تقرير دولي يصنف العراق الدولة الأسوأ عالميا في حماية الصحافيين

مرصد الحريات الصحافية العراقي: 258 صحافيا عراقيا قتلوا منذ 2013

صحافيون عراقيون يتظاهرون في شارع المتنبي وسط بغداد احتجاجا على تقييد حرية العمل الصحافي (أ.ب)
TT

صنف العراق الأسوأ في مؤشر أصدرته لجنة حماية الصحافيين أمس بشأن الدول التي عجزت حكوماتها عن التوصل للجناة في جرائم قتل الصحافيين. وصدر التقرير السنوي حول قائمة الإفلات من العقاب للدول التي لديها خمس قضايا غير محسومة أو أكثر لقتل صحافيين في اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يشجع على حماية العاملين في المجال الإعلامي. ويهدف المؤشر الذي ضم 12 دولة هذا العام إلى رفع مستوى الاهتمام بالعنف الذي يمارس ضد الصحافيين وفشل الحكومات في حمايتهم، بحسب لجنة حماية الصحافيين التي تتخذ من نيويورك مقرا لها.

وضم المؤشر الذي يصدر سنويا منذ عام 2008 نيجيريا للمرة الأولى، حيث وجد المحللون أن هناك 5 صحافيين على الأقل قتلوا في نيجيريا منذ عام 2009. وصنف العراق الأسوأ في ذلك المؤشر حيث قتل 93 صحافيا في العقد الأخير دون إدانات. وعلى الرغم من العدد الكبير للقتلى من الصحافيين في سوريا، فإنها لم تدرج في التصنيف لأن كل القتلى سقطوا في أحداث مرتبطة بالقتال. وأظهرت روسيا ونيبال تحسنا، حيث تم إسقاط نيبال تماما من القائمة. ومن بين الدول الأخرى التي ضمها المؤشر: الصومال والفلبين وسريلانكا وكولومبيا وأفغانستان والمكسيك وباكستان والبرازيل والهند.

وعشية احتفالات العراق باليوم العالمي للصحافة، جدد إعلاميون وصحافيون قلقهم من تدني مستوى الحماية المتوفرة للعاملين في الوسط الصحافي، وتعرضهم للضغوطات السياسية الكبيرة من قبل جهات متنفذة (سياسية وأصحاب رؤوس الأموال) لأجل تغيير قناعاتهم أو آرائهم أو طبيعة تغطياتهم، والتي تصل بعضها إلى التهديد بإغلاق المطبوع أو القناة الفضائية، كما حصل أخيرا تعليق رخص عمل 10 قنوات فضائية بدعوى «تبنيها خطابا طائفيا» رافق أحداث الحويجة.

ويقول الإعلامي زياد العجيلي مدير مرصد الحريات الصحافية في العراق (مؤسسة مستقلة) في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «بلغ عدد الصحافيين الذين قتلوا في العراق منذ عام 2003 ولغاية عام 2012، 258 صحافيا، قضى معظمهم على يد مسلحين، ولم يكشف عن أغلب نتائج تلك القضايا التي قيدت معظمها ضد مجهول، كما أن الحكومة العراقية استهلت عام 2012 بإجراءات صارمة ضد وسائل الإعلام العراقية، واستخدمت قواها الأمنية والعسكرية لتضييق مساحة العمل الصحافي خصوصا ضد الصحافيين غير العراقيين الذين حرم معظمهم من دخول العراق، ومنع آخرون من تغطية الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها بعض المدن».

وبشأن قانون حماية الصحافيين الذي عدلت تسميته ليصبح قانون حقوق الصحافيين، المسن في العراق قبل أكثر من عامين، قال العجيلي: «القانون لا يرقى إلى مستوى المعايير الدولية لحرية التعبير، ويرتبط بشكل مباشر بالقوانين العراقية السابقة، التي تكبل حرية الصحافة، وهي من مخلفات النظام الديكتاتوري السابق، والمرصد يسعى لأجل اتخاذ التدابير والإجراءات الممكنة لتغيير هذه التركة الثقيلة من القوانين التي لم تعد تنتمي إلى روح العصر».

ويقول الكاتب والشاعر أحمد عبد الحسين: «للأسف كان تفاؤلنا في غير محله بعد سقوط النظام السابق بتحقيق قدر أكبر لحرية لإعلام وتوفير بيئة ملائمة للعمل بشكل أكبر وأكثر مهنية، لكن النظرة بقيت قاصرة عن ذلك، وصارت الحكومات تتباهى بعدم وجود سجناء رأي في العراق، لكننا بالمقابل نعرف الكثير من الإعلاميين الذين يتعرضون يوميا لضغوط كبيرة جدا تصل للتهديد بالقتل وإغلاق المؤسسة الإعلامية، من قبل جهات متنفذة».

وأضاف: «بما أن المال مرتبط بالسياسية في العراق، وأصحاب النفوذ السياسي يتحكمون بكل الشأن العراقي، صار من الصعب تحقيق الاستقلالية للإعلام العراقي، وسبق أن تعرضت شخصيا إلى ضغوط سياسية حكومية هددت بفصلي من عملي إن لم أتوقف عن نشر أعمدتي في مطبوع معين».

فيما أكدت الصحافية خلود العامري (تعمل في ميدان الصحافة منذ عام 1998 وحتى الآن) مصداقية التصنيف الأخير بتصدر العراق الدول الأسوأ من ناحية حماية الصحافيين. وقالت: «ذلك ما نلمسه بشكل يومي خلال عملنا مع تدخلات مستمرة للسياسيين والسلطات المتنفذة وحتى الميليشيات على حرية العمل الإعلامي، الأمر الذي دفع بالكثيرين إلى الابتعاد عن مواجهتهم أو التخلي عن المهنة أصلا واختيار مهنة أخرى».