخبرين.

وقال ستيفن رينر، وهو مخرج سابق لبرنامج «60 دقيقة» ويعمل حاليا أستاذا مساعدا للصحافة في جامعة ستوني بروك: «نجح جيف فاغر والشركة في إضفاء مزيد من الشباب والحيوية والنشاط للبرنامج، ويذكرنا هذا بما قامت به تينا براون منذ عدة سنوات في مجلة (نيويوركر)».

وقد قلت إسهامات كوبر وغوبتا بشكل كبير منذ عملهما في شبكة «سي إن إن»، ولكن غوبتا، الذي كان قد قام بإعداد أول خبر له الموسم الماضي، قد قام بإعداد خبرين آخرين خلال الموسم الحالي، وقال فاغر: «سوف يزيد إسهامه معنا خلال العام القادم».

وقال أحد المسؤولين التنفيذيين في شبكة «سي بي إس»، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إنه يجب التعاقد مع كوبر على الفور لكي يكون جاهزا للعمل في برنامج «60 دقيقة» بدوام كامل. يذكر أن عمل كوبر مع شبكة «سي إن إن» وعمله اليومي في البرامج الحوارية يمتد للعام المقبل.

وفي إحدى المقابلات الشخصية معه، أكد فاغر على أن برنامج «60 دقيقة» لا يستهدف فئة عمرية بعينها، ولكن كغيره من البرامج الإخبارية، فإن أكثر من 50 في المائة من مشاهديه يصل أعمارهم إلى 55 عاما أو أكثر. ويجذب البرنامج نحو 13 مليون مشاهد يوم الأحد من كل أسبوع، وهو أكبر عدد لمشاهدي أي برنامج صحافي على شاشة التلفزيون.

وعند سؤاله عن قدرة البرنامج على جذب مشاهدين تتراوح أعمارهم بين 25 عاما و54 عاما، قال فاغر قد يعود السبب في ذلك إلى المواقع الإلكترونية والتطبيقات التي يقدمها البرنامج التي «تصل إلى الجمهور الذي قد لا يناسبه عرض البرنامج في تمام الساعة السابعة مساء»، والمجهود الكبير لجذب مشتركين على «فيس بوك» و«تويتر»، ناهيك من الحرفية في اختيار الأخبار. واستشهد فاغر بمثال على ذلك بحلقة مساء يوم الأحد التي كانت تدور حول السباح الأميركي مايكل فيليبس، وقال: «أعتقد أن ذلك قد يلقى قبولا أكبر عند المشاهدين الأصغر سنا».

وقد وجه بعض النقاد انتقادات شديدة للبرنامج بسبب العدد الكبير من الأخبار المتعلقة بالرياضة التي تم تناولها في البرنامج خلال فصل الخريف، للاستفادة من المنافسة الشديدة في مباريات كرة القدم. ومع ذلك، دائما ما يرى هيويت أن برنامج «60 دقيقة» يعد نافذة على الأخبار والتحقيقات. أما بالنسبة للمنتجين، فيعد البرنامج فرصة يجب اغتنامها لجذب المشاهدين الأصغر سنا.

وفي مقابلة شخصية معه، أشار كروفت إلى سبب آخر وراء هذا التوهج الذي يتميز به البرنامج، وقال: «يكبر الأشخاص وهم يشاهدون البرنامج مع آبائهم على مائدة العشاء»، ثم يصبح هؤلاء الأشخاص آباء وأمهات في المستقبل ويستمرون في مشاهدة البرنامج مع أولادهم. وأضاف كروفت: «إنها تقاليد الأسرة التي تنبع من مشاهدة البرنامج على الهواء مباشرة على مدار 40 عاما».

* خدمة «نيويورك تايمز»