فرضت شبكات التواصل الاجتماعي وجودها بقوة في السعودية، وتحولت من شبكات اجتماعية إلى مواقع إخبارية يتسابق الإعلاميون لنثر أخبارهم فيها ومناقشتها بشكل واضح في مشهد أقرب إلى اجتماعات التحرير، الأمر الذي تعاطى معه بعض المسؤولين بالكتابة والرد على تلك الأخبار والمعلومات بعيدا عن ورق الأخبار ومواقعها الإلكترونية.
وبرز بقوة خلال الفترة الماضية موقع التواصل الاجتماعي «توتير» بوصفه أحدث الأدوات الإعلامية والاجتماعية في تشكيل الرأي العام الاجتماعي، وذلك بالتزامن مع نمو عدد مستخدمي الإنترنت في السعودية إلى 14.2 مليون مستخدم بنهاية الربع الأول من العام الحالي بنسبة انتشار بلغت 49 في المائة مقارنة بنحو 11.8 مليون مستخدم في نهاية الربع الأول من 2011.
ولما يتميز به «تويتر» بالتواصل مع المصادر نفسها والتفاعلية إضافة إلى التزامنية معها، فقد دفع به إلى مصاف المواقع التفاعلية الأكثر متابعة في السعودية الأمر الذي تنبهت له وسائل الإعلام الأخرى، خاصة المكتوبة عبر فتح حسابات خاصة لصحف فيه وتعيين موظفين مختصين لنقل الأخبار لمواكبة التسارع تارة وللانتشار تارات.
فبحسب الدكتور سعود كاتب، أستاذ الإعلام رئيس قسم مهارات الاتصال ونائب المشرف العام على المركز الإعلامي بجامعة الملك عبد العزيز، في دراسته «الإعلام الجديد وقضايا المجتمع» بلغ عدد التغريدات عبر «تويتر» في السعودية خلال شهر مارس (آذار) الماضي نحو 49.6 مليون تغريدة حيث جاءت المملكة في المرتبة الثالثة عالميا بعد كل من تركيا والكويت.
وأوضح كاتب لـ«الشرق الأوسط» معلقا على الدراسة أن الهواتف الجوالة بنسب انتشارها العالية جدا وحميميتها للمستخدمين، زادت من نسب المتابعة والتأثير، وأنها تعتبر القادم الأشد تأثيرا والذي ينبغي الانتباه إليه؛ إذ تبلغ نسبة انتشارها في السعودية 189 في المائة؛ بمعنى أن «كل شخص لديه جهازا جوال على الأقل».
وأضاف: «أحدثت وسائل الإعلام الجديد أيضا ثورة في المحتوى الإعلامي وذلك من خلال خفض مستوى الاحترافية المطلوب للإعداد، حيث أصبح بالإمكان قيام الهواة بإعداد ذلك المحتوى دون حاجة إلى التعقيدات الاحترافية اللازمة في المؤسسات الإعلامية التقليدية، وبتكلفة منخفضة جدا. وقد أدى ذلك إلى تجاوز ما يسمى سيطرة النخب على إعداد المحتوى الإعلامي».
ويرى كاتب في دراسته أن الشبكات الاجتماعية مثل «فيس بوك» و«تويتر» ليست مجرد أدوات تتيح للمستخدمين نشر تعليقاتهم الشخصية ومشاركة الآخرين بها، و«لكنها أصبحت لكثير من المستخدمين منصات لنشر الأخبار؛ فعلى سبيل المثال كان (تويتر) من أوائل الوسائل التي نشرت تقارير عن الهجمات الإرهابية على مومباي الهندية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008».
وحول تأثير «تويتر» على متابعة الصحف وتوجهها إليه عبر إنشاء حسابات خاصة بأسماء الصحف، قال طلال آل الشيخ رئيس تحرير صحيفة «الوطن» السعودية: «تعد شبكات التواصل الاجتماعي حدث العصر والوجود فيها للانتشار»، واستدرك: «التأثير أكيد، إلا أن نسبة التأثير تختلف بحسب قوة الصحف؛ فتأثيرها في الصحف الضعيفة أكبر وقد يتسبب في انحسار التوزيع الورقي، إلا أن الصحف الورقية تتميز بالمتابعات»، وأضاف آل الشيخ: «نحن في صحيفة (الوطن) لدينا جزء متخصص بالنشر الإلكتروني؛ فإضافة إلى الطبعات الإلكترونية، يقوم محررونا بنشر الروابط والأخبار المهمة على (تويتر) للوصول إلى القارئ حيثما كان، مواكبة للعصر وتلبية للمطالب، ومن العناصر المهمة في الصحف القوية، العناصر المتميزة، والمواكبة، ووسيلة الترويج، وهو ما تسعى إليه صحيفة (الوطن) من خلال مفهوم الصحافي الشامل».
من جهته، يرى الدكتور فهد عقران رئيس تحرير صحيفة «المدينة»، أن «(تويتر) ظاهرة إعلامية ذات تواصل جيد بالمجمل، وتطور اتصالي يفرض الواقع التعامل معه، وقد نرى خلال السنوات المقبلة تطورات أكبر»، وأضاف أن «إنشاء الصحف حسابات فيه للانتشار لافت إلى مساهمته الفعالة والتأثير الذي قد يحدثه على المدى البعيد، إلا أن الصحف الورقية ما زالت تتميز بالمصداقية ومتابعة التفاصيل».
وعن حساب الجريدة على «تويتر» وإمكانية اختراقه، قال عقران: «لدينا فريق متخصص في النشر الإلكتروني والتواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعي لمواكبة العصر»، وأضاف: «حساب الصحيفة الرسمي لم يخترق من قبل، إلا أننا عانينا من بعض الحسابات الوهمية لأسماء تدعي انتماءها للصحيفة وهي ليست كذلك».
وفي ما يخص الصحف الإلكترونية وتأثير «تويتر» عليها، قال فهد السعود مدير تحرير موقع «العربية نت»: «لا أظن أن الصحافة الإلكترونية يمكن أن تتأثر بموقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، أو غيره، فرغم انتشار وشعبية هذا الموقع ودوره الكبير في نقل الأحداث وأحيانا صنعها، فإنه يبقى نوعا من الإعلام الجديد (غير المسؤول)، الذي يفتقد في أحايين كثيرة إلى المصداقية، كما أنه أصبح ساحة لصنع وترويج الشائعات». وأضاف السعود: «في الوطن العربي، مع الأسف، لم يلعب (تويتر) دوره الحقيقي، إلا بنسبة ضئيلة، فانتحال الشخصيات العامة والشهيرة نشاهده يوميا، ونقل الأخبار غير الدقيقة يحدث على مدار الساعة، بينما الصحافة الإلكترونية هي صحافة رصينة ذات مصداقية؛ تتابع وتنقل الأحداث على مدار الساعة، بدقة وشفافية، ويكفي أن لها خطا تحريريا ثابتا، ولديها كادر إداري واضح يجعل هناك حرص وحذر قبل النشر للتأكد من صحة المعلومات ودقتها، عكس ما يحدث في (تويتر)».
وبين السعود أن المواقع الإلكترونية، والصحف، ساهمت بشكل كبير في إضفاء جانب من المصداقية على ما ينشر من أخبار في «تويتر»، بعد أن دشنت صفحات خاصة بها تنقل من خلالها الأخبار وتقوم بنشرها لتصل لأكبر عدد من المتابعين، وأضاف: «وإذا سلمنا أن (تويتر) لعب بعض الأدوار السياسية المهمة خلال السنوات القليلة الماضية، فإنه يبقى موقعا للتواصل الاجتماعي، كما هو تعريفه، أي التواصل مع الآخرين ونشر الصور والذكريات والأحداث اليومية، بخلاف الصحف الإلكترونية التي تعتمد على نقل الخبر والمعلومة والحدث للجمهور».
وحول تأثيره على الصحافة الورقية، قال السعود: «أعتقد أنه أثر على الصحافة الورقية بشكل ملموس، وقلب المعادلة، وجعل الصحف الورقية هي التي تلجأ له وتنشر عنه كثيرا من الأخبار».
وبالعودة للدراسة التي أعدها الدكتور كاتب، فقد أوضحت أن ثلث زعماء العالم يستخدمون «تويتر» و17 رئيسا يغردون بالعربية؛ «فحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يتابعه أكثر من مليون متابع، والملكة الأردنية رانيا العبد الله 2.2 مليون متابع، والرئيس التونسي المنصف المرزوقي 69 ألف متابع، فيما يتابع رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي 54 ألفا، والرئيس ميشال سليمان 39 ألفا».
وقدر تقرير كلية دبي للإدارة الحكومية عدد مستخدمي «تويتر» في العالم العربي مع نهاية شهر مارس (آذار) 2011 بنحو 6.567 مليون مستخدم، منهم 1.150 مليون مستخدم نشط. وقد نشر هؤلاء المستخدمون النشطون خلال الربع الأول من عام 2011 نحو 22.750 مليون تغريدة؛ بواقع 252 ألف تغريدة يوميا، أي 175 تغريدة في الدقيقة، تعادل نحو ثلاث تغريدات كل ثانية.
وبلغ معدل التغريدات لكل مستخدم نشط خلال تلك الفترة 81 تغريدة يوميا. وفي يوم 21 أغسطس (آب) عام 2011، وهو بداية اقتحام الثوار طرابلس في عملية فجر «عروس البحر»، بلغ عدد التغريدات 228 تغريدة في الدقيقة ووصلت التغريدات إلى 31600 تغريدة خلال ساعتين.
وكما هي الحال بالنسبة لـ«فيس بوك»، فإن لدى تركيا العدد الأكبر من مستخدمي «تويتر» في المنطقة، تليها الإمارات العربية المتحدة التي تعد الأولى عربيا بعدد مستخدمين يصل إلى 201.060 مستخدم، تليها قطر فمصر ثم السعودية، ولكن عند احتساب عدد مستخدمي «تويتر» نسبة إلى عدد السكان، فإن قطر تحتل المرتبة الأولى بنسبة 8.46 في المائة تليها البحرين بنسبة 7.53 في المائة.
وتشير الدراسة إلى أن 78 في المائة من السعوديين ذكروا أن استخدامهم لشبكات التواصل الاجتماعي عزز من شعورهم بالحس الوطني، مقابل 66 في المائة في لبنان، و85 في المائة في مصر.
يذكر أن «تويتر» عبارة عن موقع شبكة اجتماعية مصغر يسمح لمستخدمه بإرسال وقراءة تعليقات لا تتجاوز 140 حرفا ورمزا، وهذه التعليقات تعرف باسم «تغريدات» وتم إنشاؤه في مارس (آذار) 2006 بواسطة الأميركي جاك دورسي، ثم تم إطلاقه في شهر يوليو (تموز) من ذلك العام.
ووفقا لموقع «ويكيبيديا»، فإن عدد مستخدمي «تويتر» بلغ في شهر مارس 2006 نحو 200 مليون مستخدم. وقد اشتهر «تويتر» بشكل سريع عالميا حتى وصل عدد تغريداته يوميا إلى 200 مليون تغريدة، ويصفه البعض بأنه موقع رسائل الإنترنت النصية القصيرة. وقد تواصل النمو السريع لـ«تويتر»؛ ففي عام 2007 كان عدد التغريدات لكل ربع منه هو 400 ألف تغريدة منشورة، نمت إلى 100 مليون تغريدة لكل ربع من عام 2008.
وفي شهر فبراير (شباط) من عام 2010 بلغ عدد تغريدات المستخدمين 50 مليون تغريدة يوميا، ارتفعت إلى 65 مليونا في شهر يونيو (حزيران) من العام نفسه بما يساوي 750 تغريدة يتم إرسالها كل ثانية. ومع هذا النمو، تحول «تويتر» إلى وسيلة تدوين مصغر فائقة القوة متعددة الاستخدامات من التسويق إلى الإعجاب بالمشاهير ونشر وتوزيع الأخبار؛ بل وحتى المساعدة في عمليات الإنقاذ والإغاثة كما حصل خلال كارثة زلزال تسونامي في اليابان.
وتشير الدراسات إلى أن عدد مستخدمي الإنترنت في العالم تجاوز هذا العام ملياري مستخدم، أي نحو ثلث سكان العالم، وبمعنى آخر، فإن شخصا واحدا من كل ثلاثة أشخاص في العالم يستخدم الإنترنت. هذا الرقم يمثل زيادة بنسبة 480.4 في المائة عما كان عليه في عام 2000. وكما يتضح من النسب التالية، فإن أكبر نسبة نمو خلال هذه الفترة كانت من نصيب أفريقيا التي نمى استخدام الإنترنت بها بنحو 2527.4 في المائة، تليها منطقة الشرق الأوسط بنسبة 1987 في المائة، ويوجد في الصين أكبر عدد من مستخدمي الإنترنت بنحو 389 مليون مستخدم، تليها الولايات المتحدة الأميركية بـ245 مليون مستخدم، وتأتي مصر في المرتبة العشرين عالميا والأولى عربيا بعدد مستخدمين يبلغ 163.20 مليون مستخدم، يليها المغرب بنحو 213.13 مليون مستخدم، فالمملكة العربية السعودية.
* إقبال المستخدمين على «تويتر» بشكل ملحوظ خلال الأحداث المهمة
* 2940 تغريدة في الثانية بعد تسجيل اليابان هدفه في مباراته ضد الكاميرون ضمن مباريات كأس العالم لكرة القدم 2010م.
* 3085 تغريدة في الثانية بعد فوز فريق لوس أنجليس ليكرز بكأس السلة في 17 يونيو (حزيران) 2010م.
* 3282 تغريدة في الثانية بعد فوز اليابان على الدنمارك ضمن بطولة كأس العالم لكرة القدم في 25 يونيو 2010م.
* الرقم القياسي الحالي تم تسجيله خلال نهائي بطولة العالم للسيدات لكرة القدم 2011م بين الولايات المتحدة الأميركية واليابان في 18 يوليو (تموز) 2011م بواقع 7196 تغريدة في الثانية.
* في عام 2010م وحده زاد متوسط عدد التغريدات اليومية إلى ثلاثة أضعاف من 50 مليون تغريدة في اليوم إلى 140 مليون تغريدة.
* في 11 مارس (آذار) 2011م وهو اليوم الذي ضرب فيه الزلزال والتسونامي اليابان زاد عدد تغريدات المستخدمين بواقع 37 مليون تغريدة على المعدل اليومي المعتاد حيث تم إرسال 177 مليون تغريدة في يوم واحد.
* النمو لم يقتصر فقط على التغريدات، ولكن أعداد المشتركين في الموقع تزايدت أيضا.. ففي 12 مارس 2011م وحده وهو اليوم التالي لزلزال اليابان أضاف الموقع 572 ألف مشترك جديد، وفي شهر يوليو من عام 2011م بلغ متوسط الاشتراكات الجديدة اليومية في الموقع 460 ألف حساب جديد. وفي هذا الشهر أيضا أعلن «تويتر» أن عدد المغردين بواسطة هواتفهم الجوالة زاد بمعدل 182 في المائة على العدد الذي كان عليه في العام السابق.
الجدير بالذكر أنه من ضمن 200 مليون مستخدم لـ«تويتر»، فإن 30-40 مليونا فقط يعتبرون مستخدمين نشطاء.. بمعنى آخر فإن معظم المعلومات المتداولة على «تويتر» يتم نشرها بواسطة أقلية من المستخدمين، في حين أن الأغلبية الباقية هم مجرد مستهلكين لتلك المعلومات فقط.