خدمات الهاتف الجوال وقنوات الكيبل حلفاء غير متوقعين

معارض المتاجر التجريبية سيتم افتتاحها الشهر الحالي في شتى أنحاء البلاد

TT

خلف باب مغلق وبين صفوف من مقصورات المكاتب في مقر شركة «فيرايزون وايرلس» المترامي الأطراف، يكمن أفضل أسرار صناعة التجزئة التي احتفظت بها الشركة.

يبدو هذا المخزن الوهمي منفذ بيع بالتجزئة تابعا لشركة «فيرايزون وايرلس»، الذي يكتظ بعلامات هاتف «آي فون 5» ورفوف من إكسسوارات الهواتف الجوالة، ولكن على إحدى الحوائط يوجد هناك عرض تجريبي لأجهزة الكومبيوتر اللوحية والهواتف الذكية تحت عنوان «خدمات منزلية»، تقوم بعرض بعض الخدمات الجديدة لزبائن الشركة، مثل قنوات الـ«كيبل».

يأتي هذا المعرض نتيجة لقيام شركة «فيرايزون وايرلس» بعقد صفقة بقيمة 3.9 مليار دولار لشراء نطاق إشارات من شركات تلفاز الكابل «برايت هاوس نتوركس» و«كومكاست» و«كوكس كوميونيكاشنز» و«تايم وارنر كيبل»، وهي الصفقة التي وافقت عليها «لجنة الاتصالات الفيدرالية» الأميركية في الشهر الماضي. وبينما انصب معظم الاهتمام على أن شراء موجات أثير غير مستخدمة سوف يساعد شركة «فيرايزون وايرلس» في توسيع شبكة اللاسلكي الجديدة من الجيل الرابع الخاصة بها، لم يتم التركيز بصورة كبيرة على أن شركات الـ«كيبل» صار بمقدورها الآن استخدام حضور «فيرايزون وايرلس» القوي في مجال التجزئة لتسويق عروض الـ«كيبل» مع الهواتف والخدمات اللاسلكية.

لذا، ففي معارض المتاجر التجريبية التي سيتم افتتاحها في شتى أنحاء البلاد في الشهر المقبل، يتم عرض التطبيق الخاص بخدمة تلفاز الـ«كيبل» «إكسفينيتي» التابعة لشركة «كومكاست» على «حلقة جذابة» تتصل بتلفاز بلازما. سوف يكون بمقدور عملاء شركة «فيرايزون وايرلس» تصفح قوائم التلفاز على أجهزة «سامسونغ» اللوحية الخاصة بالشركة وتعلم كيفية ضبط أجهزة تسجيل الفيديو الرقمية (دي في آر) عن بعد باستخدام خدمات «إكسفينيتي». تقول إحدى اللافتات الموجودة داخل المتجر «فيرايزون وايرلس وإكسفينيتي أفضل معا».

يقول توني هيمان، رئيس قسم الحلول المتقاربة في شركة «فيرايزون وايرلس»، التي تشمل عقد شراكات متابعة مع شركات الـ«كيبل»: «بصراحة، هذا ليس الشيء الذي يتوقع الناس رؤيته في متاجر (فيرايزون)».

تمثل هذه الشراكة تحولا كبيرا في المجالين، حيث كانت شركات اللاسلكي والـ«كيبل» من ألد الخصوم حتى وقت قريب. وامتلكت شركات «كيبل» نطاقا كبيرا أملا في أن تبدأ عملها الخاص في مجال اللاسلكي، في الوقت الذي رغبت فيه شركات اللاسلكي في التنافس في مجال الـ«كيبل». وتعد هذه الروح الجديدة من التعاون مفاجأة بالنسبة للمحللين، حيث يقول كريغ موفيت، محلل في مؤسسة «ستانفورد برنستاين آند كوربوريشن»: «لقد اعتدنا جميعا الاعتقاد أن شركات الـ(كيبل) وشركات الهواتف من الأعداء الطبيعيين». وكانت شركات الـ«كيبل» وشركات الهاتف تعتقد في ذلك أيضا، لكن توقفت شركات الـ«كيبل» إلى حد كبير عن محاولات التنافس في مجال الهواتف الجوالة لأن تكلفة إنشاء شبكات لاسلكية خاصة بها قد تكون باهظة. ويستعينون عوضا عن ذلك بـ«فيرايزون» لجذب العملاء دون الاستثمار في شبكة من المتاجر. وقال بيتر ستيرن، كبير المخططين الاستراتيجيين في «تايم وارنر كيبل»: «لقد درسنا مجموعة متنوعة من الخيارات الخاصة بكيفية تلبية احتياجات العملاء بما فيها إنشاء شبكة هواتف جوالة خاصة بنا، لكننا خلصنا إلى أن هذا سيكون تنافسا في مجال عمل يتسم بالتنافسية الشديدة».

تبيع «كوكس»، التي استكشفت الوضع في سوق اللاسلكي، حاليا منتجات وخدمات «فيرايزون» في متاجر «كوكس سولوشان» في تولسا بأوكلاهوما ومدينة أوكلاهوما. وتمتلك الشركة، ومقرها أتلانتا، 130 متجر تجزئة وتتوقع أن تكون منتجات «فيرايزون» جزءا مما تعرضه. وقالت جودي ترين، نائبة رئيس «كوكس» لشؤون الشراكات الاستراتيجية: «ليس لدينا رأس مال يمكن استثماره في هذا المجال الذي يتسم بضخامة رأس المال، لكننا نستطيع الاستفادة من شبكة متاجر التجزئة التي لدينا». في الوقت ذاته، لم تعلن شركة «فيرايزون» عن خططها الطموحة للتوسع في مجال الـ«كيبل». وتغطي شبكة «فايوس» التي تمتلكها الشركة نحو 14 في المائة فقط من مساحة الولايات المتحدة بحسب تقدير المحللين الذين رجحوا عدم اتجاه الشركة، التي تعد أكبر شركة لاسلكي في البلاد، للاستثمار في إنشاء شبكة ألياف ضوئية تصل تكلفتها إلى 20 مليار دولار.

وتوضح الشراكة فيما يتعلق بالشركات التي تقدم خدمة الـ«كيبل» تغيرا في كيفية مشاهدة المستهلكين للتلفزيون واستخدامهم للأجهزة الجوالة. لا يتوقع المشتركون في خدمة الـ«كيبل» الحصول على الخدمة في المنزل فحسب، بل يريدونها حتى يتمكنوا من مشاهدة برامجهم وأفلامهم والفعاليات الرياضية المفضلة خارج المنزل على الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية. وعبر العاملون في مجال اللاسلكي عن القلق من أزمة نطاق تلوح في الأفق نتيجة عدم وجود موجات هوائية في الناقلات، وهو أمر ضروري لتشغيل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية التي تلتهم البيانات أثناء مشاهدة المستخدمين لمقاطع مصورة على الإنترنت بشكل مباشر. ويقول هيمان: «هذا هو الاتجاه الذي يسير العالم نحوه، حيث يريد العملاء أن يأخذوا أفلامهم وبرامجهم التلفزيونية، بل حتى الملفات فضلا عن أشياء أخرى، معهم في كل مكان».

بدأت شركة «فيرايزون» اختبار الفكرة قبل أشهر من الحصول على موافقة لجنة الاتصالات الفيدرالية. ويقدم 600 متجر من متاجر «فيرايزون» خدمة «كومكاست» أو «تايم وارنر» أو «كوكس» للعملاء، ويقدمون أيضا كوبونات هدايا تصل قيمتها إلى 300 دولار، فضلا عن حوافز أخرى في حال اشتراك عميل «فيرايزون» في محطات الـ«كيبل». وتتوقع شركة «فيرايزون» أن يتم تقديم عروض خدمة الـ«كيبل» إلى عملاء خدمة اللاسلكي في 75 في المائة من ألفي متجر من متاجرها ومنافذها بحلول نهاية العام الحالي.

ولا ينظر الجميع إلى هذه الشراكة على أنها عالم جديد جميل أثمره التقارب بين عالمي الهاتف الجوال و«الكيبل». وعلى الرغم من موافقة وزارة العدل على الاتفاق قبل لجنة الاتصالات الفيدرالية، فإن المنظمين أعربوا عن قلقهم من شراكة التجزئة، خاصة في المناطق التي تسوق فيها خدمة «فايوس» التي تقدمها شركة «فيرايزون». وصرحت وزارة العدل بأن الاتفاق قد يحد من التنافس بين «فيرايزون» وشركات «الكيبل» بشكل غير منطقي، مشيرة إلى أن هذه التنافسية أمر ضروري للإبقاء على انخفاض الأسعار والجودة والاستمرار في الابتكار.

ونصح المنظمون «فيرايزون» بألا تقدم خدمة الـ«كيبل» في أسواق «فايوس»، لكن يبدو أن هذا البند من السهل تشكيله وتطويعه. وتقول شركة «تايم وارنر» إنها تعتزم الحضور في متاجر محددة تابعة لـ«فيرايزون» في مدينة نيويورك على الرغم من عرض خدمة «فايوس» في أغلب أنحاء المنطقة. وتقول شركة «كومكاست» إنها تخطط لدخول سوق المنطقة الشمالية الغربية على الأرجح من خلال موقع «فيرايزون» الإلكتروني إذا لم يسمح لها بعرض خدمتها في متاجر في المناطق التي تسوق فيها خدمة «فايوس». وقالت كاثي أفيغيريس، نائب الرئيس التنفيذي في «كومكاست» ومدير عام الاتصالات وخدمات البيانات: «سنعمل في هذه المناطق ونكتشف الأمر في الوقت الذي نلتزم فيه بالقرار». وقال هيمان سيتم تحديد ما إذا كانت خدمة الـ«كيبل» سوف تسوق في متاجر «فيرايزون» بحسب الأماكن المتوافرة فيها خدمة «فايوس». وعبرت الجماعات الاستهلاكية عن قلقها من أن تؤدي هذه الشراكة إلى الاحتكار في الكثير من الأسواق إلى درجة تحد من المنافسة وتضر بالعملاء.

وقالت جودي غريفين، محامية في مؤسسة «بابليك نوليدج» التي لا تهدف للربح في واشنطن وتدعو لإنترنت مجاني: «سوف تخسر هذه الشركات الحافز على تقديم خدمات جديدة أو عقد شراكة مع شركات مختلفة من أجل تقديم عروض تنافسية، ما من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار المستهلك». ويختلف مسؤولون تنفيذيون في مجال خدمة الـ«كيبل» مع هذا الطرح، حيث يرون أن شراء مجموعة الـ«كيبل» وهواتف المنزل وخدمة الإنترنت مع خدمة «فيرايزون» اللاسلكية هي أفضل اتفاق.

وتقدم شركة «كومكاست» هدايا عبارة عن شهادات تغطي تكلفة بعض نماذج الهواتف الذكية الجديدة في حال اشتراك العملاء في خدمة «إكسفينيتي» التي تجمع بين الإنترنت والتلفزيون والهاتف. وتقدم كل من «تايم وارنر» و«كوكس» حوافز مشابهة. وتقول أفيغريس: «العرض الذي نقدمه هدفه تشجيع العملاء على اتخاذ قرار الشراء فيما يتعلق بالخدمات التي يحصل عليها في المنزل والخدمات اللاسلكية كقرار واحد».

ووفرت شركة «كومكاست» تدريبا لموظفي المبيعات في «فيرايزون» في مركز «جامعة كومكاست» في فيلادلفيا. وفي متجر تجريبي في سياتل، قام موظف تجزئة بتحية المتسوقين في «فيرايزون» بمرح سائلا إياه: «هل تعرف أننا أقمنا شراكة كبيرة مع (إكسفينيتي)؟». وتقول شركة «تايم وارنر» إن باستطاعتها تشغيل موظفيها الذين يعملون في المبيعات في متاجر «فيرايزون» مثلما تفعل في منافذ مختارة لـ«بيست باي». ولا تزال هناك أمور بحاجة إلى العمل عليها كما يبدو. وأوضح هيمان أنه لا يعتزم الاستعانة بموظفي شركات «كيبل» للعمل في متاجر «فيرايزون»، مضيفا: «نريد أن يكون هذا في إطار عملنا الأساسي». سوف تمتد الشراكة على مستوى التجزئة إلى ما هو أكثر من الأكشاك والشاشات واللافتات والموظفين الذين يروجون للجمع بين خدمة الإنترنت والـ«كيبل» والهاتف الجوال. وتقول «كومكاست» إنها تأمل في تقديم خدمات مشتركة لكل من عملاء «فيرايزون» و«كومكاست». وتتضمن أفكار «كومكاست» توفير خدمة رنين الهاتف الأرضي عند رنين الهاتف الجوال عندما يكون العميل في المنزل، وخدمة الرسائل النصية التي تظهر على شاشات التلفزيون، على الرغم من معارضة المراهقين لهذه الخاصية، وخدمة بريد صوتي موحدة لكل من الهاتف المنزلي والهاتف الجوال، وخدمة الأفلام وصور التقطت بهاتف ذكي يمكن أن تظهر بسهولة على شاشة تلفزيون.

وقال سام شوارتز، رئيس المنتجات المتقاربة في «كومكاست»: «ماذا لو عمل تطبيق جهاز التحكم عن بعد بشكل تلقائي على هاتفك الجوال بمجرد دخولك إلى المنزل وتشغيلك التلفزيون؟ لدينا فرق من المتخصصين في المنتجات والتسويق ومستهلكين من الشركتين يفكرون معا في ما يمكن عمله». مع ذلك لا ينبغي انتظار إنجاز كبير مثل دمج فاتورة الهاتف الجوال وخدمات الـ«كيبل» في فاتورة واحدة على الأقل في الوقت الحالي. وأوضحت أبحاث «كومكاست» أن العملاء يذهلون إذا وجدوا قيمة الفاتورة الشهرية كبيرة للغاية.

* خدمة «نيويورك تايمز»