«التقنية» تقلص المسافة بين الحجاج ووسائل الإعلام في المشاعر المقدسة

انشغال الحاج بالعبادة وروحانية المكان تزيده عزلة عن أخبار العالم

حاج يستخدم أحد أجهزة الكومبيوتر اللوحية لمتابعة الأخبار عبر المواقع الإلكترونية («الشرق الأوسط»)
TT

على الرغم من الاستعداد الكبير لكافة المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية، وتوافد أطقم الصحافيين والمصورين لا يكترث كثير من الحجيج بمتابعة أي من تلك الوسائل الإعلامية.

وبحسب الخبراء يكاد يكون الحاج في المشاعر المقدسة معزولا عن أخبار العالم لغياب الوسائل الإعلامية عن المشاعر وانشغاله بتأدية العبادة، وتزيده روحانية المكان والزمان عزلة عن تلقي أخبار العالم، بيد أن التقنية وظهور وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإعلام الجديد اختصرت المسافات بين الوسائل الإعلامية والحجيج.

وأوضح خالد المطرفي، مدير مكتب قناة «العربية» في السعودية لـ«الشرق الأوسط» أن المؤسسات الإعلامية المكتوبة والمرئية، تستهدف في مجملها نقل وقائع الحج وتحركات الحجيج بين المشاعر المقدسة إلى كافة أنحاء العالم، وكذلك نقل الجوانب الإنسانية والخدمات المقدمة وتسليط الضوء عليها، مبينا أن غياب المادة الإعلامية المكتوبة عن الحاج يعود إلى انشغال الأخير بالعبادة وصعوبة وصول الوسيلة من صحف ومطويات وبرامج مرئية إليه خلال تأديته المناسك.

واستدرك المطرفي القول: «من الصعوبة إرسال المادة الإعلامية لكافة الحجاج لاختلاف اللغات، فهناك ما يزيد على أربعين لغة متداولة في المشاعر»، لافتا إلى أن قناة «العربية» استعدت للحدث منذ وقت مبكر بفريق متكامل من المراسلين والصحافيين الميدانيين وتم تخصيص ميزانية خاصة لنقل الحدث.

من جانبه قال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور فهد آل عقران رئيس تحرير صحيفة «المدينة المنورة» إن الوسائل الإعلامية المكتوبة والمرئية في السعودية تعتبر موسم الحج من أهم المواسم، ويعد تظاهرة دينية مهمة للمسلمين في كافة أنحاء العالم، لذا فإنها تجهز موادها الإعلامية للحاج وغير الحاج منذ وقت مبكر، عبر نشر المواد الإعلامية الخاصة بالنسك والمواد التوضيحية والتنظيمية وبعض مجهودات الجهات الحكومية من خلال عدد من الملاحق وزيادة عدد الصفحات والمساحات.

وأضاف، أن التغطية الصحافية للحاج غير مرتبطة بفترة أداء المناسك فهي تبدأ منذ وقت مبكر، أيضا تقوم المؤسسات الصحافية بتوزيع عدد كبير من النسخ داخل المشاعر، مع قيام بعض الصحف بتحرير ملاحق بلغات مختلفة، إضافة إلى أن وسائل الإعلام الجديد والتطبيقات عبر الهواتف الذكية «قلصت» المسافات بين الحاج والوسائل الإعلامية، الأمر الذي استفادت منه الصحف.

من جانبه قال الدكتور سعود كاتب، أستاذ الإعلام الجديد بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، إن الإعلام الجديد والوسائط الإعلامية أسهمت إلى حد كبير في إيصال المعلومة للحجيج بسرعة، كما أسهمت في تقليص كثير من السلبيات خصوصا بعد تقديم عدد من الجهات لها بعدة لغات ومن ذلك حملة الحج التي أطلقتها الجهات الحكومية في السعودية.

وبالعودة لخالد المطرفي مدير مكتب قناة «العربية» بالسعودية حول تأثير الإعلام الجديد هذا العام، أكد أن كل وسائل الاتصال مكملة لبعضها، إلا أن الاحترافية في النقل تختلف، فالشخص العادي لا يمتلك تلك الأدوات التي تمتلكها الوسائل الإعلامية الكبرى.

وفيما لم تسهم التقنية في اختصار الوقت بين الحاج والوسائل الإعلامية فقط، بل إنها قربت المسافة بين الصحافيين ووسائلهم الإعلامية، حيث أصبح بمقدور الصحافيين المتخصصين وحتى مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بث رسائلهم من مواقعهم في المشاعر، وهنا يقول علي القرني مصور صحيفة «الوطن»: في ظل صعوبة التنقل في المشاعر شكلت التقنية وسيلة النقل الأسرع لنقل الصور إلى أي موقع في العالم خصوصا مع توفر التقنية في المشاعر.

من جانبها وظفت شركات الاتصالات جميع الإمكانات المتاحة لتقديم مستوى متميز من الاتصالات عالية المستوى لحجاج بيت الله الحرام، ولضمان انتشار الخدمة في أماكن وجودهم واستمراريتها بالشكل المطلوب.

وقد حلت وسائل الاتصال الحديثة مثل الأجهزة اللوحية والحواسيب المحمولة والهواتف الذكية مكان طرق التواصل القديمة التي كان يستخدمها حجاج بيت الله الحرام مع ذويهم، وقد تلمس كثيرون الفرق في استمرار التواصل مع ذويهم عبر هذه الأجهزة والوسائل، خاصة في ظل زيادة القدرة الاستيعابية لشبكات الاتصالات السعودية وسهولة الدخول إلى الشبكة الدولية (الإنترنت) في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة.

بينما سعت شركات الاتصالات الثلاث المرخص لها بتقديم خدمات الإنترنت على توفير باقات اشتراكات في فئة الشرائح المسبقة الدفع بأسعار مناسبة وفي متناول كثيرين لتمكنهم من خلال تفعيل الاشتراك للدخول مباشرة إلى خدمات الإنترنت مستفيدين من توافر خدمة الـ«واي فاي» في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة.

وقامت إلى ذلك كثير من حملات الحج بإتاحة خدمات الإنترنت في مخيماتها بسرعات عالية لتتيح لأصحاب الحملات والحجاج على حد سواء، البقاء متصلين أثناء بقائهم في مخيماتهم مستفيدين من خدمة النطاق العريض التي جرى تعزيزها قبل موسم الحج لهذا العام.

وأضاف بأنه أصبح بمقدور كثير من الحجاج الذين يحملون معهم أجهزة هواتف ذكية الاشتراك في الباقات المتاحة التي طرحتها شركات الاتصالات في المملكة للبقاء على اتصال دائم وموثوق أثناء تنقلاتهم في مكة والمشاعر المقدسة، ومن المشاهد المألوفة حمل الحجاج للأجهزة الكفية أو الأجهزة اللوحية لإجراء اتصال أو تصفح للإنترنت أو استخدام البريد الإلكتروني أو أي تطبيق آخر مع طرح شركات الاتصالات السعودية خدمة (4G) بشكل تجاري لتكون بذلك الشركات الأولى على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تقدم الخدمة التي قد تصل سرعاتها في حال اكتمال بناء الشبكات في السنوات المقبلة إلى نحو 300 ميجابايت في الثانية.

في جانب آخر ورغم التنافس الكبير بين القنوات الفضائية ووكالات الأنباء والإذاعات والصحف العالمية في النقل المباشر للحج صوتا وصورة والمتابعة الإعلامية على مدار الساعة لسير مناسك الحج هذا العام، إلا أن تكرار الأفكار والمواد يطغى على معظم تلك التغطيات.

فيما يوضح الدكتور فهد آل عقران أن ذلك يرجع إلى كون المناسبة واحدة، المختلف هو الحاج.. جوانب التوعية والثوابت لا تختلف وتمثل المشاريع الجديدة، والأحداث تفرض وجودها بين الصفحات مشيرا إلى أن الطرح يختلف من عام لأخر.

ويمثل موسم الحج فرصة لتميز كل وسيلة إعلامية، وقد حرص الإعلاميون على التغطية والسبق الصحافي والتميز بالصور المعبرة عن الروحانية والمواقف الإنسانية في حركة الحجيج والأيام التي يقضونها في أداء المناسك بتنوع ثقافاتهم ولغاتهم وعاداتهم، يجمعهم هدف واحد نبيل هو ابتغاء مرضاة الله ومناجاة رب العالمين ليغفر الذنوب.

ومن أبرز القنوات الفضائية ووكالات الأنباء والإذاعات والصحف العالمية التي شاركت في نقل وقائع حج هذا العام وكالات أنباء «أسوشييتد برس»، ووكالة الصحافة الفرنسية، ووكالة «رويترز»، ووكالة «جيهان» التركية، والوكالة الأوروبية للصور، وقنوات تلفزيونية مثل قناة «الجزيرة» القطرية، وقناة «R.T.M» الماليزية، و«الإسلام» البريطانية، وشبكة «BBC» وتلفزيون الصين المركزي «C.C.TV»، وقناة «روسيا اليوم»، وقناة «TRANS 7» الإندونيسية، والوكالة الألمانية، إلى جانب مراسلين ومذيعين لعدد من وسائل الإعلام العربية والمراسلين لوسائل الإعلام الدولية المعتمدين لدى المملكة.