ريبيكا بروكس.. خزينة أسرار مردوخ

استعادت ذكريات علاقتها مع القادة البريطانيين

TT

قالت في اعترافاتها يوم الجمعة الماضية، إن الاتصالات بينهم لم تنقطع أثناء وبعد الفضيحة، بل كانوا على اتصال من خلال المكالمات الهاتفية والرسائل النصية والبريد الإلكتروني، وكانوا يلتقون على موائد العشاء والغذاء. ويشاركون في الحفلات، وأعياد الميلاد، والنزهات الصيفية، واحتفالات الكريسماس، وفي رحلة على يخت في اليونان.

كانت العلاقات المقربة بين القادة البريطانيين وريبيكا بروكس، المديرة التنفيذية السابقة بالصحيفة البريطانية التابعة لشركات روبرت مردوخ، وثيقة إلى الحد الذي وجدت فيه بروكس نفسها تعظ بصفاقة رئيس وزراء محتملا، ديفيد كاميرون، حول تجنب إهانة نفسه بكتابة رسالة نصية، بحسب قولها.

أضافت: «كان يختم رسائله النصية بكلمة LOL» - وهو يعني بها «مع كثير من الحب»، في حوارها مع لجنة ليفيسون إنكوايري الخاصة بالتحقيق في القيم والممارسات الإعلامية، بشأن الرسائل النصية الخاصة بكاميرون عندما كان زعيما للمعارضة. وأضافت: «حتى أخبرته أنها اختصار (أضحك بصوت مرتفع)، وعندئذ توقف عن استخدامها تماما».

تم استدعاء بروكس للتحدث في صلب التحقيق وهو: العلاقة بين السياسيين والصحف الإخبارية في بريطانيا. ويبدو من الصورة التي نقلتها بروكس قدرتها على التواصل، وضمنيا قدرة رئيسها مردوخ.

بحسب روايتها، عندما كان القادة السياسيون لا يحضرون حفلات أعياد الميلاد أو دعوات عشاء خاصة هادئة لها، أو عند عدم حضور حفل زواجها، كانت تتصل بهم للتحدث معهم - وأحيانا لتملقهم أو لتهديدهم للاقتناع بما تريده.

لكن برغم كل ما قالته، أكدت بروكس مرارا أنهم لم يكونوا مجبرين على تنفيذ طلباتها إذا لم يرغبوا في ذلك، ونفت أن تكون الصحف البريطانية قد مارست أي ضغوط على السياسيين. وعندما صارحها روبرت جاي، مستشار التحقيق، بأن المحررين والمسؤولين التنفيذيين هم « قوى غير منتخبة» يؤثرون على السياسة باستخدام نفوذهم وسيطرتهم على الحكومة - أبدت بروكس رفضها لما قاله.

وقالت: «تكمن قوتك في جمهور القراء، إنها ليست قوة فردية، فهي قوة جمهور كامل من القراء، فكل يوم، يستطيع القارئ عدم انتخابنا إذا قرر ألا يشتري الصحيفة».

أصبحت بروكس، التي تبلغ من العمر 43 عاما، أبرز وجوه فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية التي تورطت فيها شركة «نيوز كوربوريشن» - الشركة التي يملكها مردوخ، ومسؤولون سياسيون رفيعو المستوى ومسؤولون بدوائر تطبيق القانون. وقد عملت الصديقة المقربة لمردوخ والمفضلة لديه، محررة صحافية في صحيفة «ذا نيوز أوف ذا وورلد»، المتورطة في الفضيحة، وبصحيفة «ذا صن» وهي صحيفة أخري يملكها مردوخ، قبل أن يتم تعيينها كمديرة تنفيذية في شركة «نيوز إنترناشيونال» البريطانية التابعة لشركات مردوخ عام 2009.

استقالت بروكس الصيف الماضي، حيث انتشرت الفضيحة وأغلقت عائلة مردوخ صحيفة «ذا نيوز أوف ذا وورلد»، بينما مثلت هي أمام التحقيقات الجنائية بشأنها. وحينها وبرغم النقد الشديد الذي وجهته شخصيات عامة في العلن لصحيفة «نيوز إنترناشيونال»، كانوا يرسلون لها رسائل لدعمها في الخفاء، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بحسب قولها.

وتضمن ذلك «وزارة الداخلية، ووزارة الخارجية، ورئاسة الوزراء، ووزارة الخزانة»، كما استقبلت رسائل تعاطف من توني بلير، رئيس الوزراء الأسبق الذي كان على رأس حزب العمال البريطاني، بحسب قولها.

وبعد ذلك بوقت قصير، تم اعتقال بروكس بتهمة التنصت على التليفونات ورشوة مسؤولين للحصول على أخبار. وبعد الإفراج عنها بشهر، تم اعتقالها مجددا، بتهمة تضليل العدالة. لم يتم توجيه تهم رسمية لبروكس، ومن جانبها أنكرت مرارا معرفتها بالتنصت على الهواتف أو أي أعمال أخري منافية للقانون كانت تحدث في صحيفة «ذا نيوز أوف ذا وورلد».

وعلى النقيض من أندي كولسن، المحرر السابق في صحيفة «نيوز أوف ذا وورلد» والمتحدث باسم الحكومة، الذي ظل حذرا ومقتضبا طوال شهادته التي أدلى بها يوم الخميس الماضي - حاولت بروكس الظهور بمظهر المتلهف للمساعدة ظاهريا على الأقل. وأثناء جدالها الهادئ مع جاي، مستشار التحقيق، تناوبت حالتها ما بين الجدية والمزاح والسخط وإلقاء المحاضرات. وقد تذكرت بعض المحادثات والأحداث بوضوح، بينما في أحيان أخرى، كانت ذاكرتها تخونها بصورة ملحوظة إلى حد ما في استرجاع حلقات مهمة بالنسبة لمستجوبيها.

ونتيجة لتواصل التحقيق الجنائي، لم يكن في مقدور بروكس أن تتناول موضوع التنصت على المكالمات الهاتفية أو المشكلات القانونية الأخرى، لكنها تمسكت بالمسائل الأكثر عمومية المتاحة أمامها. وفي كل مرحلة من المراحل، كانت تصف نفسها بأنها مجرد صحافية تؤدي عملها.

وقد أقرت بروكس بأنها مارست ضغوطا غير رسمية على الحكومة بخصوص العطاء الذي قدمته شركة «نيوز كوربوريشن» للاستحواذ على حصة 61 في المائة من مؤسسة «بريتيش سكاي برودكاستنغ» - المعروفة اختصارا باسم «بي سكاي بي»، وهي شركة بث تلفزيوني فضائي بريطانية - التي لم تكن تمتلكها بالفعل. وأشارت بروكس إلى أنها أثارت الأمر، أثناء حفل عشاء أقامته في منزلها يوم 23 ديسمبر (كانون الأول) 2010، بطريقة «غير مباشرة» مع أحد الضيوف، وهو رئيس الوزراء كاميرون. وكان من بين الضيوف في ذات الحفل رئيسها في العمل جيمس مردوخ، ابن روبرت مردوخ ومهندس عطاء «بي سكاي بي»، الذي تعطل منذ ذلك الحين.

وذكرت بالنص: «في محادثة استغرقت ثلاث دقائق في بداية حفل العشاء، وجدت الفرصة لعرض وجهة نظرنا. لا أظن أن في ذلك شيئا غير ملائم».

وتقول إنها تناقشت أيضا مع كاميرون، في مناسبات عدة، حول فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية، وإن تلك المناقشات كانت في المعتاد «عامة للغاية، وإن كان، ربما في عام 2010، قد دار بيننا حوار أكثر تحديدا حولها».

وطرح جاي عدة أمثلة لأقاويل عن أن صحف مردوخ الصفراء مارست ضغوطا على سياسيين أو وجهت إليهم تهديدات أو حاولت الانتقام منهم، وفي كل مرة كانت بروكس تنكر تلك الاتهامات. وفي أحد أجزاء التحقيق، تعارضت أقوالها تماما مع رواية رئيس الوزراء السابق غوردن براون، الذي تحدث الصيف الماضي عن شعوره بالحزن والألم حينما أخبرته بروكس في عام 2006 أن صحيفة «ذا صن» تنوي نشر مقال يكشف عن أن ابنه البالغ من العمر أربعة أشهر يعاني تليفا في المرارة.

وصرح براون أمام البرلمان بأنه بكى حينما سمع أنها كانت مصممة على المضي قدما في نشر ذلك المقال. وتقول بروكس إنها، على العكس، كانت ستخفي المقال إذا طلب منها ذلك، هو أو زوجته سارة، مؤكدة: «لقد أذنا لي في نشر المقال».

وتتابع بروكس أن براون لم يبد أي شكوى من تغطية الموضوع حتى الصيف الماضي، موضحة: «بعد عام 2006، استمرت مقابلاتي معهما بانتظام. لقد أقاما لي حفلا للاحتفاء بعيد ميلادي الأربعين، وحضرا حفل زفافي. كنت أنا وسارة صديقتين مقربتين».

وقبيل نهاية شهادتها، أبدت بروكس اعتراضها على سؤال جاي عن «أمور تدخل في نطاق النميمة»، مثل ما إذا كان قد سبق لها هي وروبرت مردوخ أن ذهبا للسباحة معا (وكانت إجابتها بالنفي)، أو ما إذا كان قد أرسل إليها أغراضا جديدة حينما قضت الليل داخل السجن في عام 2005، لاتهامها بالتعدي على الممثل روس كيمب، الذي كان زوجها في ذلك الوقت، عقب حفل عيد ميلاد زوج ابنة مردوخ، ماتيو فرويد (وكانت إجابتها أيضا بالنفي). ولم يوجه إليها اتهام رسمي في تلك الواقعة.

وتتحدث بروكس عن الشيء الذي جعل مثل هذه الأمور تصل إلى صفحات الجرائد من الأساس، قائلة: «أعتقد أن كثيرا من هذا يعود إلى كوني امرأة. لو كنت كهلا نكدا من شارع فليت، لما كتب أحد كلمة واحدة من هذا».

وأشار جاي إلى أن الصحف التي عملت بروكس محررة بها، كانت تمتلئ بنميمة مماثلة.

واعترفت بروكس بأن هذا صحيح، ثم استطردت: «لكننا لسنا داخل غرفة أخبار صحيفة صفراء الآن، أليس كذلك؟».

* شارك في الموضوع آلان كويل

* خدمة «نيويورك تايمز»