كتاب يثير غضب مفجري فضيحة ووترغيت

كتبه مساعد سابق للصحافيين بعنوان «مع فائق الاحترام: الصورة الشخصية لبين برادلي»

جيف هيميلمان مؤلف كتاب «مع فائق الاحترام: الصورة الشخصية لبين برادلي»
TT

جلبت فضيحة ووترغيت شهرة كبيرة لكل من بوب ودورد وبين برادلي، وهما صحافيان بصحيفة «واشنطن بوست»، كما جعلت منهما رمزين في المدينة الوحيدة التي ربما يحتل فيها الصحافيون المكانة الأبرز في البنية الاجتماعية.

وبينما انتقل زميل ودورد في تفجير فضيحة ووترغيت، كارل برنشتين، إلى نيويورك، ظل ودورد وبرادلي، والذي كان يعمل كمحرر في صحيفة «واشنطن بوست» في ذلك الوقت، في واشنطن وأصبحا من الشخصيات البارزة للغاية هناك، وقد أنتج أحدهما سلسلة من أكثر الكتب مبيعا، في حين احتفظ الأخر بنفس الكاريزما التي كان يتمتع بها، حتى وهو في التسعينيات من عمره، كما تم تجسيده من قبل الممثل الكبير جاسون روباردز في فيلم «كل رجال الرئيس». ولم يتمكن كثيرون من الوصول للمنزلة الكبيرة التي يتمتع بها كل منهما، سواء لمساهمتهما الكبيرة في تفجير فضيحة ووترغيت أو للسنوات الطويلة التي عملوا خلالها في صحيفة «واشنطن بوست».

وهذا هو السبب في الضجة الكبيرة التي أحدثتها السيرة الذاتية للمحرر السابق في صحيفة «واشنطن بوست» والتي كتبها مساعد سابق لكلا الصحافيين يدعى جيف هيميلمان (36 عاما) بعنوان «مع فائق الاحترام: الصورة الشخصية لبين برادلي». وفي تلك السيرة الذاتية، أشار هيميلمان إلى أن برادلي قد شكك في الطرق التي اتبعها كل من ودورد وبرنشتين في نقل الأخبار، وتناول تفاصيل جوهرية في حياة العائلة، بما في ذلك تجميع أجزاء الخطاب الذي كتبه برادلي إلى سالي كوين (صديقته السابقة وزوجته الحالية) والذي كان قد مزقه ورفض إرساله إليها.

وعلى عكس رواية «الشيطان يرتدي برادا»، لم يكن هذا الكتاب الذي يتناول أدق التفاصيل كتابا خياليا. ونظرا لأن هذا الكتاب يلقي الضوء بطريقة سيئة على اثنين من أشهر الصحافيين في الولايات المتحدة، فكان رد الفعل عنيفا للغاية، حيث قال ودورد: «إنها صحافة سيئة حتى النخاع. خلال فقرة الاعترافات، وجه جيف الشكر لي، ولكنه فشل بعد ذلك». وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني في وقت لاحق، قال ودورد: «كان جيف غير شريف بشكل مقلق فيما يقوله». أما بالنسبة لعائلة برادلي، فكتبت كوين رسالة عبر البريد الإلكتروني تقول فيها: «ليس لدي ما أقوله حول جيف هيميلمان، ولا يريد بين التعليق على هذا الأمر هو الأخر».

وكان الزوجان على علاقة وثيقة بهيميلمان لدرجة أنهما كانا يسافران معه كثيرا وتشاركا معه الطعام عندما كان أحد المدعوين في حفل زفاف نجلهما، ولذا شعر الزوجان بـ«خيانة كبيرة»، على حد تعبير ريتشارد كوهين، وهو كاتب عمود بارز في صحيفة «واشنطن بوست» وصديقهما منذ عقود. وأضاف كوهين: «لقد تلقيا ضرب موجعة وتفاجئا بمحتوي الكتاب، وشعرا بخيبة أمل شديدة».

أما بالنسبة لهيميلمان، فقال إنه مندهش للغاية من رد الفعل العنيف على كتابه والسخط الكبير وإثارة الشكوك حول الصحافة التي يقدمها.

وربما لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتسبب فيها مؤلف شاب وغير مشهور في إثارة جدل كبير بسبب اتخاذ موقف مثير للجدل بشأن شخصيات عامة تحظى باحترام كبير، غير أن علاقة هيميلمان الوثيقة ليست فقط بعائلة برادلي، ولكن أيضا بعائلة ودورد (التي كانت تحضر حفلاته واستضافته ذات ليلة في منزلها في منطقة «ساوث ريفر» وكانوا يتناولون الغداء سويا بشكل شبه يومي على مدار سنوات) قد تركت مرارة كبيرة في حلق العائلتين بسبب تلك الانتقادات. وقال هيميلمان في كتابه: «الكتابة عن معلم معلمك هي في الحقيقة أصعب كثيرا مما يبدو».

وقالت إليسيا شيبرد، وهي صاحبة كتاب «ودورد وبرنشتين: الحياة في ظل فضيحة ووترغيت»: «يبدو الأمر سيئا للغاية في حقيقة الأمر. ولكن ما الذي يتعين على المرء القيام به عندما يريد تحقيق مبيعات كبيرة لكتابه؟ إنه يريد أن يذكر بعض الأشياء التي تجذب الانتباه، وهو ما قام به هيميلمان بالضبط، ولكن الشيء الغريب هو أن تعض اليد التي تطعمك. وقد دفعني هذا للسؤال عن من هو جيف هيميلمان حتى يقوم بذلك؟».

وقال هيميلمان، الذي نشأ في شمال غربي واشنطن، إنه لم يخطط يوما ما لكي يكون صحافيا. وعندما كان في مدرسة «سيدويل فريندس» الخاصة الشهيرة، كان هيميلمان أحد النجوم اللامعة في فريق كرة القدم وتم اختياره كعضو في اللجنة الشرفية. وعندما التحق بجامعة بيل، درس الشعر وكان يغني في فرقة الإنشاد دون مصاحبة أي آلات موسيقية.

وقال جون كروس، وهو صديق هيميلمان منذ الطفولة: «دائما ما كنت أتوقع أن يكون فنانا، نظرا لمواهبه الموسيقية الكبيرة منذ نعومة أظافره. ولو اتجه للكتابة، كان من المفترض أن يتجه لكتابة القصص الخيالية، نظرا لخياله الواسع وقدرته الفائقة على الابتكار منذ أن كان طفلا صغيرا».

وعقب تخرجه من الجامعة، عرف هيميلمان أن هناك وظيفة شاغرة للعمل كمساعد ودورد، والذي كان على علاقة صداقة بشقيقته الكبرى منذ أن كان في الصف السابع. وقال هيميلمان إن المقابلة الشخصية للحصول على الوظيفة كانت صارمة للغاية، على الرغم من أنه كان يتوقع أن تكون مجرد إجراء بسيط لمعرفة ما إذا كان يمكنه الكتابة حتى لو لم يمكن لديه خبرة في مجال الصحافة، وحتى يتم تجنب الادعاءات بوجود وساطة ومحسوبية في اختياره، حيث أن هيميلمان وودورد كانا ينتميان لنفس الجمعية السرية في جامعة بيل والتي كانت تحمل اسم «بوك أند سنيك».

وقال مارك مالسيد، والذي تولى نفس الوظيفة عقب رحيل هيميلمان عام 2002، لكي تصبح مساعد ودورد، فسوف تدخل في «ناد صغير» في العمل، وأضاف أن المساعدين يقضون عشر ساعات يوميا في العمل في الطابق الثالث لمنزل ودورد في مدينة جورج تاون، مع العلم بأنه «سيكون هناك تدقيق شديد في كل جملة. ويتعلم المرء هناك أنه ليس هو الشخص الموجود في المقدمة وفي دائرة الضوء، وهو ما يعد ميزة كبيرة لأي صحافي في مقتبل حياته المهنية وفي العشرينيات من عمره».

وعقب مساندة ودورد من خلال كتاب «المايسترو» الذي يتحدث عن آلان غرينسبان، اتجه هيميلمان إلى التركيز على الموسيقي التي «كانت هي الشيء الذي أود القيام به»، على حد تعبيره. وقد غني هيميلمان وعزف في فرقتين، ووصف نفسه بأنه «مغن وكاتب أغان». ولكن الموسيقى لم تجلب له المال الكافي للمعيشة، وعندما ارتبط بزوجته الحالية كريستين لودال، اتجه إلى البحث وكتابة المقالات لكتاب مشهورين، بما في ذلك المساهمة في كتاب «بيغ روس أند مي» للكاتب تيم روزيرت. وفي عام 2006، قام ودورد بتعيينه لمدة شهرين للمساعدة في إيجاد مساعد جديد، وأوصى به للعمل مع عائلة برادلي في مشروع كتاب كانوا يقومون بدراسته.

وكان تعيين هيميلمان في الأساس يهدف إلى البحث في سجلات برادلي لتأليف «كتاب جيد يضم بعض الخطابات والاقتباسات الملهمة وبعض كلمات الحكمة في نحو 250 صفحة»، على حد تعبير هيميلمان نفسه، ولكن بعد عدة أشهر، قرر برادلي، الذي وصل لعامه التسعين الآن، عدم المضي في كتابة هذا الكتاب.

وبعد فترة وجيزة، طلبت كوين، وهي كاتبة عمود سابقة في صحيفة «واشنطن بوست» ومقدمة برامج شهيرة وكانت على علاقة صداقة بهيميلمان، منه أن يشرع في تأليف كتاب مع كوين برادلي، وكانت نتيجة ذلك هو ظهور كتاب «حياة مختلفة» للنور عام 2009.

وعندما سألت عائلة برادلي هيميلمان عن الشيء الذي يود القيام به بعد ذلك، طلب العودة إلى السجلات حتى يقوم بتأليف بكتاب عن برادلي، وقال: «في كل مرة أقوم فيها بشراء شيء لبين، كنت أعتقد أنه يشعر بالراحة، ودائما ما كان يقول (استمر في القيام بذلك)».

ولكن يبدو أنه لا يشعر بالراحة الآن. ويقول كوهين: تشعر عائلة برادلي «بالخزي» نتيجة ذكر تفاصيل شخصية في الكتاب. وقال ودورد: «بين رجل عظيم وتم استغلاله دون أي خجل من جانب جيف هيميلمان». وقال هيميلمان: «فكرة أنهم سيشعرون بالصدمة لأنني ذكرت بعض التفاصيل التي وقعت ونحن نتناول الغداء سويا لا تروق لي»، وأضاف أن هذا الشعور بالغضب سيزول مع مرور الوقت. وعلى الجانب الآخر، يرى كوهين عكس ذلك ويقول «هناك انتهاك كامل للحياة والتفاصيل الشخصية».

وقد مارس هيميلمان أربع جلسات لليوغا مدة كل منها تسعين دقيقة حتى يشعر بالراحة، وقال: «هل يعني بوب الكثير بالنسبة لي؟ نعم بالطبع، حيث إن بوب يعد واحدا من أفضل المراسلين في تاريخ العالم، ولا يمكن لأي شخص ألا يتعلم منه أو يستوعب خبراته».

* خدمة «نيويورك تايمز»