الإعلام الاجتماعي لعب دورا مهما في نقل أحداث الإعصار «ساندي»

تزويد الركاب بأحدث معلومات وسائل النقل في عصر الإنترنت

محطة قطارات «ذا لونغ آيلاند للسكك الحديد» خلت من المسافرين قبل الإعصار
TT

أصيبت الراكبة بإحباط بالغ، ومرة تلو الأخرى كانت أسئلتها تواجه بصمت مطبق، كان الأمر أشبه بانتظار حافلة لم تأت مطلقا، وهذا بالفعل ما كانت تقوم به. تساءلت، الراكبة التي عرفت نفسها بـ«ماري سكاندل»، غاضبة على صفحة نيوجيرسي ترانزيت على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» بعد عدة أيام من إعصار ساندي: «سألت بلطف عدة مرات عن الحافلة رقم 317، والآن سأسأل نفس السؤال بطريقة سيئة».

وفي مشهد مناقض من نيويورك، طرح الراكب جيم تمبل سؤالا على صفحة هيئة «لونغ آيلاند ريل رود» على صفحة التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، يطلب فيه عن آخر الأنباء بشأن الدمار الذي لحق بخط لونغ بيتش. كان رد السكك الحديدية سريعا، فأجاب تمبل: «شكرا لكم على المعلومات».

إذا كان هناك درس يمكن أن يتعلمه مسؤولو النقل من كارثة إعصار ساندي فهو أن تزويد الركاب بأحدث المعلومات بشأن الحافلات في عصر الإنترنت ربما يكون بنفس أهمية الحافلات والقطارات ذاتها. وإن ضيعت الفرصة، فسوف يعلمونك. وعلى الرغم من المهمة الجسيمة التي اضطلع بها العمال لإعادة تشغيل خطوط السكك الحديدية وقطارات الأنفاق التي غمرتها المياه، فإنهم واجهوا أيضا مهمة شاقة في إطلاع ملايين الركاب بصورة مستمرة على آخر التطورات ومواعيد القطارات والحافلات التي كانت تتغير من حين لآخر، من خلال أدوات شملت «فيس بوك» و«تويتر» و«فليكر» و«يوتيوب».

النظرة إلى كيفية تواصل صفحتي نيوجيرسي ترانزيت ولونغ آيلاند ريل رود، بحسب ما نشر على «فيس بوك»، أظهرت كيف يمكن لأسلوب الرسائل أن يشكل فارقا بين تحديد التوقعات أو تأجيج غضب العملاء الذين أجبروا على البحث عن وسائل جديدة للوصول إلى أعمالهم ومنازلهم.

دأبت صفحة «ذا لونغ آيلاند للسكك الحديدة» على تحديث صفحتها على «فيس بوك»، بشكل متواصل، بالصور والفيديوهات للاستعدادات للعاصفة قبل وصول إعصار ساندي. حيث بدأت بث الرسائل مع اقتراب وصول الرياح القوية وتمزيق المياه لخطوط الكهرباء وقطع السكك الحديدية نتيجة القوارب والحطام الذي ألقت بها الأمواج إلى الشاطئ. وواصلت الوكالة تزويد صفحتها بالمعلومات والإجابة عن أسئلة المسافرين ونشر تحديثات المساعدة الأخرى، مثل الأماكن التي يمكن الحصول على وسائل المساعدات الفيدرالية لأضرار المنازل. في المقابل بدأت صفحة «نيوجيرسي ترانزيت» هي الأخرى في تحديث صفحتها، لكنها لم تبدأ في نشر الصور إلا بعد ظهيرة 30 أكتوبر (تشرين الأول) أي بعد هبوب العاصفة. وكانت إجاباتها على أسئلة الركاب عشوائية، وكانت المعلومات في الأحيان غير صحيحة، وهو ما تسبب في حالة من الارتباك الشديد بين الركاب الذين يحاولون التأكد من المواعيد التي تم تغييرها.

وتمثلت النتيجة في نقل لونغ آيلاند للسكك الحديدية قصة معاناة العاملين الذين يجاهدون للتغلب على الأضرار غير المسبوقة التي خرجت عن سيطرتهم، وهو ما جعل الركاب الدائمين وغير المنتظمين المنتقدين للسكك الحديدية إلى التعاطف معهم بشكل مفاجئ في الحال بل وأنهم أشادوا بجهود التواصل التي وإن لم تكن مكتملة، إلا أنها كانت تعتبر متطورة.

من ناحية أخرى تحولت مراسلات نيوجيرسي ترانزيت بالنسبة للكثير من الركاب إلى مصدرا آخر للمعاناة.

ويقول ميتشل موس، مدير مركز «رودين للمواصلات» في كلية «واغنر غراديوت للمواصلات العامة» في جامعة نيويورك: «تعلمت لونغ آيلاند للسكك الحديدية الدرس بضرورة إطلاع ركابها بما يجري. واتضح أن هذا يشكل أهمية بقدر الخدمة التي تقدمها». استخدمت «ذا لونغ آيلاند للسكك الحديدية» و«نيوجيرسي ترانزيت» «تويتر» بصورة موسعة، لكن «نيويورك تايمز» فحصت صفحة الـ«فيس بوك» الخاصة بكل منهما لأن تسمح بإضافة عدد كبير من التعليقات المفصلة - تقديم نظرة أعمق على رؤية الركاب للمواصلات - والمناقشات بين مرتادي الصفحة. وقد استخدمت هيئة ميناء نيويورك ونيوجيرسي، التي تعرضت لانتقادات هي الأخرى، «تويتر» لكنها لا تملك صفحة على «فيس بوك».

تعرضت صفحة «نيوجيرسي ترانزيت» لفحص دقيق بعدما دمرت العاصفة أكثر من 300 عربة قطار والقاطرات التي ركنت في ساحات محطات القطارات في هوبوكين وميدولاندز التي قالت تحذيرات ما قبل العاصفة إنها ستتعرض للفيضان.

لكن حتى قبل أن يشيع هذا القرار على نطاق واسع، كانت توترات الركاب تتصاعد. ودافع مسؤول نيوجيرسي ترانزيت عن اتصالاتهم أثناء وبعد العاصفة، فقال جون دورسو، المتحدث باسم الوكالة: «نحن ننقل المعلومات عبر (تويتر) على مدار الساعة»، وأشار إلى أن الوكالة تحدث بشكل متواصل موقعها على الإنترنت وأرسل بريدا إلكترونيا ونشرت إعلانات في الصحف بشأن الإغلاق الطارئ لخدمات الحافلات وناقلات الركاب، وكانت تقدم بيانات بشكل متقطع على التلفزيون والراديو.

راجعت «تايمز» التعليقات في الفترة من 29 أكتوبر في اليوم الذي ضربت فيه العاصفة المدينة حتى 6 نوفمبر (تشرين الثاني)، اليوم الذي سبق تهديد عاصفة بجولة جديدة من تعطل الخدمة. وعلى الرغم من التدابير غير الدقيقة للأداء، إلا أنهما قدمتا تسلسلا لأحداث الفوضى التي واجهها العملاء العابرون، الذين يعيشون في الظلام والمعتمدون على الهواتف الجوالة للحصول على المعلومات.

وتقدم في الوقت ذاته إطلالة على مستقبل ومخاطر اتصالات الكوارث في الوقت الراهن، عندما تملك السلطات الحكومة وشبه الحكومية نطاقات واسعة من الاتصالات، والتوقعات الكبيرة إلى حد بعيد من العامة الذين اعتادوا على هذه التحديثات الفورية.

في الساعة 11:34 صباحا يوم 29 أكتوبر أثناء توجه الإعصار ساندي باتجاه نيويورك، بدأ المسؤولون عن الاتصالات في «لونغ آيلاند للسكك الحديدية» في نشر صور لعمال يستعدون للعاصفة.

ومع اتضاح الدمار في اليوم التالي أصبحت الصور التي تم تحديثها والتي شملت تلك التي أظهرت قاربا على خطوط السكك الحديدية بالقرب من جسر رينولدز تشانل في آيلاند، مصدرا للفكاهة والرعب. فكتب أحد الأفراد ساخرا: «إذا كان لدى القارب ثقة قوية في نفسه فسوف يصبح قطارا». عكست الصورة والفيديو اللذان تم نشرهما استراتيجية الاتصالات لهيئة نقل الضواحي، الوكالة الأم للسكك الحديدية. وتشرف الشركات التابعة على الحافلات وخدمة مترو الأنفاق في المدينة وخدمة القطارات إلى الضواحي الشمالية في نيويورك وكونيكتيكت. عمال الخطوط الأمامية في كل الوكالات تم تشجيعهم على إرسال صور لكل مشاهداتهم. وقال آدم ليزبيرغ، مراسل «ديلي نيوز» السابق، مدير الاتصالات الخارجية للهيئة: «فلسفتنا هي أن ننشر كل ما نجده بأسرع ما يمكن. لا توجد أسرار هنا، فكل من في نيويورك لديه اهتمام واضح بالنقل الجماعي، ولذا فعندما تسوء الأوضاع ينبغي أن نوضح ذلك». أكملت التحديثات مئات تنبيهات الرسائل الإلكترونية للركاب الذين سجلوا من أجل الحصول عليها. وشكا بعض الركاب من الحصول على قدر كبير للغاية من التحديثات. لكن بالنسبة لآخرين، كانت تطورا لقي ترحيبا حول ما شكوا من أنه معلومات متوافرة قليلة للغاية.

وقال رون تروي، 56 عاما، الذي يستخدم المواصلات منذ وقت طويل ويسافر على خط جيفرسون بورت، الذي كتب في 30 أكتوبر: «الصور التي أرسلت عبر الإيميل موضع تقدير، وهي واحدة من المرات القليلة التي تخبر فيها (لونغ آيلاند للسكك الحديدية) المسافرين بما يجري».

وقالت هيلينا ويليامز، مدير السكك الحديدية، إنها كانت في تأمل أن تنشئ الشركة الناقلة صفحة خاصة بالتواصل مع المسافرين وأنها بدأت محاولة تطوير الصفحة عندما استلمت عملها في السكك الحديدية قبل خمس سنوات.

وقالت: «تعاملنا بجدية مع تحليلنا للاضطرابات وما جري من أمور جيدة وما جرى من أمور خاطئة بشأن الاتصالات».

تلقت كلا الوكالتين قدرا كبيرا من التعليقات السلبية من الركاب خلال فترة الأيام التسعة التي راجعت فيها «التايمز» الصفحتين. لكن غالبية الرسائل الموجهة إلى «لونغ آيلاند» كانت بشأن القطارات التي شهدت ازدحاما بعد عودة الخدمة إلى العمل - مشكلة تعزا إلى عمل الإصلاحات لإنفاق ريفر إيست التي غمرتها المياه.

في الوقت ذاته، مالت شكاوى عملاء نيوجيرسي ترانزيت، إلى التركيز على عدم قدرتهم على الحصول على تحديثات موثوقة بشأن الإصلاحات ومواعيد انطلاق الحافلات المعدلة ومواعيد قيام القطارات. وشكا الركاب بشأن عدم دقة الجداول المعدلة على الموقع الإلكتروني - وهو انتقاد تعترف به الوكالة في بعض الأحيان. وشكا البعض من أن الجداول كان من الصعب العثور عليها أو أنها كانت صغيرة للغاية وبخاصة على الهواتف الذكية.

وكي نكون منصفين، تملك نيوجيرسي ترانزيت أيضا حافلات وقطارات خفيفة يمكن للمسافرين استخدامها. وقد عاني الكثير من ركاب قطاراتها النازحين من ضغط التعامل مع الزحام وصعوبة العثور على البوابات في محطة حافلات هيئة بورت، التي تعتبر مهمة صعبة في ظل الظروف العادية.

إذا كان هناك ثمة نتيجة للارتباك، فربما حاصل قسمة عدد إجابات الوكالة على عدد العملاء الذين نشروا أسئلة أو حاولوا تقاسم المعلومات مع بعضهم البعض عندما لم يأت رد الهيئة.

وفق هذا المعيار، نشرت «ذا لونغ آيلاند» رود إجابة لكل سؤالين ورسائل تقاسم معلومات - على الرغم من أن بعض الإجابات كان ردا على الكثير من الأسئلة. ورد نيوجيرسي ترانزيت على 13 في المائة فقط من مثل هذه الرسائل.

في الوقت ذاته تحول أشخاص مثل إيان ميغر، سائق حافلة سابق في هيئة «نيوجيرسي ترانزيت» الذي لا يزال يزور صفحتها على «فيس بوك» على الرغم من أنه يعيش الآن في غرب بنسلفانيا إلى بطل بالنسبة للمسافرين بعد أن بدأ في الإجابة عن أسئلتهم بنفسه، باستخدام معرفته كموظف سابق بالهيئة لمساعدتهم في استيضاح الجداول المرتبكة. وأكد ميغر على تعاطفه مع الوكالة. وقال: «أعتقد أن (نيوجيرسي ترانزيت) فعلت ما بوسعها بالنظر إلى الظروف».

في يوم 6 نوفمبر، نشرت مولي هوك، 40 عاما، رسالة من هاتفها الجوال بعد انتظار ما يقرب من ساعتين في البرد انتظار لقطار في محطة برينستون جانكشن من دون أي كلمة عن حالة القطار.

وكتبت: «يحاول الأفراد التحلي بالصبر خلال تعافينا من هذه العاصفة، لكنكم جميعا بحاجة إلى بذلك المزيد من الجهد لإبقاء المسافرين على اطلاع. من فضلكم حسنوا اتصالاتكم مع المسافرين.

وفي نيوجيرسي أوضح جون ويزنيوسكي، الديمقراطي ورئيس لجنة المواصلات في مجلس الولاية أن الشكاوى أكدت على القصور في تخطيط الهيئة للعاصفة، وقال: «ينبغي علي القول بأن ذلك كان نتيجة للعاصفة لا بسبب أي قرار خاص لهيئات النقل. لكنها تؤكد ضرورة قيام هيئة (نيوجيرسي) بعمل أفضل في جانب التنظيم ووضع الخطط الطارئة للمسافرين».

* خدمة «نيويورك تايمز»