المراقب الصحافي: «الشرق الأوسط» وتغطية الانتخابات الليبية

TT

حظيت الانتخابات الليبية بتغطية بارزة على صدر الصفحة الأولى، غير أن حجم وعمق التغطية في الصفحات الداخلية لم يكن بمستوى الحدث، لا سيما أننا نتحدث عن أول انتخابات حرة بعد سقوط نظام ديكتاتوري جثم على صدر الليبيين نحو أربعة عقود من الزمان، وما الانتخابات الحالية إلا ثمرة من ثمرات الثورة الشعبية التي يتابع نتائجها العرب باهتمام بالغ.

في معظم أيام الانتخابات الليبية كانت التغطية لا تتجاوز الصفحة الواحدة، وأحيانا تذكر تحت صفحة «مغاربيات»، وهو ما لم يكن كافيا لعرض الصورة الكبرى وتفاصيل ما يجري في ليبيا، وهو بخلاف الحال مع المجهود الجميل والموسع الذي بذلته «الشرق الأوسط» في تغطيتها للانتخابات المصرية، والثورة السورية الطاحنة حتى اللحظة، كنا نتمنى أن توفد الصحيفة عددا من المراسلين ليتمكنوا من نقل تفاصيل الأحداث، خصوصا أن التكتيم الإعلامي لم يعد موجودا بعد زوال النظام السابق.

ولكن، ومن باب الإنصاف، لا نستطيع أن نثقل على صحيفة «الشرق الأوسط» ونطالبها بما هو فوق طاقتها، فهي تكتب لـ22 دولة عربية، فضلا عن العواصم العالمية الأخرى، وهي مهمة شاقة جدا، لا يمكن أن تكون بمعزل عن الاستعانة بأخبار وكالات الأنباء العالمية، وهو ما فعلته «الشرق الأوسط» في عدد من الأخبار الليبية، لكنها أضافت إليها «نكهتها الخضراء» بعدم الاكتفاء بنص الوكالة، بل كانت تطعمه بتصريحات خاصة، وهو أمر جيد يتكرر في تغطيات عدة.

كما لفت انتباهي تقرير جيد عن سبب عدم تقدم «الإخوان المسلمين» في ليبيا، إذ أظهرت النتائج الأولية تقدم الليبراليين في عدد من المناطق، وهو ما شكل مفاجأة على الأقل للمتابعين للشأن الليبي من الخارج ممن توقعوا امتداد المد الشعبي الإسلامي، غير أن محللين كشفوا أن علاقة «الإخوان» بالنظام السابق أثرت سلبا على نتائجهم الحالية.

وقد أعطى أحد الرسوم البيانية للنتائج الأولية للانتخابات صورة واضحة وشرحا مبسطا لنتائج الانتخابات والمتنافسين فيها، ورسم على خريطة ليبيا أماكن التنافس الانتخابي، وطريقة انتخاب المؤتمر الوطني بطريقة نظام القوائم والنظام الفردي، الأمر الذي منح تغطية ذلك اليوم طابعا جميلا وشرحا وافيا يفهمه القارئ العادي والمتخصص.

وهذا التبسيط في شرح الأحداث أمر مطلوب، ولكنه أحيانا صعب في ظل زحمة الموضوعات، لا سيما أن الثورات العربية وتسارع الأحداث من حولنا جعل مهمة الصحافي صعبة للغاية، غير أنه ليس كل القراء يدركون حجم الجهد الكبير الذي تبذله الصحيفة لكي تصدر عددا واحدا، وتحديدا إذا كان هناك حدث آني تأخرت فيه الطبعات على أمل أن ترصد الصحيفة للقارئ ولو جانبا من الخبر.

بصورة عامة، نشكر جميع الزملاء الصحافيين، ونتطلع منهم إلى تغطيات أكثر تنوعا وعمقا لما يجري في ثاني أكبر دولة في شمال أفريقيا.