«أبل» تدرس الاستثمار في «تويتر»

رغم نجاحها في بيع الهواتف الجوالة والأجهزة اللوحية فإن رصيدها في مجال الشبكات الاجتماعية لا يذكر

TT

أجرت شركة «أبل» التي تعثرت جهودها في الدخول إلى ميدان الإعلام الاجتماعي، محادثات مع «تويتر» خلال الشهور الأخيرة للقيام باستثمارات استراتيجية فيها، بحسب أشخاص مطلعين على الصفقة.

رغم النجاح الهائل الذي حققته «أبل» في بيع الهواتف الجوالة والأجهزة اللوحية، لكنها لم تتمكن من تحقيق نجاح يذكر في مجال الشبكات الاجتماعية، التي أصبحت المحرك الرئيسي للنشاط على الشبكة الاجتماعية وأجهزة الهواتف الجوالة، حيث تؤثر الشبكات الاجتماعية بشكل متزايد على كيفية قضاء الأفراد لأوقاتهم وإنفاقهم لأموالهم، وهو اعتبار مهم بالنسبة لـ«أبل» التي تبيع أيضا تطبيقات وألعابا وموسيقى وأفلاما.

وتفكر «أبل» في استثمار مئات الملايين من الدولارات، استثمارا قد يرفع قيمة «تويتر» إلى أكثر من 10 مليارات دولار، ليرفع تقييمه عن العام الماضي، الذي قدر بقيمة 8.4 مليار دولار، بحسب هؤلاء الأفراد، الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم بسبب سرية المناقشات.

لا توجد ضمانات بإمكانية توصل الشركتين إلى اتفاق، نظرا لتوقف المفاوضات في الوقت الراهن. لكن المحادثات السابقة، إشارة إلى أنهما قد تشكلان علاقة قوية، تهدف إلى تعزيز المنافسة مع شركات مثل «غوغل» و«فيس بوك».

لم تتمكن «أبل» من اكتساب كثير من الأصدقاء في وسائل الإعلام الاجتماعية؛ فقد تعرضت علاقتها، مع «فيس بوك» على سبيل المثال، لتوترات في أعقاب فشل الاتفاق على وضع مزايا «فيس بوك» في شبكة «أبل» الاجتماعية المركزية للموسيقى، وترويج «غوغل»، منافس آبل في سوق الهواتف، لشبكتها الاجتماعية الخاصة «غوغل بلس».

ويقول تيموثي كوك، المدير التنفيذي لشركة «أبل» في مؤتمر التكنولوجيا الذي عقد مؤخرا: «لا ينبغي على (أبل) أن تمتلك شبكة اجتماعية. لكن هل (أبل) بحاجة إلى الدخول إلى الشبكات الاجتماعية؟ نعم، كانت (تويتر) و(أبل) تعملان سويا بالفعل. فمؤخرا، قامت (أبل) بإضافة خصائص (تويتر) على برنامجها لهواتفها الجوالة وحاسباتها اللوحية والشخصية، على الرغم من قيامها بذلك من وراء الستار. ووضعت (تويتر) مزيدا من الموارد لإدارة علاقتها مع (أبل)».

وعلى الرغم من عدم تشكيل الاستثمار في «تويتر» خطوة مالية كبيرة لـ«أبل» بأية حال - ضخت «أبل» استثمارات سائلة بقيمة 117 مليار دولار، وقد وافقت على شراء شركة أمن هواتف جوالة مقابل 356 مليون دولار يوم الجمعة الماضي - لكنها ستكون واحدة من بين أهم القرارات الاستراتيجية لكوك كرئيس تنفيذي، وسيكون هذا الاتفاق غير المألوف بالنسبة لـ«أبل»، التي تميل إلى شراء شركات ناشئة صغيرة يتم استيعابها في الشركة.

لكن مثل هذا الاتفاق سيمنح «أبل» مزيدا من حرية الوصول إلى فهم «تويتر» العميق للشبكة الاجتماعية، ويمهد الطريق لدمج أوثق لـ«تويتر» في منتجات «أبل».

كان موقع «تويتر» قد شهد نموا سريعا، ليصل عدد مستخدميه إلى أكثر من 140 مليون مستخدم نشط شهريا، ينتجون كما هائلا من الرسائل القصيرة بشأن حياتهم، والأخبار، وكل شيء آخر. وسيمنح استثمار «أبل» لها وهج علاقة وثيقة مع أيقونة التكنولوجيا، وسوف تعزز بشكل مباشر من قيمتها، والتي عانت من بعض التراجع، ككل الشركات الناشئة، في أعقاب أول ظهور لـ«فيس بوك». والحقيقة أن كلمة المحادثات تأتي في وقت يتساءل البعض فيه عما إذا كانت التوقعات المحتملة لشركات وسائل الإعلام الاجتماعي خرجت عن السيطرة، وأسهم «فيس بوك» و«زينغا» والشركات الأخرى تعاني من الضعف.

لكن «تويتر» ليست بحاجة إلى أموال «أبل». فذكر ديك كوستولو، المدير التنفيذي لـ«تويتر»، في بداية العام الحالي، أن الشركة تمتلك سيولة ضخمة.

هذه الأموال الضخمة، بحسب الأشخاص المطلعين على الأمر، تتجاوز ما يزيد على 600 مليون دولار، جاءت من مليار دولار جمعتها من التمويل على مدار سنوات، ومؤخرا من التدفق الكبير لعائدات الإعلانات.

وبصرف النظر عن ذلك، يتوقع أن تسعى الشركة المالكة لـ«تويتر» إلى إجراء اكتتاب عام على نطاق واسع خلال السنوات القليلة القادمة، سواء وافقت أم لا على التعامل مع المستثمرين من أمثال «أبل».

وتعتبر شراكة «أبل» و«تويتر» منطقية من نواحي عدة. فعلى عكس «فيس بوك» و«غوغل»، لا تملك «تويتر» أي خطط للمنافسة مع «أبل» في مجال صناعة الهواتف الجوالة أو غيرها، وفي الوقت ذاته وجدت «أبل» أن الشبكات الاجتماعية ليست أصيلة في جيناتها الوراثية.

ويقول كوستولو عن «أبل» في مقابلة أخيرة: «هؤلاء الأشخاص شركاء رائعون. نحن نفكر فيهم كشركة تطمح شركتنا إلى التعامل معها». ولن يناقش كوستولو أي استثمارات متوقعة أو أي شيء آخر مرتبط بعلاقة الشركة مع «أبل».

لكن المتحدثين باسم «أبل» أو «تويتر» أعلنا يوم الجمعة أن شركتيهما لن تعلقا على الشائعات.

وإذا ما تم التوصل لاتفاق، سيعود الفضل في ذلك إلى علي روغاني، المدير المالي لـ«تويتر» الذي لعب دورا رئيسيا فيه. انضم روغاني إلى «تويتر» في أوائل عام 2010 بعد تسع سنوات من العمل في استوديوهات بيكسار للأفلام المتحركة، حيث عمل بشكل مباشر مع ستيفن جوبز المؤسس المشارك لشركة «أبل».

تزداد الروابط بين «أبل» و«تويتر» قوة في وقت تتزايد فيه الشكوك في أسواق الهواتف الجوالة. خطوط المعركة التي بدت واضحة قبل عام، بدأت تصبح أكثر ضبابية خلال سعي الشركات للحصول على مناطق جديدة في السوق والتصادم مع حلفائها السابقين.

ويقال إن شركة «فيس بوك» تعمل حاليا على تطوير هواتفها الخاصة أو برامج تشغيل الهواتف الجوالة وبالمثل استحوذت «غوغل» على شركة «موتورولا موبيليتي» العام الماضي، وتعمل حاليا في صناعة الهواتف الجوالة.

هذا المشهد الملتبس يعكس الأهمية المتزايدة للهواتف الجوالة، في الوقت الذي يرفض فيه المزيد من المستهلكين حاسباتهم لصالح الأجهزة التي تلائم جيوبهم. هذا الشغف للفوز بمثل هذه المعركة الحرجة، جعل عمالقة التكنولوجيا يتدافعون للسيطرة على كل سوق المكونات والبرامج في الهواتف الجوالة.

هذه الحروب المألوفة عززت التحالفات ودفعت الشركات لاختيار جانب معين، فشركة «أبل» مع «تويتر»، على سبيل المثال، بدأ توتر علاقتهما مع «فيس بوك». وفي عام 2010 كانت الشركة حريصة على دمج خدمتها (بينغ) مع «فيس بوك»، لكن المناقشات تعطلت. كان ستيفن جوبز، المدير التنفيذي السابق لشركة «أبل» الذي توفي العام الماضي قد صرح لموقع التكنولوجيا AllThingsD بأن «فيس بوك» طالبت بشروط مرهقة لم نستطع أن نوافق عليها.

«أبل» التي قضت شهورا في الإعداد لتحميل «فيس بوك» على نظام تشغليها iOS، أعادت صياغته سريعا ليسع خدمة «تويتر». ويقول أحد موظفي «تويتر» السابقين، الذي وصف «تويتر» بـ«العاشقة المحظوظة»، في سلسلة الأحداث هذه. إن الشراكة كانت ضرورية وقدمت إلى «تويتر» على طبق من فضة، إذ لم يتمكن نظام «بينغ» من تأمين متطلبات مستخدميه.

أثبت هذا الاتحاد جدواه بالنسبة لـ«تويتر»، فإدماجه الهواتف الجوالة في نهاية عام 2011، جعل من السهولة بمكان بالنسبة لمستخدمي «آي فون» و«آي باد» طلب الصور والخرائط ووسائل الإعلام الأخرى بشكل مباشر لـ«تويتر». وحتى الآن فقد نشروا أكثر من 10 مليارات تغريدة. وخلال الشهور الأخيرة، أدرجت «أبل» مميزات «تويتر» في نظام تشغيلها للحاسبات إضافة إلى خدمتها الإعلانية.

العلاقة مع «أبل» بالغة القيمة بالنسبة لـ«تويتر» حتى أن الشركة كلفت نائب رئيس الشركة كيفن ثايو، للعمل مع «أبل» بدوام كامل، بحسب موظف شركة «أبل» الذي طلب عدم ذكر اسمه.

على الجانب الآخر بدأت علاقة «أبل» مع «فيس بوك» في التراجع، فخلال الشهر الماضي، قالت الشركة إنها ستضيف مميزات «فيس بوك» إلى نسختها الجديدة من نظام تشغيلها الجديد للهواتف الجوالة. بيد أن الشركتان تبديان قلقا تجاه بعضهما البعض، ف«فيس بوك» التي دشنت «مركز برامج» خاص بها وتنوي زيادة عائداتها من الهواتف الجوالة يتوقع أن تواصل الارتفاع في مواجهة «أبل».

ويبدي المحللون قلقا من أن «أبل» قد تتخلف في مجال برامج الهواتف الجوالة، بسبب المنافسة المحتدمة وافتقارها إلى السمات الاجتماعية. وكما أظهرت «أبل»، يمكن للبرامج والمحتوى أن يصنعا أو يكسرا مبيعات الأجهزة.

ويقول آل هيلوى، المحلل في شركة «آي دي سي»: «كان المحتوى ركيزة أساسية في نجاخ آي فون». وأشار إلى أن ولاء المستهلكين لمكتبة «آي تيونز»، التي يستخدمها الكثيرون في تخزين مجموعاتهم الموسيقية أسهمت في رفع المبيعات الأولية للهواتف الجوالة. وأضاف هيلوى: «في المستقبل قد تملي الاتصالات الاجتماعية الطريقة التي سينفق بها المستهلكون».

* أسهم نيك وينغفيلد في كتابة هذا التقرير

* خدمة «نيويورك تايمز»