المؤتمر الصحافي الأسبوعي للبيت الأبيض .. بوابة للحديث عن أكثر القضايا جدلا

أسئلة عن سقف الديون والسيطرة على الأسلحة والتنوع في الحكومة

لقطات من المؤتمر الصحافي
TT

تتسم شخصية أوباما بالهدوء والمهنية إلى الحد الذي يجعل التقلبات البسيطة حدثا جللا يمكن أن يصبح خبرا. حتى نكاته تتسم بالجمود، ولم يعبر عن غضبه يوما ما بعلامات تعجب بل بالخط المائل. ربما يكون من المثبط للعزيمة إدراك أن وظيفة المكتب الإعلامي للبيت الأبيض هي استجلاء المعنى من التغيرات البسيطة. يجعلهم ذلك منتقدين في موقع الحدث بقدر ما هم مراسلون حتى إذا لم يكونوا قادرين على انتقاد أداء زاخر بالمشاعر؛ حيث قالت دوروثي باركر ذات يوم عن أداء كاثرين هيببيرن إنها «تغطي كل شيء من الألف إلى الياء».

السياسة أهم من مسرح الأحداث، لكن أحيانا يكون المسرح نافذة على السياسة أو على الأقل الدوافع. تجلت المواقف والنبرات المغايرة لأوباما خلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي، وكانت بمثابة بوابة على أكثر القضايا جدلا ومثارا للحديث مثل سقف الديون والسيطرة على الأسلحة والتنوع في الحكومة، بل وعلى شخصيته نفسها بشكل عبثي سريالي إلى حد ما. وبدأ أوباما خطابه بالحديث عن سقف الدين دل على ثقة بالنفس، ومع مرور الوقت في المؤتمر تحولت الثقة إلى سخرية. إنه يحمل الإرادة الشعبية على ظهره، وكذا التعديل الرابع عشر.

لا يمكن تفسير فظاظة أعضاء مجلس النواب الجمهوريين، إلا بأنها تشير إلى عدم قلق من زيادة تراجع شعبية الحزب الجمهوري، وعمل أوباما على أن يزداد هذا الأمر سوءا.

وفي رد على سؤال عن الذي سيحمله الناخبون مسؤولية تخلف أميركا عن سداد ديونها، ذكرهم بقوله «إنهم منتخبون، وأن الشعب هو من وضعهم في هذه المناصب». ويقترب هذا من قوله: «إنه موقع صغير لطيف في الكونغرس، سيكون من العار أن يحدث أي شيء له».

على العكس من ذلك ذكر أوباما الإعلام مرتين، وهو ينظر إلى مصطلحه المتسع، بأنه فاز بالانتخابات وكأن لسان حاله يقول «بالمناسبة الشعب الأميركي يتفق معي».

وبعد أن توصل أخيرا إلى عبث حرب الاستعارات، التزم أوباما بالمعنى الحرفي للكلام وقال أخيرا: «نحن لسنا أمة كسولة متهربة من دفع الديون».

كرر وتجاهل الجمهوريين. قارن بين ذلك وبين رده الحزين على أسئلة تتعلق بقانون للسيطرة على الأسلحة؛ حيث عبر عن رغبته في التوصل إلى حل وسط قبل الجلوس على مائدة المفاوضات.

وأدرج أوباما على قائمة «أصحاب الأسلحة المسؤولين» أناسا لديهم أسلحة يستخدمونها للدفاع عن النفس. وقال: «ليس لديهم ما يقلقون بشأنه» فيما يتعلق بالقانون الجديد. بوجه عام يمثل النموذج المتخيل في العبارة التفسيرية «أصحاب الأسلحة المسؤولين» جزءا أساسيا من المشكلة منذ البداية.

وإذا أردنا أن نكون أكثر دقة، فإن إدراج الذين يملكون سلاحا من أجل الدفاع عن أنفسهم تحت هذه العبارة فضلا عن كونها فضفاضة مشكوكا فيها، يعني أنك تبعد مجموعة كاملة من القوانين عن طاولة النقاش وكذا الإحصاءات؛ حيث كشفت دراسة أن احتمال استخدام السلاح، الذي يتم الاحتفاظ به في المنزل، في قتل أفراد من الأسرة أكبر من احتمال استخدامه في الدفاع عن النفس بـ43 مرة. أعلم أن الرئيس تأثر بالمأساة التي حدثت في نيوتاون مثلنا جميعا، لكن هناك شيئا ما ضعيف في حديثه عن المذبحة. عندما سأل: «هل هناك خطوات ملموسة يمكن أن نتخذها من أجل ضمان ألا يدخل أحد مثل الشاب في نيوتاون مدرسة ويطلق النيران على مجموعة من الأطفال بهذه السرعة؟»، لم يسعني سوى التساؤل عما إذا كان هناك علاقة، ربما في اللاوعي، بين المطالبة بتشريع «واع»، وإن لم يتضح بحسب تعريف من، وبين توقع الرئيس المحدد وهو لا يتمثل في الحيلولة دون وقوع جرائم إطلاق النيران في المدارس، بل ربما في الحد من سرعة القتل.

وتجلى تأرجح أوباما بين الهجوم القوي والدفاع المنفصل في آخر سؤال طرحه وهو استفسار غير مريح من شقين جاء في معرض الرد على الانتقاد الموجه لإدارته بسب غياب التنوع وافتقاره الواضح للياقة الاجتماعية. لقد كان واضحا أن أوباما استمتع بفرصة تفنيد هذه الحجج من خلال نكات قصيرة ساخرة.

النص هنا تعليمي وإرشادي، فقد ركز في الثلاث فقرات الأولى على الدفاع عن تاريخ مرشحه، ثم ركز خلال التسع فقرات التالية على جدول الفعاليات الاجتماعية مقرا الاستمتاع بذلك.

وعلى الرغم من كل شيء، فإن طبيعته المتحفظة هي التي تسمح له بالتندر على حبه للحفل الجيد. وتناولت تسع فقرات لطفه وصورة الرئيس المثيرة وهو يتجول في أروقة البيت الأبيض الخالية، بحثا عن شخص للعب الورق معه، مع ذلك ما يكشف شخصية أوباما أكثر هو هذه الملاحظات الكثيرة وموقفه من السياسات مثل نبرته حول هذه الموضوعات التي تتسم بأهمية كبيرة. وعلى الرغم من ما يتمتع به من ثقة، فهو خفيف الظل والحركة وقادر على التعبير عن ذاته ويميل إلى الحلول الوسط عندما لا يكون في موضع راسخ. بطبيعة الحال من الصعب الحديث عن العنف واستخدام السلاح أو المساواة بين الجنسين بابتهاج. الأكثر من ذلك هو أن القضايا عصية على الحل وغير ملحة في الوقت ذاته.

وينظر إلى الأخطاء بأنها مكلفة سياسيا. لذا فيما يتعلق بالأمرين، يعول أوباما على مرور الزمن. ولا عجب إذن أن يكون على أوباما أن يدفع من خلال إدارته الثمن السياسي لعدم تحريكه ساكنا تجاه كل ما يحدث سواء فيما يتعلق بمعتقل غوانتانامو أو الاغتيالات التي تتم خارج إطار القانون أو الهجرة. لقد ظل متباطئا إلى أن بات من الواضح أن المتبرعين الأساسيين قد يمتنعون عن دفع النقود التي يحتاجها لتمويل حملته الانتخابية للفوز بفترة رئاسية ثانية. ولا يمكنني أن أزعم أنه ينبغي أن يدفع الثمن، خاصة في ظل تقديم الجمهوريين بدائل غير مستساغة. هذا هو الثمن الذي يدفعه التقدميون وربما البلاد بسبب رغبتنا غير القابلة للإشباع في تعدد الخيارات الانتخابية. يكون الخير في مواجهة الشر إلى أن يفوز أحدهما، فيتحول الأمر برمته إلى اللون الرمادي. ربما يكون هذا واقع الحكم وهو ما يجعلنا نعزف عن السياسة إلى أن تصبح ملونة مجددا. وقال أوباما بشأن تنوع حكومته: «سأقترح فقط أن ينتظر الجميع».

لن تسك العملة البلاتينية على الأرجح، لكن إذا تم التوصل إلى تسوية للجدل المضحك حول الوجه الذي سيوضع عليها، فلدي فكرة عن الشعار الذي يمكن أن يكتب على الوجه الآخر.