«يوميات صحفي في إفريقيا» للإعلامي الموريتاني عبد الله ولد محمدي.. قصص من خطوط النار

حكايات صحافية عن وجوه وانقلابات وقلاقل

عبد الله ولد محمدي مع قائد المتمردين في كورغورو بكوت ديفوار خلال تغطيته الحرب الأهلية عام 2002 («الشرق الأوسط»)
TT

في كتابه الجديد «يوميات صحفي في إفريقيا.. وجوه وانقلابات وحروب»، يرصد الكاتب والإعلامي الموريتاني عبد الله ولد محمدي، جزءا من تجربته، مراسلا صحافيا في القارة السمراء، مستعيدا اللحظات الصعبة، في تغطية حروب وكوارث وأحداث مختلفة في أفريقيا.

ولد محمدي، الذي عمل لسنوات مراسلا لجريدة «الشرق الأوسط»، ومحطة تلفزيون الشرق الأوسط «إم بي سي»، وقناة «الجزيرة»، يقدم في كتابه الجديد، الصادر أخيرا في المغرب، نماذج من الحروب والانقلابات والقلاقل السياسية، والكوارث الطبيعية في أفريقيا، والتي غطى غالبيتها، خلال عقد التسعينات من القرن الماضي.

وبين دفتي الكتاب، الذي يقع في 164 صفحة، ينتقل ولد محمدي بين النيجر، وسيراليون، وموزمبيق، وكوت ديفوار، وليبيريا، وغينيا، والكونغو، وتشاد، وموريتانيا والجزائر، مقدما تصويرا دقيقا للأحداث التي كان شاهدا عليها، فاتحا زوايا جديدة لقصص لم تروَ من قبل، وكواليس انقلابات وحروب دامية، كان ولد محمدي الصحافي العربي الوحيد الذي عايشها.

فمن النيجر؛ يروي كيف قتل ضباط صغار رئيسها، وحاولوا تبرير فعلتهم بالدفاع عن الديمقراطية، وكيف ذهب الفريق الصحافي يتقصي قتلة الرئيس ليسألهم عن مبررات فعلتهم. كما يروي الكتاب المساعي التي جرت للقاء قائد الانقلاب الذي كان قائدا للحرس، وتمضي المصادفة في كون الرجل هو من أشرف سابقا على توزيع مساعدات للنيجر كانت هبة من ولي العهد السعودي الراحل الأمير سلطان بن عبد العزيز، الذي أبدى تأثره البالغ حين شاهد تقريرا أعده ولد محمدي لـ«إم بي سي» عن المجاعة في النيجر.

وفي كوت ديفوار يقدم الكتاب صورة عن قرب لصراعات البلد القبلية والدينية، راويا جزءا من الظروف التي جرى فيها آخر انقلاب في القرن العشرين قاده الجنرال روبير كي، سيفقد منصبه بعد ذلك في انتخابات حاول تزويرها ثم تجري محاولة انقلابية ثانية يقتل فيها بعد أن غاب عن الساحة لبعض الوقت في ضيافة متنب يزعم أنه أرسل من قبل رب العالمين لهداية كوت ديفوار.

ويفرد الكاتب فصلا عن الحرب في ليبيريا حيث عايش الكاتب أكثر حروب القارة دموية وشراسة، واستطاع الظفر بمقابلة فريدة مع زعيم الحرب ورئيس البلاد وقتها تشارلز تايلور (الذي قدم لاحقا للمحاكمة أمام القضاء الدولي). ويروي ولد محمدي الظروف التي أحاطت بتلك المقابلة، في ظل تنافس محموم بين شبكات الإعلام الكبيرة في ذلك البلد الذي أسسه الرقيق العائدون من أميركا، وكيف وظف زوجة الرئيس المسلمة للضغط على زوجها فأبلغ بموعد المقابلة الساعة الواحدة ليلا وهو الوقت الذي يأوي فيه تايلور إلى مخدع زوجته التي لم تكن سوى واحدة من زوجاته الكثيرات ولكنها كانت الأكثر تأثيرا عليه. وخصص حيز من الكتاب، لإعادة نشر بعض التقارير المميزة التي نشرتها جريدة «الشرق الأوسط» في عقد التسعينات من القرن الماضي، والتي جال خلالها الكاتب في مناطق التوتر في الصحراء الكبرى.

ويقول ولد محمدي إن الكتاب جزء من مشروع لتدوين تجربته في العمل الإعلامي في أفريقيا، حيث كان من أوائل المراسلين العرب الذين غطوا أحداث القارة ميدانيا، وتخصصوا في قضاياها.

يذكر أن الكتاب من منشورات «صحراء ميديا»، وقدم له الإعلامي العربي المعروف عبد الوهاب بدرخان.