أول رئيسة تحرير لـ«نيويورك تايمز»: هناك الكثير من الحياة في الصحافة الورقية

جيل أبرامسون: نأخذ بقاعدة «المصدرين» لضمان مصداقية أي قصة صحافية.. وينبغي أن يكون هناك محرر واحد يعلم بهوية أي مصدر «لم تكشف هويته»

جيل أبرامسون رئيسة التحرير التنفيذية لصحيفة «نيويورك تايمز»
TT

أجابت جيل أبرامسون، التي تم تعيينها في منصب رئيسة التحرير التنفيذية لصحيفة «نيويورك تايمز» في السادس من سبتمبر (أيلول) 2011، على مجموعة مختارة من أسئلة القراء على مدار يومي الأربعاء والخميس الماضيين.

وتعد أبرامسون أول سيدة تتولى ذلك المنصب في تاريخ الصحيفة الذي يمتد لـ161 عاما. وكانت في السابق مديرة تحرير الصحيفة، وهو منصب ظلت تشغله منذ عام 2003، وقبل ذلك كانت تعمل رئيسة لمكتب واشنطن. وقد التحقت أبرامسون بصحيفة «التايمز» عام 1997 قادمة من صحيفة «وول ستريت جورنال»، التي كانت تعمل بها محررة ومراسلة استقصائية. فإلى الأسئلة:

* رأينا الصحف وهي تخفض إنتاجها الأسبوعي في جميع أنحاء البلاد لصالح منهاج يركز أولا على الإنترنت.. هل أنت قلقة على مستقبل الإعلام؟

- رغم أنني أرى أن الإنترنت قد زاد كثيرا من توزيع الأخبار ذات الجودة العالية، فإنني أشعر حقا بالقلق على من ليس لديهم وسيلة للدخول على الإنترنت. وبصفتي زبونة نهمة للمكتبات العامة، فأنا أتحسر على عمليات التقليص التي أجروها من أجل الاستمرار.

* في مقابلة مصورة قلت: «المنطلق الأساسي هو أن الحقائق تهم إلى حد بعيد، والوصول إليها صعب. الوصول إلى الحقائق ومعرفتها وفهمها هو ما نفعله». وقد بدا هذا الكلام مثيرا للإعجاب عندما قلته، ولكن مع المزيد من التأمل، بالنسبة لشخص يعمل هو الآخر في صناعة النشر، يبدو هذا الكلام أكثر تقييدا كبيان لمهمة المؤسسة. هل يمكنك الحديث باستفاضة عن رؤية صحيفة «التايمز»؟

- القراء يتوقون إلى التقرير الإخباري الذي تنشره صحيفة «التايمز»، وسوف نوزعه عبر أي منصة يختارها جمهورنا. ما زال هناك الكثير من الحياة في الصحافة الورقية، ونحن نعد دوما ميزات وطرقا جديدة لسرد القصص الصحافية. الصحيفة الورقية تعتبر معرضا فعالا للأخبار والآراء والإعلانات. نحن نبتكر باستمرار على الإنترنت وفي الصحيفة.

* أنا عاشقة قديمة لصحيفة «التايمز»، سؤالي له علاقة بمستقبل الصحافة، فقد تخرجت منذ سنوات طويلة وحصلت على شهادة في الصحافة، وتعلمت أهمية الحصول على مصدرين منفصلين يمكن التحقق منهما، «قاعدة المصدرين»، لضمان أن أي قصة صحافية تتمتع بالمصداقية وأن المواطنين يحصلون على معلومات سليمة.. الآن وقد أصبحت الأخبار تنتقل بسرعات غير مسبوقة عبر العالم سواء بمساعدة الإعلام العادي أو من دونه، كيف يمكن لأي منفذ إخباري محترم وحسن النية أن يضمن الدقة والصدق ومع ذلك يقدم أهم نبأ عاجل في اليوم؟ هل ماتت «قاعدة المصدرين»؟

- إنني أتابع عن كثب التداخل بين النماذج التجارية والصدق الصحافي أثناء تكوين الأخبار، ولا أظن أن أيا منهما ينفي وجود الآخر، إن سرعة الأخبار تمثل تحديا بالتأكيد. ونظرا لأن مكانة صحيفة «التايمز» في ما يتعلق بالأخبار تقوم على الدقة، فإننا لا نتردد في كبح اندفاعنا عندما يكون هناك أي شك في مصداقية المعلومات التي ننشرها أو افتقار إلى المصادر السليمة. وأنا أدعوك إلى أن تعودي إلى التغطية التي قدمتها صحيفة «التايمز» لقرار المحكمة العليا بخصوص خطة الرعاية الصحية التي تقدم بها الرئيس أوباما. لقد كانت هناك تقارير مغلوطة عن القرار تم نشرها أو بثها فورا، أما نحن فقد حرصنا على عدم النشر إلى أن يكون مراسلنا في المحكمة العليا آدام ليبتاك، وهو محام وصحافي لديه قدرات تحليلية رائعة، واثقا من أن القصة التي ننشرها جاهزة وصحيحة. إن مكانة صحيفة «التايمز» تنبع من ارتفاع مستوى صحافييها.

* في عالم ما بعد 11 سبتمبر (أيلول) وموقع «ويكيليكس»، هل تعتقدين أن أي صحيفة واسعة الانتشار اليوم سوف تكون لديها الشجاعة كي تنشر وثيقة تقدم نشاط الحكومة الأميركية في الخارج؟

- بالطبع نعم، إن «التايمز» وغيرها من الصحف واسعة الانتشار مستمرة في نشر القصص الإخبارية المهمة التي تستحق النشر وتستحق التدقيق عن نشاط الحكومة الأميركية في الخارج. لقد قامت صحيفة «التايمز» بنشر «أوراق البنتاغون» لأن ناشر الصحيفة بانش سالزبرغر ورئيس التحرير التنفيذي آبي روزينثال كانا القائمين على التزام صحيفة «التايمز» بنشر الأخبار دون خوف أو محاباة. لا شك أن «أوراق البنتاغون» كانت تستحق النشر، لذا فقد قاما بتصعيد الأمر حتى وصل إلى المحكمة العليا دفاعا عن حق صحيفة «التايمز» في النشر. وقد كان الأمر يتطلب شجاعة، وكان محامو الصحيفة يلحون عليهما في عدم النشر. ولأنهما أقدما على النشر ودافعا عن ذلك الحق وصولا إلى المحكمة العليا، لم يعد من الممكن أن تكون هناك أي قيود مسبقة على الصحافة. وعندما توفي بانش مؤخرا، اعترف الناس مجددا بدوره الحيوي في نشر «أوراق البنتاغون» باعتباره لحظة محورية في حرية الصحافة ولحظة محورية في تاريخ صحيفة «التايمز». وهذه القيم نفسها هي التي كانت توجه آرثر سالزبرغر وبيل كيلر عندما قامت صحيفة «التايمز» بنشر وثائق موقع «ويكيليكس». وسوف يظل التعامل من دون خوف أو محاباة تقليدا يوجه دوما القرارات المتعلقة بنشر قصص ذات حساسية بالنسبة للأمن القومي، وآل سالزبرغر يجسدون هذه القيم.

* بالإضافة إلى تعيينك رئيسة تحرير تنفيذية، ما التغييرات المحددة الأخرى التي لاحظتها في الـ10 سنوات الأخيرة في شركة «نيويورك تايمز» في ما يتعلق بأدوار المرأة؟

- ربما أكون أول رئيسة تحرير تنفيذية، ولكن عندما جئت إلى هنا عام 1997، كانت هناك بالفعل سيدات ممتازات في جميع قطاعات الشركة. لم أكن سأعمل أبدا في أي مكان مع كل هذا العدد من السيدات الرائعات في مناصب تجارية عليا. وظيفتي الآن تتضمن معاملات وثيقة مع الجانب التجاري من مؤسسة «التايمز»، التي يوجد بها كثير من السيدات الممتلئات بالطموح والنشاط في جميع المجالات المهمة.

* إلى أي مدى تقدمت المرأة في صناعة الإعلام والإعلان، خاصة في بيئات عالية المستوى مثل صحيفة «نيويورك تايمز»، في ضوء التحديات الفريدة التي تواجهها؟ - كما ذكرت ردا على سؤال سابق، فإن أول رئيسة لي في العمل ومعلمتي في مجال الصحافة كانت سيدة، وكان ذلك في سبعينات القرن العشرين، وهذه السيدة هي ساندرا بورتون، التي كانت المحررة الأكثر اطلاعا في مجلة «تايم»، وقد ظلت تشجعني طوال حياتي المهنية. كانت ساندي تعيش في آسيا عندما أصبحت أول سيدة يتم ترشيحها لرئاسة مكتب صحيفة «التايمز» في واشنطن. لقد أرسلت إلي برقية قالت فيها: «يمكنني أن أسمع صوت أجراس الإنذار وهي تدق في هونغ كونغ». ما زال هناك مجال كبير لمزيد من التقدم في مهنتنا.

* لماذا لا تعيدون موجز الكاريكاتير السياسي الذي كان ينشر يوم الأحد وتم إلغاؤه قبل توليك منصبك؟ «فكم من حقيقة تذكر في دعابة»، والرسوم الكاريكاتيرية تتضمن بصيرة تعادل بصيرة كتاب المقالات الرئيسية؟

- أتفق معك في أن كثيرا من الحقائق تذكر من خلال الدعابة، ورغم أن «التايمز» لم تعد تنشر موجز الكاريكاتير، فنحن نتفق أيضا على أن الرسوم الكاريكاتيرية تحتوي على بصيرة عميقة. إن «استعراض يوم الأحد» يتضمن القصة المصورة التي يرسمها براين ماكفادين، وهي تعتبر.. رسما كاريكاتيريا عن السياسة.

* بعد أن أخذت وقتا في تقييم الشكل، ما تصور صحيفة «التايمز» بخصوص شكل «استعراض الأحد»؟

- لقد كنت أرى دائما أن «استعراض الأسبوع» من أهم أبواب الصحيفة وأكثرها تبصرا وإمتاعا. لقد كان يمثل تجسيدا مفيدا لأحداث الأسبوع ويقدم للقراء وجهات نظر عما يمكن أن تكون عليه الآثار بعيدة المدى، أو عن نوعية الرواية الجمعية التي ربما يكون لها دور في تشكيل الأحداث. الشكل الجديد في رأيي هو على وجه الدقة خطوة في الاتجاه الخاطئ. لقد اختارت صحيفة «التايمز» أن تخفي الخطوط الفاصلة بين الخبر والتحليل والرأي في توقيت خاطئ تماما. نحن في حاجة إلى عناصر تمييز أكثر وضوحا وليس أكثر إبهاما في عصر الاطلاع على الأخبار عبر موقع «تويتر».

* في وقت أصبحت الأخبار فيه تصل بصورة آنية، وتراجع تناول الأخبار بالتحليل فيه أمام آخر «خبر»، لماذا تغيرون «استعراض الأسبوع» إلى «استعراض الأحد»، الذي يبدو أنسب بالنسبة لمجلة أسبوعية (ويوجد مثله في مجلة «صنداي تايمز») وأبعد عن أن يكون مكانا يمكنني أن أذهب إليه للبحث عن تأمل عميق في أحداث الأسبوع الماضي؟

- لقد تعلمت منذ زمن بعيد أن كثيرا من القراء لا يروق لهم أن نغير أي شيء، وقد يبدو من الصعب تصديق ذلك الآن، إلا أن هناك اعتراضات أثيرت عندما بدأت الصحيفة في الطباعة بالألوان. إن باب «استعراض الأحد» يقدم لنا في المعتاد الأعمال الصحافية الأكثر قراءة والأكثر مشاهدة. إنه يعرض أعمال الكتاب الصحافيين الحكماء والأذكياء الذين يعملون في صحيفة «نيويورك تايمز».

* لماذا يبدو أن هناك تحيزا عمريا في الاهتمامات الإعلامية المنظمة، وكيف يمكن أن يصبح الصغار أكبر تأثيرا وظهورا؟

- نحن نجعل الصغار ظاهرين في جميع أبواب تقريرنا الإخباري. انظر إلى مقالة سوزان سولني التي تنشر يوم الخميس عن الناخبين الصغار، واقرأ اللمحات المختصرة الشيقة التي ننشرها في أبواب «الموضة». نحن جميعا نخوض «ماراثون سي إم جي الموسيقي»، الذي سيكون ابني وأصدقاؤه حاضرين فيه في أي ساعة من الأيام المقبلة، والذي سيجعلني لا أستطيع حتى أن أحصل على نظرة خاطفة منه.

* أرجو أن تعلقي على ما تعرفينه عن الجيل الأصغر سنا من البالغين، وموقفه من الأخبار. أشعر أن جيلي (الذي ينتمي إلى جيل طفرة المواليد ويتراوح عمره بين 50 و65 عاما) هو الأكثر عرضة لأن يبتلعه اتجاه «ذاتية الأخبار» وأن الناس الأصغر سنا هم أكثر ذكاء في معرفة الحقيقة؟

- لدي أبناء في العشرينات من عمرهم، وأنا بصفتي ممثلة لصحيفة «التايمز» تحدثت أمام جماهير من الكليات وكليات الدراسات العليا في جميع أنحاء البلاد، لذا فإن تصوري هو أن الناس في الفئة العمرية ما بين 21 و35 عاما أذكياء جدا في اختيار مصادر الأخبار التي يعتمدون عليها. وقد سبق لي تدريس برنامج دراسي عن الصحافة في اثنتين من الجامعات، وقد تعلمت من الطلاب أكثر مما تعلموا هم مني بخصوص كيفية التعامل مع الأخبار السياسية. ففي عام 2000، كان طلابي هم الذين ساعدوني في التعرف على بعض مواقع الأخبار السياسية شديدة الذكاء والطرافة أيضا. لا أظن أن قراء صحيفة «التايمز» من أي عمر يتم «ابتلاعهم» داخل أي نوع من تغطية الأخبار السياسية، لأنهم يبهرونني بأصالة وحكمة تعليقاتهم الذكية.

* من الناحية التحريرية، تقف صحيفة «نيويورك تايمز» على الجانب التقدمي، ولكن هل ترين أن سياسة الصحيفة في نشر التقارير السياسية غير متحيزة على الإطلاق، ليس في المحتوى النصي فحسب؛ بل في أمور أكثر دقة مثل اختيار الموضوعات وحجم وموضع العنوان الرئيسي والصور.. إلخ؟

- من مسؤوليتي أن أتحقق من أن كل جانب من جوانب تغطيتنا الإخبارية بعيد عن التحيز. تحيزي الوحيد هو للصحافة المؤسسية التي تمارسها صحيفة «التايمز»، التي أحيانا ما تتضمن مسائل الموضع والعناوين. نحن نميل إلى نشر أكبر الصور حجما في الصفحة المخصصة لانتخابات 2012، وهذه الصور - إلى جانب الصور التي تنشر في الصفحة الأولى - يتم اختيارها بناء على الأهمية الإخبارية والجودة والأصالة، مثل صور المناظرة البارعة.

* غالبا ما يبدو في تغطية صحيفة «التايمز» للانتخابات، خاصة في الصفحة الأولى، أن الصحيفة تشارك في «تغطية سباق خيل» من خلال التركيز ليس على جوهر الأحداث؛ بل على استطلاعات الرأي، والتأثير الواقع على الروايات المتعلقة بالحملات، لماذا لا تقدم هذه الصحيفة الكبرى القدوة وترفض ببساطة نشر مقالات تتحدث عن سباق الخيل أو موضوعات نقاشية خاصة بالحملات؟

- لا أتفق إطلاقا مع هذا، فتغطية صحيفة «التايمز» للحملة مستقلة من كل النواحي، فهي تركز على الناخبين والقضايا التي تواجه البلاد. تقاريرنا الاستقصائية عن المرشحين ودور المال في هذه الانتخابات كانت عميقة وكاشفة، وهي سمة بارزة في تغطية صحيفة «التايمز». ربما يرى القارئ أن دور المال غير ذي صلة وله علاقة بسباق الخيل، أما أنا فأرى أن هذا جزء سري وخفي في الغالب من الانتخابات.

* كيف ترون أن تغطيتكم السياسية، ليس للسباق الرئاسي فحسب بل في السباقات الرئيسية المحتدمة للترشح لمجلسي النواب والشيوخ على مستوى البلاد، قد توسعت أو تحسنت في هذه الدورة؟

- تغطيتنا السياسية لها مدى وجوهر أكبر، بفضل جهود أفضل فريق من الصحافيين الذين يغطون هذه الانتخابات. ومن خلال العمل تحت إشراف مجموعة متميزة من المحررين السياسيين برئاسة زميلي ديك ستيفينسون، أذاع مراسلونا قصصا إخبارية في غاية الأهمية على مدار دورة الانتخابات، وقد طورنا لوحة تحكم سياسية وصفحات سياسة تحتوي على معلومات أكثر مما قد يرغب أي مدمن سياسة في معرفته، بالإضافة إلى استطلاعات الرأي الموثوق بها التي نجريها، حيث توسعنا بصورة كبيرة في إجراء استطلاعات الرأي بالولايات الرئيسية في المعركة الانتخابية، من خلال توسيع نطاق شراكتنا الممتدة منذ عقود طويلة مع شبكة «سي بي إس نيوز»، وأيضا من خلال التعاون مع «جامعة كوينبياك». وقد قمنا بتطوير «تطبيق إلكتروني انتخابي» جديد يمكن استخدامه على أجهزة الهاتف الجوال، وهي فكرة دعمتها فيونا سبرويل، التي ترأس فريق الهواتف الجوالة في هيئة التحرير، كما توجد لدينا تسجيلات فيديو ثرية بالإضافة إلى بث حي عبر شبكة الإنترنت للمؤتمرات السياسية وكذلك، لأول مرة، قبل المناظرات وبعدها. ويستخدم فريقنا السياسي شبكات الإعلام الاجتماعي في نشر تقاريره، وهي تعتبر جانبا رئيسيا آخر من تغطيتنا للحملة الرئاسية. وسواء على الإنترنت أو في الإصدارات الورقية، فإن الأشكال البيانية التي نقدمها لتوصيل المعلومات السياسية أصبحت أكثر تعقيدا وخيالا بكثير. ومنذ المؤتمرات الحزبية، قمنا في الصحيفة الورقية بتصميم صفحات انتخابات 2012 بتنسيق جديد يكشف عن الروائع التي يحضرها مصورونا ومراسلونا يوميا. وتعتبر مدونة «FiveThirtyEight« التي يشرف عليها نيت سيلفر مصدرا لا غنى عنه لأولئك الشغوفين بالبيانات السياسية. وفي الأيام الأخيرة، سوف نستمر في تغطية الأوجه الجديدة للسباق ونتدرج في تناول القضايا والمرشحين والأموال التي تحرك سيل الإعلانات وتنفق على العمليات الأوسع لاجتذاب الأصوات. وفي يوم الأحد، نشرنا قصة عظيمة كتبها تشارلز دوهيغ عن الاستهداف المصغر المعقد للناخبين من أجل اجتذاب مختلف قطاعات الناخبين إلى صناديق الاقتراع، وكذلك إمكانية التعدي على الخصوصية. ومن المؤكد أن القراء متعطشون إلى أن يقوم المراسلون باختبار مصداقية تصريحات المرشحين والتحقق من صحتها في هذه الأيام الأخيرة الملتهبة من المناظرة والهجوم. وسوف نتوغل أيضا في أعماق القضايا، وديفيد ليونارد، رئيس مكتبنا في واشنطن وكبير المحللين لكل ما له علاقة بالاقتصاد، منخرط في عملية مكثفة على الإنترنت وفي الإصدارات الورقية لفحص القضايا التي صاحبت هذه الحملة، وهي عملية يطلق عليها «جدول الأعمال». ويعرف كارل هولز، الذي كان في السابق كبير المراسلين في الكونغرس، كل شيء عن كل الناس داخل الكونغرس، وهو يساعد على رصد سباقي مجلس النواب ومجلس الشيوخ اللذين نغطيهما. وقد كانت هذه التغطية قوية، ومن الصعب أن نخص مقالات معينة بالذكر، ولكن من المقالات التي أعجبتني مؤخرا تحليل جوناثان وايزمان لسباق مجلس الشيوخ في ولاية نورث داكوتا بين هايدي هايتكامب وريك بيرغ، ومناقشة جنيفر ستاينهاور الرائعة لرحيل المعتدلين عن مجلسي النواب والشيوخ، وقامت كاثرين سيلاي، التي قضت ذات يوم فترة ما بعد الظهيرة بأكملها معي على ظهر شاحنة لنقل الخنازير عندما كنت أغطي أخبار السياسة لحساب صحيفة «وول ستريت جورنال»، بتغطية سباق مجلس الشيوخ في ولاية ماساتشوستس بالكامل، وكانت من أول من اكتشفوا المبالغ الضخمة التي كانت تتدفق على حملة إليزابيث وارين.

* بصفتك زوجة وأما ومسؤولة تنفيذية، هل ترين أن المرأة يمكنها أن «تؤدي جميع الأدوار»؟ وكيف ترين نفسك وسط الجدل الدائر حول المرأة في المناصب القيادية؟

- لقد كانت أول رئيسة لي في العمل في مجال الصحافة سيدة (وكنت حينها ما زلت أدرس في الكلية)، وقد كانت رئيسة مشجعة وكثيرة المطالب. وبالتالي فقد ظللت دوما أعمل مع أو بين رؤساء عمل سيدات. وفي صحيفة «التايمز»، أقف على أكتاف كثير من السيدات اللاتي تقاتلن من أجل الحصول على مناصب قيادية في هيئة التحرير، ومعاركهن حاضرة في ذهني بدرجة كبيرة لأنني انتهيت لتوي من قراءة كتاب لين بوفيتش «ثورة الفتيات الصالحات» (The Good Girls Revolt)، الذي يتحدث عن قصص الكفاح هذه. لا أظن أن هناك شيئا اسمه «أداء جميع الأدوار»، وتعتبر سلسلة دان باري الكاشفة عن «مطعم دونا» الواقع في مدينة إيليريا بولاية أوهايو تذكيرا بأن الحياة عبارة عن توازن بين السعي والرجاء.

* ما سياستكم بشأن النقل عن مصادر دون ذكر اسمها؟ على المستوى الداخلي، كم من الناس مثلك يعرفون هوية المصدر المجهول الذي استعان به أحد الصحافيين؟ وما هي بعض القضايا التي تناقشونها مع فريق التحرير لديكم عند تحديد مسألة الاستعانة بمصدر من المصادر من عدمه؟

- المنطلق الأساسي لاستراتيجيتنا هو أن الاستعانة بمصادر غير محددة الهوية يتم ادخاره للمواقف التي لا تستطيع فيها الصحيفة أن تنشر معلومات تعتبرها موثوقا بها وذات أهمية إخبارية إلا بهذه الطريقة. وأحيانا ما تطلب المصادر عدم الإفصاح عن هويتها بسبب الخوف من الانتقام، خاصة عندما يكشفون عن شيء مخالف للقانون. وهناك آخرون يخشون الكشف عن هويتهم لأسباب مختلفة. وعند الإمكان، رغم الالتزام بالاتفاقات التي نبرمها مع المصادر حول كيفية الكشف عن هويتهم، فإننا نعطي أكبر كم ممكن من المعلومات عن الدافع أو التحيز المحتمل للمصادر، بالإضافة إلى توضيح سبب اعتبارها مصدرا ذا مصداقية لمعلومات مهمة بالنسبة للقصة الإخبارية. ونحن نحاول مساعدة القراء على تقييم مدى مصداقية المصدر، وهذا يتضمن كيفية معرفتهم لهذه المعلومات. وينبغي أن يكون هناك محرر واحد على الأقل على علم بهوية أي مصدر لم تتم تحديد هويته.

* خدمة «نيويورك تايمز»