«إم بي سي».. 100 مليون مشاهد في نهائيات «أراب آيدول»

علي جابر: وضعنا إصبعنا على نبض الجمهور العربي والخليجي - مازن حايك: رمضان الفضيل سيكون مثل العادة متألقا على شاشاتنا

المشاركون في «اراب آيدول» في أغنية جماعية
TT

البعض يصفها بالمجموعة الإعلامية التي لا تشبه أي واحدة أخرى على الشاشة العربية فيما يصل البعض الآخر إلى اعتبارها قمة حلم أي إعلامي يتمنى الانخراط في عائلتها، ويصفها بعض المشاهدين بالمحطة الوحيدة التي لا تنضب أفكارها، فيتابعونها دون ملل على مدى 365 يوما من السنة.

يعلق علي جابر، مدير عام قنوات «إم بي سي» قائلا: «أعتقد أن سر النجاح هو أننا استطعنا أن نضع إصبعنا على نبض الجمهور العربي والخليجي، وخاصة أن نكون خبرة أكثر من غيرنا لمعرفة الأهواء المتغيرة لهذا الجمهور الذي يشبه أفواج السمك التي تغير اتجاهاتها من دون أسباب، فنحن استطعنا أن نواكب تغيير الاتجاهات هذا بطريقة مهنية». ويضيف: «لمسنا أيضا تغير اختيارات المشاهدين خاصة بعد أحداث الربيع العربي، فالجمهور الذي كان يقبل على الأفلام الأميركية ويهرب إلى السينما أصبح يفضل البرامج الجماهيرية التي يستطيع أن يشارك فيها بشكل فعال». ورغم أن برنامج «أراب آيدول» وغيره من برامج المسابقات الغنائية مستوحى من برامج غربية، فإن ذلك لم يؤثر على الطريقة التي قدمت فيها البرامج باللغة العربية، يقول: «صحيح أن الخلطة لهذه البرامج صنعت في دول غربية، ولكننا يجب أن نتذكر أنها أثبتت نجاحها في 127 بلدا، وفي النهاية النجاح هو إضفاء الثقافة العربية والذوق العربي عليها، فهذه البرامج تقدم للجمهور العربي أغاني أم كلثوم وشعر أحمد شوقي وصوت عبد الحليم حافظ أكثر من أي برنامج آخر».

أما المتحدث الرسمي باسم مجموعة «إم بي سي» ومدير عام العلاقات العامة والشؤون التجارية فيها، مازن حايك، فاختصر كل هذه التوصيفات في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «إنها وبكل بساطة أحد أبرز مصادر الحلم العربي الكبير». وعندما استوضحناه عما إذا كان ذلك يدخل ضمن خانة «الربيع العربي» أجاب: «هي ربيع وخريف وشتاء وصيف العرب دون استثناء؛ لأنها تمثل لهم الحلم».

وما قاله حايك لمسه المشاهد في الواقع إثر متابعته برنامج الهواة «أراب آيدول»؛ لأنه بطريقة أو بأخرى حقق حلما كان يراود شعوبا عربية بأكملها أرادت أن تنفض عنها غبار الحروب والثورات الدموية لتستلقي في أحضان السلام المفقود لديها من خلال الفن.

ويقول حايك في هذا الصدد: «أرى أن سبب نجاح الموسم الثاني من (أراب آيدول) يعود لعدة أسباب، أبرزها أنه شكل أول ربط بين الجنسيات العربية دون تفرقة وبين بلادهم، التي بأغلبيتها تعاني أزمات سياسية حادة، ولا أذيع سرا إذا قلت إننا في مجموعة (إم بي سي) لمسنا ذلك مباشرة بعد الموال الغنائي الذي أداه المشترك السوري عبد الكريم حمدان (موال حلب) في البرنامج، والذي لامس فيه أحاسيس أهل بلده ومجمل البلدان الأخرى، جراء الكلام المؤثر الذي ربط فيه بالأزمة السورية، فأبكى الناس وحرك الإعلام الغربي، الذي أفرز للبرنامج مساحات لا يستهان بها من وسائله الإعلامية كالـ(سي إن إن) والـ(بي بي سي) والـ(إم بي سي) والـ(فيغارو) والـ(هيرالد نيوزيلاند) والـ(لو موند)، وغيرها من الشاشات التي تحدثت عنه بإسهاب لأكثر من 6 دقائق». ولكن لماذا برأيك حصل كل هذا الاهتمام؟

يرد: «لقد استطاع أن يجمع (أراب آيدول) تحت سقفه مشتركين من المحيط إلى الخليج، حتى إنه حقق نوعا من منع التجول السلمي كان يحدث في مختلف بلدان المشاركين أثناء عرضه، كما استطاع أن يقدم قيمة إنتاجية عالية أكثر من الموسم الأول، إضافة إلى انضمام الفنانة نانسي عجرم إلى أعضاء لجنة الحكم المؤلفة من ثلاثة فنانين لديهم قاعدة شعبية كبيرة، وهم أحلام وراغب علامة وحسن الشافعي، فكان قبلة الفنانين من الصف الأول، ولا ننسى الخامات الصوتية الاستثنائية التي شاركت فيه، وأن الـ13 مشتركا الذين تابعناهم في مراحل التصفيات وباعتراف الجميع كانوا مؤهلين لنيل اللقب». ويتابع: «لعل وسائل التواصل الاجتماعي الإلكتروني كانت أكبر برهان لنجاح هذا العمل؛ إذ اكتظت بالتعليقات حول المشاركين يوميا، فكان يردنا نحو 30 ألف تعليق بعد مرور ثلاثين ثانية على أي خبر نورده حولهم، وهو أمر لم نعهده من قبل».

وعن نسبة مشاهدة البرنامج قال: «ليس لدينا إحصاءات رسمية حول الموضوع، ولكن حصلنا على تقديرات في هذا الصدد تشير إلى أن الحلقة النهائية منه استقطبت 100 مليون مشاهد، وهي أعلى نسبة مشاهدة حصلنا عليها حتى الآن؛ إذ كان مسلسل (نور) التركي قد حقق في 29 أغسطس (آب) عام 2008 نجاحا بنسبة 85 مليون مشاهد، إلا أن (أراب آيدول) فاق كل التوقعات. ورأى أن أصداء البرنامج تحولت إلى ظاهرة اجتماعية، وأن وسائل الإعلام الغربية الموجودة لتغطية الأحداث في بلدان المشتركين تفاجأت بما كان يحصل على الأرض وبتعاطف أهالي كل بلد مع ممثلهم منهم، فكان البرنامج فسحة الأمل التي كانوا يتوقون إليها، وأن فوز محمد عساف كان أفضل مثال للشباب العربي لتخطي معاناتهم والإيمان بأنهم أيضا لديهم القدرة على تحقيق أحلامهم، رغم أن كل ما يحيط بهم من مشاكل سياسية وغيرها منعتهم بشكل أو بآخر من القيام بذلك خلال سنين طويلة». ويضيف: «حتى عندما أعلنت نتيجة فوز محمد عساف نفسه هذا الشاب الفلسطيني الخلوق والمتواضع أحسست بأنه تفاجأ وانصدم؛ إذ لم يكن لديه الجرأة على أن يحلم بسبب المطبات والمآسي والحروب والتعديات والاحتلال الذي كان يعاني منه فلم يصدق أنه فاز».

وروى المتحدث الرسمي لمجموعة «إم بي سي» أن محمد عساف تساءل مرات كثيرة عن سبب تأثيره في الشباب العربي، قائلا له: «أنا وبكل بساطة أغني مثلي مثل غيري، ولا أستطيع أن أفهم ما يحصل». فكان يرد عليه بأنه أصبح قدوة للشباب العربي عامة والفلسطيني خاصة، الذين لمسوا من خلاله أن لا شيء يستحيل تحقيقه، وأن الفرح وتحقيق الفوز ألغيا الخوف الذي كان يسكنهم. وعن كيفية تحضير الـ«إم بي سي» المشتركين الثلاثة في النهائيات قال: «عدا التحضيرات التي خضعوا لها من قبل فريق الإنتاج، عملت مع الثلاثة: فرح يوسف (سوريا) ومحمد عساف (فلسطين) وأحمد جمال (مصر) ضمن إمكانية حصول أي منهم على اللقب، وعلى كيفية مواجهتهم النتيجة إن في الربح أو الخسارة، ولم أوفر جهدا في إطلاعهم على فن التخاطب والتواصل مع وسائل الإعلام والخروج من أي انزلاق أو موقف حرج يتعرضون له»، مشددا عليهم أن يواجهوا من يهاجمهم لا أن يختبئوا منه؛ «لأننا كمجموعة إعلامية نحرص على الموضوعية والشفافية في التعاطي مع الآخرين».

وعن الثرثرات التي طالت نتائج «أراب آيدول» وأنه حصل تلاعب فيها قال: «لقد وصلتنا هذه الأخبار وهي افتراءات؛ لأنه من المستحيل الغش في مسألة التصويت، وأن كل عملية تصويت من قبل المشاهد تتبعها رسالة شكر إلكترونية تلقائية ترده. وأريد القول إن نتائج التصويت لمحمد عساف حملت نسبة فرق شاسعة ما بينه وبين المشترك الذي حل في المرتبة الثانية؛ إذ إن أرقامها تعدت الملايين من الأصوات، وأقول لمن حاول أن ينشر أقاويل خاطئة إن الـ(إم بي سي) لم يكن يهمها هوية المشترك الفائز؛ فهذا الأمر لا يعنينا، ولقد ذكرنا رسميا أننا نعتز بهم ثلاثتهم؛ لأنهم يستحقون الفوز، وما يهمنا في الواقع هو الخروج بأفضل تجربة تلفزيونية».

ولم يتوان مازن حايك عن الاعتراف قائلا: «نعم نحن ندلل ناسنا، ونفتخر بكل فرد من فريق عملنا، ونعرف كيف نحتفل بنجاحاتنا دون أن تفقدنا وعينا؛ إذ نتطلع دائما إلى الخطوة التالية بعد النجاح، ونستنفر من أجل ما هو أفضل منها، فلدينا تحديات علينا أن نحققها؛ فاليوم انتهى (أراب آيدول)، ونحن بدأنا الاستعداد لموسم (أراب غوت تالنت) الجديد، الذي سيبدأ في سبتمبر (أيلول) المقبل، وبعده سنتحضر لموسم (ذا فويس) الثاني، فنحن نستهلك نجاحاتنا بسرعة ولا ننام عليها».

ويؤكد حايك أن مجموعة «إم بي سي» تعمل على خطى التلفزيونات العالمية، وأحيانا تتخطاها، وأنها وضعت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على خريطة التلفزيون العالمي، فصارت جزءا من المنظومة العالمية تشبه تماما جودة تلفزيونات بريطانيا أحيانا، وتتخطاها أحيانا أخرى، مشيرا إلى أنها (إم بي سي) لا تركز فقط على فورمات البرنامج بنسخته الأجنبية، بل تتخطاه مرات عدة لتقديم أفضل تجربة تلفزيونية بامتياز تشكل جسر عبور لمنصات مختلفة.

واعتبر أن صناعة النجوم هي جزء من نتائج أداء «إم بي سي»، وأن هذه الأخيرة تصنع إعلاما تلفزيونيا ومحتوى فائقا يعبد الطريق أمام الفائز، لينتقل بعدها إلى شركة «بلاتينيوم ريكوردز» التابعة للمجموعة نفسها، وتتولى إدارة وإنتاج أعماله من منطلق الاحتراف.

وعن كيفية تمتع «إم بي سي» بكل هذه الميزات أجاب موضحا: «هناك كثير من الأمور الأساسية التي نأخذها بعين الاعتبار، وأهمها المشاهد والقارئ والمستمع الذين يتطلبون منا مسؤولية كبرى، ثم هناك مسألة الإعلان الذي يكافئ الإعلام، وكذلك المنافسة؛ إذ لا ريادة من دون منافسة، فنبقي عيوننا مفتوحة على أول 50 تلفزيونا في العالم، وهنا نصل إلى الكادر البشري العامل في المجموعة؛ فنحن نعمل كماكينة «well oiled»، أي بانسجام وتناسق وانصهار تام كعائلة واحدة، بحيث كل يعمل في مجاله لينجح في التحدي إن في الإخراج والإنتاج والإضاءة والمؤثرات الصوتية والكاستينغ الذي نعتبره من أهم عناصر نجاح أي برنامج («أراب آيدول» مثلا استغرق سنة كاملة لإجراء الاختيارات الموفقة له) أو في مجال التسويق والعلاقات العامة والميديا وفريق الهندسة الخاص بالإرسال والـ(بايك آب) والموارد البشرية، وغيرهم من الذين يشكلون جسم الـ(إم بي سي)».

ومن جانبها قالت المذيعة السعودية منى أبو سليمان والتي كانت أول مذيعة سعودية تنضم لمحطة ال «إم بي سي» حول مقدرة القناة الوصول للجماهير «عملية تحديد ما يريده المشاهدة هي عملية معقدة ولكن (إم بي سي) أثبتت على مدار 20 عاما مقدرتها على ذلك ولهذا ما زالت تحتل المركز الأول بالنسبة للمشاهد السعودي والعربي». وربما دفع هذا النجاح القنوات الأخرى لمحاولة تقليد المحطة وإنتاج برامج مشابهة لبرامج نجحت على «إم بي سي» مثل «كلام نواعم» و«في الثامنة» لكن ذلك لم ينجح ببساطة لأن الـ«إم بي سي» تعتمد على عنصر جاذبيتها لدى المشاهد وقدرتها على معرفة ما يريده الجمهور. وذلك ما حدث مع برنامج «أراب آيدول» الذي قدم لنا محمد عساف ورآه الجمهور كومضة أمل في ظل واقع عربي قاتم وترجع أبو سليمان نجاح القناة أيضا لوجود فريق إداري ناجح ومتكاتف.

ومن جهتها علقت المذيعة السعودية هبة جمال بقولها إن «المحطة دأبت على تقديم الجديد دائما لمشاهديها مثل المسلسلات المكسيكية التي أثبتت نجاحها لدى الجمهور ثم المسلسلات التركية». وأضافت: «اسم الـ(إم بي سي) له شعبية وصدى، أجيال تربت على برامج».

لهم نظرة ثاقبة وبعد نظر في اختيارات البرامج القريبة للمجتمعات الخليجية. هناك برامج كثيرة مقتبسة من برامج أجنبية ولكن المحطة نجحت في إعطائها الصبغة العربية المحببة للجمهور.

بالنسبة لبرنامج «أراب آيدول» قالت جمال: «أراب آيدول» الأخير تميز باختيار أصوات من أجمل ما قدم وكذلك اختيار شخصيات المحكمين موفق فهناك أحلام بشخصيتها القوية والمشاكسة ثم نانسي عجرم بهدوئها وهو ما أضاف الكثير من الحيوية للبرنامج.

على صعيد آخر علقت المذيعة السعودية سارة الدندراوي مقدمة برنامج «صباح العربية» بقولها: «أعتقد أن (إم بي سي) تتميز بفهم لاحتياجات الجمهور بشكل عام في العالم العربي ولها أيضا فضل السبق في كثير من المجالات. هناك نقطة أخرى وهي إمكانيات الإنتاج الهائلة من حيث النجوم أو الدعم المستمر. فهي منظومة كبيرة ومتعاونة». تضيف الدندراوي أن المحطة تستفيد أيضا من تنوع الجنسيات العاملين فيها «القناة تمتاز بفهم للجمهور السعودي والعربي وذلك من خلال وجود عناصر من مختلف دول العالم العربي، فمثلا في برنامج (صباح العربية) أستطيع تحديد أهمية موضوع ما بالنسبة للسعودية وكذلك يدلي الزملاء الآخرون بآرائهم بالنسبة للموضوعات التي تمس بلدانهم، وهذه الإضافات تضيف لمسة خاصة على برامج القناة.. وبالنسبة لبرنامج (أراب آيدول) تقول: «من أسباب نجاح البرنامج المنظومة المتكاملة التي كونتها القناة للبرنامج على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى (يوتيوب) فقد خلقت دائرة متكاملة من التواصل مع الجمهور».

وكانت «إم بي سي» قد عقدت مؤتمرا صحافيا لمحمد عساف الفائز بلقب «محبوب العرب» في دولة الإمارات العربية دعت إليه الوسائل الإعلامية المحلية في مناسبة غنائه لشارة المسلسل الخليجي بعنوان «أمس أحبك وبأجر وغدا»، وأقامت مأدبة عشاء في المناسبة.

وينتظر أن يطل عساف في أحاديث إذاعية وأخرى تلفزيونية يتحدث فيها عن مشاريعه المستقبلية والحفلات والأعمال المسجلة والمصورة التي سيقوم بها هذا الصيف بإدارة شركة «بلاتينيوم ريكوردز».

وعن مشاريع «إم بي سي» المستقبلية قال مازن حايك: «نحن على أبواب شهر رمضان الفضيل الذي سيكون مثل العادة متألقا على شاشاتنا («إم بي سي مصر» و«إم بي سي دراما» و«إم بي سي الأولى») وهذه الأخيرة لديها نسبة مشاهدة عالية في رمضان توازي 18 محطة تلفزيونية مجتمعة، ونركز في الشهر المذكور على موسم مشاهدة بامتياز، وتقوى وفضيلة في المرتبة الأولى».

أما عن باقي برامجها فقال: «نحن على موعد مع (أراب غوت تالنت) في موسمه الثالث، ويبدأ في 13 سبتمبر المقبل، كما أن هناك برنامج المسابقات العالمي (still standing) ويليه في أواخر السنة برنامج الهواة (ذا فويس)».

وختم المتحدث الرسمي باسم مجموعة «إم بي سي» ومدير العلاقات العامة والشؤون التجارية فيها بالقول: «قد لا يعلم كثيرون أن كل نجاح يتطلب جهودا متضامنة من فريق العمل بأكمله، والذي أقول له وبكل أمانة إننا نعتز به ونقدر جهوده وتعبه؛ لأنه مقتنع بأن نجاحه من نجاحنا، فهذا الضغط الذي يعيشه المتسابقون وفريق الإنتاج وأعضاء لجنة الحكم في موسم أي برنامج - لا يوصف أحيانا، ولذلك نراهم يبكون أحيانا أو يصرخون أحيانا أخرى للتعبير عن غضبهم؛ فأعصابهم المشدودة خير دلالة على أنهم محترفون يرغبون في تقديم أفضل صورة لشاشتنا تحمل النجاح والفرح اللذين يشكلان ثمرة كل هذا التعاون المشترك».