المراقب الصحافي: نهر دجلة

TT

نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» في الأسبوع الماضي عددا من الموضوعات المنوعة التي تستحق الإشارة إليها، ومنها تقرير الحملة المدنية العراقية الجميلة لجمع مليون توقيع في مسعى لحماية نهر دجلة من سد أليسو التركي الذي قيل إنه سيتسبب في مشكلات بيئية واقتصادية في العراق.

وفي هذا التقرير التقت الصحيفة بمنظمة الحملة شخصيا وعدد من المشاركين فيها. وما لفت نظري في هذا الموضوع الإنساني والبيئي البحت أنه بعيد عن أخبار القتل والدمار والنزاعات السياسية العراقية الذي اعتاد القارئ عليها في الآونة الأخيرة. فجميل أن يلتفت المحرر إلى قضايا مهمة لا تقل أهمية عن القضايا السياسية لأنها تمس حياة ملايين الناس. وامتاز التقرير بأنه عرض صورا خاصة بالصحيفة نقلت القارئ إلى قلب الحدث، حيث بدا فيها عراقيون بزيهم التقليدي، البشت والعقال، وهم يشاركون بالتوقيع في هذه الحملة التي قلما نجد مثلها في بلداننا العربية.

وهذا الموضوع الجميل يفتح ملفا مهما، أشرنا إليه قبل نحو عام، من ضرورة أن تسلط الصحيفة الضوء في تقاريرها على الآثار الجميلة وأطلال المدن التي طمرتها الرمال لحضارات سادت ثم بادت، فصارت تستحق منا أن نقدم تقارير خاصة عنها، مثل الآثار المكتشفة حديثا في الإمارات والبحرين وجزيرة فيلكا الكويتية والأردن، وهي كلها مادة صحافية شائقة من بيئتنا ويمكن أن تتناقلها وكالات الأنباء العالمية إذا كانت سبقا صحافيا. فلدينا من الآثار الكثير، بدءا بأهرامات مصر، مرورا بمدائن صالح وما حولها، وصولا إلى العراق وتاريخه العريق.

وحتى نهر النيل، هذا النهر العظيم، يحتاج إلى أن يُخدم صحافيا بتقارير علمية خاصة، تكشف أسراره ومشكلات جديدة يواجهها الساكنون حوله، فرُبّ تقرير ساهم في لفت أنظار المسؤولين أو المختصين ليبادروا بتقديم يد المساعدة لهذا النهر الذي أنهكه التلوث، رغم أن معظم سكان مصر يعيشون حوله. ولا ننسى أن المياه بحسب التقارير الدولية ستكون الصراع الكبير المقبل بين دول العالم، وقد بدأت بوادر ذلك تطفو على السطح هنا وهناك، الأمر الذي يحتم على الصحافي أن يقوم بواجبه نحو ذلك.

لا شك أن هذه الموضوعات تحتاج إلى جهود قنوات تلفزيونية، وربما دول تذلل العقبات، إلا أنه لا يجب أن ننتظر الآخرين حتى يتحركوا، فكما قلنا مرارا، إن المادة الصحافية الجيدة تحفز معدّي البرامج التلفزيونية لتقديم برامج تلفزيونية مهمة. وهذا شرف للصحافي الذي يقدم مادة مهنية تحترم القارئ وتسلط الضوء على همومه.