7 سنوات ولا تلوح في الأفق أي نهاية لفضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية

سيتم تخصيص جزء أكبر من ميزانية شرطة اسكوتلنديارد للتحقيقات المتعلقة بجرائم الصحافة حتى عام 2015

TT

بدأت فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية التي هزت إمبراطورية روبرت مردوخ الإعلامية وزلزلت الحكومة البريطانية في أحد أيام الاثنين عام 2005، عندما اجتمع معاونو الأسرة المالكة البريطانية في مكتب بأحد القصور ذات الأثاث الفاخر، لإعلان التنصت على الرسائل الصوتية الخاصة بهم.

بعد 7 سنوات وعشرات الاعتقالات، بدأت في اليوم الذي تلا توجيه الاتهامات المخزية الأخيرة، يبدو أن التحقيقات سوف تستغرق سنوات، حيث لا تلوح نهاية واضحة في الأفق، بحسب ما أشارت إليه معلومات رجال الشرطة وممثلو الادعاء العام والمحققون.

كانت ربيكا بروكس، المحررة السابقة بصحيفتي «صن» و«نيوز أوف ذا وورلد» التابعة لمردوخ، والتي أصبحت المديرة التنفيذية للصحيفة البريطانية التابعة لمؤسسته، «نيوز إنترناشيونال»، وصديقة مقربة من رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، من ضمن أول من وجهت لهم الاتهامات بحسب ما أعلنته السلطات يوم الثلاثاء. وتم اتهام بروكس وزوجها وأربعة من زملائها السابقين بتضليل العدالة بإخفائهم مواد تتعلق بتحقيقات الشرطة - ووصفت بروكس الاتهامات بأنها «غير منصفة».

يبدو أن بروكس، التي سوف تمثل أمام المحكمة في 13 يونيو (حزيران)، لن تكون الأخيرة التي تواجه اتهامات بحسب ما صرح به ممثلو الادعاء العام والشرطة. وأكدت الشرطة البريطانية (اسكوتلنديارد) أن هناك 3 عمليات تقوم بها الشرطة حاليا هي عملية «ويتنغ»، الخاصة بفحص التنصت غير القانوني على الرسائل الصوتية، ويعمل بها نحو 95 ضابطا وموظفا وتم اعتقال 22 شخصا في إطارها؛ وعملية «توليتا»، التي تقوم على التحقيق في اختراق أجهزة الكومبيوتر ويعمل بها 8 أشخاص وتم اعتقال 3 أشخاص في إطارها، وعملية «فيدن»، التي تكشف عن الرشاوى التي دفعها الصحافيون للمسؤولين، ويعمل بها 29 شخصا وتم اعتقال 28 شخصا في إطارها.

يقول متحدث باسم جهاز الشرطة رفض ذكر اسمه حتى لا يخل بقواعد العمل: «من الصعب تحديد موعد للانتهاء من القضية، نحن نتتبع الأدلة، ومن المستحيل أن نعرف إلى أين ستقودنا، من الممكن أن تستمر القضية لسنوات». وسوف يتم تخصيص جزء أكبر من ميزانية الشرطة للتحقيقات المتعلقة بجرائم الصحافة حتى عام 2015، ومن المتوقع أن يصل إجمالي المبلغ إلى 64 مليون دولار.

ومن المحتمل أن تشير المحاكمات الجنائية للمتورطين في الفضيحة إلى معلومات جديدة. وقد يكون أندي كولسون، المحرر السابق بصحيفة «نيوز أوف ذا وورلد» والذي أصبح مؤخرا مدير الاتصالات، من ضمن هؤلاء الذين سوف يواجهون اتهامات.

ويقول الخبراء إنه إذا تم إثبات أن العاملين لصالح مردوخ تآمروا لدفع رشاوى للمسؤولين من أجل مصالح تجارية، قد يواجه مردوخ عقوبات في الولايات المتحدة طبقا لقانون مكافحة ممارسات الفساد الأجنبية. وغرامة صغيرة قادرة على نشر الفضيحة عبر المحيط الأطلسي، وقد تزيد من الضغط السياسي على المصالح الأميركية المربحة لمردوخ.

ويجري اللورد بريان ليفيسون، وهو قاض رفيع المستوى، استجوابا بريطانيا عاما واسع النطاق بالتوازي مع التحقيقات الجنائية حيث تم الإدلاء بشهادات هامة من قبل مردوخ، وولده جيمس، والمسؤولين التنفيذيين السابقين. وتستمر سلسلة الاستجوابات حتى شهر يوليو (تموز) مع مثول عدد من السياسيين البارزين الحاليين والسابقين للاستجواب، بحسب ما أدلى به جون توكر، المتحدث الرسمي عن الاستجوابات.

سيمثل على منصة الشهود في غضون أسبوعين، جيرمي هانت، وزير الثقافة، والمتهم بمساعدة مردوخ في الاستحواذ على شبكة البث البريطانية «بي سكاي بي» البريطانية باختيار العطاء الذي قدمه مردوخ دون دراسته بنزاهة وموضوعية.

ليس من الواضح إذا كان على كاميرون ووزير ماليته، جورج أوسبورن، تقديم أدلة حول علاقتهم بعائلة مردوخ والمسؤولين بشركته أم لا. وكلاهما يواجه مزاعم محرجة بأن دعوات العشاء والحفلات مع عائلة مردوخ، ومن ضمنها لقاء حضره كاميرون على يخت مردوخ، تكشف عن تساهل في غير محله قد يكون له تأثير على صفقة بيع شبكة «بي سكاي بي».

وقال توكر إنه سيتم نشر تقرير بشأن الاستجواب في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، بينما سيبدأ الجزء الثاني من الاستجواب، والذي يركز على فضيحة التنصت، بعد الانتهاء من الإجراءات الجنائية.

في تلك الفترة، أقيمت مائة دعوى قضائية بخصوص التنصت غير القانوني على الرسائل الصوتية، طبقا لسجلات المحكمة. وتم تسوية الكثير من القضايا بتكاليف لم يتم الإعلان عن قدرها، والتي قد تصل إلى مئات الملايين من الدولارات في إطار التعويضات والمصاريف القانونية. ويبلغ عدد الضحايا أكثر من 800 شخص بحسب ما صرحت به الشرطة.

وحدد القاضي جيفري فوس، المشرف على القضايا، بداية الجلسات بالنسبة للقضايا التي لم تحسم بعد في الثامن عشر من شهر فبراير (شباط) عام 2013.

تواجه صحيفة «نيوز إنترناشيونال» ضغوطا للتخلي عن الامتيازات القانونية والسماح بنشر ملف داخلي عن التنصت، جمعته شركة «بورتون كوبلاند» للمحاماة عام 2006. والذي قد يكشف إذا ما كان كبار المسؤولين التنفيذيين بالصحف على علم بانتشار عمليات التنصت غير القانوني في الصحيفة رغم تصريحهم بأن من قام بالتنصت كان «مراسلا مارقا» وهو كليف غودمان الذي سجن عام 2007. ورفضت المتحدثة الرسمية باسم صحيفة «نيوز إنترناشيونال» التعليق، كما لم ترد شركة المحاماة على الرسائل.

وقال مسؤول بصحيفة «نيوز إنترناشيونال» اشترط عدم ذكر اسمه لمناقشة الاستراتيجيات الداخلية للصحيفة: «نفكر الآن على مدى سنوات ليس أسابيع أو شهور».

وذكر مصدر مطلع على التحقيقات أن تلك الحالة قد لا تكون الوحيدة، حيث يبدأ قريبا توجيه اتهامات بالتنصت على المكالمات الهاتفية بعيدا عن إمبراطورية مردوخ - وتتضمن اتهامات تتعلق بمؤسسة كبرى.

* خدمة «نيويورك تايمز»