الرأي في «الشرق الأوسط»

المراقب الصحفي

TT

لا تحلق أي صحيفة مهنية إلا بجناحي الخبر والرأي. وفي العصر الذي نعيشه أصبحت الأخبار تتقاطر علينا من كل حدب وصوب، لتصب في هواتفنا الجوالة لحظة وقوع الحدث. ولذا صار من الأهمية بمكان أن تبرز الصحيفة جانب الرأي فيها، الذي أصبح مهما أكثر من أي وقت مضى وذلك بطرق متعددة.

من هذه الطرق إبراز دور الكتاب وربما التباهي بهم في الإعلانات المطبوعة والإنترنت. فالصحف باتت لا تتنافس بالخبر الخاص بل بالكتاب أيضا. كما أن الدور التطويري لا يقتصر على الصحيفة فقط، فالكاتب - حتى ولو كان مرموقا - لا بد أن يساعد الصحيفة بتجديد نفسه في أساليبه واختياراته الذكية للمواضيع وطرق تناولها وذلك لسبب بسيط وهو أن القارئ ملول بطبعه فضلا عن أن تجارب القراء واطلاعاتهم تتسع بشكل كبير. فصار القارئ وهو جالس في منزله ترد إلى هاتفه مقالة رائعة لكاتب جديد مدهش لم يسمع عنه من قبل.

كما أنه آن الأوان إلى أن تطعم الصحيفة جانب الرأي بأفكار جديدة وإبداعية ليست بالضرورة تلك التي تتبعها كبريات الصحف الأجنبية فالإبداع هو الإتيان بجديد. وأنا على قناعة تامة بأن «الشرق الأوسط» لو جاءت بأفكار جديدة فستتبعها صحف عربية كثيرة وشهادتي هذه ليست مجروحة بحكم أنني مراقب صحافي مستقل ولست موظفا بالصحيفة حتى أنحاز إليها. من هذه الأفكار أيضا استضافة أشهر الكتاب أو السياسيين أو الاقتصاديين أو الرياضيين وغيرهم في زاوية تسمى «المناظرة» أو «المواجهة» ليقارع كل طرف الآخر بحججه الدامغة حول قضايا الساعة أو المواضيع الخلافية والمستفيد في نهاية المطاف هو القارئ.

كما تحتاج الصحيفة أن ترفع من سقف التفاعل مع القراء ليس في النسخة الورقية فحسب، بل حتى في الموقع الإلكتروني بحيث تقبل ردود قراء أكبر على المقالات حتى ممن لا يقدمون طرحا موضوعيا. ففي هذه المسألة رأيان، رأي يؤثر نشر الطرح الموضوعي فقط من القراء ورأي آخر ينشر كل شيء، أما أنا فأميل إلى نشر كل شيء حتى النقد اللاذع وغير المنطقي ما عدا الشتائم والسباب وذلك ليشعر القارئ وحتى الكاتب نفسه بالنبض الحقيقي لردود الفعل على مقالاته. فالحياة ليست نخبوية بل فيها من يطرحون طرحا سطحيا بحسب قدراتهم، لكنه يبقى رأي يفترض أن ينشر.

كما تفتقد «الشرق الأوسط» إلى الافتتاحيات التخصصية التي تتناول مواضيع الساحة، أسوة بالصحف الأجنبية التي تغني افتتاحياتها القارئ نظرا لعمق الآراء التخصصية فيها.

كما أود الإشارة إلى مسألة مهمة تتفرد فيها «الشرق الأوسط» وهي استضافة رؤساء دول ورؤساء وزراء وكبار السياسيين العرب وغيرهم ككتاب رأي ضيوف ولكنه أمر يحتاج إلى المزيد من المقالات والتنوع، لتتماشى مع سرعة أحداث الساعة. وتجدر الإشارة إلى أن «الشرق الأوسط» رغم أنها صحيفة سياسية جادة إلا أنها تستضيف كتابا من مختلف التخصصات كالدينية والاجتماعية والتاريخية والإدارية والاقتصادية والرياضية ولا تقتصر على الكتاب السياسيين، وهو ما يضفي نكهة جميلة على صفحاتها ولا يجعل متابعيها بمعزل عن التخصصات الأخرى المهمة، والتي قد تتحول قضاياها إلى قضايا سياسية تستحق المتابعة.

إن الاهتمام بجانب الرأي في الصحيفة لا يجب أن يقل عن اهتمامها بصفحاتها الخبرية الأخرى.