صحف التابلويد البريطانية تغزو أميركا

موقع الـ«ديلي ميل» جذب 46.4 مليون زائر خلال شهر مارس

TT

لم تكن أكثر الصحف التي تناولت قضية ضحايا الاختطاف في مدينة كليفلاند بشمولية صحيفة أميركية. فقد اتخذ الموقع الإلكتروني لصحيفة الإثارة البريطانية «ديلي ميل» نهجا ثرثارا واضحا في التعامل مع جميع الأخبار الأخرى.

يبدو أن حوادث الاختطاف كانت وجبة شهية جاهزة لصيغة الإثارة الخاصة بالموقع الإلكتروني لصحيفة «ديلي ميل»، مما جعل الموقع ثالث أكبر موقع في العالم من حيث عدد الزيارات. واجتذب الموقع 46.4 مليون زائر خلال شهر مارس، بما في ذلك 17.2 مليون زائر من داخل الولايات المتحدة، وذلك وفقا لموقع «كومسكور»، وذلك بسبب صفحته الرئيسية المليئة بالقصص حول هجمات حيوان الموظ الأميركي والحوادث المؤسفة للجراحات التجميلية وتسريحات الشعر الخاصة بالمشاهير والتغيرات المتعلقة بالأوزان والتي تنشر أسفل الجانب الأيمن في «الشريط الجانبي للأحداث المخجلة».

وقال بوني فولر، رئيس التحرير السابق لمجلة «كوزموبوليتان» و«يو إس ويكلي» الذي يشرف على تحرير موقع «هوليوود لايف» «HollywoodLife.com: «هذا الموقع يستحق المشاهدة بالتأكيد. ويغطي جميع الجوانب المتعلقة بالمشاهير».

ومثل مواقع الصحف البريطانية الأخرى، فقد غزت كل من صحيفة «الغارديان»، وموقع «ميل أون لاين» المجتمع الأميركي. وفي أوائل عام 2011. بدأت صحيفة «ديلي ميل» تغطي أخبار المشاهير في لوس أنجليس. وبعد ذلك بعام، سعت الصحيفة إلى توسيع نشاطاتها في نيويورك عن طريق فتح مكتب لها في حي سوهو بمانهاتن. وتمتلئ فروع مكاتبها بصحافيين بريطانيين تتراوح مرتباتهم ما بين 40 إلى 60 ألف دولار، وذلك وفقا لشخص كان يعمل جنبا إلى جنب مع الصحافيين البريطانيين في نيويورك.

وتضم الصحيفة حاليا 80 شخصا يعملون ضمن طاقمها داخل الولايات المتحدة، وذلك وفقا لجورج سمبسون، المتحدث باسم الصحيفة، الذي يقوم بتغطية الأخبار الأميركية باستمتاع. وقد ركزت تغطيتها لعمليات الاختطاف في كليفلاند على تفاصيل بعينها مثل «يوم اختطاف سعيد»؛ حيث كان يقدم الرجل المتهم بالاختطاف كعكا لكل ضحية في الذكرى السنوية لاختطافها ومخططا هندسيا لمنزله.

وبالإضافة إلى نهجه العدواني وشهرته المميزين، فإن موقع «ميل أون لاين» اكتسب بعض عادات صحف الإثارة العنيدة التي أغضبت بعض المنافسين له في وسائل الإعلام الأميركية. ولقد اتهمت كل من صحيفتي «ذا ديلي نيوز» و«نيويورك تايمز» صحيفة «ميل أون لاين» بتقديم تقاريرها الإخبارية دون إسناد. ورفعت إحدى وكالات التصوير في فلوريدا، والتي تقوم ببيع صور المشاهير الملتقطة في لوس أنجليس، دعوى قضائية ضد الصحيفة؛ حيث زعمت الوكالة أن الصحيفة أعادت طبع الصور من دون إذن. إن بعض المحللين الذين لديهم رؤية إيجابية حول تطور موقع «ميل أون لاين» مهتمون بممارساتها الصحافية. وهنا يقول ديفيد رينولدز، محلل أسهم لدى مؤسسة «جيفريز»: «تسعى الصحيفة إلى اكتساب مصادر تتسم بالسرعة والنزاهة لتقديم محتواها بصورة لائقة». وقال سمبسون إن موقع «ميل أون لاين» كان يحاول فقط التنافس مع الناشرين الإلكترونيين الآخرين مثل صحيفة «هافينغتون بوست»: «التي تتبنى أسلوب جمع الأخبار»، وإنه «كان لزاما على (ميل أون لاين) التكيف مع هذه الطريقة الجديدة في جمع الأخبار». ويشير أيضا سمبسون إلى أنه في إطار تلك الوتيرة السريعة للأخبار، فإنه من الصعب تحديد من هو حامل حق النشر الحقيقي، ولكننا: «نسعى إلى أن نسدد لحامل حق النشر الفعلي على وجه السرعة وبشكل نزيه».

ويبقى السؤال الأكبر الذي يواجهه موقع «ميل أون لاين»، مثل غيره من المواقع المشهورة، ألا وهو: هل بإمكانه جذب الإيرادات التي يحتاجها للحفاظ على استمرار تقدمه في الولايات المتحدة. وهل سيرغب المعلنون في أن توضع إعلاناتهم بجانب مواد تحمل عناوين مثل «الجدة الشريرة المتوحشة» أو «رجل كان يعتقد أنه مصاب بالزكام (رشح الأنف) لمدة عام ونصف ليكتشف لاحقا أن السائل المحيط بدماغه هو الذي كان يسيل من أنفه»؟ وحسبما يفيد رينولدز، فإن النسخة الأميركية لموقع «ديلي ميل»، بفضل إعلاناتها الخاصة ومزيج من المحتوى، تربح نحو 7.2 مليون دولار في صورة عائدات سنوية. والآن، يعتبر كثير من المحللين أن موقع «ميل أون لاين» هو مصدر تطور لشركة إعلامية توصف بأنها متزمتة. يبلغ إجمالي الإيرادات السنوية للشركة الأم نحو 2.7 مليار دولار وصافي دخلها 466 مليون دولار. وتعتمد على الصحف في تحقيق نحو 20% من أرباحها، وفقا لرينولدز. وقال أليكس دي غروت، وهو محلل إعلامي يعمل لدى مؤسسة «بانمور، جوردون، آند كومباني» إنه في الوقت الذي لا يزال فيه موقع «ميل أون لاين» لا يحقق أرباحا، فإن نموه ساعد في ارتفاع أسعار أسهم الشركة ككل بنسبة 80% تقريبا خلال العام الماضي. ويضيف قائلا: «أنا أزعم أن الباعث الرئيسي لذلك هو الاعتراف بهذه المواقع واعتبارها أصولا إلكترونية. لك أن تفكر في أن الموقع حديث وغير ناضج نسبيا، ومع هذا فاق أي توقعات».

وأكد سمبسون أن موقع «ميل أون لاين» يعتبر حديثا في الولايات المتحدة. ويقول: «لقد كان تركيزنا ينصب بشكل رئيسي على جذب قاعدة جماهيرية خلال العامين الماضيين في الولايات المتحدة. ولم يكن لدينا قبل أعياد الكريسماس أي مبيعات مباشرة لإعلانات داخل الولايات المتحدة».

وقال تيم لوخرست، أستاذ بجامعة كينت للصحافة إنه منذ أن أسس ألفريد هارمسورث صحيفة «ديلي ميل» عام 1896. كان هدفها الترفيه وأيضا العمل على تثقيف القراء. يمكنك أن تجد وجهتي نظر تقدمهما صحيفة «ديلي ميل». أولا، تعتبر نموذجا لصحافة الابتذال. ثانيا، تعرض أفكارها على جمهور أوسع نطاقا. ولكن بوصفها منافسا شرسا في معارك الإثارة الصحافية البريطانية، فقد كان لها تاريخ طويل في أخذ المحتوى من الصحف الأخرى. ويقول أحد الصحافيين السابقين بصحيفة «ديلي ميل»، والذي رفض الكشف عن هويته خوفا من أن تمنعه الصحيفة من مواصلة عمله كصحافي، إنه عندما بدأ العمل في الصحيفة، كانت وظيفته تقتضي إعادة كتابة المقالات التي نشرتها الصحف الأخرى. وقال الصحافي: «كنا نستخلص كل الحقائق من الحدث ونعيد صياغتها مجددا. ولا يقوم البعض منا بأكثر من هذا. فكنا نعيد صياغة الفقرتين أو الثلاث الفقرات الأولى من الخبر».

وأصبح مارتن كلارك، رئيس التحرير السابق لصحيفة «اسكوتسمان» وغيرها من الصحف الأخرى، رئيس تحرير الموقع الإلكتروني «ميل أون لاين» منذ عام 2006. وقال روي غرينسلاد، وهو مدون إعلامي لصحيفة «الغارديان» وأستاذ قسم الصحافة في جامعة سيتي بلندن، إن الكثير من طلابه السابقين قد أصبحوا جزءا من «جيش كلارك الجرار، المكون من الشباب الذين يتقاضون أجورا منخفضة نسبيا ويعملون في بيئة عمل خشنة وقاسية تستنفد قواهم».

* ساهمت كيتي بينيت في إعداد هذا التقرير