المراقب الصحافي: تقنية المعلومات وزمنية النشر

TT

لا تكاد تخلو صحيفة معتبرة في عالمنا المعاصر من صفحة تعنى بشؤون التكنولوجيا، لكن الناظر إلى هذه الصفحات في الصحف العربية تحديدا يجد أن مراعاة مسألة زمنية نشر المادة لا تتماشى مع توقيت الحدث التكنولوجي أو المنتج أو الخدمة، إذ تنشر لنا المادة بعد أن أشبع الناس منتجهم نقاشا، وربما اشتروا الجهاز وباعوه ثم تجد صحفنا تنشر لك «مادة بايتة» كما نقول في الصحافة.

أما ملحق «تقنية المعلومات» في صحيفة «الشرق الأوسط» فيقع في بعض الأحيان في هذا المطب الزمني. فرغم أنه ملحق يجب أن يواكب الحدث لحظة حدوثه فإنه ينشر بعض المواد التكنولوجية في وقت متأخر نسبيا. وأحدث مثال على ذلك هو موضوع الـ200 ميزة للتحديث الجديد لهاتف آي فون (IOS6) الذي أعلنت عن صدوره شركة «أبل» منذ مدة، وكان حريا بالمحرر أن ينشر هذه الميزات لحظة تدشينها. ففي عالم التكنولوجيا وتسارع عملية نقل المعلومات بصورة مذهلة عبر وسائل التواصل الحديثة، لم يعد هناك عذر لمن لا يراعي مسألة زمنية توقيت النشر. ومن الأمثلة الأخرى هاتف آي فون 5 الجديد الذي كنت أتمنى أن تواكب الصحيفة هذا الحدث بشيء من التفصيل يختلف عما تنشره وكالات الأنباء، كأن تنشر تسريبات عن خصائص ومميزات وعيوب هذا الجهاز الذي يصطف له ملايين الناس حول العالم في طوابير ممتدة وربما باتوا ليلتهم عند متجر ليظفروا بشراء جهازهم المفضل.

إن الهاتف الذكي لم يعد هاتفا فحسب، بل هو بمثابة حقيبة من الأجهزة والتطبيقات التي لا يستطيع الإنسان أن يفارقها لحظة واحدة. والتكنولوجيا عموما دخلت في كل مناحي حياة الصغير والكبير، وآن الأوان أن نقدم مواد تواكب هذا التغيير الكبير الذي يجري من حولنا. ولا يجب أن ننسى أن كثيرا من القراء ربما لا يجيدون غير لغتهم العربية، ومن هنا تأتي أهمية أن يسارع القائمون على ملحق «تقنية المعلومات» بترجمة أكبر عدد ممكن من المعلومات الحديثة والمواد الخاصة ليطلعوا القارئ على تفاصيل الأجهزة المحيطة به وبأطفاله، فالأمية في عصرنا لم تقتصر على مفهومها المعروف، لأن هناك أمية أكثر إيلاما على القارئ وهي «أمية التكنولوجيا» لا سيما حينما يسمع الناس من حوله يتحدثون عن أجهزة وهو الذي يظن نفسه أحد المطلعين بمواظبته على قراءة أحد أفضل الصحف العربية، لكنه يفاجأ في بعض الأحيان بأن صحيفته لا تنشر له هذه الموضوعات في الوقت المناسب.

وحتى أكون منصفا، هناك مجهود أكثر من رائع يبذل بملحق «تقنية المعلومات» وكل المقالات السابقة التي كتبتها عنه كانت تشيد به، وبأنه من أفضل الملاحق العربية، لكن هذا لا يمنع أن ننتقد قليلا لنتقدم جميعا ونفيد القارئ العربي الكريم.