هيئة تنظيم الاتصالات البريطانية تعتبر «بي سكاي بي» سليمة وغير مخالفة

التقرير اعتبر جيمس ميردوخ مسؤولا عن الشركات القابضة التابعة للمؤسسة

TT

بعد مرور أكثر من عام على الكشف عن فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية في بريطانيا والتي عصفت بمؤسسة «نيوز كوربوريشن» التابعة للملياردير روبرت ميردوخ، حصلت الشركة الإعلامية المتعثرة على شهادة السلامة المهنية الخاصة بالشركات من إحدى أهم الجهات التنظيمية الإنجليزية، حيث أعلنت «هيئة تنظيم الاتصالات البريطانية»، الشهيرة بـ«أفكوم»، يوم الخميس قبل الماضي أن شركة «بي سكاي بي»، التي تمتلك مؤسسة «نيوز كوربوريشن» 39.1% من أسهمها، كانت «لائقة ومناسبة» لحمل رخصة بث.

جاء هذا الحكم، الذي كان بمثابة الثمرة للتحقيقات التي أجرتها الجهات التنظيمية والتي استمرت لأشهر طويلة، ليوفر على الشركة إنفاق الكثير من الأموال في معركة قانونية باهظة الثمن للحفاظ على رخصتها.

الأمر الأهم من ذلك هو أن هذا الحكم قد ساعد على تهدئة المخاوف التي انتشرت داخل الشركة والخاصة بإمكانية تسبب إصدار «أفكوم» لحكم غير موات في حدوث المزيد من عمليات الفحص في الولايات المتحدة الأميركية من قبل وزارة العدل وهيئة الاتصالات الفيدرالية، مما قد يؤثر على الأصول التلفزيونية المحلية لمؤسسة «نيوز كوربوريشن».

ورغم ذلك، لا تزال مؤسسة «نيوز كوربوريشن» تواجه الكثير من العقبات، حيث تسببت فضائح التنصت على المكالمات الهاتفية في بدء الكثير من التحقيقات بشأن استخدام الشركة للتنصت على المكالمات الهاتفية وعلاقة المؤسسة بالشرطة والمحاكمات الجنائية للكثير من المسؤولين التنفيذيين في المؤسسة التي ستبدأ في العام القادم، فضلا عن تقديم 174 دعوى مدنية جديدة قبل الموعد النهائي للمحكمة يوم الجمعة قبل الماضي.

كان الشعور الغامر بالراحة المترتب على الحكم ملموسا للغاية في مقرات المؤسسة في نيويورك ولندن، ولكن أحد مسؤولي المؤسسة، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول له الكشف عن المحادثات الداخلية التي تجري في المؤسسة، قال: إنه لا ينبغي على المديرين التنفيذيين إعلان النصر الآن، مضيفا: «الأغبياء فقط هم من يقولون: إن الأمر قد انتهى، ولكن الأمر لم يعد بنفس مستوى الذعر الذي كان عليه في الماضي».

وفي إشارة إلى أن الشركة باتت تشعر بالقليل من التحفظ تجاه عمليات التدقيق في بريطانيا، من المتوقع أن يتولى جيمس ميردوخ، وهو نجل روبرت ميردوخ نائب مدير التشغيل في مؤسسة «نيوز كوربوريشن»، دورا أكبر داخل الشركة.

وجه تقرير «أفكوم» انتقادا لاذعا لأداء جيمس ميردوخ، الذي كان مسؤولا عن الشركات القابضة التابعة للمؤسسة في بريطانيا وقت الكشف عن فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية، حيث قال: إنه «أخفق مرارا» في استجابته للنشاطات غير القانونية التي تجري في صحيفة «نيوز أوف ذا وورلد» التابعة للشركة.

وفي شهر أبريل (نيسان) الماضي، قدم جيمس ميردوخ استقالته من منصبه كمدير لـ«بي سكاي بي»، حيث بدا وقتها أن مستقبله في مؤسسة «نيوز كوربوريشن» بات غير واضح.

ورغم ذلك، أكد شخص مقرب من مؤسسة «نيوز كوربوريشن» صحة التقرير الذي نشرته صحيفة «فايننشيال تايمز»، والذي قالت فيه إن الصلاحيات الوظيفية لجيمس ميردوخ قد تتوسع لتتضمن الإشراف على مجموعة «فوكس نتوركس غروب»، وهي الوحدة التي مقرها في لوس أنجليس وتشمل شركة «فوكس برودكاستيغ»، فضلا عن القنوات الرياضية المحلية التابعة لشركة «فوكس».

وفي شهر يوليو (تموز) قامت مؤسسة «نيوز كوربوريشن» بتعيين بيتر رايس، صديق جيمس ميردوخ الذي شغل منصب مدير الترفيه لفترة طويلة، في منصب رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي للمجموعة. يذكر أن رايس سوف يرفع تقاريره لجيمس ميردوخ مباشرة.

رغم أن مؤسسة «نيوز كوربوريشن» تحاول التقليل من آثار فضيحة التنصت على الهواتف الجوالة على استراتيجية الشركة الأوسع نطاقا، فمن الواضح أن التكتل الإعلامي قد أدى إلى وجود شركة مختلفة ذات دوافع مختلفة، حيث لم يعد المحرك الرئيسي للشركة هو نزوات روبرت ميردوخ أو صفقات الاستحواذ الضخمة.

أعلنت الشركة بالفعل عن خططها لفصل شركات النشر التابعة لها - بما في ذلك بعض الصحف مثل «ذا وول ستريت جورنال» و«تايمز أوف لندن» و«ذا نيويورك بوست»- في شركة تداول عامة منفصلة عن الأصول الترفيهية الأكثر ربحية مثل «إف إكس» و«فوكس نيوز». ومنذ ذلك الحين، كانت هناك حركة تغييرات مستمرة بين المديرين التنفيذيين داخل الشركة في الوقت الذي تستعد فيه الشركة للانقسام.

يقول ديفيد بانك، وهو محلل في شركة «آر بي سي كابيتال ماركتس»: «هناك شعور ما بأن الأخ الأكبر يراقب الجميع، وهو ما يضع الجميع تحت الاختبار».

وقبل أن تتسبب فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية في تدمير أحلامه، كان روبرت ميردوخ يدفع باتجاه عقد صفقة بقيمة 12 مليار دولار للاستحواذ على الأسهم المتبقية من شركة «بي سكاي بي». يقول شخص مقرب من الشركة، والذي لم يرغب في الكشف عن هويته لأنه غير مخول بمناقشة استراتيجية الاستحواذ في الشركة، إن النتائج تفتح الباب أمام إمكانية قيام مؤسسة «نيوز كوربوريشن» بإعادة النظر في العرض الذي تقدمت به للاستحواذ على الأسهم المتبقية، رغم أنه من غير المحتمل حدوث هذا الأمر في العام أو العامين القادمين.

وفي مؤتمر عبر الهاتف جرى مؤخرا مع بعض المحللين، قال تشيس كاري، المدير التشغيلي لمؤسسة «نيوز كوربوريشن»: «نحن لن نقوم بوضع جدول زمني لهذا الأمر. نحن نحب هذا النوع من الاستثمارات والأعمال. لقد حاولنا شراء هذه الأسهم، وهذا مؤشر يوضح مدى التزامنا بهذا الصدد».

لمح روبرت ميردوخ إلى أنه يفضل شخصيا نقل أعماله إلى مكان آخر، ففي مقابلة مع قناة «فوكس بيزنس» في شهر يونيو (حزيران) قال ميردوخ إنه يريد الخروج من مؤسسة «بي سكاي بي» التي كانت يوما مطمعا للجميع.

أضاف ميردوخ: «هذه الاستثمارات تساوي مليارات من الدولارات، وإذا لم تكن بريطانيا تريدها، فسوف نعثر على مكان آخر لضخها فيه. أنا متفائل بصورة كبيرة بالسوق الأميركية أكثر من نظيرتها الإنجليزية». وبسؤاله عما إن كان ذلك بسبب الأزمة المالية التي تعصف بأوروبا في الوقت الراهن، أجاب ميردوخ: «لا، إنها إنجلترا فحسب».

وحتى بعد النزعة الكبيرة لإعادة شراء الأسهم مرة أخرى، كانت مؤسسة «نيوز كوربوريشن» تمتلك 9.6 مليار دولار نقدا في السنة المالية التي انتهت يوم 30 يونيو. دفع هذا المخزون الكبير من النقدية المحللين والمستثمرين للتساؤل عما إن كانت المؤسسة تفكر في محاولة أخرى للاستحواذ على بقية أسهم «بي سكاي بي».

يقول تود جونغر، وهو محلل في شركة «بيرنشتاين للأبحاث»: «يا ترى ما الدافع وراء ادخار مثل هذه الأموال النقدية؟ تؤكد لنا الأدلة أنهم يعتقدون حقا أنهم سيخوضون جولة أخرى في (بي سكاي بي) في المستقبل القريب».

أثنت مؤسسة «نيوز كوربوريشن» على قرار «أفكوم»، ولكنها شجبت بعض الأجزاء من التقرير التي تنتقد جيمس ميردوخ وتشكك في «كفاءته» في التعامل مع فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية، والتي انفجرت في صحيفة «نيوز أوف ذا وورلد» في شهر يوليو الماضي.

قالت المؤسسة في بيانها: «يسرنا أيضا أن (أفكوم) قررت أن الأدلة المتعلقة بالتنصت على المكالمات الهاتفية والتستر والفساد لا تمثل أساسا قويا للاستنتاج بأن (نيوز كوربوريشن) وروبرت ميردوخ قد تصرفوا بطريقة غير لائقة».

وأضافت المؤسسة: «ورغم ذلك، نحن نختلف مع بعض البيانات المحددة الواردة في التقرير حول التدابير المسبقة التي اتخذها جيمس ميردوخ، كرئيس ومدير تنفيذي للشركة، حيث إن كل هذه الادعاءات لا تعززها أدلة».

أكد بعض أصدقاء جيمس ميردوخ أنه يشعر بأن سمعته قد تعرضت للتشويه بسبب تلك الأحداث التي وقعت في لندن وأنه يحاول إعادة بناء سمعته في الولايات المتحدة الأميركية. ونظرا لحرصه على تجاوز فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية والخروج من ظل والده، عقد جيمس ميردوخ بعض الاجتماعات مع شركة إعلامية أميركية جديدة على الأقل في الشهور القليلة الماضية لمناقشة وضعية مجلس الإدارة أو الهيئة الاستشارية، حسبما أفاد أحد الأشخاص الذين حضروا هذه الاجتماعات.

جاءت هذه النتائج في وقت شديد الأهمية بالنسبة لمؤسسة «نيوز كوربوريشن»، حيث كانت تستعد لعقد الاجتماع السنوي لحملة الأسهم. وفي الشهر المقبل، سوف يجتمع المستثمرون في «استوديو فوكس» في لوس أنجليس التابع للشركة تحت حراسة مشددة لمواجهة روبرت ميردوخ بشأن «الرقابة غير الكافية والحفاظ على ثقافة الشركة» ومجلس الإدارة «الذي فشل في اتخاذ أي إجراء ضد أي من المسؤولين، رغم جسامة هذه الفضيحة»، وفقا لوثائق الشركة المودعة لدى «لجنة الأوراق المالية والبورصات».

تقول لورا كامبوس، مديرة أنشطة حملة الأسهم في مؤسسة «ناثان كامينغز فاونديشين» الخيرية التي تمتلك 3686 سهما من فئة «بي» في «نيوز كوربوريشن»: «انظروا كيف قامت (أفكوم) بانتقاد جيمس ميردوخ وسوف يتضح لكم أن هذا الأمر لم يعد بالضرورة كتابا مغلقا وأن هذه العلبة من الديدان من الممكن أن تنفتح مجددا».

وفي بريطانيا، انتقلت فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية إلى ما هو أبعد من الفوضى التي أعقبت الكشف عنها للمرة الأولى، ولكن الشركة لا تزال لديها الكثير لتقلق بشأنه، حيث إن القاضي جيفري فوس، وهو القاضي المشرف على الدعاوى المدنية، حريص للغاية على رؤية بعض الحالات التي تصل إلى المحكمة بصورة علنية والتي من الممكن أن تكون مصاحبة بكشف بالأضرار التي لحقت بها، حسبما أكد أحد الأشخاص المطلع على عملية المحاكمة.

وبالإضافة إلى ذلك، ما زالت الشرطة تجري 3 تحقيقات حول مزاعم بتقديم أموال لموظفين عموميين والقرصنة على المكالمات الهاتفية والكومبيوتر.

* ساهم في كتابة هذا التقرير ألان كويل

* خدمة «نيويورك تايمز»