كين هايشى مصور وكالة «شينخوا» بالقاهرة لـ «الشرق الأوسط»: أغلب المصريين يرفضون التصوير لشعورهم بالإحباط بعد الثورة

تعرض للضرب من الشرطة وسرقت كاميرته في ميدان التحرير

كين هايشي مصور وكالة «شينخوا»
TT

لا شك أن المصور الصحافي من أهم عناصر العملية الصحافية أو الإعلامية حيث لا يمكن أن يكون هناك خبر أو موضوع من دون صورة وهذه الصورة قد يدفع المصور ثمنها غاليا من حياته كما حدث لكثير من المصورين على خط النار في ساحات المواجهات الساخنة حول العالم. «كين هايشي».. مصور صحافي شاب جاء للقاهرة من جنوب غرب الصين ليمارس مهنة البحث عن المتاعب من خلال عمله مصورا صحافيا بالمكتب الإقليمي لوكالة أنباء الصين (شينخوا) بالقاهرة حيث ارتبط عمله بالتصوير في الأماكن الساخنة بميادين العاصمة وسط المظاهرات والاشتباكات مع الشرطة كما عاصر أحداث ميدان التحرير وثورة المصريين ضد نظام مبارك ويحتفظ بكثير من الصور وذكريات تلك الأحداث مرورا بانتخابات الرئاسة.

وهو ما كان محور لقاء «الشرق الأوسط» معه بالقاهرة في هذا الحوار..

* بداية هل يمكن أن نتعرف عليك أكثر؟

- اسمي «كين هايشي» واسمي العربي «فوزي» وعمري 26 سنة وأنا من محافظة كوان شي في جنوب غرب الصين وهي تبعد كثيرا عن العاصمة الصينية وهى قريبة من هونغ كونغ.

*ما دراستك الأكاديمية؟

- درست اللغة العربية في جامعة الدراسات الأجنبية في بكين وهى مشهورة باللغات الأجنبية.

* لماذا اخترت اللغة العربية لدراستها؟

- اخترت اللغة العربية لأن هناك عددا كبيرا من المتحدثين بها في العالم وهى تمكنني من العمل في البلاد العربية فالتحدث باللغة العربية يمنحني فرصة أفضل في العمل في المنطقة العربية الغنية والثرية بالثقافات والأموال أيضا.

* هل اطلعت على القرآن الكريم والثقافة الإسلامية خلال دراستك؟

- بالفعل درست بعض الإسلاميات ولكن ليس كثيرا وتعرفت على القرآن في بعض حصص القراءة ولكنه صعب جدا ويحتاج للتمكن في اللغة حتى أستطيع قراءته. ولدينا في الصين عدد كبير من المسلمين بالملايين يتركزون في الشمال الغربي. لكن في قريتنا لا يوجد مسلمون كثيرون.

* كيف توجهت للعمل الصحافي كمصور رغم دراستك للغة العربية؟

- الانتقال من عالم الدراسات العربية للعمل مصورا محترفا بوكالة أنباء الصين جاء بحكم طموحي واجتهادي فالوكالة كانت تطلب موظفين يجيدون اللغة العربية وكانت اللغة هي الشرط. وكانت فرصة مهمة بالنسبة لي وأعتقد أنه بالنسبة لـ«شينخوا» فإن الشخص الذي يتكلم اللغة العربية وغير متخصص في التصوير أفضل من غيره الذي لا يجيد العربية.

* ألا ترى أن بدء الطريق بالعمل في وكالة أنباء كبيرة يعد مهمة صعبة؟

- لقد بدأت العمل الصحافي في الصين وكنت ما زلت جديدا في الوكالة وعملي مقتصر على تكليفي بالأنشطة الثقافية وكان على الاعتماد على نفسي في خلق فرص تصوير لإثبات الذات وكان ذلك باستغلال وقت الفراغ وعدم الاكتفاء بعملي الذي أكلف به مصورا ثقافيا أو محرر صور ومن ثم فأدنى طموحي للتحرك نحو التميز.

* متى جئت لمكتب شينخوا بالقاهرة؟

- بعد أن عملت في «شينخوا» بالصين لفترة عامين محررا للصور انتقلت للقاهرة. لأمارس التصوير مصورا محترفا في مختلف الأماكن. وأنا أعمل طول الوقت تقريبا لأنني الذي أذهب للحدث وأحيانا أنتظره أو أكتشفه. وأعتقد أن فرصتي للعمل في مكتب «الشرق الأوسط» مهمة وثرية.

* هل زرت دولا عربية أخرى؟ وكيف رأيت مصر خلال عملك بها؟

- لا لم أزر أية دول عربية أخرى. ومصر هي أول بلد عربي أزوره. وكان عندي انطباع عنها كدولة لها حضارة وثقافة متنوعة وآثار عظيمة وقد وجدتها كذلك ولكنى فوجئت بالزحام والضوضاء الشديد وصعوبة المرور فيها عندما جئت إليها. كما أنى وجدت الشعب المصري مختلفا عن باقي العرب لأني لدي أصدقاء عرب في الصين من كل من الإمارات واليمن وشعرت بذلك الاختلاف.

* هل وجدت تعاونا من المصريين أثناء عملك؟

- تعاملي كمصور مع المصريين يواجه بردود أفعال مختلفة وملامح وجهي المميزة كشاب صيني تكون أحيانا مشكلة لي في الشارع المصري لأنهم يميزونني بسهولة وهذا يعيقني كمصور يجب أن يعمل ويلتقط الصور دون أن يشعر به الآخرون ويلاحظوه فهذا هو فن التصوير كي تكون اللقطات طبيعية فالمفروض ألا أقول إنني مصور بل أنزل لمكان الحدث وأصوره مباشرة.

* ما أهم الصور التي التقطتها بالقاهرة؟

- أهم الصور التي التقطتها بمصر منذ عملي بها كانت صور متابعتي لفعاليات عملية الانتخابات المصرية بعد الثورة وأعتبرها حدثا مهما في تاريخي المهني الصحافي لأنها كانت أول انتخابات لرئيس مدني مصري والتقيت الدكتور مرسى في حملته قبل الانتخابات والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور عمرو موسى والفريق شفيق. فقد صورت كثيرا من الصور ولكن أهم ما سجلته عدساتي خلال تلك الفترة هي مشاعر الحماس والتفاؤل في نفوس المصريين أثناء الانتخابات في المرحلة الأولى فكانت حالة رائعة للأمل بالمستقبل وتغيير الوضع القديم وقد لمستها في الشارع المصري وسجلتها بعدساتي.

* هل رصدت بعدستك مشكلات في تلك الفترة؟

- لم أرصد أية مشكلات خلال تلك الفترة لأن كل شخص كان يريد أن تمر الانتخابات بهدوء وسلام لتحقيق الأمل المنشود في التغيير.

* ما انطباعاتك عن المرشحين في تلك الفترة؟

- لقد صورت جميع المرشحين وجميعهم كانوا لا يمانعون أبدا في تصويرهم ولكن هذا الحال قد تغير الآن وأصبح كثير من المصريين يرفضون أن أصورهم لشعورهم بالإحباط وخيبة الأمل، ولم يعد فخورا كما كانوا أيام الانتخابات. أما الإخوان المسلمون والتيار الإسلامي فيقولون «أوكيه» صور لكن المعارضة غير متحمسة للتصوير لأنهم يعتبرون أن ما حدث الآن ليس شيئا جميلا وهم لا يريدون أن يعرف العالم أن مصر لم تعد مصر التي عرفوها أثناء الثورة.

* هل عملت بميدان التحرير أيام الثورة؟

- نعم نزلت ميدان التحرير عام 2011 وهو أكثر الأماكن التي صورت فيها وتعرضت للضرب كثيرا أثناء المظاهرات التي تلت خروج مبارك من الحكم.

* من الذي ضربك؟

- ربما لم يتعرض لي المتظاهرون لكني أعتقد أن الشرطة هي التي ترفض دائما أن أصورهم ففي ميدان التحرير ضربني أحدهم بالعصا وجرحت في كل جسمي وضرب الكاميرا لأنني كنت أصور التظاهر والصراع الذي كان قائما بين المتظاهرين والشرطة. وذلك في أزمة وزارة الداخلية.

* ألا تخشى على نفسك أثناء الوجود في هذه الأماكن الساخنة؟

- لا أخشى الأماكن الساخنة لأنها من طبيعة عمل ومسؤولية المصور الصحافي ولا أشعر بأي خطر وأنا في هذه الأماكن بل الذي يهمني بالدرجة الأولى أن ألتقط الصور وأحمي الكاميرا بشكل أساسي.

* كيف تختار المكان الذي تقف فيه لضمان المتابعة والتصوير الجيد؟

- اختيار المكان الذي سأقف فيه للتصوير يختلف من حادث لآخر ولا مانع من صعود عمارات أو أسطح كما أن الشعب المصري دائما يساعدني في مثل هذه الأمور. لكن طبعا في حالة الكر والفر بين المتظاهرين لا يمكنهم أن يفعلوا شيئا ويكون علي أن أحمي نفسي وأجري. وعادة أراعي وجود مسافة سواء عن المتظاهرين أو عن الشرطة لأتمكن من العمل ولكن أعتقد أن هناك مرة واحدة هي التي ضاع مني الشغل والصور التي التقطتها بسبب ضرب الكاميرا وسرقتها وطبعا تحملت أنا مسؤولية هذا الأمر.

* ماذا تخطط أو تتمنى تنفيذه في عملك مصورا صحافيا مستقبلا؟

- أنا أصور الحياة اليومية للمصريين وكذلك الأسواق وصورت بعض الحوادث وعدا ذلك فإنني أبحث عن الوجه المعبر. وأنا أريد أن أصبح مصورا متميزا وصوري تنافس صور كبار المصورين في العالم.

* هل يمكن أن تترك وكالة «شينخوا» وتذهب للعمل الصحافي بصحف كبرى في أميركا أو أوروبا مثلا؟

- نعم هذا ممكن ولو جاءتني الفرصة سأفعل.

*إلى أي مدى كانت إجادتك للغات أجنبية مساعدة في تقدمك في عملك الصحافي؟

- أنا أتحدث العربية بحكم دراستي الأكاديمية كما أنني أتحدث الإنجليزية جيدا وهذا لا شك ساعدني كثيرا في التعامل مع الناس بمختلف أنواعهم يعني رغم أنني أتكلم العربية أحيانا أجدني لا أفهم بعض المصريين لأنهم لا يتكلمون الفصحى، وهنا أجد اللغة الإنجليزية مساعدة لي خاصة وأن هناك من يرفض التعامل معي باللغة العربية ويفضل الإنجليزية وقد اكتشفت هذا بنفسي خاصة في الأماكن الحكومية والمطارات فأجد أن التعامل باللغة الإنجليزية يسهل لي مهمتي أكثر من الكلام معهم باللغة العربية!!